"جوائح، فيروسات، ميكروبات.." توصيفات، تكاد لا تخلو من كل حديث للرئيس قيس سعيد حين يهاجم كل من يخالفه.
"لا عودة للوراء ولا تراجع" و"ستأتي غسالة النوادر السياسية للتطهير والجهر والبعض مكانه قنوات تصريف المياه".. تهديد ووعيد حتى أن البعض يرى في ذلك تخوينا يشعل نيران الفتنة بالبلاد ويجرها إلى القتل والسحل.
بعض المراقبين يرى في توصيفات الرئيس قيس سعيد أستاذ القانون لمخالفيه أنها لا يمكن أن تكون إلا فاشية قمعية ترسخ الاستبداد والقمع.
معايير دولية
أكد أنور الغربي عضو الاتحاد الدولي للحقوقيين في تصريح خاص لـ"عربي21" بشأن المصطلحات التي يعتمدها الرئيس أنه "تم تحديد المعايير الدولية بشأن مسألة خطاب الكراهية أو التحريض أو ما يعتبر في خانة التهديد أو الإهانة أو الحط من قيمة الآخرين أو الإذلال".
وشدد الغربي على أن "تونس ممضية على اتفاقيات العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وقادتها ملزمون بأحكام القانون الدولي، وقد أكدت المادتان 19 و20 من الاتفاقية أنه لكل إنسان، الحق في حرية التعبير، ويشمل هذا الحق الحرية في التماس المعلومات وتلقيها ونقلها، والتماس الأفكار من جميع الأنواع، ولكن تحدد المادة 19 القيود التي يمكن أن ترتبط بهذا الحق، بما في ذلك "احترام حقوق الآخرين أو احترام سمعتهم"".
ويتابع: "وتنص المادة 20 على أنه تحظر أية دعوة إلى الكراهية... التي يمكن أن تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف، وتعتبر الدعوة إلى الكراهية لأسباب وطنية أو عرقية أو دينية جريمة جنائية في عدد من البلدان الغربية وتطلب الاتفاقية من جميع الدول التي هي طرف في المعاهدة أن تعلن جريمة جنائية "كل نشر للأفكار القائمة على فكرة التفوق أو الكراهية، أو التحريض على المخالفين".
تخوين وشعبوية
قالت الحقوقية ونائب رئيس جمعية الكرامة فاطمة كمون في تصريح خاص بـ "عربي21" إن "مصطلحات الرئيس تدل على غطرسة، يستعمل مصطلحات في خططه ومنهجه وهي عدم العودة للوراء وتكون عبر الإبادة".
وأضافت كمون: "نحن أمام أزمة أخلاقية سياسية، الرئيس لا يملك برنامجا ولكني أخاف أن يكون برنامجه محشوا بالمبيدات".
وحذرت كمون: "ما يقوله وما يقوم به سعيد خطير جدا، فهو لا يمس فقط الطبقة السياسية وإنما أيضا الحقوقية لا يتكلم إلا بمصطلحات الإبادة والمبيدات".
مقال الرئيس
بدوره قال الباحث الجامعي والناشط السياسي الأمين البوعزيزي في تصريح خاص لـ "عربي21" إن "الرئيس يقوم بتوصيف المختلف السياسي الحزبي النقابي وهي ظاهرة في كل النظم الشعبوية التي تعتمد على شيطنة الآخر، الخطاب لا يتجه إلى عقول الناس وإنما لإثارة غرائز الأنصار وعواطفهم".
ولفت البوعزيزي إلى أن "الرئيس يضع الشعب أمام الاستقطاب الثنائي، الرئيس يستعيد أجواء 2012 أيام تغول السلفية حينها كان التهييج على قاعدة التكفير واليوم على قاعدة التخوين وهو خطير جدا وأخطر من الانقلاب الذي أقدم عليه وهو في طريق مسدود لأن الجميع يرفض وحتى من ذهب معه بدأ يقفز من قطاره" وفق تعبيره.
واعتبر البوعزيزي أن "قاموس الرئيس سعيد شعبوي يقوم على التخوين ومفردات إقصائية، كل ما يفعله مقصود ومخطط له وهو خاصية النظم الشعبوية من "هتلر"، "موسوليني"، "القذافي"".
وعن وضع حد قانوني وخاصة حقوقي لما يصف به الرئيس من يخالفه يؤكد البوعزيزي "كل ما يفعله الرئيس يضعه تحت طائلة المحاسبة والقانون، كل ما يفعله خارج الدستور والقانون، هناك فرق بين دولة القانون التي تطبق وتخضع للقانون وبين الدولة القانونية التي تطبق القانون ولكن تضع نفسها فوقه والرئيس كذلك اليوم يخرق القانون وكل ما يقوم به يجعله تحت التتبع القانوني".
من جانبه قال الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي في تصريح خاص لـ"عربي21 " إن "مصطلحات الرئيس مشحونة بألفاظ تهاجم وترذل خصومه السياسيين، والحال أن رمزية الرئيس تكون الوحدة ولا يمكن أن تكون خطاباته بهذا المستوى من التهجم ولا يمكن قبول أن يصف الرئيس مواطنيه بالجراثيم والجوائح".
وأكد الشابي: "هذا الخطاب مرفوض وهو يتماهى مع خطاب مواقع التواصل الاجتماعي المشحون ولا يمكن أن يصبح ذلك خطابا رسميا للقائمين على الدولة وهو ما يزيد من تأزيم الأوضاع".
وحذر محدثنا: "نحن ننتظر خارطة طريق وحوارا لا خطاب تنمر وتحقير بعيدا عن مصطلحات السياسة، هذا الخطاب مرفوض من المواطن العادي فما بالك أنه يصدر عن رئيس دولة"، على حد تعبيره.
سياسيون وخبراء تونسيون: الرئيس يقود البلاد لمصير مجهول
ما هو دور إسرائيل فيما يجري بتونس؟
تحذير من انهيار الاقتصاد التونسي مع استمرار انقلاب سعيد