ملفات وتقارير

تحذير من انهيار الاقتصاد التونسي مع استمرار انقلاب سعيد

خبراء قالوا إن الوضع الاقتصادي قد يتزلق إلى حافة الإفلاس مع استمرار الانقلاب- الرئاسة التونسية

تعيش تونس حالة من الفراغ الكلي في رأس السلطة التنفيذية والتشريعية، مع دخول الانقلاب أسبوعه الثاني، دون إعلان الرئيس قيس سعيد عن رئيس حكومة جديد، أو اتخاذ أي من الإجراءات التي تحد من الأزمة المتصاعدة.


ويواصل سعيد حملة إعفاءات في مناصب عليا، وتكليفات بالتسيير للمؤسسات الحكومية، مع استمرار إقفال البرلمان بدبابة، ومنع انعقاده.


ويقول الرئيس التونسي قيس سعيد إن إجراءاته استثنائية حتمتها لحظة تاريخية لإنقاذ الدولة من السقوط، في حين يرد طيف واسع بأن ما جرى "انقلاب" مكتمل الأركان، على الدستور والشرعية، دبر بتخطيط أجنبي بداخل الغرف المظلمة.

 

اقرأ أيضا: مقابلة قديمة لسعيّد تؤكد عزمه المسبق الانقلاب على الدستور

وفي ظل كل هذا، يتزلق الوضع الاقتصادي إلى حافة الإفلاس وفق الخبراء، وسط تحذيرات من الانهيار في حال لم يسارع الرئيس بخطة اقتصادية عاجلة لأجل ضمان البقاء.


هل تورط الرئيس في الانقلاب؟

 


تخبط


ويقول الأكاديمي زهير اسماعيل في قراءة لـ"عربي 21" إن "الانقلاب يكشف في أسبوعه الثاني أنّه استثمار سياسي عابث في الأزمة الخانقة، وقد كان الرئيس جزءا فاعلا فيها من خلال سياسة التعطيل على مدى سنتين".


ويحذر الأكاديمي إسماعيل من أن "قرار الانقلاب استثمار شعبوي بلا رؤية يهدد استمرار الدولة ووحدة الشعب، ولا يمكن أن يكون مقدّمة للخروج من الأزمة".


ولفت محدثنا إلى أن "رئيس الجمهورية بلا خطة واضحة فهو يجمع السلطات الثلاث بين يديه، برلمان مجمد ومقفل بدبابة، في ظل تسميات عشوائية بالتسيير خارج كل سند دستوري أو قانوني".


من جهته يقول الصحفي والكاتب كمال الشارني لـ"عربي" إنه "بعد مرور أحد عشر يوما على ما قام به الرئيس، مازلنا دون برنامج ودون أجوبة على الأسئلة الملحة التي يطرحها هذا الوضع الاستثنائي، ودون حتى البدائل الأساسية لتجميد البرلمان وإقالة رئيس الحكومة والكثير من وزرائه، لا أحد يعرف متى ولا كيف ستنتهي هذه الحالة الاستثنائية التي لا يجب أن تطول".


ويؤكد الصحفي أن "الفصل 80 من الدستور لا يسمح بحل الحكومة أو تجميد البرلمان، لكن جزءا واسعا من الناس تقبل ذلك وبعضهم تحمس له بسبب ما عانوه من تردي مستوى العيش وانسداد الوضع السياسي وتفشي الفساد والفوضى".

 


وقال كمال الشارني: "يفترض المنطق أن يكون الرئيس قد أعد مسبقا، أي قبل إقالة الحكومة وتجميد البرلمان خطة صلبة لإدارة الفترة الاستثنائية فيها حكومة تنفذ وحلول دستورية، وأن يتم الإعلان عن تاريخ العودة إلى النظام الطبيعي، لكن لا شيء من هذا حدث، بل عشنا إجراءات ارتجالية لا رابط بينها ودون حلول للأزمات الحادة التي نعيشها، وأولها سداد الديون ثم توفير موارد مالية عاجلة للدولة".


انعدام وارتهان


ويتفق أغلب المتابعين اقتصاديين وسياسيين أن أزمة تونس الحقيقية وقبل كل شيء هي اقتصادية بالأساس نظرا للوضع المتردي للمواطن وانهيار قدرته الشرائية في ظل ارتفاع كبير للأسعار، وتفاقم الديون الخارجية.


ويرى هؤلاء أن الأزمة تتطلب رؤية اقتصادية عاجلة للخروج من الأزمة، لكن ذلك قد يبدو مستحيلا بالنظر إلى غياب حكومة لرسم الخطة والعمل عليها والتفاوض مع الجهات الدولية المانحة، إضافة إلى انعدام الرؤية الاقتصادية للرئيس والاكتفاء بالضغط داخليا على التجار والبنوك ورجال الأعمال.

 

اقرأ أيضا: MEE: "سعيّد" أبدى نزعة سلطوية منذ البداية.. لماذا الدهشة؟

وفي هذا الصدد يعتبر الأكاديمي إسماعيل أن "البلاد تمر بأزمة مالية خطيرة والمواعيد الدولية لتعديلها معطّلة (التفاوض مع الجهات المانحة)، لافتا إلى أن الشركاء لا يقبلون بغير شريك ديمقراطي".


وحذر إسماعيل من وجود "تدخّل خارجي في شأن البلد بحجة المساعدة على الخروج من هذا المأزق، سواء ممن يدعم الانقلاب أو ممن يناهضه".

 


بدوره لفت الصحفي الشارني إلى أنه "يجب أن نوضح أن صناديق الإقراض والدول المانحة تتفادى التعامل مع الأوضاع الاستثنائية وتعتبرها غير مستقرة وذات مخاطر عالية وتفضل ضمانات مؤسسات دستورية قارة، وكلما تأخرت العودة إلى الوضع العادي، زادت مخاطر الإقراض وشروط الدائنين التي تصل، كما رأينا في التاريخ الحديث إلى حد التدخل في السيادة الوطنية وفرض حلول سياسية على البلاد".