هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
امحمد مالكي يكتب: السلطة السياسية في البلاد العربية تعمل على تدعيم النمط المعرفي الذي ينسجم مع توجهاتها وأهدافها، وتحارب الأنماط المعرفية التي تتعارض معها، وهو ما يفسر حقيقة أن الصراع في بلادنا من صميم الصراع على السلطة السياسية القائمة. ويمكن تأكيد رجاحة هذا الرأي من خلال مراجعة التقارير الاستراتيجية للأحزاب أو المجتمعات أو التكتلات السياسية التي تعُج بها البلدان العربية
خلال العقد الأخير، صعّدت دول عربية عدة من سياساتها تجاه الحركات الإسلامية السياسية، وخصوصًا تلك المرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين، من خلال الحظر والتجريم والملاحقة الأمنية والقانونية، في تحول لافت يعكس إعادة صياغة العلاقة بين الدولة والدين في المجال العام. وبينما تراوحت إجراءات الحظر بين قرارات قضائية وتشريعية كما في مصر والسعودية والإمارات، واتخذت طابعًا إداريًا وأمنيًا في تونس والأردن، تبرز تساؤلات جوهرية حول مستقبل هذه الحركات: هل ستندثر بفعل الحصار المتزايد، أم أنها ستلجأ إلى خيارات بديلة من التكيف السياسي أو التحول الدعوي أو التخفّي التنظيمي؟ هذه الأسئلة تصبح أكثر إلحاحًا في ظل التغيرات الإقليمية والدولية، ومحاولات الأنظمة إعادة ضبط المجال السياسي والديني على أسس جديدة.
تتصاعد الانتقادات الحقوقية في تونس على خلفية تدهور مناخ الحريات السياسية والإعلامية، وسط أحكام قضائية غير مسبوقة طالت معارضين بارزين في ما يعرف بقضية "التآمر على أمن الدولة"، في وقت تتوالى فيه محاكمات الصحفيين، وآخرهم زياد الهاني، في سياق يصفه مراقبون بأنه يُنذر بعودة القبضة الأمنية على الفضاء العام.
عاد الملف الليبي إلى صدارة التحركات الدولية، حيث كثّفت الولايات المتحدة اتصالاتها مع مصر ودول الجوار، بينما استضافت القاهرة اجتماعًا ثلاثيًا مع وزيري خارجية الجزائر وتونس لتنسيق المواقف حيال الأزمة، في وقتٍ يتزايد فيه الانخراط الإقليمي والدولي في الساحة الليبية وسط انقسام داخلي عميق بين حكومتين متنازعتين شرقًا وغربًا، وتنافس حاد بين قوى خارجية أبرزها تركيا وروسيا، ما يجعل مستقبل الاستقرار في البلاد رهينًا بمدى نجاح المساعي السياسية في تخطي مأزق الانقسام وتعطيل مسار الانتخابات.
ملفان حيويان مثلا أجندة الاجتماعات، الأول هو مخرجات اللجنة الاستشارية التي كلفتها البعثة بإعداد مقترح معالجة الاختناقات التي يواجهها المسار السياسي الليبي، والثاني التطورات الخطيرة التي شهدتها العاصمة منذ مقتل عبدالغني الككلي، آمر جهاز الدعم والاستقرار، وما تبعه من مواجهات مسلحة ومظاهرات وأعمال شغب.
قضت المحكمة العليا في ليبيا ببطلان انتخاب مفتاح تكالة رئيسًا للمجلس الأعلى للدولة، وأعادت خالد المشري إلى موقعه في رئاسة المجلس، في خطوة مفصلية قد تعيد خلط أوراق المشهد السياسي، وسط ترحيب مفاجئ من رئيس مجلس النواب عقيلة صالح بالحكم، وصمت من تكالة يُنذر بتوتر محتمل داخل المجلس وخارجه.
استقبل الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني أعضاء مجلس إشراف مؤسسة المعارضة الديمقراطية، في خطوة تعكس انفتاحًا سياسيًا متواصلاً تجاه المعارضة المؤسسية، حيث طُرحت خلاله ملفات حساسة تمس الشأن الوطني، من بينها الحوار السياسي المرتقب، وموجة الإلحاد المتصاعدة، وتفشي المخدرات في أوساط الشباب، إضافة إلى قضايا الحريات وموسم الأمطار، وسط دعوات لتفعيل الشراكة من أجل تحصين المجتمع وتعزيز الاستقرار.
في هذا السياق المضطرب، يبرز محمد شياع السوداني، رئيس الحكومة العراقية، كأحد القادة العرب المنخرطين في تفاعلات المنطقة، لا سيما بعد تسلمه رئاسة القمة العربية في دورتها الرابعة والثلاثين. السوداني، الذي يوازن بين العلاقات مع دول الجوار والقوى الدولية، يواجه تحديًا مزدوجًا: الحفاظ على استقلال القرار العراقي، وتعزيز موقع بغداد كجسر حيوي بين المحاور المتصارعة، من طهران إلى واشنطن، ومن دمشق إلى الرياض.
كشف تقرير جديد للمجلس الأعلى للحسابات في المغرب عن بلوغ نفقات 27 حزباً سياسياً خلال سنة 2023 نحو 91,37 مليون درهم (حوالي 9,13 ملايين دولار)، وسط تراجع ملحوظ في نسبة الاختلالات إلى 6,27%، وذلك في وقت تستعد فيه الأحزاب للانتخابات التشريعية المرتقبة العام المقبل، تحت ضغط انتقادات واسعة لأداء حكومة عزيز أخنوش، وتنامي التساؤلات حول قدرة العمل الحزبي على تحقيق التوازن مع الإدارة واستعادة ثقة الشارع.
في أغنيته الجريئة "السور طاح"، يعيد الراب التونسي تأكيد دوره كمرآة لغضب الشارع وناطق باسم المهمشين، حيث ينسج الفنان guito'N مشهداً صادماً يجمع بين مأساة سقوط سور مدرسة في المزونة وموت ثلاثة تلاميذ، وواقع سياسي واجتماعي متأزم تهيمن عليه اللامسؤولية، غلاء المعيشة، فساد السلطة، وتدخلات خارجية من أنظمة إقليمية، لتتحول الكلمات إلى صرخة شعب فقد ثقته في الدولة ومؤسساتها، ورفض العودة إلى الصمت أو القفص من جديد.
بدوري أثمن هذا السلوك الحضاري من المتظاهرين ومن الأمن، ذلك أن التعبير عن الرأي بالوسائل السلمية والتي منها التظاهر المنضبط، هو مظهر من مظاهر التدافع الإيجابي بين مكونات وقوى المجتمع، وسمة من سمات الانتقال الديمقراطي.
لقد كان الاستثناء السوري في بقاء نظام الأسد مدة طويلة بعد الثورة أثرا مدمرا على البلاد، ونأمل في الاستثناء العربي المتمثل بسقوط النظام السوري بالكامل أن يكون عاملا إيجابيا في إعادة بناء الدولة والمجتمع من جديد وعلى أسس جديدة.
عندما تواكب سلسلة مؤتمرات القمم الإعلامية والتنموية والتظاهرات الفنية العربية والدولية التي نظمت في بغداد ،على هامش القمة العربية والقمة العراقية المصرية الأردنية في دورتها الـ 34 والمؤتمر الإعلامي العربي الرابع، تكتشف أن الأوضاع تتغير بسرعة في "عاصمة الرشيد" وفي عمقها الجيو استراتيجي الوطني والإقليمي.
التصريحات الأولى للبابا الجديد عن الجزائر مفاجئة حقا، تنبش في "موضة" التنقيب عن التاريخ الجاهلي للمناطق، كما هو الحال في الدراسات الفرعونية في مصر، وتتجاهل معاناة البشرية، وهي من صميم الرسالة السماوية للكنيسة في العالم كما تأخذ هي على عاتقها. لم تكن هنالك جزائر في القرون الأولى للميلاد، بل مناطق يعيش فيها البربر معتقدين بـالأريوسية، التي عدتها الكنيسة بعد مؤتمر نيقية هرطقة، أي أن هذه العقيدة مهدت لقبول هؤلاء السكان الإسلام بعد البعثة المحمدية للتشابه بين الإيمانين.
في قراءة تحليلية معمّقة خصّ بها صحيفة "عربي21"، علّق المفكر الليبي الدكتور علي الصلابي على توصيات اللجنة الاستشارية المنبثقة عن البعثة الأممية، التي تسعى إلى كسر الجمود السياسي في ليبيا وفتح الطريق أمام انتخابات وطنية شاملة، مؤكداً أنها تحمل عوامل مساعدة من الناحية الفنية، لكنها لا ترتقي إلى مستوى الحل الجذري للأزمة الليبية المعقّدة، طالما أن الأجسام السياسية الحالية، التي وصفها بـ"الهزيلة والعاجزة"، لا تزال تهيمن على المشهد، مشدداً على أن مفتاح الخروج من الأزمة يكمن في بروز جيل شاب نظيف ومؤمن بمشروع وطني جامع، يتجاوز الولاءات الضيقة ويستند إلى القيم الدينية والحضارية، وقادر على قيادة البلاد نحو الاستقرار والتحرر من الاستبداد المزمن.
فتح إعلان حزب العمال الكردستاني حلّ نفسه طوعًا نقاشا عميقا في تونس حول مستقبل الأحزاب الكبرى، وعلى رأسها حركة النهضة، التي تتعرض منذ 25 يوليو 2021 لضغوط سياسية وشعبية غير مسبوقة. وبين من يرى في التجربة الكردية نموذجًا يمكن إسقاطه على الواقع التونسي، ومن يحذّر من تعسف المقارنة واختلاف السياقات جذريًا، تتباين الآراء بشأن ما إذا كانت تونس بحاجة إلى تجاوز هذا الإرث السياسي عبر تفكيك المنظومة الحزبية التقليدية، أم إلى إعادة تأهيلها ضمن مشروع ديمقراطي جديد لا يزال يتلمّس طريقه وسط أزمة ممتدة.