قضايا وآراء

الضفة الغربية ومفردة المقاومة المباشرة

حازم عيّاد
1300x600
1300x600
المحللان العسكريان الإسرائيليان في صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل ويوآف ليمور من "صحيفة إسرائيل هيوم" أكدا أن تفجير العبوتين الناسفتين في القدس الغربية، صباح أمس الأربعاء، جاء بتنفيذ من خلية مسلحة فلسطينية تنتمي لتنظيم لديه خبرة قديمة في عمليات كهذه، وأن المنفذين ربما ينتمون إلى حركة "حماس" أو حركة الجهاد الإسلامي، فيما اعتبر محلل موقع "واينت" الإلكتروني، رون بن يشاي أنه توجد مؤشرات تدل على أن المنفذين ينتمون إلى تنظيم "داعش" في حين نقل عن الأجهزة الأمنية التابعة للاحتلال القول: إن العبوات المتفجرة منشأها الأراضي المحتلة عام 48.

حالة التخبط لدى المحللين الأمنين في الصحف الإسرائيلية تعكس حالة الفوضى والتخبط التي عصفت بالقادة الأمنيين الإسرائيليين الذين هرعوا إلى موقع العملية دون أن يتمكنوا من تقديم إجابات واضحة لما حدث.

لتتبعها مداولات عقدها رئيس حكومة تصريف الأعمال المنتهية ولايته يائير لبيد مع كل من وزير الأمن، بيني غانتس، ووزير الأمن الداخلي، عومير بار ليف، ورئيس مجلس الأمن القومي، إيال حولاتا، والمفتش العام للشرطة، يعقوب شبتاي، ورئيس الشاباك، رونين بار، ونائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أمير برعام، لتشخيص الحادثة؛ في حين أعلن رئيس الأركان أفيف كوخافي عن قطع زيارته للولايات المتحدة لينضم إلى الطاقم الأمني للتعامل مع عملية صعقت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية وفاجأتها.

لبيد سارع لتقديم نتائج المداولات الحكومية لرئيس حكومة الاحتلال المكلف بنيامين نتنياهو الذي لازال يتخبط في وحل الائتلاف اليميني وتشكيلة الحكومة المقبلة العصية على التشكل بعد تراجعه عن الوعود التي قدمها لزعيم حزب الصهيونية اليهودية (بتسلائيل سموتريتش)؛ وخشيته من الصدام من (ارييه درعي) زعيم حزب شاس؛ في حين أن عيونه شاخصة نحو واشنطن وردود فعلها على تركيبة الحكومة ووزرائها.

وحل السياسة المحلية في الكيان الإسرائيلي المحتل تفاعل مع تصاعد العمليات الفدائية التي عادت بالمشهد الأمني والسياسي في الضفة الغربية وسائر الأراضي الفلسطينية المحتلة 20 عاما للخلف إلى حقبة الانتفاضة الفلسطينية الثانية.

الحقبة التي يأمل قادة الاحتلال في نسيانها؛ خصوصا وأنها تهدد بإعاقة برامجهم الاستيطانية ومشاريعهم التطبيعية الطموحة والتوسعية في الإقليم؛ فهي تمثل تهديدا للزخم الذي اكتسبه الكيان في أعقاب وصول الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى الحكم وتوقيع الإتفاقات الإبراهيمية التطبيعية مع عدد من الدول العربية قبل عامين من الآن 2020.

العملية التي باركتها الفصائل الفلسطينية كافة ولم تكشف الجهة المسؤولة عنها فاقمت حيرة الاحتلال الذي يخشى من تطور حالة المقاومة في الضفة الغربية بانتقال ظاهرة كتائب المقاومة المسلحة من نابلس وجنين إلى سائر المدن الفلسطينية وعلى رأسها القدس المحتلة.

ظاهرة تستمد شرعيتها من الشارع والحاضنة الشعبية مباشرة دون مرجعيات سياسية أو فكرية أو تنظيمية؛ فهي مشتقة من واقع المعاناة التي يواجهها الشعب الفلسطيني على الأرض في الضفة الغربية ما يجعل منها نموذجا قابلا للاستنساخ في كافة المدن الفلسطينية فضلا عن إمكانية انتقالها إلى الأراضي المحتلة عام 48 لتوافر الأسباب ذاتها لانطلاق أعمال المقاومة ضد الاحتلال ومشاريعه العنصرية والفاشية في الضفة الغربية.

الواقع الأمني والسياسي في الأراضي المحتلة بات معقدا والبيئة السياسية الداخلية للكيان المحتل والإقليمية والدولية باتت مواتية لإفقاد برامج الاحتلال ومشاريعية التوسعية اقتصاديا وأمنيا وسياسيا زخمها؛


مخاوف إسرائيلية تدعمها معلومات عن تشابه العبوات المتفجرة في القدس الغربية مع تلك المصنعة والمستخدمة في العمليات الجنائية داخل الخط الأخضر في الأراضي الـمحتلة عام 48؛ ما يعني أن تركيب وإعداد العبوات خبرة تم استجلابها وتطويرها في الأراضي المحتلة عام 48.

الواقع الأمني والسياسي في الأراضي المحتلة بات معقدا والبيئة السياسية الداخلية للكيان المحتل والإقليمية والدولية باتت مواتية لإفقاد برامج الاحتلال ومشاريعية التوسعية اقتصاديا وأمنيا وسياسيا زخمها؛ مسألة أمكن ملاحظتها مباشرة بإعلان رئيس أركان الاحتلال أفيف كوخافي قطع زيارته لوشنطن التي كان من المتوقع أن تتوج الجهود السياسية والأمنية والدبلوماسية لقائد المنطقة المركزية الأمريكية في غرب آسيا والعالم العربي الجنرال مايكل كوريلا بلقاء في مدينة تامبا بولاية فلوريدا مقر القيادة المركزية الأمريكية بإطلاق مشاريع المسيرات البحرية والجوية في المياه والسماء العربية متناسيا الواقع الذي صنعه الاحتلال بانتهاكاته في الأراضي المحتلة.
 
ختاما.. الضفة الغربية رغم تعرضها لهجمة استعمارية استيطانية غير مسبوقة إلا أنها عادت وأكدت حضورها في معادلة الصراع مع المحتل؛ وانتزعت مكانها في المعادلة الإقليمية والدولية رغم الصراعات الإقليمية المشتعلة شرق المتوسط والدولية المستعرة في أوكرانيا؛ فخفض التصعيد معادلة لن تتحقق في ظل تصعيد استيطاني صهيوني في القدس والضفة الغربية وفي ظل برنامج استيطاني عنصري يطال عموم فلسطين من نهرها لبحرها؛ فالمواجهة ستطول قبل أن تنجلي عن واقع جديد يفرض شروطه في الإقليم والساحة الدولية.
  
hazem ayyad
@hma36 

التعليقات (0)