كتب

الاغتيالات السياسية في العالم العربي خلال القرن الماضي.. قراءة في كتاب

انتهى حكم السادات باغتياله في أثناء الاحتفال بذكرى حرب 6 أكتوبر عام 1981م، على الرغم من توقع الأجهزة الأمنية والدبلوماسية اغتياله بعد زيارته لدولة الاحتلال وخطابه على منبر الكنيست الإسرائيلي.. صورة أرشيفية
انتهى حكم السادات باغتياله في أثناء الاحتفال بذكرى حرب 6 أكتوبر عام 1981م، على الرغم من توقع الأجهزة الأمنية والدبلوماسية اغتياله بعد زيارته لدولة الاحتلال وخطابه على منبر الكنيست الإسرائيلي.. صورة أرشيفية
الكتاب: أربعون صيفا حارّا وصيف.. على اغتيالات حكام العرب (1951 : 1992)
الكاتب :محمد عبدالرحمن عريف
الناشر : دار مرايا- الإمارات، عام 2022م
عدد الصفحات:284 صفحة

عرف تاريخ الدول العربية في النصف الثاني من القرن العشرين، لغة الاغتيالات السياسية التي طالت عددا من رؤساء الدول العربية، هزت المشهد السياسي الداخلي، في مرحلة من أشد مراحل تاريخ الدول العربية حساسية، خاصة بعد تخلصها من الاستعمار، وإعلان بعضها الاستقلال، لكن حالة الاستقرار في الدول العربية، يبدو أنها بعيدة المنال في ظل صراعات داخلية على الحكم، أو بسبب الرفض لسياسة البعض، لكن السمة المشتركة بينها هي استخدام القتل لإسكات الحكام لاختلاف الأفكار وانتهاج سياسة مغايرة يرفضها البعض، سنوات سطرت فيها عدة اغتيالات، منها اغتيالات لمساس حكامها بالقضية الفلسطينية، ومخاطبة المحتل الإسرائيلي وعقد اتفاقية سلام معه.

ما حدث في أربعين صيفا وصيف خلال السنوات (1951 ـ 1992م)، أحداث عصفت بالحكام بالقتل، سواء بالقنص المباشر، أو التفجير عبر قنابل ملغومة؛ لينتقل الحكم لآخر، بعضها شكل صدمة بفعل اغتيالهم على الهواء مباشرة، فهناك مَن اغتيل وسط جيشه في أثناء احتفاله بانتصار عسكري على عدوه، كما حدث مع الرئيس محمد أنور السادات. واغتيل الملك عبد الله الأول داخل المسجد الأقصى، ولم تكن الانتخابات حاجزا منيعا، فكانت لغة القتل المتحدث لإنهاء مصيرهم قبل تولي مقاليد السلطة، كما حدث مع رينيه معوض، وبشير الجميل الذي اغتيل قبل الوصول لكرسي الحكم في لبنان.

في هذه الدراسة، يستعرض الكاتب د.محمد عريف أشهر 12 اغتيالا لحكام عرب، بداية من الملك عبد الله الأول مؤسس المملكة الأردنية الهاشمية، الذي شهدت فترة حكمه حرب 1948 التي شارك فيها الجيش الأردني مع الجيوش العربية، واتحدت الضفة الغربية وهي ما تبقى من فلسطين مع الأردن؛ إذ استمر الملك عبد الله في الزيارة المنتظمة لأداء الصلاة في المسجد، إلا أن زيارته الأخيرة بتاريخ 20 تموز/يوليو 1951، بينما كان يزور المسجد الأقصى لأداء صلاة الجمعة، أطلق الفلسطيني مصطفى شكري عشي، ثلاث رصاصات على رأسه وصدره، فأرداه قتيلا، ورغم أنه لم يتبين شيء في التحقيقات؛ إلا أنه كان يعتقد أن سبب ذلك، هو التخوف من توقيع اتفاقية سلام مع إسرائيل.

فاجعة قصر الرحاب:

اغتيال الملك فيصل الثاني آخر ملوك العراق، الذي  آل العرش إليه عام 1939 عقب وفاة والده الملك الغازي، وأصبح ملكا تحت وصاية خاله الأمير عبد الإله بن علي، حتى بلغ السن القانونية للحكم وتوج ملكا في 2 أيار/مايو 1953م، حتى مقتله في 14 تموز/يوليو 1958 بقصر الرحاب الملكي بالعاصمة بغداد مع عدد من أفراد العائلة المالكة، بعد محاصرة الضباط الأحرار للقصر؛ لتنتهي الملكية العراقية بمجزرة دامية، بدلا من نفيها خارج العراق بعد استسلامها، عشية إعلان الجمهورية من عبدالكريم القاسم وعبدالسلام عارف، (ص22).

سنوات قليلة بعد فاجعة قصر الرحاب، حتى اغتيال عبد الكريم قاسم في دار الإذاعة، بعد نجاح الحركة الانقلابية لتنظيم الضباط العراقيين أو "الأحرار" في الإطاحة بنظام الحكم الملكي، وتحويل نظام الحكم في العراق إلى النظام الجمهوري في عام 1958، إذ بدأت بوادر الخلافات بين الأحزاب والقوى السياسية والضباط الأحرار، (ص22).

يقول الكاتب: "كانت القوى القومية بزعامة العقيد عبد السلام عارف، وحزب البعث تنادي بالوحدة الفورية مع الجمهورية العربية المتحدة. في المقابل، وفي محاولة لخلق حالة من التوازن السياسي، حاول الحزب الشيوعي العراقي الذي كان معارضا لفكرة الوحدة، إلى طرح فكرة التعاون مع الجمهورية العربية المتحدة في المجالات الاقتصادية والثقافية والعلمية، بدلا من الوحدة السياسية والعسكرية الشاملة" (ص24).

أدى اختلاف التيارات الحزبية داخل العراق إلى توتر العلاقات تدريجيّا بين عبد الكريم قاسم وأعضاء تنظيم الضباط الأحرار، كما ساءت العلاقة مع التيارات الوحدوية والقومية التي أدت دورا فاعلا في دعم حركة عام 1958، في حين حاول الحزب الشيوعي العراقي التحالف مع عبد الكريم قاسم، فقد كان هناك طموح لدى الحزب للوصول للحكم، حتى إنه في إحدى مسيراته رفع شعار "عاش الزعيم عبد الكريم، الحزب الشيوعي بالحكم مطلب عظيم"، مما جعل قاسم يخشى من ذلك، واتجه نحو تحجيم الحزب الشيوعي، الذي كان على موعد مرتقب لقلب نظام الحكم،  فما كان من قاسم إلا أن سحب السلاح من مليشيات الحزب، واعتقل معظم قادته، وتوالت التغييرات السياسية في العراق، وبرز حزب البعث العراقي، ومن ثم نفذ انقلابه المحكم، الذي انتهى بإعدام عبد الكريم قاسم في 8 شباط/فبراير عام 1963م، عبر محكمة صورية في غرفة الموسيقى بدار الإذاعة في بغداد، وسارع قادة الحركة إلى عرض جثته على شاشة التلفزيون في اليوم نفسه (ص33).

يؤكد العريف أن وصول قاسم لتلك الحالة كان نتيجة استنفاد مبررات بقائه داخليا بسبب الصراعات الحزبية الدامية، وتأجيجه حالة الصراعات بين التيارات القومية والشيوعية، بالإضافة إلى أن نظام قاسم كان في عزلة عربية وإقليمية ودولية، فلا سياسية خارجية واضحة، ولا وضع داخلي مستتب، إذ إنه أدخل العراق في صراعات مع مصر، والكويت التي طالب بضمها للعراق، إلى جانب تراجع مستوى العلاقات الخارجية مع الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا.

الصومال يشهد اغتيالات:

بعد إعلان استقلال الصومال عن بريطانيا وإيطاليا في فترة متزامنة عام 1960م، أعلن رسميّا قيام دولة الصومال الموحدة بشطريها، وقام عبد الله عيسى محمد، بتشكيل أول حكومة صومالية وطنية، أسندت رياسة الجمعية الوطنية (مؤقتا) لبشير إسماعيل، حيث اختار عدن عبد الله عثمان دار أول رئيس للصومال ومعه عبد الرشيد علي شارماركي كأول رئيس للوزراء، الذي أصبح رئيسا فيما بعد في الفترة بين سنة 1967 حتى عام 1969م، وأصبح ثاني رئيس لجمهورية الصومال، في أثناء قيامه بزيارة لمدينة لاصعانود، تعرض شرماكي لحادث اغتيال على يد شرطي باستخدام بندقية، مما تسبب في مقتله على الفور عام 1969م؛ أدى هذا الحادث لحدوث انقلاب عسكري بيد كبار قادة الجيش، نتج عنه تولي محمد سياد بري حكم البلاد.

الملك فيصل من الملكية إلى الاغتيال:

عين الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود، ملكا على المملكة العربية السعودية من 2 شباط/نوفمبر 1964 إلى 25 آذار/مارس 1975م، هو الابن الثالث للملك عبد العزيز آل سعود، وينسب إلى الملك فيصل إدخال الإصلاحات في المملكة، ولاسيما على مستويات الاقتصاد، والتعليم، والمستوى الاجتماعي، يضيف العريف هنا: "يعتبر الملك فيصل مؤسس رابطة العالم الإسلامي، التي انبثق عنها مؤتمر القمة الإسلامي الأول عام 1965م، أما على المستوى العربي، فيرتبط ذكر الملك فيصل بدوره المؤثر خلال حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، من خلال استخدامه سلاح النفط لأول مرة في تاريخ الصراع "العربي- الإسرائيلي"، بقطع الإمدادات عن الدول الغربية المؤيدة لإسرائيل" (ص60).

اغتيل الملك فيصل بتاريخ 25 آذار/مارس 1975م، عندما أطلق الأمير فيصل بن مساعد بن عبد العزيز آل سعود من الأسرة الحاكمة النار عليه، في أثناء استقبال الملك لوزير النفط الكويتي عبد المطلب الكاظمي في مكتبه بالديوان الملكي وأرداه قتيلا، ويضيف الكاتب: "اخترقت إحدى الرصاصات الوريد فكانت السبب الرئيسي لوفاته، ولم يتأكد حتى الآن الدافع الحقيقي وراء حادثة الاغتيال؛ لكن هنالك من يزعم بأن ذلك تم بتحريض الولايات المتحدة والمملكة المتحدة؛ بسبب سياسة مقاطعة تصدير البترول التي انتهجها في بداية السبعينيات من القرن العشرين بعد حرب أكتوبر" (ص65).

الرئيس اليمني إلى الغداء الأخير:

إنه الرئيس اليمني الثالث إبراهيم بن محمد الحمدي، خلال الفترة من 1974 ـ 1977م، في عام 1972 أصبح نائب رئيس الوزراء للشؤون الداخلية، ثم عين في منصب نائب القائد العام للقوات المسلحة، عام 1974 قام بانقلاب عسكري أبيض، أطاح بالقاضي عبدالرحمن الأرياني، يقول العريف: "قام بتوديع الرئيس عبد الرحمن الأرياني رسميا في المطار، مغادرا إلى دمشق المدينة التي اختارها للإقامة مع أفراد عائلته، شهدت اليمن في عهده أفضل أيام الرخاء، نتج عنه طفرة نفطية وإيرادات المغترين في دول الخليج، وتميز عصره بالنزاهة فأوجد دولة النظام والقانون؛ إذ إنه قام بتطهير الدولة من الفساد الإداري والمالي"(ص92)، كما عرف عنه تجاهه القومي، فعندما اندلعت الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975م، دعا إلى عقد قمة عربية طارئة، واقترح تشكيل قوات ردع عربية، إلا أنه تعرض للاغتيال في حادثة مدبرة هو وأخوه عبد الله الحمدي في 11 تشرين الأول/أكتوبر 1977م، عشية سفره إلى الجنوب لإعلان بعض الخطوات الوحدوية في أول زيارة لرئيس شمالي إلى الجنوب، فقد جرت تصفيته في منزل أحمد حسين الغشمي، الذي دعاه لتناول وجبة الغذاء، ليكون ذلك الغداء الأخير، بسبب خطواته المتسارعة تجاه الوحدة مع الجنوب، ورفض معارضيه لها، ودفن دون إجراء أي تحقيقات للكشف عن الفاعلين.

اغتيالات متتابعة:

كما تعرض الرئيس الرابع أحمد حسين الغشمي للاغتيال، الذي تولى الرئاسة لمدة عام عام1977 ـ 1978، فلم يكن القصر الرئاسي مكانا آمنا، إذ زرعت حقيبة ملغومة في مكتبه بالقيادة العامة للجيش بتاريخ 24 حزيران/يونيو 1987م، يقول العريف: "وجّهت أصابع الاتهام لأكثر من طرف في قيادة الحزب (الاشتراكي) في عدن، وإثر ذلك عقدت جامعة الدول العربية اجتماعا طارئا؛ لاتخاذ موقف عربي ضد نظام الحكم في عدن؛ لضلوعه في عملية الاغتيال"، وعليه، أعلنت خمس عشرة دولة عربية قطع علاقاتها الدبلوماسية مع حكومة عدن، ليعقبه سالم ربيع، حاكم جنوب اليمن، في القتل بعد أشهر بتهمة اغتياله رغم تعهده بالانتقام من قتلته (ص102).

سريعا حضر سالِم رُبَيِّع عَلي يعرف باسم سالمين (1935 ـ 1978) كان رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية 1969 وحتى تم الانقلاب عليه عام 1978 م، تم إعدامه في 26 حزيران 1978. ربيع كان قائد الجناح اليساري في جبهة التحرير الوطني اليمنية، التي أجبرت قوات الاحتلال البريطاني على الانسحاب من الجنوب العربي عام 1967. لقد اتخذت اللجنة المركزية اليمنية قرارا بتنحية سالمين، وإحالته إلى المحاكمة.

حاول الجميع عدم إشعار الرئيس بالتغيير، ولذلك عاد الرئيس إلى قصر الرئاسة، ومن ثم بدأت نهاية سالمين عندما تم الاتصال بالرئيس من قبل الانقلابيين، لطلب الحضور، إلا أنه لم يحضر معتبرا أن هناك تلاعبا بالتوقيت لتفادي حضوره. وفي مساء ذلك اليوم أرسل المكتب السياسي ثلاثة وزراء إلى الرئيس، وصلوا إلى قصر الرئاسة، يشير الكاتب: "حاول حراسة الرئيس، التبين من أن ذلك الحوار إنما هو خطة مدبره لكسب الوقت حتى تكتمل تجهيزات للانقضاض على الرئيس، وأشعر الحرس الرئيس برغبته في احتجاز الوزراء الثلاثة كرهائن، لكنه رفض وقال: هم يريدون السلطة، أنا أعطيتهم استقالتي وسلمتها لهم، وطلبت السفر إلى الصين، ولا داعي لتفجير الموقف" (ص110).

بدء الهجوم على الرئيس بإطلاق الشرطة العسكرية ست طلقات نارية في الهواء من ميدان الشرطة العسكرية المقابل لقصر الرئاسة، وكانت إشارة البدء بالهجوم على الرئيس، ثم قاموا بقطع التيار الكهربائي على منطقة الفتح بالكامل، وأيقن الرئيس أن لا فائدة في أي مواجهة تعرض الأفراد للقتل ليس إلا، وقرر الاستسلام، ونادى بالقوات المهاجمة بأنه يريد الاستسلام، ومما كتبه على أوراق السجائر في رسالة الاستسلام": "الأخ العقيد الركن علي أحمد ناصر عنتر ـ المحترم: نظرا للمعارك الدامية التي تعيشها اليمن، فإننا سنسلّم على يديك للتفاهم"، ولكن تم إعدامه في 26 حزيران/يونيو عام 1978م، بعد أربعة أيام من الانقلاب عليه، وتحميله مسؤولية اغتيال الغشمي لإزاحته عن السلطة.

لبنان على موعد مع الاغتيال

الرئيس رينيه معوض صاحب أقصر فترة رئاسية انتخب رئيس الجمهورية اللبنانية من 5 تشرين الثاني/نوفمبر 1989 إلى 22 تشرين الثاني/نوفمبر 1989، يعد أول رئيس للبنان بعد اتفاق الطائف، لكنه اغتيل بعد أيام قليلة في انفجار استهدف موكبه. انتخب قبل ذلك عدة مرات في المجلس النيابي، عنه يقول الكاتب: "كان الرئيس معوض بحكم علاقاته الشخصية، وبفعل قدرته على التفاوض والحوار، موضع ثقة مختلف الفاعليات، وخصوصا القيمين على مقاليد الحكم في لبنان؛ نظراً إلى وضوح خطه الوطني وتشبثه بالثوابت والمسلمات الوطنية التي جسدها فعل إيمان في كل عمل ديبلوماسي داخل الوطن أو خارجه، كان رمزا للاعتدال، متفهما لعمق وأبعاد وأصول اللعبة السياسية في منطقة الشرق الأوسط عموما وفي لبنان خصوصا" بحسب مراقبين، واغتيل يوم عيد الاستقلال في 22 تشرين الثاني/نوفمبر 1989، أي بعد سبعة عشر يوما من انتخابه، بعد خروجه من القصر الحكومي المؤقت في منطقة الصنائع (ص158).

اغتيال قبل الوصول للقصر الرئيسي

إنه بشير الجميل، رئيس لبنان، سياسي وقائد حزب الكتائب اللبناني، تم انتخابه لرئاسة لبنان، ولكنه اغتيل قبل تسلمه المنصب عام 1982، الذي كانت لديه علاقته الجيدة مع دولة الاحتلال التي اجتاحت الجنوب اللبناني عام1982، إذ وصل الجيش الإسرائيلي إلى العاصمة بيروت. انتخب الجميل في 23 آب/أغسطس 1982م، بانفجار مدمر طال مركز قيادة الكتائب في قطاع الأشرفية بتاريخ 14أيلول 1982م، حامت الشبهات حول سوريا، ولم تكن علاقاته مع الفلسطينيين بالجيدة أيضا، فبعد اغتياله اقتحمت القوات اللبنانية بقيادة إيلي حبيق مخيمي صبر وشاتيلا بمساعدة الجيش الإسرائيلي الذي حاصر المخيمين، واغتالت أكثر من 3500 فلسطيني (ص134).

سلام فاغتيال في مصر:

محمد أنور السادات، رئيس مصر، قاد مصر والعرب في عام 1973 نحو تحقيق نصر حرب أكتوبر عام1973م، ولكنه النصر الذي يفضي إلى السلام مع دولة الاحتلال المنهزمة في الحرب، بجهود الولايات المتحدة والقوى الغربية وقع عام 1979م على إطار السلام النهائي بين مصر وإسرائيل، فيما عرف بمعاهدة كامب ديفيد، التي لم يتقبلها جزء كبير من الشعب المصري، والعربي، وخلقت غضبا شعبيا عليه، الأمر الذي تبعه سلسلة من الاعتقالات للمعارضين والناشطين؛ لينتهي حكم السادات باغتياله في أثناء الاحتفال بذكرى حرب 6 أكتوبر عام 1981م، على الرغم من توقع الأجهزة الأمنية والدبلوماسية اغتياله بعد زيارته لدولة الاحتلال وخطابه على منبر الكنيست الإسرائيلي (ص117).

موعد مع الاغتيال

في الجزائر 1992 كان الانقلابيون بحاجة إلى شخصية سياسية مرجعية وتاريخية لترؤس المجلس الأعلى للدولة، ووجدوه في الزعيم الثوري محمد بوضياف، الذي استقدمه الجيش من منفاه في المغرب، في 26 كانون الثاني/يناير 1992، قبل أن يُغتال على يد أحد حراسه في 26 حزيران/يونيو 1992. لكن عددا من الشخصيات السياسية الديمقراطية، رفضوا الاعتراف بالواقع السياسي الجديد، وحذّروا من التداعيات الوخيمة التي يقود إليها قادة المؤسسة العسكرية بقيادة وزير الدفاع حينها الجنرال خالد نزار، ورئيس الأركان الجنرال الراحل محمد العماري، وجهاز الاستخبارات بقيادة الفريق محمد مدين. وكان الضحية الرئيس الوطني المجاهد محمد بوضياف في 26 حزيران/يونيو 1992م، رئيس أحبه شعبه ولكنه قتل غدرا داخل قاعة قصر الثقافة، في أثناء إلقائه خطابه الأخير الذي تضمن كلمات مبهجة عن الإسلام الذي يتعرض للتشويه، واتهمه الرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا ميتران بالجريمة، اغتيل الرئيس عقب قضائه 166 يوما فقط في الحكم بين الإصلاح والقضاء على الفساد المستشري في الجزائر (ص172).

وأخيرا: أولى الكاتب اهتماما كبيرا توضيح حيثيات كل عملية اغتيال تعرض لها رؤساء الدول العربية، بأحداث ووقائع سبقت عملية الاغتيال، أو ما نجم عن عملية اغتيالات من تغيرات سياسية داخل الأقطار العربية، والمهم القول بأن عددا من الاغتيالات تمت نتيجة الرفض العربي العارم لعقد أي اتفاق مع دولة الاحتلال.
التعليقات (0)