كتب

فصول من التاريخ السياسي الحديث والمعاصر لمصر (1من2)

كتاب يروي تاريخ الحركة الوطنية المصرية في مقاومة الاستعمار البريطاني- (عربي21)
كتاب يروي تاريخ الحركة الوطنية المصرية في مقاومة الاستعمار البريطاني- (عربي21)

الكتاب: "تطوُّر الحركة الوطنية المصرية (1882- 1956)"
الكاتب: شهدي عطية الشافعي
الناشر: القاهرة، وزارة الثقافة؛ الهيئة العامة لقصور الثقافة، سلسلة "الهوية" (20)، 2021.

هذا كتاب اكتفى "بدراسة المعالم الرئيسية للحركة الوطنية، في تطورها"، بكلمات المؤلف، في تمهيده للكتاب. أما المنهج الذي اعتمده المؤلف، فـ"قوامه أن تاريخ التطور الاجتماعي هو، أولاً، وقبل كل شيء، تاريخ الشعوب". إن هذا الكتاب هو "محاولة في تطبيق المنهج العلمي على دراسة تاريخنا" (ص 17- 18).

في 11/7/1882، أطلق الأسطول البريطاني أول قذيفة على القلاع المصرية، في الإسكندرية. وفي التاسعة من صباح يوم الأربعاء (13/6/1956)، رحل آخر جندي بريطاني عن منطقة قناة السويس.

بدأ الاستعمار بالاقتصاد، فحطَّم الاقتصاد المصري، واعتبر مصر مجرد مزرعة قُطنية رخيصة، تُحقق للاستعمار البريطاني أعلى ربح ممكن. حتى غدا هذا الاستعمار الحاكم بأمره، وكبار الملاك المصريين السند لهذا الاستعمار، الذي حطَّم ثقافة مصر، أيضاً. (ص 19- 27).

لم تقو البنية الاقتصادية ـ الاجتماعية الهزيلة، إلا أن تُوفِّر معارضة هزيلة، من جانب بعض كبار الملاك، والاستعانة بنفوذ فرنسا، من أجل الفوز ببعض النفوذ السياسي في حكم مصر. إلى أن تم الاتفاق بين الاستعماريْن، البريطاني والفرنسي (8/4/1904)، على عدم عرقلة أيٍ منهما عمل الآخر في مستعمراته (الاتفاق الودي)!

 

بدأ الاستعمار بالاقتصاد، فحطَّم الاقتصاد المصري، واعتبر مصر مجرد مزرعة قُطنية رخيصة، تُحقق للاستعمار البريطاني أعلى ربح ممكن. حتى غدا هذا الاستعمار الحاكم بأمره، وكبار الملاك المصريين السند لهذا الاستعمار، الذي حطَّم ثقافة مصر، أيضاً.

 



اشتدَّت الحركة الوطنية، وظهر "الحزب الوطني"، تحت قيادة مصطفى كامل، فردَّ كبار الملاك بتأسيس "حزب الأمة"؛ لتحقيق أماني الأمة، باتفاق يتم بين الاحتلال، وبين الأعيان المصريين، وحدهم. (ص 29- 32).

أخذت قيادة الحركة الوطنية في التبلور، ولم تقتصر على الدعوة للجلاء، بل أضافت المطالبة بالدستور. وكانت القيادة الجديدة للحركة الوطنية تُمثِّل المثقفين، الذين عبَّروا عن التجار. وازدادت الحركة الوطنية اشتعالاً، غداة "مجزرة دنشواي". هنا قطع مصطفى كامل الأمل في العون الأجنبي، وتأكدت قيادة الحركة الوطنية باستحالة الديمقراطية تحت نير الاحتلال.

تابع محمد فريد زعامة الحركة الوطنية، إثر موت مصطفى كامل؛ فوجهها فريد إلى مزيد من الشعبية. واستطاع الحزب اجتذاب الصُنَّاع إلى المعركة السياسية. كما اهتم فريد بالعمال الزراعيين، وربط الحركة الوطنية بحركة السلام العالمية (1911)، كما ربط قضية استقلال مصر بقضية الاشتراكية الدولية، (ص 32- 38).

حققت الحركة الوطنية انتصاراً، حين أحبطت محاولة الإمبريالية العالمية، مد أجل امتياز قناة السويس، أربعين سنة أخرى. ونهضت الحركة العمالية، التي سرعان ما ارتبطت بحركة المثقفين الوطنية؛ فاشتدَّ فزع الإمبريالية البريطانية، التي استقوت بالضغط، والعسف، يعاونها خديوي مصر، وحكومته؛ فبدأت حملة الاعتقالات، والمحاكمات الصورية، وسُجن الشيخ عبد العزيز جاويش، رئيس تحرير صحيفة "اللواء"، وتوالى إغلاق الصحف، وسَجن الصحفيين. كما مارست الإمبريالية سياستها المعروفة بـ"فرِّق تسُد"، كالدس بين المسلمين، والأقباط. على أن "الحزب الوطني"، مثَّل عدم النضج للطبقة القائدة للحركة الوطنية؛ ضعفها الاقتصادي، والسياسي. لكن جذور الثورة الوطنية كانت قد بُذرت في أرض تم تخصيبها. (ص 39- 42).

دخلت نادي الدول الإمبريالية، دولتان جديدتان، هما ألمانيا وإيطاليا، وحاولتا، عبثاً، الظفر بحصتيهما في المستعمرات، فاندلعت الحرب العالمية الأولى (1914).

هذا، بينما ازداد الأثرياء في مصر ثراءً، واشتد فقر الفقراء، فازداد المجتمع استقطابًا: قلة من الأغنياء، وكثرة ساحقة من الفقراء. ولم تعد طبقة أثرياء الريف، تلك الطبقة المزعزعة، أيام عرابي، وأوائل عهد الاحتلال. في الناحية الأخرى، تفتَّتت الملكية الصغيرة، واتسعت دائرة فقراء الفلاحين، ومعهم الأجراء. وفيما بينهما ثمة طبقة صغار الفلاحين، ومتوسطيهم. وفي المدن، أثرى بعض التجار الوطنيين، خلال الحرب. ما يعني تطور الرأسمالية الوطنية المصرية، في الريف والمدن، فازدادت ثراءً، وقوي نفوذها الاقتصادي، ورنَت ببصرها، خلال سني الحرب، إلى الصناعة. كما ازدادت الطبقة العاملة، في المدن والريف، لكنها ازدادت بؤسًا.

في الوقت الذي ازداد الاستغلال الاستعماري؛ الذي جنَّد ما يربو عن المليون فلاح، وعامل مصري، للقيام بأشق الأعمال، خدمة للحرب الاستعمارية. واستمرأت السلطات الاستعمارية مصادرة الحاصلات الزراعية، والاستيلاء عليها، بأبخس الأثمان. وأخذت الأسعار في الارتفاع المطرد. فضلاً عن الكبت السياسي. ولم تبق طبقة في مصر إلا وعانت من الكبت الاستعماري، الاقتصادي والسياسي. فأينعت الأفكار التي بذرها جمال الدين الأفغاني، وعبد الله النديم، ومصطفى كامل، ومحمد فريد، والتي تبلورت في: الاستقلال، والدستور، ما جعل من الثورة أمرًا حتميًا.

في تشرين الأول/ أكتوبر 1917، انتصرت الثورة الاشتراكية في روسيا، مناصِرة لكل القوى التحررية في العالم؛ ما كان له أصداءه الدولية. بينما فُجع سعد زغلول في الإدارة الأمريكية، بعد أن اعترف الرئيس الأمريكي، ويدرو ويلسون، بالحماية البريطانية على مصر، وهو الذي كان لوَّح بحق تقرير المصير، في مؤتمر السلام، غداة الحرب العالمية الأولى.

 

لم تبق طبقة في مصر إلا وعانت من الكبت الاستعماري، الاقتصادي والسياسي. فأينعت الأفكار التي بذرها جمال الدين الأفغاني، وعبد الله النديم، ومصطفى كامل، ومحمد فريد، والتي تبلورت في: الاستقلال، والدستور، ما جعل من الثورة أمرًا حتميًا.

 



بدأت قيادة الحركة الوطنية، أواخر 1918، متواضعة، متهادنة؛ فاستعد سعد زغلول، قائد "حزب الوفد"، لإعطاء بريطانيا ضمانة في طريقها إلى الهند (قناة السويس). بل إن علي شعراوي، أحد مساعدي سعد، عرض بقاء المستشار البريطاني، وسلطته هي سلطة الدين العمومي، وتمنى سعد بأن "تجعلنا [بريطانيا] أصدقاءها، وحلفاءها". وتألف "الوفد" في 13/11/1919، وترأسه سعد زغلول باشا.

وقال ملنر في تقريره، عن أعضاء "الوفد": "أصلهم من (حزب الأمة) القديم، الذي كان غرضه التقدم الدستوري، تدريجيًا". وقد أثارت حركة التوقيع على توكيل "الوفد" وعيًا جماهيريًا. وأخذت تحركات الوفد تشتد، ولكن لدى معتمدي الدول الأجنبية. وحين أرسل "الوفد" رسالة احتجاج إلى رئيس الوزارة البريطانية، أكدت بأن مطلبهم هو الاستقلال التام، بينما الحماية غير مشروعة، ردت السلطات البريطانية باعتقال سعد، وصحبه (18/3/1919).

اندلعت الثورة، بمبادرة الطلبة، وبعد يومين أضرب عمال الترام، كما اشترك في الثورة مئات الألوف من الفلاحين، وخرجت المرأة، لأول مرة، في مظاهرات، واشترك المحامون. بعد أن كانت الحركة الوطنية - زمن مصطفى كامل، ومحمد فريد- وقفًا على المثقفين.

اتخذت الثورة، أحيانًا، طابعًا عنيفًا، خاصة في الريف، والصعيد، وفي المدن ثمة المنشورات السرية. وسرعان ما تشكَّلت "اللجان الوطنية". وإن لم تمتلك قيادة الثورة (الوفد) النضج، والوعي الكافيين، فضلاً عن التأثير السلبي لكبار الملاك، داخل تلك القيادة؛ ما يُفسِّر ما اعتراها من تردد. وقد سقط نحو ثلاثة آلاف شهيد، ومن هؤلاء من حُكم بالإعدام، والأشغال الشاقة، والسجن.

بالتساوق مع اشتعال الحركة الوطنية، اتسعت الحركة النقابية عمقًا، وعرضًا. وسرعان ما تأسس "الحزب الاشتراكي" (1920)، قبل أن يتحول إلى الحزب الشيوعي (1922). وتحركت حكومة كبار الملاك، فاستحدثت، في آب/ أغسطس 1919، "لجنة التوفيق"، بين العمال، وأصحاب الأعمال، وأردفوها بقانون، وضع قيودًا جائرة على نشاط الطبقة العاملة، وحظر الإضراب على العمال، دون إخطار السلطات، مسبقًا.

ما أن انحسرت الثورة، حتى بان ما تحتها من تمايز، فتعارض، بين ممثلي البرجوازية الوطنية، وعلى رأسهم سعد زغلول، وممثلي كبار الملاك، من قادة "حزب الأمة"، وتجلى التعارض في تمسك سعد بالاستقلال التام، في حين اكتفى كبار الملاك بحكم ذاتي، تحت الحماية البريطانية، ما برَّر انقسام الأخيرين عن الوفد، وتشكيلهم "حزب الأحرار الدستوريين"، بقيادة عدلي يكن باشا، الذي سبق أن قام بدور الوسيط بين سعد، والمحتلين البريطانيين! واعتُقل سعد، للمرة الثانية، فاتخذ "الوفد" قرارًا، قضى بمقاطعة البضائع البريطانية.

 

حين اتسعت دائرة من رأوا في النازي منقذًا لمصر من الاستعمار البريطاني، حاصرت دبابات الأخيرين سراي عابدين، وأرغمت فاروق على تكليف مصطفى النحاس باشا، زعيم الوفد، بتشكيل وزارة جديدة (حادث 4 شباط/ فبراير 1942)، حين كان الوفد، والأحرار الدستوريين، يرون في النازي خطرًا يزيد عن الخطر البريطاني.

 



استعرض الفصل الخامس "نتائج الثورة"، بدءًا مما حققته، وأهمها إلغاء الحماية، بموجب تصريح 28 شباط/ فبراير 1922، الذي أنقص الاستقلال الشكلي بتحفظاته الأربعة، وثاني النتائج كان إعلان الدستور (1923)، والحياة النيابية، على تشوُّه هذا الدستور. وتمثلت ثالث النتائج في نهضة صناعية وتجارية، بعد تطور الرأسمالية، بما مكَّنها من إقامة "بنك مصر" (1920)، الذي تولى أمر إقامة مصانع، وشركات. وفي العام 1930، قرَّرت حكومة الوفد استحداث نظام جمركي، يوفِّر الحماية للصناعة الوطنية. ثم كانت معاهدة 1936، التي ألغت الامتيازات الأجنبية، وزاد الاهتمام بالتعليم الصناعي، وتراجعت الواردات الأجنبية. فضلاً عن نهضة ، اجتماعية وأدبية، (ص 69- 75).

أما ما لم تحققه الثورة، فتمثل في سيطرة الاستعمار، ومعه كبار الملاك، وكبار رجال المال، مع استمرار ضعف الصناعة المصرية.

عاد هذا الإخفاق، أساسًا، إلى اختلال ميزان القوى، لصالح أعداء الشعب، وضعف الوفد، وميله للتهادن، وإن ظل الوفد متنفسًا للشعب. وقد استحال هذا المتنفس مع حكم أيٍ من السعديين، أو الأحرار الدستوريين. (ص 75- 91).

عني الفصل السادس بـ "التحركات الشعبية، ما بين 1924- 1945"، حيث لم يعد الاستعمار البريطاني يحكم مصر، حكمًا مباشرًا، بل من خلال الملك، وأحزاب كبار الملاك، ورجال الأعمال. وفي العام 1935، تحرك الشعب، لإرجاع دستور 1923، والإطاحة بدستور إسماعيل صدقي. واندلعت المظاهرات، في أنحاء القرى، وبعض المدن، احتجاجًا، فحصدها البوليس بالرصاص. أُعلن الحداد العام، يوم 28 تشرين الثاني/ نوفمبر، واتخذت المظاهرات من "الاستقلال والحرية والدستور" شعارًا لها. وبجهود الطلبة، استُحدثت الجبهة الوطنية، بين الوفد، والأحرار الدستوريين، وحزبيْ الشعب، والاتحاد، والوطني، وبعض الشخصيات المستقلة. وهي الجبهة التي عقدت معاهدة 1936 مع بريطانيا، وبموجبها تُنجد بريطانيا مصر، في حالة الحرب، بينما تقدم مصر لبريطانيا كل التسهيلات، والمساعدات، في حال دخول الأخيرة أي حرب، على أن تبقى قواتها في القنال، ولثماني سنوات في القاهرة، والأسكندرية. ومدة المعاهدة عشرين عامًا.

بمجرد عقد المعاهدة، أُقيلت وزارة الوفد (30/12/1937)، بعد أن استنفدت الغرض منها. وقد أفاد بعض كبار الماليين، وكبار الملاك، من إلغاء الامتيازات الأجنبية؛ فزاد توظيف أموالهم في الصناعة، ووجد كبار رجال المال من صالحهم مهادنة الاستعمار، والسراي. ومن ثم، وقع انقسام جديد في الوفد، وتكون "حزب السعديين"، برئاسة أحمد ماهر، وحين قُتل (1944)، خلفه محمود فهمي النقراشي، الذي اغتيل (كانون الأول/ ديسمبر 1948)، فخلفه إبراهيم عبد الهادي، وعلى أيدي هؤلاء الثلاثة، عاشت مصر أحلك أيامها سوادًا، وعن طريقهم، ومعهم "الأحرار الدستوريين"، اشتدت قبضة الاستعمار، والسراي على الحكم.

حين اتسعت دائرة من رأوا في النازي منقذًا لمصر من الاستعمار البريطاني، حاصرت دبابات الأخيرين سراي عابدين، وأرغمت فاروق على تكليف مصطفى النحاس باشا، زعيم الوفد، بتشكيل وزارة جديدة (حادث 4 شباط/ فبراير 1942)، حين كان الوفد، والأحرار الدستوريين، يرون في النازي خطرًا يزيد عن الخطر البريطاني.


التعليقات (1)
مصري
الثلاثاء، 29-03-2022 11:54 ص
يبدوا أن ان كل الماضي شئ و الحاضر و المستقبل شئ مختلف لان لم يرد علينا خائن وافق على سد يقتل المصريين جوعا و عطشا و لا كانت كل مؤسسات الدولة ضد الشعب فقديما كان المحتل يحتل مصر بجيوشها اما الهيمنة الأمريكية احتلت مصر بالجيش المصري و المؤسسات المصرية فإذا انت اعترضت اول تهمة تحاكم عليها انت خائن و من يحاكمك هو الخائن مثلا وجدنا الجيش المصري يخطف الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي رحمة الله عليه و يقتله