قضايا وآراء

كم بدا لنا العالم هشا.. كم بدا لنا العالم لاأخلاقيا

محمد عبد العزيز
1300x600
1300x600

أيا كانت بؤرة نشوء وتفشي وباء كورونا كوفيد 19، وأيا كانت أسباب نشوئه وتفشيه حول العالم: مؤامرة بيولوجية أو تحولات بيولوجية، فإن الأهم من كل هذا وذاك هو أن وباء كورونا أدى إلى انكشاف اتجاهات أولويات الإنفاق العالمي الذي تقوده القوى العظمى والدول الغنية، وكان سباق التسلح والتدخلات في مناطق مختلفة من العالم هو العلامة الفارقة للأولويات الدولية والإقليمية، وكانت القوى العظمى تنتقل من سباق تسلح وتدمير إلى آخر بلا هوادة، ودون أدنى إدراك للعواقب الوخيمة التي يمكن أن تحل بالعالم بما في ذلك القوى التي تقود هذا السباق المحموم والمجنون من الردع الاستراتيجي الذي يقوم على التهديد النووي، إلى الصواريخ العابرة للقارات وأسلحة الدمار الشامل، وإلى حرب النجوم والحروب السيبرانية وإلى غير ذلك سلسلة الموت والدمار، ومن السياسات الأمنية الخطرة على العالم اجمع. 

لقد أدى انتشار وتفشي وباء كورونا حول العالم في ذات الوقت إلى انكشاف البعد الأخلاقي الذي كان يقتضي أن يؤكد دائما على كرامة الإنسان وحقوقه الأساسية في الصحة والتعليم والعمل وتكافؤ الفرص والرفاهية والشراكة في صنع القرار الدولي، وبدت أولوية الصراعات والحروب وسباق التسلح أهم بكثير من النطام الصحي والتنمية في الدول الكبرى والغنية والنامية على حد سواء وأدت إلى الانهيار الأخلاقي بصورة مبكرة تجاه الأزمة، وتجلى واضحا طريقة إدراك وإدارة العالم لهذا الوباء ما بين العجز ونظرية القطيع.

 

لقد أدى انتشار وتفشي وباء كورونا حول العالم في ذات الوقت إلى انكشاف البعد الأخلاقي الذي كان يقتضي أن أن يؤكد دائما على كرامة الإنسان وحقوقه الأساسية في الصحة والتعليم والعمل وتكافؤ الفرص والرفاهية والشراكة في صنع القرار الدولي،

 



صحيح أن ثمة تفاوت في إدارة الأزمة بين الدول، ولكن الصحيح أيضا أن الاستجابة الكلية لها كان مخيبا للآمال، وبدلا من التضامن في مواجهة الوباء من خلال جهد دولي مشترك قامت كثير من الدول وخاصة الكبرى والغنية بممارسة نوع من الأنانية والانكفاء على الذات، والتفكير في الإحجام عن دعم هذا الجهد العالمي، وبدت فداحة الخطب، وفظاعة تفكير مركز القوة الرأسمالية في إدارة الأزمة العالمية صحيا وماليا واقتصاديا واجتماعيا، وظهرت بصورة فاجعة وحشية النظام الرأسمالي، وخاصة التيار الذي يؤمن برأسمالية الكوارث الذي تقودها الشركات والمؤسسات المالية العابرة للحدود، وهي المراكز المؤثرة في قيادة وتوجيه السياسات المالية والاقتصادية في العالم.

إن انهيار النظام الصحي في كثير من الدول وخاصة العظمي والغنية يؤكد مرة أخرى وبصورة فاضحة على هشاشة البعد الأخلاقي في النظام الدولي، وأن ما كان يتشدق به كثير من الزعماء تبين أنه محض افتراء، وأن الخطاب السياسي المعلن لم يكن أكثر من قناع يثير السخرية المؤلمة.

في العام 2008 تلاعبت البنوك الأمريكية وبعض شركات التأمين في أموال الشعب الأمريكي، وأثار ذلك مشكلة الرهن العقاري التي تداعيت وتطورت كأزمة مالية تفاعلت في كافة الارجاء، وفي هذه اللحظات المثيرة دخلت الإدارة الأمريكية وضخت مليارات الدولارات في أكبر عملية إنقاذ مالي، واستخدمت الإدارة الأمريكية نفوذها لابتزاز حلفائها في أوروبا وفي شرق آسيا وفي الخليج العربي لتغطية الفضيحة المالية لصالح البنوك والشركات المالية الأمريكية، وعندما تفشى وباء كورونا لم تكن الاستجابة العملية ولا الاخلاقية من جهة الولايات المتحدة الأمريكية تعبر عن مفهوم التضامن مع الدول والشعوب كما تضامنت مع البنوك وشركات التأمين في العام 2008، بل حاولت الإدارة الأمريكية اختراق شركات البحوث الدوائية في ألمانيا للاستحواذ على عقار طبي ضد الوباء لصالح أمريكا وحدها.

لقد كانت تداعيات وباء كورونا أكثر من كارثة صحية اختبرت نظام الصحة العالمي وكشفت حجم الهشاشة فيه، لقد تجاوزت الجانب الصحي إلى جوانب مالية واقتصادية واجتماعية والأخطر من ذلك الجوانب الاخلاقية التي تتشدق بها القوى العظمي والدول الغنية، وظهر حجم اختلال التوازن والأولويات والفساد المستشري في عصب النظام المالي والأخلاقي الدولي.

وأما في الدول النامية فقد وجدت بعض الدول في الوباء ذريعة للتغطية على السياسات الصحية والمالية والاقتصادية المريبة، واطهرت مدى تجاهل وإهمال المنظومات الصحية والاقتصادية والاجتماعية، وضعف استجابتها لهذه التحديات والتداعيات الصادمة.

التعليقات (0)