الكتاب: الاحتلال الأمريكي للعراق 2003-2011م
الكاتب: محمود رفيق الشيخ أحمد
دار النشر: دار النهضة العصرية للنشر والتوزيع، عام 2021م، القاهرة.
لم يعرف العراق الراحة والسكينة، منذ إعلان استقلاله عام 1932م، ولم يذق الشعب العراقي طعم السعادة والسرور في بلد يعد من أغنى الدول العربية اقتصادا وازدهارا، حروب عديدة عاشتها أجيال عراقية، لم تر سوى الحرب، والقتل، والحصار، والتجويع الذي طال الجميع.
التاسع من نيسان (إبريل) 2003م، تاريخ لن ينساه الشعب العراقي، وله كتب السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي، والأديب، والشاعر، ذلك العام الذي أحدث تحولا جوهريا لازالت آثاره ماثلة للعيان حتى يومنا هذا على عراق الرافدين، والمنطقة العربية بعمومها، حين أقدمت الولايات المتحدة الأمريكية، على احتلال العراق وأسفر ذلك عن تدمير كلي للبنية التحتية العراقية، ونشرت الفوضى، وأزهقت فيها الأرواح البريئة، وأسهمت في نشر الصراع الطائفي السني الشيعي، وشكلت الحرب ضربة قوية لهيئة الأمم المتحدة، حين اتخذ إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن قرار شن الحرب دون الرجوع إليها.
حول الاحتلال الأمريكي للعراق، وضع الكاتب الشيخ أحمد كتابه، الذي يقع في 293 صفحة، ناقش فيه أوضاع العراق قبل الغزو الأمريكي للعراق، ومقدمات الغزو، وأسبابه ونتائجه، فجاءت الدراسة في أربعة فصول وتمهيد، أبرزت أبعاد الحرب الأمريكية على العراق خلال فترة وجود الاحتلال الأمريكي التي قاربت ثمانية أعوام، عانى منها الشعب العراقي ويلات الحصار والجوع، وفقدان الأمن والأمان.
تكمن أهمية هذه الدراسة بأنها دراسة وثائقية شاملة، سواء من الناحية السياسية والعسكرية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، أبرزت أبعاد الحرب الأمريكية على العراق خلال فترة وجود الاحتلال، ثم إنها غطت مرحلة صعبة ومهمة في تاريخ العراق الحديث والمعاصر، كان لها تداعياتها على المنطقة العربية برمتها، حتى مع انسحاب القوات الأمريكية من العراق عام 2011م، كذلك يعرض الكاتب إلى أي مدى كان للاحتلال أمريكي والقوى الحلفاء دور في استفحال الصراع الطائفي السني والشيعي، وما آلت إليه أوضاع العراق جراء ذلك، وتظهر الحرب أهمية فضح الدور الأممي الذي ما فتئت أن تكون فيه المنظمة الدولية ألعوبة في يد الولايات المتحدة وحلفائها، لتحقيق مآربهم في المنطقة العربية، ويثبت ضعف المؤسسة الدولية، وعدم قدرتها على تحقيق أي من أهدافها التي أنشئت لأجلها، حينما يتعلق الأمر بقضية عربية.
تاريخ العلاقات العراقية ـ الأمريكية
تمحور تمهيد الدراسة حول تطور العلاقات الأمريكية العراقية قبيل الاحتلال، التي سبقها الحرب العراقية الإيرانية عام 1979-1988م، والاجتياح العراقي للكويت، وحرب الخليج الثانية عام 1990-2001م، وتناول أسباب الاجتياح العراقي للكويت، ثم عرض السياسة الخارجية الأمريكية تجاه العراق بعد أحداث 11 سبتمبر عام 2001م.
تأزمت العلاقات السياسية بين العراق وإيران، وتبادل الطرفان سحب السفراء عام 1980م، واتهمت العراق جارتها إيران، بقصف البلدات الحدودية العراقية، وتلا ذلك قيام صدام حسين بإلغاء اتفاقية الجزائر لعام 1975م مع إيران، واعتباره مياه شط العرب كاملة جزءا من المياه الإقليمية العراقية، وركز الكاتب هنا على الموقف الأمريكي الذي بدا غريبا قولا لا فعلا، بإعلان حيادها من النزاع، هذا الحياد المزعوم، الذي أرادات منه الولايات المتحدة إطالة أمد الحرب لتدمير البلدين، ولاستنزاف قوتيهما، وانهماكها.
وعن انعكاس الحرب على ظروف العراق يقول الكاتب: "كانت ظروف الحرب صعبة، وكانت حاجته للدعم الأمريكي ملحة؛ لهذا لطَّف العراق مواقفه، وأعلن صدام حسين قبوله بخيار الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية، وهو موقف امتدحته واشنطن" (ص12)، استغلت الولايات المتحدة الحرب وفق استراتيجية وسياسة موازين القوى بين الطرفين، حيث اعتبرت الحرب فرصة لإضعاف الطرفين، ففي الوقت الذي كانت تزود العراق بالأسلحة الحديثة، لم تتردد في تزويد إيران سرّا بالأسلحة.
ومن ثم انتقل الكاتب إلى الأزمة العراقية الكويتية، وفيها أوضح كيف اتخذت العلاقات الأمريكية العراقية مسار العداء التام، حيث تمثلت تلك السياسة حسب الكاتب بإدارة الولايات المتحدة الأزمة؛ بهدف الوصول إلى الحرب، تنتهي إلى تدمير القدرات العسكرية للجيش العراقي، يعقب الكاتب على ذلك بالقول؛ "إن ما حدث ساعد على هيمنة الولايات المتحدة على الخليج العربي، فلم تشن حرب الخليج الثانية لاستعادة السيادة الكويتية كما يدعي الرئيس بوش الأب، وإنما لتأسيس سلطة أمريكية على المنطقة ونفطها" ( ص32).
أسباب الاحتلال الأمريكي للعراق
عن أسباب الاحتلال الأمريكي للعراق، جاء الفصل الأول، بادئا إياه بالأوضاع السياسية والاقتصادية التي عاشها العراق قبيل الغزو الأمريكي، ودوافع الغزو ومبرراته، وصنفها الكاتب بالأسباب غير المباشرة للاحتلال الأمريكي، بين الأسباب السياسية، والاقتصادية، والعسكرية ومرورا بالأسباب العسكرية والدينية، أما الأسباب المباشرة للحرب، فتراوحت ما بين الادعاء بوجود أسلحة الدمار الشامل بالعراق، والتذرع بالحرب على الإرهاب، والحرب الوقائية الاستباقية، ومن المثير للسخرية أيضا لمبررات الاحتلال الأمريكي، الادعاء بنشر الأفكار الديمقراطية الشرق الأوسطية بالمقاييس الأمريكية.
بدأ الباحث الفصل بالقول: "تعد أزمة الخليج الثالثة من أغرب الأزمات السياسية التي هزت العالم، استنفرت مؤسساته السياسية الدبلوماسية والعسكرية، ففيها من المواقف والمفارقات الغربية التي شاهدها، وقرأها الملايين في العالم دون فهم حقيقي لأحداثها الحقيقية"، مؤكدا أن ما دوّن لا يفي لكي يعلم العالم حقيقة ما جرى في العراق، ولذلك جاء كتابه ليوضح تفاصيل دقيقة لهذه الحرب، حسب وصفه (ص45).
قدم المؤلف الأسباب الاقتصادية في تنصيفه لأسباب الحرب غير المباشرة على الأسباب السياسية ومساعي الهيمنة الأمريكية، وبالطبع جاء النفط في طليعة العوامل الاقتصادية التي تقف وراء استهداف العراق واحتلاله؛ لأن النفط عامل رئيس من عوامل الهيمنة العالمية على النظام الدولي، والعراق يحتل موقعا استراتيجيا في قلب العالم" (ص49).
ركزت الدراسة على أحداث أيلول / سبتمبر عام 2011م، التي وجدت فيها الولايات المتحدة غايتها للانقضاض على العراق، فأشار: "كانت أحداث الحادي عشر من سبتمبر، فرصة ذهبية لتيار المحافظين الجدد، لتجسيد مفاهيمه وأفكاره عمليا إزاء العرب والمسلمين داخل الولايات المتحدة الأمريكية أو خارجها، وإيجاد علاقة بين العراق وهجمات 11 سبتمبر، واتخاذها ذريعة لغزو العراق" (ص73).
إن إعلان الحرب على العراق جاء في إطار الحرب الوقائية الاستباقية، التي تختلف كليا عن الحرب أو الضربة الوقائية، فقد فرق الكاتب بينهم قائلا: "تختلف الضربة الوقائية عن الضربة الاستباقية، في أن الأخيرة هي أكثر قبولا من وجهة نظر القانون الدولي، عندما يكون هناك تهديد وشيك مؤكد، أما الضربة الوقائية، فهي لا تنطوي على ذات القدر من التأكد، أي استخدام القوة العسكرية ضد تهديد متخيل أو ملفق"؛ ولذلك انتقلت الولايات المتحدة الأمريكية من استراتيجية الردع والاحتواء، إلى استراتيجية العمل الوقائي، باعتبارها مفهوما مركزيا في الفكر العسكري الأمريكي (ص74).
إلا أن تلك الحرب التي أعلنها بوش البن، تعد عملا غير شرعي، خاصة لأنها وقعت دون تفويض من مجلس الأمن الدولي، فالمبررات التي ساقتها الولايات المتحدة للغزو واهية، وتخفي داخل ثناياها خلفيات وأهدافا أخرى، جزء كبير منها كان في صالح ربيبتها إسرائيل.
مجريات الاحتلال الأمريكي للعراق
اختص الفصل الثاني بمجريات الاحتلال الأمريكي للعراق، ورصد فيه الكاتب مقدمات العدوان، لجنة التفتيش الدولية، الحرب الإعلامية والنفسية التي كان لها دور كبير في الانهيار السريع للمنظومة العسكرية العراقية، والهجوم على العراق، وطبيعة العمليات العسكرية التي نفذتها القوات الأمريكية من معركة أم القصر، إلى السقوط المدوي لبغداد قلب العروبة.
تجلى الاحتلال الأمريكي بلجنة التفتيش الدولية، التي جاءت للعراق "للبحث عما سمي بأسلحة الدمار الشامل، فعدا عن كونها تعج بالجواسيس كما ذكر عضو اللجنة سكوت رنيتر، فهدفها كان واضحا، هو تجاوز كل حدود التفتيش، والمس بكرامة وسيادة العراق، ووضع شروط ومطالب تعجيزية، لكي تدفع بالقيادة العراقية إلى طرد هذه اللجان، أو منعها من التفتيش الاستفزازي"؛ أي القول أمام العالم إنها لم تتعاون، والأمر يتطلب التدخل الدولي السريع" (ص88).
إسرائيل "كانت تعمل منذ البداية على تفكيك النظام العراقي؛ كونه كان يمثل لها هاجسا أمنيا وعسكريا، فقد عملت إسرائيل على خلق الذرائع والحجج للقضاء على صدام حسين، لكنها لم تستطع، حتى وجدت الفرصة مواتية لها في القرار الأمريكي بشن حرب ضد النظام العراقي بحجج مختلفة، وعملت إسرائيل جنبا إلى جنب مع قوات التحالف لإسقاط النظام العراقي".
الهجوم على العراق تم حسب الخطة الأمريكية "في إطار استراتيجية هجومية، حملت اسم الهيمنة السريعة، وتحقيق نصر عسكري حاسم ضمن نظرية "الصدمة والرعب"، تعددت الضربات الجوية، والصاروخية، والمدفعية في وقت متزامن، مع هجمات برية قوية من اتجاهات متعددة، مع تخصيص دور رئيس ومؤثر للقوات الخاصة" (ص118). ورأى الكاتب أن الهجوم سبقه تكثيف من الولايات المتحدة لوجودها بقدرات عسكرية مهولة، في مناطق متعددة من الشرق الأوسط، سهل لها الولوج إلى الأراضي العراقية بسهولة ويسر، حيث القواعد العسكرية في الكويت والسعودية والبحرين.
أما عن سرعة احتلال العراق، لخصها الكاتب في عدة إشكاليات، أهمها "الحرب النفسية التي سبقت الحرب، فكان لها أثرها في الإسراع لإنجاز المهمة، بحيث هيأت أذهان وعقول العراقيين على أن الاحتلال الأمريكي، سيكون في غضون ساعات داخل المدن العراقية، لن يستطع أحد إيقافه، إلى جانب السرعة الخاطفة التي اعتمدت عليها قوات التحالف في توجيه الضربات، التي كانت بمنزلة صدمة في عقول العراقيين، استطاعت من خلالها قوات التحالف كسب غالبية الجولات العسكرية" (ص117).
المواقف الدولية من احتلال العراق
طرح الشيخ أحمد ضمن دراسته مختلف المواقف من الحرب في الفصل الثالث، الذي حمل عنوان المواقف الاقليمية والدولية والعربية من الاحتلال، ولكنه كان الأجدى به أن يطرحها من المواقف العربية أولا، ثم الإقليمية، فالدولية، أو العكس. وتناول في المواقف الإقليمية، الموقف التركي والإيراني، والدور الإسرائيلي، وجيدا فعل حين أراد الحديث عن الموقف الإسرائيلي، بالإشارة له بالدور لا الموقف، فقد تناغمت المصالح الأمريكية مع المصالح الإسرائيلية في العراق، وحدث تعاون كبير بين الجانبين عند التحضير للغزو، وأدت إسرائيل دورا مهما في التخطيط لاحتلال العراق لإخراجه من معادلة الصراع العربي- الإسرائيلي، تمهيدا لتفتيته، وحصار إيران من الشرق والغرب، على الرغم من المساعدات التي قدمتها إيران للحملة الأمريكية (ص137)، فكانت إسرائيل بذلك من أكثر المستفيدين من العدوان على الشعب العراقي.
ثم إن إسرائيل "كانت تعمل منذ البداية على تفكيك النظام العراقي؛ كونه كان يمثل لها هاجسا أمنيا وعسكريا، فقد عملت إسرائيل على خلق الذرائع والحجج للقضاء على صدام حسين، لكنها لم تستطع، حتى وجدت الفرصة مواتية لها في القرار الأمريكي بشن حرب ضد النظام العراقي بحجج مختلفة، وعملت إسرائيل جنبا إلى جنب مع قوات التحالف لإسقاط النظام العراقي"، كما أن إسرائيل أرادت مشاركة دول الحلفاء تقسيم عائدات العراق النفطية، والنيل من النظام العراقي؛ لأنه الوحيد الذي تجرأ على توجيه صواريخ بعيدة المدى نحو إسرائيل في حرب الخليج الأولى عام 1991م، ولأن النظام العراقي يمد الفلسطينيين بالأموال والسلاح (ص140).
حول تباين الموقف الإيراني، استطرد بالقول: "كان موقفا غامضا لدرجة التداخل في التصريحات بين المسؤولين الإيرانيين أنفسهم.. فهناك من سعى للحفاظ على وحدة العراق من التداخلات الأجنبية، ومن أراد تفكيك النظام العراقي، حتى لو تحالفت إيران مع الولايات المتحدة". ويفسر الكاتب ذلك، بأن إيران كانت تخشى من مستقبل العراق على النظام الإيراني، أو أنه فضل بقاء النظام العراقي محاصرا ضعيفا، لا يقوى على تهديد جيرانه من أن تجد على حدودها عدوا له قوته العسكرية والتقنية، فالعراق يمثل عمقا استراتيجيا لإيران من وجهة النظر السياسية الإيرانية، فهو خط الدفاع الأول لإيران، ضد أي محاولة لاجتياحها، أو احتوائها (ص129).
كان الموقف العربي حائرا بين القبول والرفض داخل أروقة الجامعة العربية: "الجامعة العربية كانت ولا زالت تمارس دورا وظيفيا، يتمثل في قرارات وتوصيات لا يرى لها أثر على أرض الواقع، فلم تقم بدور محوري في هذه الحرب، بل كانت المشاكل والخلافات الداخلية تطغى على القمم العربية المتعاقبة" (ص145).
اكتملت الدراسة في الفصل الرابع، الذي أجمل فيه الكاتب نتائج وآثار الاحتلال الأمريكي للعراق، التي تراوحت ما بين نتائج السياسية والعسكرية، وأفرد تفصيلا دقيقا لتداعيات الاحتلال على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، فقد ترك احتلال العراق عام 2003م، آثارا بالغة الخطورة على المجتمع العراقي، فتحت المجال للترويج لمفهوم الانقسام السني والشيعي، وتفشت الطائفية، التي باتت تمثل خطرا يهدد مستقبل الوطن العربي كافة، والعراق بشكل خاص، في الوقت الذي تنفذ فيه الولايات المتحدة فكرة الشرق الأوسط الكبير أو الموسع، وفق المفهوم الإسرائيلي.
احتلال العراق أرادات الولايات المتحدة منه إعادة بلورة الشرق الأوسط من جديد وفقا للمعايير التي تصب في خدمة ومصالحها ونفوذها السياسي والعسكري والاقتصادي والأمني، وحماية ربيبتها إسرائيل وإبقائها القوة المتنفذة في المنطقة العربية.
شكلت الأزمة السياسة العراقية نقطة تحول في تاريخ العراق المعاصر والمستقبلي، التي كان لها تداعياتها على العراق وإقليميه المحيط، إذا أصبحت سيادة العراق بعد الحرب مرتهنة ومصادرة، على الرغم من الطابع التحليلي للكاتب طول دراسته؛ إلا أنه عند حديثه عن تداعيات الحرب على المستوى السياسي والعسكري والأمني، تركها دون أي تعقيب (ص177 ـ222)، ولكنه أوضح أن النتائج العسكرية والأمنية ليس على العراق فحسب، وإنما تناول انعكاسها على الولايات المتحدة الأمريكية، وبعيدا عن الفراغ الأمني والعسكري الذي شهدته العراق، وانتشار الفساد في وزارة الدفاع العراقية، يقول الكاتب: "شكل الغزو الأمريكي للعراق فرصة ثمينة بالنسبة للمؤسسات العسكرية الأمريكية لتطبيق النظريات القتالية الحديثة، التي عملت الولايات المتحدة خلال سنوات على تطويرها، واختصار الجهد والوقت؛ لأن الأسلحة الذكية التي توجه نحو هدف العدو، توفر طاقة تدميرية تساوي عشر أضعاف ما يمكن للأسلحة التقليدية تحقيقه".
قامت الخطط الأمريكية على تحويل العراق بعد احتلاله إلى قاعدة اقليمية محورية؛ للوجود العسكري الأمريكي في المنطق، حقق لها أهدافا متنوعة، أبرزها محاصرة سوريا وإيران، إلى جانب أن التزاوج بين الوجود الأمريكي في أفغانستان والعراق، سيجعل إيران بين فكي كماشة (ص215).
حول النتائج الاقتصادية يقول الكاتب: "ما تم تدميره في العراق لم يكن بسبب عسكري استراتيجي بل بهدف اقتصادي بحت، وهو إعادة إعماره، كي تتسابق كبرى الشركات الأمريكية للحصول على عقود إعادة المرافق المهمة في العراق وإدارتها"( ص227).
يخرج الكاتب الشيخ أحمد في نهاية دراسته إلى عدة نتائج، رصدها في ارتكاب القوات الأمريكية أبشع الجرائم في عراق الرافدين، والعبث بقرارات الأمم المتحدة للإفلات من العقاب، حتى مع ارتكاب القوات الأمريكية جرائم حرب تعاقب عليها الجنائية الدولية، التي لم تلتفت لها الولايات المتحدة؛ فاحتلال العراق أرادات منه إعادة بلورة الشرق الأوسط من جديد، وفقا للمعايير التي تصب في خدمة مصالحها ونفوذها السياسي والعسكري والاقتصادي والأمني، وحماية ربيبتها إسرائيل وإبقائها القوة المتنفذة في المنطقة العربية.
ضمن توصياته، طالب بإعادة تقييم الدور الأممي في قضايا الشرق الأوسط، وأخذ العبرة مما حدث في حقبة الاحتلال، ودراسة الآثار التي تركها احتلال العراق على القضية الفلسطينية، وخاصة بعد تبدل القوى الإقليمية (ًص239 ـ 240).
سقط سهوا من الكاتب وضع الملاحق التي أشار إليها في متن الدراسة، نذكر منها "يفصل ملحق رقم (***) أسماء أعضاء مجلس الحكومة الانتقالي، وانتماءاتهم الدينية، والمذهبية، والعرقية والسياسية" (ص182).
وفي الأخير، تمثل هذه الدراسة أهمية كبيرة في فهم وتحليل طبيعة الحرب، وغطى بذلك الكاتب نقصا في المكتبة العربية، حيث ضمت دراسته الحروب كافة التي تعرض لها العراق، وذلك يحمد للكاتب إقدامه على وضع هذا الكتاب بما تضمنه من محتويات.
باحثان يقدمان قراءة في مستقبل الفلسطينيين الديمغرافي
مركزية القدس في فلسطين والمنطقة.. وجهة نظر في كتاب
مركز "الزيتونة" يصدر كتاب "أوهام في العمل الفلسطيني"