كتب

كتاب في الرد على منكري السنة النبوية وعلوم الحديث

أكثر الذين يشككون في السنة وثبوتها ينطلقون في تشكيكهم من اعتمادها على التناقل الشفهي باعتباره لا يفيد سوى الظن..
أكثر الذين يشككون في السنة وثبوتها ينطلقون في تشكيكهم من اعتمادها على التناقل الشفهي باعتباره لا يفيد سوى الظن..
الكتاب: "قصة علم الحديث، التاريخ والفلسفة وتوطين المنهجية"
المؤلف: محمد وفيق زين العابدين
الناشر: أركان للدراسات والأبحاث والنشر، الكويت، 2022م
عدد الصفحات: 192


مثل ظهور الإسلام نقطة فاصلة في تاريخ العلوم عند العرب، فاصلة بين حقبتين قبل مجيء الإسلام وبعده، ولم يكن ذلك متعلقا بالمنتج العلمي في الأساس، إذ المنتج العلمي كان تبعاً للاختلاف في المنهجية الحاكمة للنظام المعرفي، أي جملة الإجراءات والمبادئ والمفاهيم التي أعطت للعقل العربي بنيته الخاصة في الكتابة، والبحث، والتعليم، والتعلم، وتكونت تلك المنهجية من خلال الممارسات العلمية في التعامل مع مصادر التشريع أولاً، ومصادر الفكر ثانياً، فأما مصادر التشريع فهي القرآن الكريم والسنة النبوية، ومصادر الفكر من خلال أصول الدين وأصول الفقه.

ترسخت عبر القرآن الكريم فكرة القيمة لدى المسلمين، التي مثلت أخص ما في المنهجية الإسلامية، ورغم تنوع القيم في القرآن بحسب العلاقة التي يتفاعل من خلالها الفرد، تارة مع ربه، وتارة بغيره، وتارة بالمادة والعلم، إلا أنه يمكن ردها كلها إلى قيم رئيسية مركزية واحدة هي التوحيد، وكل ما عداها بعد ذلك إنما هو فرع عنها، كاستخلاف، والصلاح، والاستقامة، والأمانة والنضال والعمران والحرية وغيرها من القيم، التي لا تنفك عن سلوك الفرد في أي مرحلة من حياته، بما فيها سلوكه في البحث العلمي والمعرفة. ص8.

وعن أهمية السنة النبوية يقول الكاتب:" لأنها كانت بمنزلة الموضح، والشارح، والمرشد لتعاليم، والمبادئ الدعوة الإسلامية الأساسية المتمثلة في القران الكريم، ولولاها لما ثبتت هذه التعاليم والمبادئ في النفوس والقلوب ولاستشكلت على العقول والأفهام، فالسنة كما قال ابن تيمية لا تخالف كتاب الله، بل توافقه، وتصدقه، وتفسره، وتبيه لمن قصر عقله عن فهم القرآن، فإن القرآن فيه دلالات خفية تخفي على كثير من الناس، وفيه مواضع ذكرت مجملة، تفسرها السنة وتبينها، "لطالما حازت السنة المنزلة العظمى في الدين، ومراتب الفخار في نفوس المسلمين، فهي في التشريع صاحبة المرتبة الثانية بعد القرآن الكريم، فإن للسنة منزلة عظمى في الدين، إذ هي في التشريع تلي الكتاب الكريم، بل يعبد المسلمون ربهم،  ومنها يستقون تعاليم دينهم، إليهم يتحاكمون، وبدونها لا يدركون دقائق القرآن ولا يفهمون" ص36.

إن التعهد الإلهي حفظ السنة ولم يكن ذلك من صنع البشر، قال الله تعالى: "أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا"، ويعني بذلك جل ثناؤه يقول إن اختلفتم أيها المؤمنون في شيء من أمر دينكم فردوه إلى كتاب الله وسنة رسوله صل الله عليه وسلم .ص47.

أهمية علم الحديث، تكمن في تشكل دوره في توطين المنهجية العلمية وتفعيلها بصورة علمية خاصة مميزة في الحضارة الإسلامية، وليس المقصود بالسنة أحاديث ومرويات، إنما المقصود فنيات مصطلح الحديث أي ما تعلق بالإجراءات العلمية المتبعة في الرواية، والترجيح بينها ونقدها.
اختص الله تعالى هذه الأمة بأئمة بذلوا جهودا منهكة ومضينه لحفظ شريعته، لم تبذل مثلها ولا نصفها ولا قريباً من ذلك لدى سائر الأمم، ولم يكن اعتناؤهم بمصدرها الأول القرآن الكريم فحسب، بل عنايتهم بمصدرها الثاني السنة النبوية لم تكن أقل، إذ كانت أشد عرضة للضياع والتحريف، ولم تقتصر جهودهم على نقلها وتدوينها وشرحها فقط، بل بتنقيحها من كل ضعيف ومدخول، والذود عن حياضها قبل تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، فحفظت على مر العصور من يد الدثور، وصينت بعناية الله من أرباب الفجور. ص62.

أما أهمية علم الحديث، فتكمن في تشكل دوره في توطين المنهجية العلمية وتفعيلها بصورة علمية خاصة مميزة في الحضارة الإسلامية، وليس المقصود بالسنة أحاديث ومرويات، إنما المقصود فنيات مصطلح الحديث أي ما تعلق بالإجراءات العلمية المتبعة في الرواية، والترجيح بينها ونقدها.

أكثر الذين يشككون في السنة وثبوتها ينطلقون في تشكيكهم من اعتمادها على التناقل الشفهي باعتباره لا يفيد سوى الظن، حيث لم يسجل أي شيء من الحديث إلا بعد مرور وقت يسمح بتسلل العديد من الأقوال العبثية أو الفاسدة؛ كما زعم محمد توفيق صدقي، ومحمد أركون وغيرهم، وكان الأجدر بهم أن يتفكروا قليلاً في كيف توارث المسلمين العبادات جيلاً بعد جيل في ظل هذا التناقل الشفاهي الذي استنكروه؟! بفرض أن نقل السنة لم يكن إلا عبر هذا التناقل الشفاهي والفرض ليس بصحيح. ص67.

إن التهوين من فكرة الشفاهة والقطع بعدم كفايتها، أمر يعتريه عدم الدقة العلمية أيضاً! فالتناقل الشفهي في الأزمان القديمة لم يكن مجرد وسيلة ثانوية في نقل العلم أو الأخبار، بل كان وسيلة أساسية جمعت في مكوناتها ضوابط، ومهارات وإمكانيات، ربما تفوق ضوابط وقواعد الكتابة والتدوين في الأزمنة الحاضرة، ولذلك لم يعتمد عليه نقل السنة وحدها، بل اعتمد عليه في نقل العلم والأدب بصفة عامة، فقد حفظت أشعار العرب، ونقلت بالكامل عن طريق التناقل الشفهي، وبلغت الشيء العظيم طولاً وقدراً وجزالة وتعقيداً لغوياً، ومع ذلك لم تقبل أي دعاوي في التشكيك في ثبوتها والتشكيك في مصدريتها، والقرآن نفسه إنما اعتمد ابتداءً على التناقل الشفهي ثم صار إلى التدوين وتوحيد كتابته لاحقاً. ص67.

ملكة الحفظ

إن أمم الأرض لم تعرف قدرات في الحفظ كالتي تمتع بها المسلمون ومازالوا، وهذا مشاهد في الواقع لا يحتاج لبيان، فكل يوم نرى ونسمع عن أطفال لم يتجاوزوا السادسة من العمر، يحفظون القرآن، وآخرين لم يتجاوزوا العاشرة يحفظون كتب الحديث الستة، والمتون الفقهية واللغوية، وقد ورث المسلمون هذه الطاقات الذهنية الفائقة عن أسلافهم، فإذا نظرنا إلى القرن الأول نجد عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول: " والله الذي لا إله غيره ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا أنا أعلم أين أنزلت، ولا أنزلت أية من كتاب الله إلا أنا أعلم فيم أنزلت، ولو ألم أحد أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبته إليه" ص69.

كان رواة الحديث لا يقتصرون على حفظ الأحاديث مجردة فحسب، بل يحفظون متونها بأسانيدها، لا يختلط متناً بمتن أو إسناداً بإسناد، ولا يدخل إسناداً في متن أو متناً في إسناد، وكانوا يقولون: ينبغي لنا أن نحفظ حديث رسول الله صل الله وعليه وسلم كما يحفظ القرآن لأن الله تعالى يقول : "وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ"، وأدرج العابدين عدة عوامل أسهمت في ازدهار ملكة الحفظ ونموها عند أئمة المسلمين:

1 ـ ارتباط قيمة الحفظ بمكانة الدين، ويقصد به أهمية السنة، ومنزلتها في الشرع، حيث دفعت الرغبة في نشر الدين، والتعليم ونشر الدعوة إلى جعل الحفظ قيمة كبرى من القيم العلمية والدينية، وتقديمها على ما سواها من القيم العلمية الإجرائية. ص75

2 ـ علو إسناد الرواة والاستذكار، ويقصد به محدودية حلقات الأسانيد مما سهل عملية الحفظ والاستذكار في بدايتها، حيث كان ذلك في الطور الأول من أطوار حفظ السنة.

3 ـ صيرورة الحفظ ميداناً للمنافسة العلمية، فمع اشتهار أمر الحفظ والتعويل عليه كجزء أساسي في بنية علوم الشريعة، وفي القلب منها علوم الحديث، وفي مقدمتها علم الجرح والتعديل؛ أثر ذلك بشدة على الجانب النفسي للرواة والمحدثين فضلاً عن العلمي، فصار الحفظ مضماراً للسباق والتباري والتفاضل، واشتهرت ملكة الحفظ، وبحث عن تنميتها وتطويرها بالأطعمة والأشربة الصحية التي تقويها.

4 ـ ظهور الفرق وتمييز أي دخيل: فقد حاولت كل فرقة استمداد مشروعيتها من أقوال تنسب إلى النبي صل الله وعليه، فضلاً عن التأويلات المختلفة لنصوص القرآن والسنة، ولم يتورع بعض دعاة هذه الفرق والأحزاب والمتعصبين لها من وضع الأحاديث على النبي صل الله وعليه وسلم، واختلاقها زوراً لإسباغ المشروعية لأفكارها ورموزها.

5 ـ التقاليد العملية الموروثة: حيث كان الاعتقاد الغالب أن الحفظ هو التقليد العلمي الأرفع في نقل العلم وتداوله، ومنه يفهم قول أحمد بن حنبل حين سئل: من كره كتابة العلم؟: كرهه قوم كثير ورخص فيه قوم، فلا غرابة أن عرفت العصور الأولى لنقل الحديث ظاهرة إتلاف الكتب وحرقها، كما حدث لعبيدة بن عمرو السلماني التابعي الجليل 72ه الذي دعا بكتبه عند موته فمحاها. ص78.

إن أمم الأرض لم تعرف قدرات في الحفظ كالتي تمتع بها المسلمون ومازالوا، وهذا مشاهد في الواقع لا يحتاج لبيان، فكل يوم نرى ونسمع عن أطفال لم يتجاوزوا السادسة من العمر، يحفظون القرآن، وآخرين لم يتجاوزوا العاشرة يحفظون كتب الحديث الستة، والمتون الفقهية واللغوية
كل منكري السنة تقريباً إنما يعتمدون في دعواهم على مطاعن المستشرق المجري أجناس جولدتسيهر، والمستشرق الألماني جوزيف شاخت اللذين نفيا موثوقية الحديث النبوي وصلاحيته لبناء التاريخ اعتماداً على الحفظ والأسانيد لمادة عمرها أكثر من قرنين من الزمان، فكل من جاء بعد جولدتسيهر وشاخت، سواء من الغربيين أو الشرقيين؛ ما هو إلا تكرير لكلامهما وحججهما الواهية المتهافتة.

بدأت حركة تدوين العلوم في الحضارة الإسلامية منذ عهد النبي صل الله وعليهم، بعدما أذن بتدوين كلامه، بعد المنع لئلا يختلط القرآن بغيره من حديثه وليكون الصحابة أكثر تركيزاً في حفظ القرآن وحمله في صدورهم؛ لأن الذين كانون يحسنون الكتابة وقتها قليل، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صل الله وعليه وسلم قال: لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليحمه"؛ فلما اطمأن صل الله وعليه وسلم لحفظ الصحابة، وحملهم كلام الله تعالى مميزاً عن غيره، وأمن من تخليطهم فيه، أذن في كتابة حديثه.ص81.

تحدث العابدين أيضاً عن دقة المسلمين في أخذ الأخبار عن أسلافهم، فالميزة الكبرى التي تمتع بها أهل السنة من غيرهم من أصحاب الديانات والانحرافات العقائدية هي دقتهم في تناقل الأخبار، وأخذهم تلك الأخبار من الثقات عن الثقات، بذلك توقوا الفتن والبدع؛ ولذلك وسموا بأهل السنة.  ص114.

ولم يكن الاحتياط في الأحاديث بعهد الصحابة منهجياً كما صار عليه بعد ذلك، لكنه كان أكثر تشدداً وصرامة؛ إذ كان أحياناً لا يقبل إلا بشهادة معضد أو يمين حاسمة استثباتاً لا اتهاماً، ومنه طلب أبو بكر الصديق شاهداً مع المغيرة بن شعبة رضي الله عنهما في خبر ميراث الجدة، حيث قال المغيرة بن شعبة: قد سمعت رسول الله صل الله وعليه وسلم يعطيها السدس، قال هل سمع ذلك معك أحد؟ فناداه محمد بن مسلمة فقال قد سمعت رسول الله صل وسلم يعطيها السدس، فأنفذ أبو بكر ذلك. ص114.

كما تشدد البعض في شرط اتصال السند تشدداً كبيراً؛ حتى لا يدع أي مجالاً للشك أو الاحتمال، وفي هذا الأمر لا نستطيع أن نتجاوز ذكر الإمامين الكبيرين؛ البخاري لإخراج الحديث في صحيحه؛ المعاصرة واللقيا؛ أي أن يكون الراوي عاصر شيخه، وثبت عنه سماعه منه، أما مسلم فاكتفى بالمعاصرة فقط، وزاد بعض العلماء مع امكان اللقيا؛ لذلك قيل إن البخاري أتم صنعاً من مسلم، وأصح حديثاً، لكن مسلم فاق البخاري في الصناعة الحديثية، وهي التي تتعلق بسياق الأحاديث، طرق متتابعة وشواهدها بعد، ونبه على الاختلاف الألفاظ والزيادات الشاذة، فالصفات التي تدور عليها الصحة في كتاب البخاري أتم منها في كتاب مسلم، وشرطه فيها أقوى وأشد، أما رجحانه من حديث الاتصال: فلا اشتراط أن يكون الراوي قد ثبت له التقاء من روى عنه ولو مرة، فالراوي عند البخاري لا يجري في روايته احتمال ألا يكون قد سمع، واكتفى مسلم بمطلق المعاصرة. ص134

علاقة علم الحديث بباقي العلوم 

للعلوم الشرعية تأثير بالغ الأهمية في النهضة التي شهدتها الدولة الاسلامية، ولم يقتصر هذا التأثير على الجانب الحضاري السياسي والاقتصادي والاجتماعي، بل امتد للجانب العلمي والمنظومة العلمية التي قد تبدو بعيدة التأثر بالعلوم الشرعية، التي عانت في ظل الحركة العلمية الحداثية من انفصال تام عن هذه العلوم، حيث كان الفقه والحديث والتفسير وغيرها من العلوم الشرعية؛ ثمرة نشاط فكري وعقائدي غني امتد لعدة قرون.

يضيف الكاتب: "لقد تخطت المساهمات العلمية التي قدمها التراث في التاريخ الإسلامي فكرة التنظير؛ حيث تمتعت بقيمة سلطوية وفعالية واقعية، اعتبر فيها العلم مصدراً أساسياً من مصار التشريع، واكتسبت بموجبها مؤلفات العلماء قوة القانون؛ حيث كان العلم هو الضامن لاستقرار المجتمع" ص146

إن التزاوج بين العلوم، الذي تطلبته طبيعة الحياة الاجتماعية في الحضارة الإسلامية، كان له أثر أخر على علم الحديث ذاته وتطوره من خلال امتدادات في معارف شرعية أخرى، فرغم أن علم التخريج مثلاً وهو أحد فروع علم الحديث؛ نشأ في أواخر القرن الخامس الهجري على يد أبو بكر الخطيف البغدادي إلا أنه ما لبث أن تطور لاحقاً من خلال التفاعل مع علمي الفقه والأصول في القرن السادس الهجري مع أبي بكر محمد بن موسى الحازمي الهمداني ص148.

أوضح من هذا؛ فإن علم الرجال ما هو إلا ثمة تفاعل بين علمي التاريخ والحديث، وكثيراً ما استعملت لفظة تاريخ لعنونة كتب الرجال حتى إن المختصين في علوم الفهرسة ليحارون في التصنيف الرئيسي لكتب الرجال، فتارة يصنفونها في كتب الحديث وتارة في كتب التاريخ، وكثيراً جداً ما أفادت كتب الحديث، من كتب تاريخ الصرافة، للوقوف على رحلات الرواة، والتأكد من المواليد والوفيات في سبيل البت في اتصال الروايات أو انقطاعها، وكذلك في أحوالهم العقدية والبت في عدالتهم ومذاهبهم في الرواية، ص149

نقد المصادر

يعتقد منكرو السنة أن دفاع أهل السنة عنها نوع من التحصين لها عن كل نقد في ثبوتها جزئياً، فيخلطون بين نقدها جزئياً أو بعبارة أدق نقد ما لم يثبت منها، والمختلف فيه ثبوتة، وبين انكار إنكار ثبوتها كلياً، والحقيقة أن هذا الموقف كان جزءاً من قضية التراث في الجملة، التي حظيت بالنوع نفسه من الخلط، الذي لم يقع فقط من منكري التراث والسنة، إنما من الذين وقفوا موقفاً وسطاً، أو موقفاً توفيقياً، أو حاولوا أن يبدوا كذلك بالتعسف في تفسير اتجاهات الطرفين المنكرين والمعظمين. ص160.

للعلوم الشرعية تأثير بالغ الأهمية في النهضة التي شهدتها الدولة الاسلامية، ولم يقتصر هذا التأثير على الجانب الحضاري السياسي والاقتصادي والاجتماعي، بل امتد للجانب العلمي والمنظومة العلمية التي قد تبدو بعيدة التأثر بالعلوم الشرعية
شبه الكاتب الدخول لعلم الحديث "مثل الدخول إلى قاعة محكمة، مجال له افتراضاته وأساليب وقواعد الإثبات الخاصة به، والأدلة التي قد تبدو حاسمة، وفي مجال أخر قد يحكم عليها بأنها غير مقبولة، ومثلما تبدو قواعد قاعة المحكمة أحياناً غريبة وغير مفهومة للمبتدئين، كذلك علم الحديث النبوي، لكن بالنسبة لأولئك الذين يلمون افتراضاته وقواعده الخاصة؛ يبدو النظام متماسكاً بشكل متناه"، ومن ثم نبه العابدين:" أهمية مقاومة الأفكار الحداثية والعلمانية حول الحديث والتراث وتفكيكها، لكن ينبغي ألا تستغرق أكثر من حقها، وألا تصبح الشغل الشاغل للمؤسسات الإسلامية والباحثين المسلمين لا سيما النوابغ والمجتهدين منهم، بل إن دراسة الحديث النبوي وقوانين اعتباره ومركزيات البحث فيه لاستخلاص المنهجيات التي يمكن أن تبنى عليها أفكارنا العلمية والسبيل للحد من كثير من الجدل وتقليص الفوضى، التي يثيرها الحداثيون وأعداء السنة كل حين وأخر، وما يسببانه من ارتباك في تناول المسلمين ونقاشاتهم حول السنة والحديث.

وأخيراً.. فإن الحقيقة التي يعلمها الجميع أن الطعن في السنة يعد سبيلا للتملص من الدين والإفلات من أحكامه، فمعظم الأحكام الشرعية مرتبطة لزوماً بتعظيم السنة النبوية، لثبوتها بها، فمن تجاسر على السنة؛ سيتجاسر على الأحكام الشرعية، ومن كانت السنة هينة في نفسه؛ فالأحكام الشرعية أهون منها في نفسه قطعاً.
التعليقات (2)
أبو فهمي
الثلاثاء، 18-04-2023 05:09 م
طبعا قرأنا المقال وهو من المقالات الفلسفية المعتادة التي يجري دائما كتابتها كي لا يفهمها الا بضعة أشخاص مهتمون بالفلسفة. أما عن أن المصطفى صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين فلم """""" يأمر """""" أو يوافق على كتابة أحاديثه وقد بدأ جمع ما يسمى بالأحاديث النبوية الشريفة بعد قرن من الزمان وتم جمع ما يفوق ستون ألف حديث تمت غربلتهم ونسخ منهم ما سمب """" بالاسرائيليات """" وبعدها أخر أيضا الى أن بقي بضع وستة آلاف حديث ويجب غربلتهم أيضا - اذا أردنا اعتمادهم أحاديث نبوية شريفة -. الواقع الحالي الذي يمر به """ غثاء السيل """ له صفة فريدة وهي """"" الجهل المطبق """"" فلا يقرؤون واذا قرؤا لا يفهمون واذا فهموا لا يفعلون شيئا ولذلك """ نط """ الى الواجهة """" المتفلسفون """" وهم يتابعون مافعله "" الخوارج "" من تفريق المسلمين الى مذاهب لها أول وليس لها آخر لأننا نسمع عن خروج """" خوارج """" جدد بمذاهب جديدة وفتاوي يرتاح لها غثاء السيل ويعملون بها وسأضرب مثلا عن احداها :::::: طلق رجل زوجته التي لم يدخل عليها وهو يتكلم معها على الهاتف فقال لها - أنت طالق - وبعد أن صحي مما فعله ذهب الى شيخ كبير في دمشق ليفتي له في وقوع الطلاق او عدمه فأرسله الشيخ الكبير الى دار الفتوى فهي المرجع ولكن هذا الشخص لم يذهب الى دار الفتوى وانما قالوا له اذهب للشيخ الفلاني فذهب طالبا الفتوى !!!!!! فما كان من هذا الشيخ الا أن أفتى له فورا بأن زوجته غير طالق !!!!!!!!!!! لأنه لم يكن هناك "" هاتف "" أيام المصطفى صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين ::::::: طبعا أتم الزواج بناء على هذه الفتوى وكان ثمنها خمسمائة ليرة سورية !!!!!!!!!!!!!!!!! للشيخ الذي طلبها "" حلوانا للفتوى "". هذه الفتوى لم تذكر في القرآن الكريم ولا في الأحاديث النبوية التي لازال فيها مدسوسات تخالف ليس القرآن ومن لا ينطق عن الهوى فحسب ولكن تخالف العقل والمنطق أيضا. وكما يقال """"""""" دع الناس في غفلاتهم يرزق بعضهم بعضا """""""""" فمن تريدون اصلاحهم لم يصلحهم رب العالمين جل جلاله والمصطفى صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين وصفنا جميعا بأننا """" غثاء سيل """"". فدعوا غثاء السيل لربهم لو علم فيهم خيرا لرفع من مقامهم.
نسيت إسمي
الثلاثاء، 18-04-2023 12:46 م
صفحات وضّاءة في التاريخ الإسلامي الذي سطره بحروف الإيمان المشرقة نبيُّ البشرية جمعاء محَّمد بن عبد الله صلوات الله و سلامه عليه. و هي صورة من صور الجهاد الدؤوب، و النضال الصادق، نستخلص منها القيم الإنسانية و الخُلُقية الفاضلة، لتكون منارة تضيء للأجيال المؤمنة طريق الهداية و الفلاح، نحو حياة كريمة، تتوفر فيها سعادة الدنيا و الآخرة. قال الله جل و علا: "قل هو من عند أنفسكم" أكثر المشكلات التي تعاني منها الشعوب و الأمم ـ منها أمتنا ـ يعود إلى قصور داخلي. يقول إبن خلدون أيقونة علم الإجتماع في ما يقول ملاخصه عندما يضيع صوت الحكماء في ضجيج الخطباء و المزايدات على الإنتماء، و مفهوم القومية و الوطنية و العقيدة و أصول الدين، تتكشف الأقنعة، و يختلط ما لا يختلط، يضيع التقدير و يسوء التدبير، و تختلط المعاني و الكلام، و تشح الأحلام و يموت الأمل ، و تزداد غربة العقل.