قضايا وآراء

"جامعة الشعب" هل هي من أذرع القوة الإسرائيلية الناعمة للتطبيع؟

عبد الله عدوي
1300x600
1300x600
مع إطلالة عام دراسي جديد تتجه خوارزميات المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي إلى توجيه إعلانات خاصة بالجامعات للفئات المهتمة، وكأكاديمي تصلني بعض هذه الرسائل ويتكرر وصولها، ولا غرابة في ذلك، لكن إعلانات لجامعة دولية معتمدة ومجانية أثار لدي تساؤلات وفضولا لمعرفة ماهيتها وحقيقتها، ما دفعني للبحث والتقصي، فلسنا معتادين على سخاء كهذا، وصل درجة تدريس الطلاب في جامعة أمريكية وبلغتهم العربية وبأجور رمزية أو دونها.

"جامعة الشعب" (University of the People)، تأسست عام 2009 وحصلت على اعتماد رسمي عام 2014 في الولايات المتحدة الأمريكية، كجامعة تعتمد التعليم عن بعد، وهي كما تعرف نفسها بأنها أول جامعة أمريكية معتمدة غير ربحية، وشبه مجانية وبدون أقساط دراسية، وتهدف إلى مساعدة خريجي المدارس الثانوية الأكفياء في تخطي المعوقات المالية والجغرافية والسياسية والشخصية التي تواجههم وتحول دون حصولهم على فرصة في التعليم الجامعي، وتقدم برامج درجتي البكالوريوس في إدارة الأعمال، وعلوم الحاسوب والعلوم الصحية، بالإضافة إلى برامج الماجستير في إدارة الأعمال والتعليم. وقد بلغ مجموع طلبتها أكثر من 75 ألف طالب.

شاي ريشف.. هو مؤسس الجامعة ورئيسها، وهو رجل أعمال إسرائيلي ورائد أعمال تعليمي، شغل منصب رئيس مجلس إدارة مجموعة كيدوم (Kidum Group) بين عامي 1989 و2005، وهي شركة خدمات تعليمية ربحية إسرائيلية. أما إدارة الجامعة فتتمثل في الدكتور ديفيد هاريس كوهين الذي يحظى بمنصب العميد وهو إسرائيلي، بالإضافة إلى د. شون مصطفى، وكيل الجامعة للشؤون الأكاديمية. ويعمل في الجامعة فريق أكاديمي من جامعات دولية متنوعة، بالإضافة لفريق إداري متنوع ومتعدد الجنسيات، يظهر الطابع العربي والإسلامي لدى العديد من الموظفين، الأمر الذي يعطي ارتياحا لدى الشرائح العربية والمسلمة التي تفكر بالالتحاق بالجامعة، ويغطي على الشخصيات الإسرائيلية المسؤولة عنها.

أما مجلس أمناء الجامعة فيتألف من عدد من الشخصيات الدولية ويترأسه المحامي الإسرائيلي أشوك ج. شاندراسيخار، وهو خبير مشهور عالمياً في معاملات التكنولوجيا واسعة النطاق، وعضو في أكبر شركة محاماة في إسرائيل (Goldfarb Seligman & Co. KG . , Law)، ورئيس قسم الشركات والأوراق المالية الدولية للشركة، ويتخصص في تمثيل العملاء في قطاع التكنولوجيا الفائقة، ويقدم المشورة للشركات الإسرائيلية بشأن إقامة علاقات استراتيجية مع شركاء أجانب. وهو واحد من المحامين الرائدين في مجال الشركات وعمليات الاندماج والاستحواذ ورأس المال الاستثماري والتكنولوجيا الفائقة في إسرائيل، وقد تم اختياره كواحد من أكثر 100 شخص نفوذاً في صناعة التكنولوجيا العالية الإسرائيلية من قبل موقع التكنولوجيا الإسرائيلي GEEKtime.

تتلقى الجامعة دعما من مؤسسات دولية وإسرائيلية، كمؤسسة "وليام وفلورا هيوليت" (William and Flora Hewlett Foundation)، ودعم إعلامي من صحف وجهات إعلامية مثل: "نيويورك تايمز"، و"تايمز هاير ايديوكيشن"  (Times Higher Education) ومركز تطوير مايكروسوفت في إسرائيل، إضافة إلى مؤسسات إسرائيلية، مثل "بنك هبوعليم" وغيرها.

في ظل جائحة كورونا والتوجه للتعليم الإلكتروني شكلت فرصة سانحة للجامعة لاستقطاب أعداد كبيرة من الطلاب، حيث ارتفعت نسبة الطلبة المسجلين، لا سيما مع ترويج الجامعة لمنح للطلاب السوريين وذوي الظروف المادية الصعبة والذين يعانون من بيئات الصراع، ما جعلها تحظى باهتمام الكثيرين وساهم في سرعة زيادة عدد الطلاب.

ما يلاحظ أن وزارة الخارجية الإسرائيلية لا تتردد في الحديث عن الجامعة وبصورة واضحة، فتراها تضع تقريرا على موقعها الرسمي تحت عنوان: "جامعة الشعب.. الفكرة الإسرائيلية لفتح أبواب التعليم العالي على مصاريعها أمام الشعوب الأقل حظا، تسير خطوة إلى الأمام". هذه الصراحة في تبني الجامعة والثناء على فكرة إنشائها والفخر بها وبما تحققه من مساعدات للكثيرين من الطلاب، تعكس مدى الارتباط بين الجامعة وفكرتها وأهداف دولة الاحتلال من ورائها، لا سيما وأنها تحمل رسالة إسرائيلية فيها من الإنسانية ومساعدة الشباب من الشعوب المختلفة لا سيما العرب، لتشكل مسارا تطبيعيا من بوابة التعليم، الذي ينعكس على خريجي الجامعة الذين سيكونون ممتنين لهذا الصرح الذي انتشلهم من واقعهم الصعب ودرّسهم وحقق لهم مستقبلا أفضل، لا سيما وأنها تؤمن وظائف لنسبة عالية من خريجيها في شركات دولية لها شراكة معها؛ من أهمها غوغل وفيسبوك وأمازون ومايكرسوفت وغيرها.

شاي رشيف نفسه لا يخفي الأهداف التطبيعية للجامعة، فيقول في مقال له: يجب أن يكون الهدف هو تثقيف أكبر عدد ممكن من الناس، لا سيما في مناطق الصراع الممتد مثل الشرق الأوسط. ويقر بالعمل في الساحة الفلسطينية من خلال شركة عسل التكنولوجية في رام الله، ويضيف بأن الذين يطلق عليهم "الأعداء" يتشاركون في فصل دراسي افتراضي في "UoPeople"،الإسرائيليون والفلسطينيون والمسلمون الشيعة والسنة، كلهم يتعلمون أكاديميا والتسامح معاً.

يظهر جليا أن الاحتلال الإسرائيلي يحرص على الاستفادة من أدوات العلاقات العامة كافة لاستثمارها في تحسين صورته، خاصة على المستوى الفلسطيني والإقليمي العربي، فقد لعبت أدواته الإعلامية أدوارا متقدمة في ذلك، بدءا من وسائل الإعلام والناطقين الإعلاميين باللغة العربية والإدارة المدنية وخدماتها للجمهور الفلسطيني وغيرها، وليس غريبا أن يكون التعليم هو بوابة استراتيجية يلجأ إليها لإظهار الإسرائيلي بصورة إنسانية مثالية، إضافة لاستثمار البعد الثقافي الذي يلازم التعليم والابتعاث، والذي يعتبر ديدن الدول التي تقدم المنح الدراسية، في مسعاها لتشكيل سفراء لها في مختلف الدول التي ينتمي إليها الطلاب، الذين تأثروا بثقافتها وباتوا يحملون رسالة إلى أوطانهم وشعوبهم.

لا شك أن التفاعل الكبير من مؤسسات دولية وعربية مع الجامعة يعطي لها زخما ومصداقية لدى فئات واسعة، ولا غرابة في ذلك، فأدوات الاحتلال لها قدرة على التحرك والاستفادة من المؤسسات الغربية العملاقة أكثر من غيرها، نظرا لقوة اللوبي الإسرائيلي وانخراطه في بنية المؤسسات الأمريكية المشهورة، حيث لاحظنا مؤسسات وازنة داعمة للجامعة، فضلا عن بعض المؤسسات العربية مثل جامعة عفت السعودية وبعض مكاتب التمثيل والشركات وغيرها، لكن ذلك لا يعفي من الحيطة وتحذير الطلاب والمؤسسات من السياق التطبيعي لمثل هذه المشاريع.

المراجع:

- موقع جامعة الشعب https://www.uopeople.edu

- موقع شركة "Goldfarb Seligman & Co" الإسرائيلية.
 
- موقع The huffington post.

- موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية.

- موقع الجزيرة نت.
التعليقات (3)
محمد منصور صال
الجمعة، 10-06-2022 03:49 م
أنا سنغالي مسلم وطالب في جامعة الشعب تخصص إدارة الأعمال، وأنا سعيد جدا بوجودي في جامعة الشعب واشهد الله ان الجودة التعليمية الموجودة فيها قل إن تجده في جامعة أخرى
نور
الجمعة، 11-03-2022 10:08 ص
انا طالب في هذه الجامعه دولتي الحبيبه لم توفر لي فرصه ماليه لاكمال تعليمي الجامعي. استطعت الحصول على منحه من جامعه الناس بسهوله. في الفتره الاخيره عرفت ان الجامعه تهدف الى التطبيع ومنذ ذالك الحين وانا اعيش صراع وعقدة الذنب وبنفس الوقت الخوف من خساره الفرصه . لو كنت مكاني وعمرك 35سنه وبدون تعليم جامعي وبدون عمل وليس لديك القدره على دفع تكاليف التعليم... وبنفس الوقت لا تقبل المساومه على وطنيتك وقوميتك ماذا ستفعل؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
خالد اعراب
الخميس، 07-10-2021 09:23 ص
السلام عليكم العلم يطلب من اي كان و من كل مكان فهو علم في الأول و الاخير ، كان الاحرى من رجال الاعمال العرب و المسلمين ان يحسو حذوهم، و بشتغلون على هذا الامر وهو نشر العلم بدون ربح، لكن للأسف هم بطونهم وقبلتهم نساىهم و جمع المال هواياتهم.