قالت "هيومن رايتس ووتش" في تقرير
أصدرته اليوم: "إن هجمات الحكومة الإسرائيلية وحصارها غير القانوني على
غزة
ألحقا صدمة ومعاناة شديدتين بالأطفال
الفلسطينيين، وخصوصا ذوي الإعاقة. وتسبب
استخدام الجيش الإسرائيلي للأسلحة المتفجرة بشكل مكثف في إصابات خطيرة أفضت إلى
إعاقات دائمة وندوب مدى الحياة لدى الأطفال في غزة".
ويوثق التقرير المكوّن من 83 صفحة بعنوان
"دمروا ما في داخلنا: الأطفال ذوو الإعاقة في ظل الهجمات الإسرائيلية على
غزة"، أن أطفال غزة الذين أصبحت لديهم إعاقة والذين كانت لديهم أصلا إعاقة
يواجهون وضعا أمنيا محفوفا بالمخاطر وصعوبات إضافية بينما يكافحون للامتثال لأوامر
الإخلاء المتكررة للجيش الإسرائيلي ويفتقرون إلى تحذير مسبق فعال من الهجمات. ويتسبب الحصار المستمر لغزة، والعرقلة غير القانونية للمساعدات الإنسانية، واستخدام
التجويع كسلاح
حرب، وإلحاق الضرر بالمستشفيات وتدميرها في ضرر غير متناسب للأطفال
ذوي الإعاقة، الذين يكافحون من أجل الحصول على ما هم في أمس الحاجة إليه من علاج
طبي، وإمدادات، وأجهزة مساعِدة، وطعام، ومياه. وهم معرضون على نحو خاص لخطر الأذى
النفسي الدائم.
وقالت أمينة تشيريموفيتش، المديرة المشاركة
لقسم حقوق ذوي الإعاقة في "هيومن رايتس ووتش": "تُلحق الهجمات غير القانونية
التي يشنها الجيش الإسرائيلي ومنعه المساعدات، الضرر بالفلسطينيين في جميع أنحاء
غزة، لكنّ الأطفال ذوي الإعاقة يواجهون تهديدات متزايدة لحياتهم وسلامتهم. على
البلدان التي تدعم إسرائيل عسكريا تعليق نقل الأسلحة طالما أن قواتها ترتكب دون
عقاب انتهاكات خطيرة لقوانين الحرب، منها القيود غير القانونية على المساعدات
والهجمات على المستشفيات".
وأضافت: "على السلطات الإسرائيلية
اتخاذ إجراءات فورية لإنهاء الوفيات والإصابات والمعاناة غير المشروعة التي تطال
الأطفال، وخاصة ذوي الإعاقة. على الحكومات اتخاذ تدابير عاجلة لحمل الحكومة
الإسرائيلية على الامتثال لالتزاماتها القانونية للحيلولة دون المزيد من الفظائع
وضمان احترام حقوق الأطفال ذوي الإعاقة وكل شخص آخر".
وأكدت "هيومن رايتس ووتش" أن
استخدام الجيش الإسرائيلي الأسلحة المتفجرة في المناطق المكتظة بالسكان يزيد خطر
الهجمات العشوائية غير القانونية. وأفاد أفراد أُسر الضحايا وعاملون في المجالين
الطبي والإنساني، بأن وفيات وإصابات خطيرة وإعاقات دائمة وقعت بين الأطفال جرّاء
الهجمات الإسرائيلية التي تُشَنّ دون سابق إنذار، وتلحق أضرارا بالمنازل والمدارس
والمستشفيات ومراكز التسوق.
وأضافت: "ما تفرضه الحكومة الإسرائيلية
من حصار على غزة، والقيود على المساعدات الإنسانية بما فيها الأدوية والإمدادات
الطبية، والقيود الشديدة على من يمكنه مغادرة غزة لتلقي العلاج، كلها عوامل تُلحق
الضرر لا سيما بالأطفال، بمن فيهم الأطفال ذوو الإعاقة. الأطفال الجرحى الذين
يحتاجون بشكل طارئ إلى رعاية طبية فورية قد تحملوا فترات انتظار طويلة غير طبيعية
وخضعوا لعمليات جراحية دون تخدير، ما زاد صدمتهم. طوال عام تقريبا، لم يتمكن
الأطفال الذين يحتاجون إلى رعاية طبية مستمرة من تلقيها بانتظام".
وأشارت إلى أن الأطفال ذوي الإعاقة الذين
يحتاجون إلى نظام غذائي محدد معرضون على نحو خاص لخطر سوء التغذية والجوع. كما أن
القيود الإسرائيلية المفروضة على إمدادات المياه وتدمير البنية الأساسية للمياه
والصرف الصحي في غزة تؤثر بشكل غير متناسب على الأطفال ذوي الإعاقة.
وأضافت: "ما يفاقم هذا الوضع المأساوي أن
الأطفال ذوي الإعاقة يواجهون أضرارا نفسية نتيجة العنف والحرمان اللذين تعرضوا
لهما، بما يشمل الصدمة نتيجة فقدان الأهل".
وبحلول سبتمبر/ أيلول 2024، أفادت وزارة
الصحة في غزة بأن عدد القتلى منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول تجاوز الـ41 ألف فلسطيني، منهم
أكثر من 16,750 طفلا.
وذكرت "هيومن رايتس ووتش"، أن القانون
الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان ينصان على حماية الأشخاص ذوي
الإعاقة، بمن فيهم الأطفال، أثناء النزاع المسلح. تُلزم "اتفاقية الأمم
المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة"، التي صادقت عليها إسرائيل في 2012،
الدول الأطراف باتخاذ "جميع التدابير الضرورية"، انطلاقا من القانون
الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، لضمان حماية وسلامة الأشخاص ذوي
الإعاقة في حالات النزاع المسلح. تقاعُس الجيش الإسرائيلي عن توفير إجراءات إخلاء
قابلة للتكيّف للأطفال ذوي الإعاقة ينتهك حقوقهم بموجب الاتفاقية ويزيد احتمال
تعرضهم لإصابات إضافية أو حتى الوفاة.
ودعت إلى اتخاذ "جميع التدابير
الضرورية" لضمان سلامة وحماية الأشخاص ذوي الإعاقة أثناء النزاع المسلح الذي من
شأنه أن يستلزم أيضا حصولهم على الوسائل اللازمة لبقائهم على قيد الحياة، ومنها
الغذاء والمياه والأدوية والرعاية الصحية والأجهزة المساعِدة، والتي كانت كلها
غائبة في الغالب في غزة بسبب الحصار.
كما أنها أكدت أن على الولايات المتحدة،
وبريطانيا، وكندا، وألمانيا وغيرها من الدول الأعضاء في "الاتحاد
الأوروبي"، فضلا عن حلفاء إسرائيل الآخرين، أن يدينوا تحديدا الانتهاكات
الإسرائيلية التي تسبب ضررا خاصا للأطفال الفلسطينيين، ومنها استخدام الأسلحة
المتفجرة في المناطق المأهولة، وحصار غزة والقيود على المساعدات الإنسانية،
والهجمات غير القانونية على المستشفيات ووسائل النقل الطبية.
وأضافت: "على هذه الحكومات تبنّي
عقوبات موجَّهة وتدابير أخرى للضغط على الحكومة الإسرائيلية للامتثال لالتزاماتها
الدولية، وتحديدا معالجة احتياجات الأطفال الفلسطينيين ذوي الإعاقة. عليها أيضا
التعاون مع السلطات الفلسطينية والمصرية لتحديد الأطفال ذوي الإعاقة الذين يحتاجون
إلى العلاج الطبي في الخارج وتسهيل إجلائهم للعلاج".
ودعت الولايات المتحدة وألمانيا وغيرهما من
الدول التي تواصل تقديم الأسلحة والمساعدة العسكرية إلى أن إسرائيل تُخاطر بالتواطؤ
في
جرائم حرب وانتهاكات حقوقية جسيمة.
وبدعم أمريكي، تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/
تشرين الأول 2023، حربا مدمرة على غزة خلفت أكثر من 137 ألف قتيل وجريح فلسطينيين،
معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على الـ10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل إسرائيل
الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية
باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
اقرأ أيضا: جيش الاحتلال يعلن العثور على عدد من "الجثث المجهولة" في قطاع غزة