سياسة عربية

الجهاد الإسلامي: المسار التفاوضي يشهد انتكاسة.. وندعو الجميع لتحمل المسؤولية

محمد الحاج موسى وصف ما يحدث في غزة بأنه "حرب إبادة علنية ضد القضية الفلسطينية مدعومة من أمريكا والغرب ودول التطبيع العربي"- الأناضول
قال المتحدث الإعلامي باسم حركة الجهاد الإسلامي، محمد الحاج موسى؛ إن "المسار التفاوضي يشهد الآن انتكاسة بسبب سلوك الولايات المتحدة الأمريكية وعبثها بالمفاوضات"، داعيا الجميع إلى تحمل المسؤولية؛ فلا يجب ترك غزة وحيدة في هذه المواجهة الشرسة والطاحنة".

وأضاف موسى، في حديث خاص مع "عربي21"، أن "جهود الوساطة والمسار التفاوضي بأكمله يعيش حاليا أزمة كبيرة جدا؛ فنحن لم نتقدم إلى الأمام، بل نتراجع إلى الوراء، بسبب ممارسات وسلوك الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة الأمريكية".

وشدّد المتحدث الإعلامي باسم حركة الجهاد الإسلامي، على أن "نتنياهو، وأمريكا، يتحملان كل المسؤولية عن الانهيار المحتمل للمفاوضات الجارية في القاهرة؛ فنحن كمقاومة تعاطينا بإيجابية ومرونة كبيرة طوال الفترة الماضية، ولا يمكننا التنازل عن الشروط الأساسية، وفي مقدمتها وقف إطلاق النار".

واستطرد قائلا: "نتنياهو هو الذي عرقل، ولا زال يعرقل، المفاوضات حتى وصلنا إلى المقترح الذي قدّمه الرئيس الأمريكي جو بايدن، ونحن كمقاومة أكدنا موافقتنا على هذا المقترح وأبدينا كل المرونة اللازمة، ولكن نتنياهو هو الذي رفضه وأصرّ على استكمال ومواصلة حرب الإبادة الجماعية، رغم أن بايدن قال؛ إن هذا مقترح إسرائيلي بالأساس".

وواصل حديثه بالقول: "اليوم تتحدث الولايات المتحدة عما تصفه بمقترح سد الثغرات، لكن عن أي ثغرات تتحدث؟ في الوقت الذي خرج فيه نتنياهو ليؤكد بأنه سيبقى في محوري فيلادلفيا ونيتساريم، وبأنه لن يسمح بعودة النازحين، وبأنه لن يلقي بالا لأي من شروط المقاومة الأساسية، وكأنهم يعيشون حفلة علاقات عامة على حساب الدم الفلسطيني".

وذكر المتحدث الإعلامي باسم حركة الجهاد الإسلامي، أن "أعظم ما يمكن أن تقدمه واشنطن لنتنياهو القاتل الآن هو الوقت، ومن ثم فهي تمده بكل الوقت اللازم من أجل استمراره في حرب الإبادة، لكن هذا الأمر غير مسموح ولن نقبل به".

واستدرك موسى قائلا؛ إن "هناك إجماعا لدى المقاومة الفلسطينية بعدم غلق باب التفاوض، وذلك من منطلق المسؤولية التي تقع على عاتقها، ولذلك سنبقى منفتحين على أي مقترح جاد يتضمن الشروط الأربعة الأساسية، التي أعلنا عنها سابقا مرارا وتكرارا".

وأردف: "ما اختلف الآن أنه ليس هناك مفاوض فلسطيني، بل هناك موقف فلسطيني واضح ومُعلن للجميع، ويجب احترام هذا الموقف والانطلاق منه للذهاب نحو صفقة عادلة، كما كان يجب أن يحصل خلال الفترات الماضية".

وأكد موسى أنه "لم تكن هناك أي جولات حقيقية وجادة خلال المسار التفاوضي؛ فكلما كان هناك مقترح على الطاولة توافق المقاومة على جل ما فيه، وتؤكد مجموعة من النقاط، وتتعاطى بإيجابية ومرونة، لكن في كل مرة يراوغ نتنياهو ويتهرب من أي اتفاق؛ ليشتري الوقت كي يواصل مجازره ويحصد أرواح الآلاف".

جهود الوسطاء

ونوّه إلى أن "المفاوضات غير المباشرة مع الاحتلال، بدأت في نهاية كانون الثاني/ يناير الماضي في العاصمة الفرنسية باريس، لكن نتنياهو آنذاك ماطل ولم يمنح رئيس الموساد صلاحيات كاملة. وفي مطلع شباط/ فبراير الماضي، أرسل نتنياهو وفدا للاستماع فقط في القاهرة، ولاحقا في باريس مرة أخرى، الأمر الذي يكشف نواياه الحقيقية".

وأشار إلى أن "المسألة لدى نتنياهو لا تتعلق بتحسين شروط التفاوض، وإنما تتعلق بقرار استراتيجي بالنسبة له بعدم الذهاب إلى أي صفقة تفضي إلى وقف حرب الإبادة؛ فهو يريد استعادة أسراه من قطاع غزة دون أن يدفع الثمن، والولايات المتحدة الأمريكية في جميع الأطروحات التي قدّمتها كانت تقول لنا بشكل واضح: سلّموا الأسرى، لكن دون أن تكون هناك أي ضمانات لوقف إطلاق النار".

وتابع: "كنّا نأمل بأن تكون هناك جدية أكبر من قِبل الوسطاء، خاصة بعد إصدار البيان الثلاثي الأخير والتوقيع عليه، كي يتم فرض تعليق القتال في أثناء المفاوضات، لا أن نبقى نفاوض تحت النار".

وأكمل: "الاحتلال ضرب عرض الحائط بجهود الوسطاء الذين كلما تقدّموا بصيغ جديدة يمكنها حل الأزمة، رد بإطلاق المزيد من النار والقصف والعمليات العسكرية في غزة، ومن ثم يجب أن يكون هناك وضوح أكبر من قِبل الوسطاء بالحديث عن حقيقة ما يحدث في تلك المفاوضات، وضرورة الضغط على نتنياهو بشكل أكبر للذهاب نحو تعليق القتال".

وقدّر المتحدث الإعلامي باسم حركة الجهاد الإسلامي، الجهود التي يبذلها الوسطاء القطريون والمصريون، قائلا: "هؤلاء لهم دور كبير، ولكن نتنياهو هو الذي أفشل وحال دون التوصل إلى الاتفاق المأمول والمنشود".

وتتوسط مصر وقطر والولايات المتحدة في المحادثات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس.

وتحتضن العاصمة المصرية القاهرة جولة جديدة من مفاوضات وقف النار بغزة خلال الأسبوع الحالي، وذلك في أعقاب فشل الاجتماعات التي عُقدت بالعاصمة القطرية الدوحة في الوصول لاتفاق، والتي عُقدت في 15 و16 آب/ أغسطس الجاري.

وسبق أن شارك رئيس المخابرات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز، ونظيره المصري عباس كامل، ورئيس الوزراء القطري وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في جولة المفاوضات التي عُقدت بالدوحة.

لكن أسماء الشخصيات المشاركة في مفاوضات القاهرة غير معروفة إلى الآن بشكل رسمي.

والأحد، أكد نتنياهو إصراره على إبقاء سيطرة قوات الجيش على محور فيلادلفيا، بينما اتهمه زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، بالمماطلة وتخريب المفاوضات.

وروّجت واشنطن خلال الأيام الماضية لقرب التوصل إلى اتفاق، لكن وزير خارجيتها أنتوني بلينكن، أنهى الثلاثاء جولة في المنطقة، شملت إسرائيل ومصر وقطر، دون إعلان اختراق جراء فجوات كبيرة بين مواقف إسرائيل وحركة حماس.

إدخال المساعدات الإنسانية

وشدّد موسى على ضرورة عدم ربط إدخال المساعدات الإنسانية بالقتال المتواصل في غزة، وقال: "هذه مسألة إنسانية بحتة، ويجب الفصل بين المسألة الإنسانية ومسألة الحرب، ووفقا للقوانين الدولية، نحن نتحدث عن شعب بأكمله يُباد ويعاني بشدة، وهناك عدد كبير جدا من المرضى بلا علاج أو أدوية، وهناك أوبئة جديدة بدأت تنتشر في القطاع على امتداد الجغرافيا في غزة حيث لا مقومات للحياة".

وأردف: "نحن نتحدث عما يقارب من 60 ألف شخص يعيشون في كل كيلومتر مربع مما يوصف بالمساحة الآمنة التي حدّدها الاحتلال، ومن ثم يجب أن تدخل المساعدات على الفور، وإلا ستكون هناك إبادة جماعية أكبر وأخطر من حرب الإبادة التي امتدت على مدى أكثر من 10 أشهر إلى الآن".

واستطرد قائلا: "نتنياهو منذ الأيام الأولى، اختار شنّ حرب إبادة في وجه الإنسان الفلسطيني وضد كل مقومات الحياة بغزة، ولم يختر حربا عسكرية في مواجهه المقاومة الفلسطينية، ونحن نريد إدخال المساعدات، وإنقاذ أبناء شعبنا مما يعانونه على مدار الوقت".

وأشار المتحدث الإعلامي باسم حركة الجهاد الإسلامي، إلى أن "معظم بيانات المقاومة الفلسطينية التي تصدر خلال الفترة الأخيرة على المستوى السياسي تكون بيانات مشتركة، وذلك في رسالة واضحة لتأكيد وحدة الموقف العسكري والسياسي والوطني والإنساني".

حرب إبادة علنية

ووصف ما يحدث في غزة حاليا بأنه "حرب إبادة علنية ضد القضية الفلسطينية، مدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية والغرب ودول التطبيع العربي، وكنّا نأمل بأن تكون مواقف الدول العربية والإسلامية داعمة للقضية الفلسطينية ولأهل غزة، كما هو الحال في ساحات الإسناد".

وقال: "أمريكا والدول الغربية الرئيسية، يُقدّمون للاحتلال كل أنواع الدعم المختلفة من سلاح ومال وإعلام ودعم لوجيستي وسياسي، كي يواصل جرائمه ومجازره الفظيعة، بينما تترك دول المنطقة أهل غزة يواجهون مصيرهم المحتوم بمفردهم لأكثر من 10 أشهر كاملة، وكأن لا بواكي لهم، ومن ثم ندعو الجميع إلى تحمل مسؤولياتهم".

وأردف: "الجميع الآن أمام اختبار حقيقي، ويجب أن نخرج من دائرة الصمت أو التصريحات والإدانة التي لا معنى لها، ويجب أن ندخل إلى دائرة الفعل والتأثير؛ فلا يجوز بأي حال من الأحوال، استمرار حالة الصمت والعجز -أو التواطؤ من قِبل البعض- وأهلنا في غزة يُبادون كل يوم بدم بارد".

واستطرد موسى، قائلا: "المنطقة مفتوحة على الاحتمالات كافة إذا لم يتم ردع الاحتلال الصهيوني، وردع الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، ويجب أن تكون هناك جدية من دول العالم في تحمل المسؤولية قبل انفجار الأوضاع أكثر من ذلك".

وأضاف: "طالما أن واشنطن توفر الحماية للاحتلال، فهو مستمر في عدوانه وغير معني بوقف إطلاق النار؛ فمظلة الحماية الأمريكية تجعل الاحتلال مُطلق اليد في جرائمه ومجازره، ونتنياهو لديه هدف واضح، يتمثل في معاقبة الكل الفلسطيني وجرف قطاع غزة بكل ما فيه من بشر وحجر، وهو يمارس حرب إبادة وحربا انتقامية غير مسبوقة، بعدما فشل في القضاء على المقاومة أو استعادة أسراه".