سياسة عربية

في حفل لتأبينه.. شخصيات عربية: حياة "هنية" كانت ملحمة بطولية نادرة

المشاركون بالمؤتمر شدّدوا على ضرورة "هزيمة المشروع الصهيوني في المنطقة"- وكالة أنباء فارس
قالت شخصيات عربية وإسلامية؛ إن "حياة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، كانت ملحمة بطولية نادرة"، داعين إلى ضرورة "هزيمة المشروع الصهيوني الذي يريد أن يلتهم القضية الفلسطينية، ويلتهم معها كل عناصر حيوية أمتنا العربية والإسلامية ونهضتها".

جاء ذلك في مؤتمر عقده مركز حريات للدراسات السياسية والاستراتيجية (مقره إسطنبول)، مساء السبت، بعنوان "اغتيال الشهيد إسماعيل هنية.. والخطر الصهيوني على المنطقة والعالم"، بمشاركة نخبة من المفكرين والأكاديميين، عبر تقنية الفيديو.

وطالبوا بـ "بلورة الأهداف الجامعة لأمتنا، وأن نسعى جميعا من شتى مواقعنا وقناعاتنا نحو تحقيقها"، منددين بـ "حرب الإبادة على شعبنا في غزة، التي يجب العمل على وقفها بكل السبل المتاحة".

وشدّدوا على ضرورة "العمل من أجل رفع الحصار الظالم فورا عن غزة، ولا ينبغي أن يتمدد الحصار بعد ذلك بأي حال"، داعين إلى "مقاومة مشاريع التهجير، التي ما زالت في قلب المخطط الصهيوني وعقله، وأن نعبئ شعوبَنا لرفضِها وممانعِتها، وخاصة في مصر والأردن".


وأضافوا: "يجب ألا نسمح للكيان الصهيوني بهزيمة حركة حماس أو أي من فصائل المقاومة الفلسطينية، مهما امتدت حربه الوحشية، وعدوانه الهمجي، ويجب أن نرفض مشروع التطبيع، الذي اتخذ خطوات خطيرة في السنوات القليلة الأخيرة، وأن نقاومه بكل السبل المشروعة، وألا نسمح للعدو أن يظفر بأكثر مما ظفر، بل نعمل على حرمانه من كل نقاط تمركزه، داخل بلادنا ومجتمعاتنا".

وأكدوا أهمية العمل على "توحيد أو تنسيق سياسات الحكومات المخلصة لقضية الأمة، ولا سيما الدول الكبرى في منطقتنا، وذلك لأن التنسيق الاستراتيجي بينها على تنوع مواقفها، يكفل محاصرة الغطرسة الإسرائيلية، كما أنه يعمل على الحيلولة دون الاستفراد بها، أو تقزيم دورها، وتبديد قدراتها".

وحذّروا من "مخططات الفتنة الداخلية، ومؤامرات الوقيعة بين شعوب أمتنا؛ لأنها لن تفضي إلا إلى حرب عدمية، تدمر الأخضر واليابس، ولن يستفيد منها سوى المشروع الأمريكي الصهيوني، المتربص بنا جميعا".

وتابعوا: "كما يجب أن نطور رؤية استراتيجية، لاستيعاب كل أشكال الخلاف داخل مجتمعاتنا، وكل أشكال التناقض بين السياسات المتبعة في بلادنا، وذلك في إطار إدراك مدى عمق حضارتنا وتنوعها على مدى التاريخ، ومدى قدرتها على إدارة الخلاف بين مكوناتها، في إطار تعظيم قدراتها، وتراكم قوتها، وتعزيز مناعتها، في مواجهة كل خصومها ومناوئيها".

وقالوا: "يجب أن نستعد لأهم مراحل الانتقال التي تنتظرها أمتنا على مدى قرن كامل. يجب أن ننبه كل مراكز الوعي داخل مجتمعاتنا، ونوقظ كل مراكز الحيوية والفاعلية داخل بلادنا؛ فنحن اليوم أمام معركة مصير، كما أن احتمالات الحرب المفتوحة لم تعد بعيدة، واحتمالات الحرب الإقليمية صارت وشيكة، واحتمالات تبدل موازين القوى في النظام الدولي، الذي أضر بأمتنا، لم تعد بعيدة".

مرحلة تاريخية

بدأ المؤتمر بكلمة رئيس "مركز حريات"، طارق الزمر، الذي أكد أن "الشهيد إسماعيل هنية لم ينزل من فوق جواده طوال حياته، مرابطا من أجل فلسطين، ومدافعا عن القدس، ومنافحا عن الأقصى، وظل يلهج بالدعوة لتحرير فلسطين، دون التنازل عن شبر أو سنتيمتر واحد من الأرض".

وأضاف الزمر أن "حياة هنية كانت ملحمة بطولية نادرة، ملأها بالعمل والاجتهاد، وتوّجها بالمقاومة والجهاد، دفاعا عن أشرف بقعة، وأنبل قضية، واقفا في جانب أقدس المقدسات، في مواجهة أشد الناس عداوة للذين آمنوا".

وزاد: "لقد عاش وتربى بين الأبطال والقمم الشامخة؛ فلم يرض إلا أن يموت مثلهم، في ميدان الشرف والبطولة والكرامة؛ فليس غريبا أن تكون خاتمته الشهادة، وقد عاش طوال حياته طالبا لها".

وطالب بضرورة "الإسناد والدعم الشعبي، العربي والإسلامي، الذي يمكنه أن يغير بالقليل منه خرائط فلسطين، بل خرائط المنطقة كلها، ولا سيما أن الأيام القادمة تحمل نذر حرب مفتوحة، كما أنها تتزايد بشكل كبير احتمالات الحرب الإقليمية، وهو ما قد يؤهل العالم لاستقبال نظام دولي جديد، على أنقاض نظام الهيمنة الأمريكي الذي عانت أمتنا منه الأمرّين".

وشدّد الزمر على أن "الانتصارات الكبرى التي حققتها المقاومة، يجب أن تحفز نحو المزيد من الجهد والعرق، للحفاظ على هذا النصر، والعمل على تراكم المزيد، وإذا كنّا قد خسرنا إسماعيل هنية؛ فقد خسروا منظومة الردع التي بنوها على مدى أكثر من سبعين عاما".

واستطرد قائلا: "إذا كنّا قد خسرنا أكثر من 40 ألف من الشهداء، فإن المقاومة قد نجحت في بناء ميزان قوى جديد، ونظام ردع جديد، يسمح برسم خرائط جديدة، وإذا كان أبناؤنا في غزة قد أصبحوا نازحين، فالمصير الأسوأ قد لحق بالإسرائيليين الذين أصبح غالبيتهم بين نازحين من الشمال أو مهاجرين خارج فلسطين، لا يدرون متى يعودون، أو يسكنون الملاجئ".

وواصل حديثه بالقول: "كم نحن بحاجة ماسة في هذه المرحلة التاريخية من حياة أمتنا، أن نكثف من تواصلنا، وأن نوحد صفوفَنا، ونبذل قصارى جهدنا وجهادنا، كي نكون عند مستوى تضحيات الشهيد هنية رحمه الله تعالى، وكل شهداء فلسطين، وما أحوجنا اليوم إلى أن نعيد النظر في كل مشاريعنا العامة والخاصة، كي يكون استهداف المشروع الصهيوني وجهتنا جميعا".

نظام عربي جديد

من جهته، أكد الرئيس التونسي الأسبق، المنصف المرزوقي، أن "ما يجري في غزة يشبه البراكين التي أصابت بلدان الربيع العربي؛ فهي تسهم في مسيرة تدمير النظام العربي، الذي لا بد وأن ينهار، ليحل محله نظام جديد، يُعبّر عن الشعوب العربية وتطلعاتها، كما دمرت الحربان العالميتان أوروبا ليخرج من رحمها الاتحاد الأوروبي".

ولفت المرزوقي إلى أن "ما يجري من خذلان لغزة، هو نتيجة طبيعية للتآمر على الديمقراطية بالعالم العربي، وخاصة مصر، متابعا بأن "غباء الكيان الصهيوني هو الذي يجعله يتمادى في الاغتيالات، التي تشعل جذوة المقاومة؛ فهنية حيّا هو أخطر منه ميتا بالنسبة لإسرائيل وكل حلفائها، ومن هنا يجب أن نقسم بعده على أن نواصل الطريق رافعين شعار (ننتصر أو نموت)".

ونوّه الأكاديمي التركي ونائب رئيس الشؤون الخارجية لحزب العدالة والتنمية، ياسين أقطاي، إلى أن "الاغتيالات هي نهج الحركة الصهيونية منذ تأسيسها؛ فقد نفذوا الكثير من عمليات الاغتيال"، مؤكدا أن "مجازر غزة كشفت أن العالم كله تحت الاحتلال".

وقال؛ إن "صلاة الجنازة على الشهيد هنية بقطر، حضرتها كل شعوب العالم العربي والإسلامي، بينما غاب عنها حكام العرب، وكأن القضية الفلسطينية قد هجرها العرب واستقبلها المسلمون".

معركة فاصلة

وأوضح الأمين العام للحركة الإسلامية بالسودان ووزير الخارجية السوداني الأسبق، علي الكرتي، أن "المشروع الصهيوني هو امتداد للمشروع الغربي بالمنطقة، وأن ما جرى للسودان منذ 2019 وما يجري لبعض البلدان العربية حتى اليوم، إنما لدعمها للقضية الفلسطينية ورفضها للتطبيع، ووقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني".

وأشار إلى أن "الكيان الصهيوني هو رأس حربة المشروع الغربي بالمنطقة، لهذا فهم يقفون خلفه بشكل حاشد، فضلا عن أن معركة فلسطين هي المعركة الفاصلة بين الحق والباطل، وأكد أن اجتماع الأمة سيكون قريبا؛ فهو الطريق لتحقيق أهدافها الجامعة".

وذكر الباحث السياسي والاستراتيجي الجزائري، نبيل كحلوش، أن "الجرأة التي وصل إليها الكيان الصهيوني في عمليات الاغتيال، تُمثل في أحد أبعادها استهانة بأمتنا، ومدى قدرتها على نصرة إخواننا في فلسطين"، و"لو أدركنا أسس الكيان الصهيوني الثلاثة (التضليل الإعلامي ـ التحالفات السياسية ـ قدرته المالية) لأمكن ضربه بسهولة".

ونوّه كحلوش، في كلمته بالمؤتمر الذي حضرته "عربي21"، إلى أن "التغيرات في النظام الدولي، تلزمنا بالصبر حتى تبلغ مداها، ويومها ستكون كلمة قضيتنا، وكل قضايانا في وضع أفضل كثيرا".

بدوره، قال رئيس رابطة "برلمانيون من أجل القدس"، الشيخ حميد الأحمر؛ إن "المشروع الصهيوني الذي يتغول بدعم غربي، يحتاج منا أن نعترف بأن المعركة أوسع من حماس بكثير؛ فهي معركتنا جميعا، كما يجب أن يلتف الجميع حول هذه القضية، فضلا عن رفض استباحة دماء إخواننا في فلسطين، وانتهاك القانون الدولي بالأشكال كافة".

وتابع الأحمر: "يجب على تركيا وقطر وإيران، لما لها من موقع متميز في القضية الفلسطينية، أن تقوم بالدور الأكبر"، منددا بـ"المتخاذلين من العرب الذين أبدوا ارتياحهم لاغتيال الشهيد المجاهد إسماعيل هنية".