تقارير

مواجهة الإبادة والمجاعة في غزة.. دعوة دولية للعمل الإنساني والحقوقي

الدعوات لوقف إطلاق النار غير كافية لأنها تفشل في الاعتراف بالنطاق الكامل للمذبحة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني والمعاناة الطويلة تحت الاحتلال..
عقدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا ندوة بعنوان "مواجهة الإبادة والمجاعة في غزة: دعوة للعمل الإنساني والحقوقي"، ناقشت فيها الوضع الإنساني الحرج في غزة، خاصةً في رفح التي باتت الملجأ الأخير للنازحين، والمجاعة التي تفتك بالمدنيين نتيجة استمرار جريمة الإبادة الجماعية في القطاع.

قدمت الندوة، التي انعقدت مساء الخميس الماضي عبر خاصية الزوم، الصحفية صفية عمري، بحضور نخبة من الشخصيات السياسية والقانونية والحقوقية، وهم: د. نوا شاينديلنجر أستاذة تاريخ الشرق الأوسط بجامعة ولاية ورشيستر، د. دان كوفاليك محامي أمريكي ومدافع عن حقوق الإنسان وحقوق العمال، كريس ناينهام، العضو المؤسس ونائب رئيس تحالف أوقفوا الحرب د. ليكس تاكينبيرغ مدير العمليات السابق في الأونروا، هاني المدهون مؤسس مطعم إغاثة غزة، سو ويلمان محاضر في كلية كينغز لندن، مستشار أول لديتون بيرس جلين للمحاماة، نعومي باراسا ناشطة كينية في مجال العدالة الاجتماعية، إدوارد أحمد ميتشل نائب المدير التنفيذي الوطني لـCAIR، بول مورفي عضو البرلمان الأيرلندي، ميكيلي بيراس عضو سابق بالبرلمان الإيطالي، هارون رازا محامي هولندي وعضو حركة 30 مارس.

خلال كلمته، سلط كريس ناينهام، العضو المؤسس ونائب رئيس تحالف أوقفوا الحرب، الضوء على الآثار الكارثية لما وصفه بالهجوم غير المسبوق على غزة من قبل إسرائيل بسبب وحشيته وحجم الخسائر البشرية والمادية، كما انتقد ناينهام خلال كلمته التداعيات الكبيرة للحرب الحالية على المؤسسات الدولية ودور الحكومات الغربية في استمرار الحرب.

وأشار ناينهام إلى المستوى الكارثي للدمار والخسائر البشرية والمادية الناتجة عن الهجمات الإسرائيلية، مشيرًا إلى أن حجم الخسائر تجاوز مأساة النكبة التي حدثت قبل أكثر من 75 عامًا.

كان محور كلمة ناينهام هو التأكيد على أن الاستجابة العالمية أو بمعنى أدق عدم وجودها للأزمة في غزة قد تسببت بحدوث أزمات سياسية ومؤسسية في جميع أنحاء العالم، مضيفًا أن الإبادة الجماعية الحالية تحدث على مرأى ومسمع المجتمع الدولي، وخاصة شعوب الدول الغربية، عبر البث المباشر، بسبب منصات وسائل التواصل الاجتماعي التي فضحت الواقع وبينت تحيز وسائل الإعلام الغربية التي تحجب الحقيقة معظم الأوقات.

الاستجابة العالمية أو بمعنى أدق عدم وجودها للأزمة في غزة تسببت في حدوث أزمات سياسية ومؤسسية في جميع أنحاء العالم،
وأشار ناينهام إلى الطبيعة غير المسبوقة لتصرفات الحكومة الإسرائيلية الحالية، والتي، بحسب ناينهام، لا تتحدى رغبات المؤسسة الأمريكية فحسب، بل تتحدى أيضًا رغبات بعض القوى الغربية الأخرى، وشدد ناينهام على أن تجاهل إسرائيل لانتقادات الدول الغربية هو رد فعل على ضعف الإدارة الأمريكية ضدها.

وسلط ناينهام الضوء على العزلة المتزايدة للولايات المتحدة وأقرب حلفائها، وخاصة المملكة المتحدة، على الساحة العالمية فيما يتعلق بمواقفهم بشأن إسرائيل وفلسطين، مضيفًا أن هذه العزلة ليست جيوسياسية فحسب، كما يتبين من تصويت الأمم المتحدة، بل إنها أيضاً اجتماعية، حيث تعرب قطاعات كبيرة من شعوب تلك الدول، بما في ذلك الجالية اليهودية في الولايات المتحدة، عن انزعاجهم ومعارضتهم للهجوم المستمر على غزة.

علاوة على ذلك، أكد ناينهام على إمكانية التأثير على الرأي العام العالمي ضد جرائم إسرائيل، مشيرًا إلى ما تردد عن تحركات من جانب الولايات المتحدة لصياغة قرار يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار. وعلى الرغم من أن ناينهام اعتبر هذه الجهود غير كافية على الأرجح، إلا أنه اعتبرها مؤشرا على الديناميكيات المتغيرة والموقف الضعيف للقوى الغربية التقليدية على المسرح العالمي.

وفي مداخلته، تناول البروفيسور دان كوفاليك، الأستاذ الأمريكي ومحامي حقوق الإنسان، الأزمة الإنسانية المتصاعدة في غزة، مشددًا على خطورة الوضع بما يتجاوز الأرقام المُعلن منها، مشيرًا إلى أن عدد القتلى الفلسطينيين يمكن أن يصل إلى 200 ألف، وعزا هذا التناقض إلى عدم وجود مرافق صحية عاملة للإبلاغ الدقيق عن الوفيات.

وسلط كوفاليك الضوء على فعالية الضغوط المتزايدة في الولايات المتحدة، خاصة على القادة الديمقراطيين وإدارة بايدن، لإعادة النظر في موقفهم من الحرب. وشرح بالتفصيل ضعف الدعم للسياسات الإسرائيلية من قبل شخصيات مثل تشارلز شومر وشدد على أهمية استمرار هذه الضغوط الشعبية بكل وسيلة ممكنة لمحاسبة السياسيين عن دورهم في تمكين هذه الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد المدنيين في غزة.

وأكد كوفاليك على ضرورة اتخاذ إجراءات فورية وفعالة مثل وقف إطلاق النار، وإعادة التمويل الكامل لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، والسماح بدخول شاحنات المساعدات إلى غزة. وانتقد كوفاليك التأخير والعراقيل التي تواجهها الجهود الإنسانية، مثل الهجمات على متلقي المساعدات واقتراح إنشاء "ميناء إنساني"، واصفًا الجهود الإنسانية الحالية بأنها غير كافية وبطيئة للغاية ولا تكفي لتلبية الاحتياجات العاجلة لسكان غزة الذين يواجهون مجاعة طاحنة وأوبئة.

واختتم البروفيسور كوفاليك كلمته بالتأكيد على الدور الحاسم للاحتجاج والعمل المباشر في كل من الولايات المتحدة والأمم المتحدة لفرض تغيير في السياسة العالمية وتوفير الدعم لغزة، معربًا عن التزامه الشخصي بالاستفادة من منصبه في الولايات المتحدة للدعوة إلى هذه التغييرات.

في كلمتها، أعربت الدكتورة نوا شيندلينجر عن عدم ثقتها في قدرة القادة والحكومات السياسية، بما في ذلك حكومات مصر والولايات المتحدة وحلفاء الولايات المتحدة الآخرين، في المساهمة بشكل إيجابي لإنهاء الأزمة المتصاعدة في غزة أو إيجاد حلول لإنقاذ الشعب الفلسطيني ووضع حد للجرائم الإسرائيلية.

وأكدت شيندلينجر أن مصر تحت قيادة النظام الحالي برئاسة السيسي تساهم بشكل كبير في الحصار المفروض على غزة من قبل إسرائيل، وذلك بإغلاق معبر رفح وغيرها من التدابير التعسفية التي يفرضها النظام المصري ضد الفلسطينيين.

كما أعربت شيندلينجر عن عدم ثقتها في الولايات المتحدة، مشيرة إلى عدم ثقتها في إدارة بايدن بسبب السوابق التاريخية للإدارات الأمريكية المختلفة للوعود التي لم يتم الوفاء بها والتقاعس عن تقديم أي مساعدة، وضربت مثال على موقف إدارة أوباما من هجمات الأسد الكيميائية كمثال على فشل القيادة، لافتة أن بايدن نفسه كان جزءًا من تلك الإدارة.

مصر تحت قيادة النظام الحالي برئاسة السيسي تساهم بشكل كبير في الحصار المفروض على غزة من قبل إسرائيل، وذلك بإغلاق معبر رفح، وغيرها من التدابير التعسفية التي يفرضها النظام المصري ضد الفلسطينيين.
وبالرغم من عدم ثقتها في القادة السياسيين الحاليين والهيئات القضائية الدولية مثل محكمة العدل الدولية في إيجاد حلول فورية، تحدث شيندلينجر عن وجود بصيص من الأمل في الإجراءات التي تتخذها دول مثل كندا، التي أوقفت إمدادات الأسلحة إلى إسرائيل، والعقوبات القانونية المحتملة نتيجة الإجراءات المتخذة ضد الأفراد الذين يرتكبون جرائم حرب، بالإشارة إلى قضية منظورة في البرلمان الفرنسي.

في كلمته، قدم الدكتور ليكس تاكينبيرغ، المدير السابق للعمليات في الأونروا، تقييمًا خطيرًا للأزمة الإنسانية في غزة، واصفًا إياها بأنها جزء لا يتجزأ من الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد المدنيين في القطاع. وأشار إلى الاستخدام المتعمد للتجويع وغيرها من الإجراءات المشابهة كتكتيكات حربية، مؤكدا أن هذه الاستراتيجية تشكل انتهاكا واضحا لاتفاقية الإبادة الجماعية وأحكام محكمة العدل الدولية.

وسلط تاكينبيرغ الضوء على التداعيات القانونية العالمية على إسرائيل ومؤيديها، مشيرًا إلى جلسات الاستماع المقبلة في لاهاي بشأن تواطؤ الدول الأطراف في اتفاقية الإبادة الجماعية في الإبادة الجماعية المستمرة. وأشار إلى الشكوك الناشئة بين القادة الغربيين فيما يتعلق بدعمهم المستمر لإسرائيل، مما يشير إلى أن الصور المروعة المنقولة من غزة تتسبب في إعادة تقييم مواقفهم وأدوارهم في أكبر إبادة جماعية في القرن الحادي والعشرين.

وامتدت كلمته إلى الصراع الأوسع بين دعم النخبة الغربية لإسرائيل ومعارضة المجتمع المدني العالمي، والذي قال إنه تسبب فيما وصفه بـ "تسونامي" من المظاهرات والإجراءات القانونية في جميع أنحاء العالم اعتراضًا على تواطؤ الدول الغربية في الإبادة التي ترتكبها إسرائيل. وشدد تاكينبيرغ على التوتر الذي أثاره هذا الأمر بين السلطات الإسرائيلية، كما يتضح من تشكيل فريق دفاع قانوني كبير تحسبًا لكم القضايا التي من المحتمل أن ترفع ضدهم متهمة إياهم بارتكاب جرائم حرب.

في كلمتها، ناقشت المحامية سو ويلمان تحديات استخدام الآليات القانونية لمعالجة تصرفات إسرائيل وجرائمها بشكل عام، وفي سياق الأزمة المستمرة في غزة حاليًا بشكل خاص. وأعربت عن شكوكها بشأن فعالية أوامر المحكمة في إجبار إسرائيل على تغيير سلوكها، نظرا لتاريخها في تجاهل أحكام محكمة العدل الدولية.

وسلطت ويلمان الضوء على إمكانية الضغط السياسي والتغطية الإعلامية كوسيلة أكثر فعالية لإحداث تغيير في الوضع الحالي. كما تحدثت عن سبل الإنصاف القانونية المتاحة، لا سيما في المملكة المتحدة، لمحاسبة المتواطئين في الجرائم الإسرائيلية، مثل استخدام أنظمة العقوبات العالمية لحقوق الإنسان، مثل عقوبات ماغنيتسكي، كوسيلة لفرض قيود مالية وقيود على السفر على الأفراد المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان. وأشارت ويلمان إلى محاولات المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا المطالبة بفرض عقوبات على مسؤولين إسرائيليين.

علاوة على ذلك، ناقشت ويلمان إمكانية متابعة الملاحقات القضائية على جرائم الحرب في المملكة المتحدة، مشيرة إلى الجهود التي يبذلها المركز الدولي للعدالة من أجل فلسطين لبدء التحقيقات مع الأفراد المشاركين في قوات الدفاع الإسرائيلية والوزراء البريطانيين لدورهم في جرائم حرب ارتكبتها القوات الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين.

كما تحدثت ويلمان عن الأساليب الإجرائية لزيادة الشفافية والمساءلة، مثل التحقيقات البرلمانية في المساعدات العسكرية وغير العسكرية التي تقدمها المملكة المتحدة لإسرائيل، وذكرت الجهود القانونية الرامية إلى الوقوف ضد وزارة الخارجية البريطانية بشأن تقييماتها لحقوق الإنسان المتعلقة بالمساعدة الأمنية المقدمة لإسرائيل.

أخيرًا، تطرقت ويلمان إلى الإجراءات القانونية ضد صادرات الأسلحة إلى إسرائيل، وأعربت عن أسفها لصعوبة إحراز تقدم قضائي حتى الآن، لكنها أكدت على أهمية الاستمرار في استكشاف السبل القانونية لزيادة الوعي الشعبي بالأزمة في غزة. واختتمت كلمتها بالتأكيد على قيمة الجهود التعاونية وتبادل الأفكار لوضع استراتيجيات تهدف إلى التخفيف من الأزمة الإنسانية في غزة.

في كلمته، تحدث إدوارد أحمد ميتشل، نائب المدير التنفيذي الوطني لمجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية، عن استجابة الجالية الإسلامية الأمريكية للأزمة في فلسطين، منتقدًا القيود المفروضة على المساعدات الإنسانية في ظل الظروف الحالية. وأشار ميتشل إلى أنه على الرغم من التبرعات الكبيرة من الجالية المسلمة الأمريكية وغيرها، فإن القضية الحقيقية تكمن في طريقة إيصال المساعدات إلى داخل، خاصة مع رفض إسرائيل مرورها عبر الطرق البرية، ومع تحكمها في عمليات الإنزال الجوي التي لا تكفي أصلًا حاجة المدنيين في غزة، ولم تتمكن من إنقاذ المواطنين من المجاعة.

في سياق متصل، انتقد ميتشل سلوك الحكومة الإسرائيلية العلني وسلط الضوء على دور وسائل التواصل الاجتماعي في الكشف عن المجاعة الطاحنة المتفشية في فلسطين، مقارنًا ذلك بالتغطية المتحيزة للقنوات الإخبارية الكبرى. وعلى الرغم من بعض النجاح في تغيير الرواية الرسمية، أعرب ميتشل عن إحباطه إزاء عدم وجود تغيير جوهري في السياسة الأمريكية تجاه، مؤكدا على إمكانية قيام الحكومة الأمريكية بوقف الدعم العسكري والمالي لإسرائيل كوسيلة للسماح بدخول المساعدات إلى غزة وإنهاء القصف إن أرادت الإدارة الأمريكية ذلك.

واختتم ميتشل حديثه بالتأكيد على التزام الجالية الإسلامية الأمريكية بالضغط على الحكومة الأمريكية لإنهاء دعمها للأعمال في فلسطين، مشددًا على الاعتقاد بأنه بدون تغيير في سياسة الولايات المتحدة، ستظل جهود المساعدات الإنسانية غير فعالة.

وشددت الناشطة الكينية ناعومي باراسا في كلمتها على التغيير الذي سببه الضغط الشعبي والسياسي ضد جرائم إسرائيل، قائلة بشكل قاطع: "ما يحدث ليس صراعًا... ما يحدث هو وضع واضح: ظالم ومظلوم، قوة استعمارية وأرض محتلة"، مؤكدة على رفضها لاستخدام مصطلح "الصراع" لوصف الوضع، وأصرت بدلا من ذلك على الاعتراف به على أنه استعمار وقمع وعدوان إسرائيلي ضد الفلسطينيين.

ما يحدث ليس صراعًا... ما يحدث هو وضع واضح: ظالم ومظلوم، قوة استعمارية وأرض محتلة
وسلطت باراسا الضوء على التأثير الكبير للاحتجاجات العالمية والضغط الذي فرضته هذه الإجراءات على قادة مثل الرئيس بايدن، مما أظهر فعالية التضامن العالمي، ودعت إلى مواصلة الضغط السياسي، ليس فقط في المحافل الدولية مثل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ولكن أيضًا من خلال السياسات الخارجية الوطنية التي تعطي الأولوية لحقوق الإنسان والإنسانية.

علاوة على ذلك، انتقدت السياسات التي تدعي دعم حقوق الإنسان، مثل السياسات الخارجية النسوية للدول الإسكندنافية، وأشادت بالجهود المبذولة لفضح وتحدي هذا النفاق، بما في ذلك الإجراءات المتخذة في المنتديات الدولية مثل لجنة وضع المرأة ضد العروض الإسرائيلية.

كما دعت باراسا إلى زيادة دعم حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) كوسيلة لممارسة الضغط الاقتصادي والسياسي على إسرائيل، مؤكدة أن اتباع نهج متعدد الأوجه، يتناول الجبهات الاقتصادية والسياسية والأيديولوجية، أمر ضروري لمواجهة إسرائيل ووضع حد لجرائمها.

أخيرًا، أشارت باراسا إلى الدور الحاسم للدعم الأمريكي في الجهود العسكرية الإسرائيلية، قائلة: "لو لم تكن أمريكا تدعم إسرائيل، لما تمكنت إسرائيل من الاستمرار في هذه الحرب لمدة 3-4 أسابيع".

في كلمته، شرح المحامي الهولندي هارون رضا دور "حركة 30 مارس" لمحاسبة المتواطئين في جرائم الحرب في غزة، وتحدث عن تركيز الحركة على التحقيق مع الأفراد، ولا سيما جنود الجيش الإسرائيلي ذوي الجنسيات المزدوجة (مثل جنود هولندا وبلجيكا وفرنسا)، الذين شاركوا في العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة. وأضاف رضا أن هذه التحقيقات، التي حفزها النشر العلني لأنشطة هؤلاء الجنود على منصات التواصل الاجتماعي مثل TikTok وInstagram، تهدف إلى محاسبتهم بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية، ونظام روما الأساسي، والقوانين المحلية للدول المعنية.

وذكر رضا أن الإجراءات قد بدأت بالفعل في هولندا، حيث تم تقديم الشكاوى إلى المحكمة الجنائية الدولية ومكتب المدعي العام الهولندي، ومن المقرر اتخاذ إجراءات مماثلة بالنسبة لبلجيكا وفرنسا، مشددًا على إن حركة 30 مارس ليست قانونية بطبيعتها فحسب، بل تخدم أيضًا غرضًا تعليميًا بهدف زيادة الوعي حول الوضع في غزة وسياقه التاريخي. وعلى الرغم من مواجهة معارضة مؤسسية، خاصة في هولندا، فإن وفرة الأدلة التي شاركها جنود الجيش الإسرائيلي على وسائل التواصل الاجتماعي جعلت مهمة جمع الأدلة أكثر وضوحًا مما كانت عليه في الصراعات السابقة.

وأعرب رضا عن تفاؤل حذر بشأن التغلب على التحيز القضائي في الدول الأوروبية، التي كانت على مدار العقود الماضية مترددة في فتح تحقيق ضد جنود الجيش الإسرائيلي بتهمة ارتكاب جرائم حرب، مؤكدًا أن الحركة تخطط لتصعيد شكاواها إلى المحاكم العليا لإجبارها على إجراء المزيد من التحقيقات والملاحقات القضائية.

كما سلط رضا الضوء على تطور مهم في المحاكم الهولندية فيما يتعلق بقضية قطع غيار الطائرات المقاتلة F35، حيث أقرت المحكمة العليا بإمكانية ارتكاب إسرائيل جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان، مشيرًا أنه يُنظر إلى هذا الاعتراف على أنه علامة أمل على تغيير وجهات النظر داخل السلطة القضائية فيما يتعلق بالإجراءات الإسرائيلية.

شارك هاني المدهون، مؤسس مطبخ إغاثة غزة، رحلته الشخصية والمؤثرة في الاستجابة للأزمة الإنسانية في غزة، مدفوعة بإحساس عميق بالإحباط والحاجة الملحة لمساعدة أسرته العالقة في القطاع، وأصدقائهم وجيرانهم.

والوضع في غزة، كما وصفه المدهون، سيئ للغاية، إذ يلجأ الأهالي إلى طحن أغذية الحمام والأرانب بسبب ندرة المواد الغذائية الصالحة للاستهلاك البشري، وأضاف أنه بسبب الحصار الذي فرض قيوداً مشددة على دخول المساعدات وضروريات الحياة الأساسية، بادر المدهون وعائلته إلى توفير احتياجات مجتمعهم من خلال إنشاء مطبخ للفقراء.

في البداية، كان الجهد بسيطًا، وهو استخدام "الكوسة" لطهي وجبات الطعام للأصدقاء والجيران، ثم توسع نشاط "المطبخ الإغاثي"، حيث بدأ شقيق المدهون بطهي كميات كبيرة من الطعام، ليخدم فيما يصل إلى 500 أسرة خلال شهر رمضان، وعلى الرغم من الدعم الذي قدمه المجتمع والفرق الملموس الذي كانوا يصنعونه، لا تزال التحديات هائلة، بدءًا من التأكد من توافر مكونات الوجبات، وحتى ضمان سلامة المتطوعين وسط مخاطر الحرب.

ولفت المدهون إلى المخاطر التي تواجه العاملين في المطبخ وغيرهم من المتطوعين في أي عمل إغاثي، إذ تستهدفهم الطائرات الإسرائيلية بصورة متعمدة أثناء قيامهم بتقديم المساعدات للمحتاجين.

الوضع في غزة، سيئ للغاية، إذ يلجأ الأهالي إلى طحن أغذية الحمام والأرانب بسبب ندرة المواد الغذائية الصالحة للاستهلاك البشري، وأضاف أنه بسبب الحصار الذي فرض قيوداً مشددة على دخول المساعدات وضروريات الحياة الأساسية، بادر المدهون وعائلته إلى توفير احتياجات مجتمعهم من خلال إنشاء مطبخ للفقراء.
عضو البرلمان الأيرلندي بول مورفي تحدث في كلمته عن الحاجة الملحة لحركة تضامن قوية مع فلسطين على مستوى العالم، واتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب واستخدام المجاعة كسلاح حرب ضد الشعب الفلسطيني.

وانتقد مورفي بشدة قرار النخبة السياسية الإسرائيلية بتجويع سكان غزة، مما دفع مئات الآلاف إلى حافة المجاعة مع عرقلة المساعدات الضرورية. وسلط الضوء على تواطؤ المجتمع الدولي، وخاصة العالم الغربي، في هذه الأعمال من خلال دعمهم السياسي والعسكري والاقتصادي لإسرائيل، والذي تم تسهيله بشكل خاص من قبل الإدارة الأمريكية.

وفي معرض حديثه عن استجابة قادة العالم والجمهور للأزمة، أشار مورفي إلى التفاوت بين خطاب الحكومات الغربية وأفعالها، ورغم ظهور حركات واحتجاجات في مختلف أنحاء العالم الغربي، بما في ذلك الرفض الكبير الذي ظهر في الانتخابات التمهيدية الديمقراطية في الولايات المتحدة والمظاهرات واسعة النطاق في أيرلندا وأوروبا، فإن هذه الحركات والاحتجاجات لم تسفر بعد عن تغييرات جوهرية في السياسات.

وشدد مورفي على عدم كفاية رد فعل الحكومة الأيرلندية، منتقدا رفضها استخدام مصطلح "الإبادة الجماعية"، وفشلها في فرض عقوبات على إسرائيل، وجهودها لمنع التشريعات التي تهدف إلى سحب الاستثمارات من إسرائيل أو الأراضي المحتلة. كما أشار إلى زيادة الشحنات العسكرية عبر أيرلندا، التي يفترض أنها تدعم الإجراءات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، دون تفتيش كاف أو معارضة من الحكومة الأيرلندية.

واختتم كلمته بدعوة إلى العمل، وحثت على مواصلة وتكثيف الاحتجاجات والضغط السياسي لإجبار الحكومات الغربية على اتخاذ خطوات ذات معنى نحو إنهاء الدعم للأعمال الإسرائيلية في غزة.

وجه ميشيل بيراس، النائب السابق في البرلمان الإيطالي، انتقاداً لاذعاً لرد فعل المجتمع الدولي للأزمة المستمرة في غزة، خلال كلمته في الندوة، مسلطًا بيراس الضوء على الوضع الإنساني الكارثي الذي تصاعد منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، لافتًا إلى العدد الضخم للقتلى الذي بلغ أكثر من 30 ألف مدني، كثير منهم من الأطفال، ومحنة أكثر من 1.5 مليون نازح يواجهون الجوع والمرض واليأس عند معبر رفح.

ولفت بيراس الانتباه إلى المعايير المزدوجة الصارخة في ردة الفعل الدولية، وقارن بين الدعم المالي الكبير الموجه نحو أوكرانيا في صراعها مع روسيا وبين رد الفعل الفاتر على الإبادة الجماعية المستمرة في غزة. وتساءل عن الأساس المنطقي وراء الاعتراف بوضع ما باعتباره غزوًا -في أوكرانيا- بينما يبدو أنه يتجاهل أو يقلل من خطورة وضع آخر، منتقدًا "المعايير المزدوجة التي لا تحتمل" المطبقة على الحقوق الفلسطينية والنضال من أجل الاستقلال.

كما تحدث بيراس عن صدمة وفزع وفد من السياسيين الإيطاليين والعاملين في المجال الإنساني الذين زاروا غزة، وأكدوا موقفهم الديمقراطي ورفضوا أي اتهامات بمعاداة السامية، لكنهم تأثروا بشدة بالأدلة المتوفرة على ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية وتطهير عرقي ضد الفلسطينيين.

وقال إن الدعوات لوقف إطلاق النار غير كافية لأنها تفشل في الاعتراف بالنطاق الكامل للمذبحة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني والمعاناة الطويلة تحت الاحتلال. وأكد بيراس أن الأحداث في غزة تكشف نوايا اليمين المتطرف الإسرائيلي، ودعا إلى نقلة نوعية في كيفية تعامل المجتمع الدولي مع الأزمة.

وطالب النائب السابق باتخاذ إجراءات حاسمة لوقف المجزرة في غزة، وشدد على ضرورة قيام المجتمع الدولي بإعطاء الأولوية لسلامة جميع الأفراد المعنيين، والالتزام بالقانون الدولي، ودعم حقوق الإنسان.

ويشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة منذ 7 أكتوبر الماضي، خلّفت عشرات آلاف الضحايا المدنيين، معظمهم أطفال ونساء، فضلا عن الدمار الهائل بحسب بيانات فلسطينية وأممية، ما أدى إلى مثول إسرائيل للمرة الأولى، أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية".
ويشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة منذ 7 أكتوبر الماضي، خلّفت عشرات آلاف الضحايا المدنيين، معظمهم أطفال ونساء، فضلا عن الدمار الهائل بحسب بيانات فلسطينية وأممية، ما أدى إلى مثول إسرائيل للمرة الأولى، أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية".