في ذكرى مرور 10 سنوات على
الانقلاب
العسكري في
مصر يظل مشهد 3 تموز/ يوليو 2013، الذي قاده حينها قائد الجيش
عبدالفتاح
السيسي، على الرئيس الراحل محمد مرسي، حاضرا في ذاكرة المصريين، كما أن السؤال يظل قائما عن موقع قادة "3 يوليو" عسكريين ومدنيين من السلطة الآن.
وحتى اليوم، يتداول مصريون صور من شاركوا في
الانقلاب، وقدموا له الدعم، ومن ارتكبوا جرائم بحق آلاف المصريين، بداية من
السيسي، ورئيس أركان الجيش حينها ووزير الدفاع لاحقا الفريق أول صبحي صدقي، وقائد
الجيش الثالث رئيس الأركان الحالي أسامة عسكر، وقائد الحرس الجمهوري ووزير الدفاع
الحالي الفريق محمد زكي.
ويبرز كذلك من العسكريين، مساعد وزير الدفاع للشؤون
الدستورية والقانونية وعضو المجلس العسكري اللواء ممدوح شاهين، ورئيس المخابرات
الحربية حينها ورئيس أركان الجيش السابق صهر السيسي، الفريق محمود حجازي، ومدير
مكتب السيسي رئيس المخابرات الحالي اللواء عباس كامل، وقائد الجيش الثاني أحمد
وصفي.
ومن وزارة الداخلية، يظل حاضرا اسم وزير
الداخلية محمد إبراهيم، وخاصة في مجزرة فض "رابعة"،
و"النهضة"، وما قبلها مثل "الحرس الجمهوري"،
و"المنصة"، وما بعدها مثل "مجزرة رمسيس الثانية"،
و"المطرية"، وذلك إلى جانب العديد من مساعديه، حينها.
ومنهم، مساعد وزير الداخلية لقطاع
الأمن المركزي أشرف عبدالله، ومساعد وزير الداخلية لخدمات الأمن العام أحمد حلمي،
ومساعد وزير الداخلية لخدمات الأمن الوطني خالد ثروت، ومدير أمن القاهرة أسامة
الصغير، ومدير أمن الجيزة حسين القاضي، ومدير الأمن المركزي بالجيزة مصطفى رجائي،
وقائد القوات الخاصة قائد عملية فض رابعة والنهضة اللواء مدحت المنشاوي، ومدير
المخابرات العامة اللواء فريد التهامي.
ومهد المشاركون في "أحداث 30
حزيران/ يونيو 2013"، و"انقلاب 3 يوليو"، من "غرفة عمليات
وزارة الدفاع"، لارتكاب مجزرة فض "رابعة"، 14 آب/ أغسطس 2013،
بمشاركة 7 آلاف ضابط وجندي من العمليات الخاصة، والتي وصفتها منظمة "هيومن
رايتس ووتش" بـ"إحدى أكبر وقائع القتل الجماعي لمتظاهرين سلميين بيوم
واحد في تاريخ العالم الحديث".
وتظل بعض أسماء السياسيين والمسؤولين التنفيذيين
حاضرة، بمشهد "3 يوليو" مثل أول رئيس للوزراء بعد الانقلاب حازم الببلاوي،
والرئيس المؤقت عدلي منصور، ونائبه الدكتور محمد البرادعي، والنائب العام الراحل
هشام بركات، والمرشحين الرئاسيين السابقين حمدين صباحي، وعمرو موسى، وغيرهم، من
الإعلاميين والصحفيين ورجال الأعمال.
"أطاح بالجميع"
اللافت هو أن السيسي، أطاح بأغلب
العسكريين والمدنيين المشاركين بمشهد "3 يوليو" وما بعده، ولم يبق منهم
إلا ووزير الدفاع الحالي الفريق محمد زكي، ورئيس أركان الجيش أسامة عسكر، واللواء
ممدوح شاهين، العقل القانوني الذي لا يستغني عنه، ورئيس المخابرات اللواء عباس
كامل.
وفي 19 حزيران/ يونيو الماضي، خرجت
تسريبات تقول بإطاحة السيسي، برئيس الأركان أسامة عسكر، وتعيين رئيس هيئة العمليات
بالقوات المسلحة الفريق أحمد خليفة، بمنصبه، وهو الأمر الذي لم يتم تأكيده.
صبحي صدقي
شريك السيسي الأول بالانقلاب على
الرئيس مرسي، وذراعه اليمنى بفض اعتصام رابعة والنهضة، وتمت ترقيته من رئيس أركان
الجيش إلى وزير للدفاع في آذار/ مارس 2014.
ورغم أنه تم تحصين منصبه من الإقالة في دستور
2014، إلا أن السيسي أقاله في 14 حزيران/ يونيو 2018، بعد 6 أشهر من استهداف طائرة
كان يستقلها بصاروخ في مطار العريش، في كانون الأول/ ديسمبر 2017.
ورغم
تعيين صبحي مساعدا لرئيس الجمهورية لشؤون الدفاع؛ إلا أنه اختفى عن الأنظار لنحو
عام ونصف، وكان أول ظهور له بعد الإقالة في كانون الأول/ ديسمبر 2019، بتشييع
جثمان رئيس أركان الجيش الجزائري قايد صالح.
محمود حجازي
رئيس المخابرات الحربية، وصهر السيسي،
وأحد المتورطين بمجزرة الفض، حسب "هيومن رايتس ووتش"؛ تم تعيينه رئيسا
لأركان حرب القوات المسلحة بعد ترقيته لرتبة فريق في آذار/ مارس 2014، وأقاله
السيسي في تشرين الأول/ أكتوبر 2017، وعينه بمنصب شرفي كمستشار لرئيس الجمهورية للتخطيط.
وفي 17 حزيران/ يونيو، أشارت مجلة
"إيكونوميست"، البريطانية، إلى أن السيسي يغير قادته العسكريين
باستمرار، وأنه قلق من بعض الجنرالات، وأنه يرغب في كبح طموح محمود حجازي، رئيس
المخابرات السابق، ووالد زوجة ابنه.
اللواء أحمد وصفي
قائد الجيش الثاني الميداني أثناء الانقلاب
العسكري، قام السيسي، بتهميشه عقب لقاء تليفزيوني مع الإعلامي عمرو أديب، قال فيه إنك لو رأيت أحد قادة الجيش تولى منصبا فإن ما حدث في 3 يوليو 2013، انقلاب عسكري.
وولاه السيسي، منصب رئيس هيئة تدريب
القوات المسلحة في آذار/ مارس 2014، ثم زاد من تهميشه بتعيينه بمنصب شرفي كمساعد
لوزير الدفاع في أيار/ مايو 2017، فيما أشارت تسريبات صحفية إلى أن تحقيقات أجريت مع
وصفي، بتهم فساد مالي، في أيار/ مايو 2018.
محمد فريد التهامي
مدير المخابرات العامة أثناء الانقلاب،
وأحد الضالعين في مجزرة "رابعة" بحكم منصبه، ورغم أنه رأس السيسي خلال
عملهما في المخابرات الحربية في عهد حسني مبارك إلا أن السيسي وبعد 6 أشهر من
توليه رئاسة مصر، أقال التهامي في 21 كانون الأول/ ديسمبر 2014.
عدلي منصور
كان رئيسا لمحكمة الدستورية العليا،
وحلف اليمين الدستورية كرئيس مؤقت باليوم التالي للانقلاب 4 تموز/ يوليو 2013،
وتمت بعهده مجزرة "رابعة"، ومرر العشرات من القوانين المثيرة للجدل خلال
عام حكمه، ثم انتهت مهمته بتسليم السلطة للسيسي في 4 حزيران/ يونيو 2013.
حازم الببلاوي
أول رئيس وزراء لمصر بعد الانقلاب في 9 تموز/
يوليو 2013، والذي شهدت وزارته مجزرة "رابعة" وغيرها؛ ولم يستمر طويلا
لتتم إقالته بعد احتجاجات عمالية في 24 شباط/ فبراير 2014، ليغادر مصر للعمل بمنصب
المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي.
والببلاوي، أول مسؤول مصري عن مجزرة رابعة يُرفع
ضده قضية دولية؛ من الناشط محمد سلطان، الذي تم اعتقاله وتعذيبه وحبسه بعهد
الببلاوي، لكن حصانة عمله كمسؤول دولي منعت محاكمته.
محمد إبراهيم
تم تعيينه وزيرا للداخلية في 5 كانون
الثاني/ يناير 2013، في عهد الرئيس مرسي، وارتكبت وزارته مذبحة "الحرس
الجمهوري"، و"المنصة"، و"رمسيس" الأولى والثانية، وفض
"رابعة العدوية" و"النهضة"، في 2013، ومذبحة "ألتراس
وايت نايتس" بملعب "الدفاع الجوي" في شباط/ فبراير 2015.
أقاله السيسي، في 5 آذار/ مارس 2015، ولم
يعلم بقرار إقالته إلا بعد أن أدى خلفه اللواء مجدي عبدالغفار اليمين الدستورية،
فيما تم تعيينه مستشارا لرئيس مجلس الوزراء.
مدحت المنشاوي
أحد قادة الداخلية أثناء الانقلاب،
وقائد عملية فض "رابعة"، وقائد مجزرة "كرداسة" بالجيزة، وقائد
حملات اعتقال كبار قيادات جماعة الإخوان المسلمين عقب الانقلاب؛ وتمت إحالته
للاستيداع من منصب مساعد الوزير للتدريب لبلوغه سن المعاش بداية العام 2017.
أشرف عبدالله
مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن المركزي أثناء
الانقلاب وخلال فض "رابعة"؛ تم إنهاء خدمته بمنصب مساعد وزير الداخلية
للتدريب لبلوغه سن المعاش في 10 كانون الأول/ ديسمبر 2015.
خالد ثروت
مساعد وزير الداخلية للأمن الوطني
أثناء الانقلاب وخلال فض "رابعة" وانتهت خدمته بمنصب مساعد الوزير للأمن
الاقتصادي لبلوغه سن المعاش في شباط/ فبراير 2017.
أسامة الصغير
مدير أمن القاهرة، أثناء الانقلاب
وشريك فض "رابعة"؛ تمت إحالته للاستيداع لبلوغه المعاش نهاية كانون
الأول/ ديسمبر 2015، بمنصب مساعد أول لوزير الأمن الاقتصادي.
حسين القاضي
مدير أمن الجيزة، أثناء الانقلاب وشريك في فض اعتصام "النهضة"؛ أقاله وزير الداخلية محمد إبراهيم بعد أسبوعين من
مجزرة الفض في 28 آب/ أغسطس 2013.
"الجنرال والإمام والبابا"
وفي تعليقه، قال الباحث مصطفى خضري:
"لو نظرنا للمشهد السياسي الحالي مقارنة بتحالف بيان 3 يوليو 2013؛ فهناك ثلاث شخصيات فقط بصدارة المشهد ويمتلكون قوة حقيقية، الجنرال السيسي، وشيخ الأزهر
الدكتور أحمد الطيب، ورأس الكنيسة الأرثوذوكسية البابا تواضروس، أما الباقون فتمت إزاحتهم
من المشهد".
رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي
العام "تكامل مصر"، وفي إجابته على تساؤل "عربي21"، حول مدى
اعترافهم بالمسؤولية عن ما جرى، أكد أنه "لم يصدر اعتراف صريح بالمسؤولية من أي
مشارك رئيسي بتلك الأحداث حتى الآن، لكن لو نظرنا لحضور المشهد فسنجد أنهم جُمعوا
على عجل".
وعن أهم الشخصيات التي استفادت من
المشهد، قال خضري: "ستظل 3 يوليو وصمة عار لكل مشارك مهما كانت نيته، فهم ما
بين مجرم شارك بصناعتها عالما بما ستؤدي إليه، أو ساذج تم استخدامه".
وأضاف: "لا أستثني ممن شاركوا إلا
شيخ الأزهر، والذي كانت مشاركته على مضض".
أما أكبر المستفيدين وفق الباحث المصري، فهو
"البابا تواضروس، حيث حصل في 10 سنوات على كم هدايا غير قانونية أكثر من أي
بابا آخر، كتقنين أكثر من ألفي كنيسة بنيت على أراض زراعية بدون ترخيص".
ويرى أن "بعض صبيان الانقلاب ممن
صدروهم بحركة تمرد، والذين نثروهم بمجالس النواب والشيوخ وحقوق الإنسان استفادوا
أيضا، وكذا بعض بواقي اليسار أمثال حمدين صباحي، والذي تمت مكافأته أخيرا نظير
خدماته بمنصب شرفي، هو الأمين العام للمؤتمر القومي العربي".
ويرى خضري، أن "أهم الشخصيات التي
خرجت من المشهد هي الدكتور البرادعي، والذي شارك بالانقلاب متأملا أن يصبح رئيسا
للجمهورية وانتهى به الأمر ناشطا على تويتر من النمسا".
"عقدة السيسي النفسية"
من جانبه قال الخبير في الشؤون
السياسية والاستراتيجية الدكتور ممدوح المنير، إن "انقلاب 3 يوليو نقطة فاصلة
سوداء بتاريخ مصر الحديث، وإن حجم التغيير الاجتماعي والسياسي والاقتصادي الذي أحدثه
السيسي ببنية الدولة ستحمله الأجيال القادمة".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف:
"شاركت شخصيات مدنية وعسكرية بصناعة الانقلاب بعضها مدفوع بمصالحه أو كراهيته
المحضة لجماعة الإخوان المسلمين، والآخر توهم أنه يمكن للدبابة بناء ديمقراطية وأن
الجنرالات يمكنهم قيادة وطن بالحرية والعدالة الاجتماعية".
واستدرك: "لكن السيسي، أثبت للجميع وبوضوح أنهم
كانوا وما زالوا أدوات يخلص منها سريعا عندما لا يحتاجها أو تتحول إلى عبء عليه".
المنير، ضرب مثلا بتحول "البرادعي، من نائب
رئيس للجمهورية وعراب للانقلاب بالخارج لعدو لدود، وانتهى به المطاف بأشهر الانقلاب
الأولى إلى حيث أتى، وكذلك الرئيس المؤقت عدلي منصور، ورئيس مجلس القضاء الأعلى
حامد عبدالله، وأحمد الزند، وجميعهم تم تهميشهم بعد انتهاء دورهم".
وأشار إلى أن "القضاة الذين كانوا أدواته
الرئيسية مع البندقية بتصفية المعارضة قام بتحجيمهم ماليا بضمهم للفئات الخاضعة
لقانون الحد الأقصى للأجور، منتصف 2014، ثم خفض نسبة الاستعانة بهم كمستشارين، ثم
سيطر على التعيينات بالهيئات القضائية بإصداره القانون (13 لسنة 2017)".
ولفت إلى تخلص السيسي، من "رئيس الوزراء
الأسبق، حازم الببلاوي، ونائبيه حسام عيسى، وزياد بهاء الدين، ووزير الخارجية نبيل
فهمي، وحرقهم سياسيا، ضمن قائمة تطول في الإعلام و حركة (تمرد) وغيرهم".
ويرى المنير، أن "التغييرات الأكثر إيلاما
أو غدرا من السيسي، طالت قادة الجيش، حيث تخلص من أعضاء المجلس العسكري الذي
شاركوه الانقلاب حتى صهره محمود حجازي رئيس أركان الجيش السابق".
وأكد أن "السيسي تخلص من 32 قائدا بالجيش،
بتعيينهم في وظائف شرفية لتخفيف حالة الاحتقان"، خاتما بقوله: "وهكذا
يظل وحيدا خائفا، فمن يخون مرة يتوقع الخيانة ألف مرة".
"لعنة الدماء"
الكاتب والباحث المصري محمد فخري، في
تعليقه قال: "أصابت لعنة أحداث 30 يونيو، وما ترتب عليها معظم من شارك فيها
سواء القادة أو الجماهير، والأيام شاهدة على أنه أضير كل من تصدر المشهد، من شخصيات عسكرية وشرطية وعدلية
ومدنية".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف: "لم
يبق في الخدمة من قادة المجلس العسكري آنذاك، سوى شخصية واحدة، وهي اللواء ممدوح
شاهين، الجميع أطيح به، ومر على البعض أحداث دراماتيكية لم يكن يتخيلها".
وعلى المستوى القضائي، أكد فخري، أنه
"حُددت إقامة رئيس نادي القضاة الأسبق أحمد الزند، وهو الذي كان يستنجد برئيس
الولايات المتحدة أثناء حكم الرئيس مرسي، في حين اُغتيل هشام بركات النائب العام
المصري منتصف 2015".
وواصل الباحث المصري سرد المفارقات،
موضحا أنه "على الرغم من أن ما سُميت بالقوى المدنية استجابت وشاركت المؤسسة العسكرية وفي القلب منهم الجنرال
السيسي في صنع الغطاء الشعبي لأحداث 30 يونيو، إلا أن ذلك لم يغفر لها".
وتابع: "تعرضت للتنكيل والحبس والمطاردة
شخصيات عرفت نفسها كممثلة للتيار المدني، وأخرى كانت طافية على أحداث ثورة يناير،
وثالثة أطلقت على نفسها جبهة الإنقاذ، وغير ذلك عشرات الشخصيات الطفيلية السياسية،
إلا أنه منذ أطبق السيسي على مقاليد الحكم حتى عصف بالجميع".
فخري، لفت إلى أن "منهم العشرات من رجال
الأعمال، الذين دعموا أحداث 3 يوليو، أملا في استعادة المناخ الفاسد الذي سبق ثورة
يناير، والذي كونوا فيه ثرواتهم".
وأكد أنه "سرعان ما طاردهم صديق
الأمس فنكل ببعضهم وسجن البعض واستولى على أموال البعض، وهرب منه البعض الآخر؛ فقد
مات محمد الأمين بالسجن بتهمة مشينة، وخرج حسن راتب من السجن بعد قضائه العقوبة،
كما خرج أيضا صفوان وصلاح دياب إثر تفاهمات، في حين توقف آل ساويرس والعشرات
غيرهم".
وختم بالقول: "لا يفوتنا التذكير بأن عموم
المواطنين تعرضوا للطحن الاقتصادي سواء من
كان ضد أحداث 30 يونيو أو من شارك استجابة لنداء البابا والكنائس، أو لحشد شخصيات
الحزب الوطني السابق، أو الأجهزة الأمنية، الجميع أصابته لعنة الدماء التي مهدت
لها أحداث 30 يونيو".