الكتاب: صفحات من مسيرتي النضالية
الكاتب: مذكرات جورج حبش
الناشر: مركزدراسات الوحدة العربية،بيروت،
الطبعة الأولى، كانون الثاني/يناير2019
384 صفحة من الحجم المتوسط.
ارتبط المشروع الصهيوني في إقامة دولة على أرض فلسطين بوثيقة سياسية بريطانية هي تصريح بلفور في 2 تشرين الثاني /نوفمبر1917. وهو في الواقع محض رسالة موجهة من الوزير البريطاني للشؤون الخارجية، اللورد بلفور، إلى اللورد روتشيلد. وجاء قيام الكيان الصهيوني عام 1948 ضمن مخطط استعماري استهدف المنطقة كلها بما فيها فلسطين. وكان الوجود الصهيوني في فلسطين جزءاً منه، إذ قام المخطط الاستعماري على تجزئة العالم العربي، وضمان تخلفه، وتنصيب فئات رجعية قيادات في كل "دولة" من دوله. وهدف الوجود الصهيوني الحفاظ على هذه الفسيفساء. وظل الكيان الصهيوني مرتبطاً بحركة الرأسمالية العالمية عندما كان مركزها في أوروبا، وأصبح جزءاً من المخطط الإمبريالي الأمريكي حين انتقل مركز هذه الرأسمالية العالمية إلى أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية.
قرار التقسيم وتداعياته
ومنذ نهاية تشرين الثاني /نوفمبر1947، ازدادت حدة الإرهاب الصهيوني. وبعد صدور قرار التقسيم، اتخذت الصهيونية كل التدابيرالكفيلة بإعاقة تأسيس دولة عربية فلسطينية، لكي يستولوا في المستقبل على الأراضي التي خصصتها هيئة الأمم المتحدة لهذه الدولة، وتشير صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن الإرهابيين الصهاينة قد هاجموا واحتلوا قبل 15 أيار (مايو) 1948 ثمانية عشر مدينة و قرية.
وهكذا بدأ العنصريون الصهاينة تحت ستار "الدفاع عن النفس" اعتداءات مكشوفة: فقد كان الإرهاب موجهاً نحو التنكيل بالعرب أو طردهم. ففي 10 نيسان (أبريل) 1948 ذبح جميع سكان قرية دير ياسين العربية، و فيما بعد اعترف بيغين رئيس الـ "ايرغون نسفي ليومي" أن المجازر الصهيونية الدموية وما كان يرافقها من إشاعات مرعبة قد تمخضت عن هروب 650 ألف عربي وصل بهم الذعر إلى درجة الجنون.
الاستعمار الاستيطاني الصهيوني في فلسطين، هو اقتطاع ظالم لأرض شعب فلسطين، حصل بقوة ودعم القوى الاستعمارية الأوروبية
المذابح الجماعية
وقد أصبحت سياسة المذابح الجماعية ضد العرب، السياسة الرسمية للدولة اليهودية الجديدة. وتحولت "إسرائيل" منذ ظهورها إلى عش للعدوان والتطهيرالعرقي والحرب، ضد البلدان العربية. وما أن تأسست الدولة الصهيونية، حتى أعلن بن غوريون رئيس وزراء الحكومة الصهيونية في الأيام الأولى لرئاسته، أن تأسيس "إسرائيل" ليس سوى بداية للنضال من أجل تأسيس الدولة اليهودية "من النيل إلى الفرات" ولم ينكر أن دولة "إسرائيل" ليست هدفاً بحد ذاتها، بل وسيلة لتحقيق الهدف.
في كتابه "صفحات من مسيرتي النضالية" الصادر عن مركز دراسات الوحدة العربية، يتذكر الحكيم جورج حبش تاريخ تلك المجازر التاريخية الرهيبة التي كان يقودها بن غوريون، ولا سيما الحرب على اللد والرملة التي كانت جزءًا أساسيًا من حرب القدس، و"حرب القدس هي حرب أرض إسرائيل"، كما يقول بن غوريون.. لهذا كانت المجازر أولاً، كما حدث في مسجد اللد، حيث احتمى المدنيون العزّل قبل أن تقوم العصابات الصهيونية بقتلهم في مجزرة رهيبة أصبحت موثقة في الأرشيفيات الصهيونية رغم أننا لا نحتاج إلى ذلك لنعرف أن أهلنا قذ ذبحوا هناك بلا رحمة 500 مدني تقريبًا، برغم الاعتراف الصهيوني بما بين 200 و300، وكان كذلك القتل العشوائي أيضًا وإطلاق النار على أي شيء وكل شيء أثناء محاولة احتلال اللد والرملة"(ص25 من الكتاب).
وكان الحكيم جورج حبش شاهدًا حيًّا على تلك المجازر وعاش مآسيها لحظة بلحظة مع أهله وأبناء بلدته، فقد وُلِدَ جورج حبش في مدينة اللد في فلسطين المحتلة عام 1925 لأسرة ميسورة الحال. وعايش "الحكيم"، (وهي صفة ملازمة ومناسبة تمامًا لشخص جورج حبش، لا مجرد توصيف لمهنة. فأكثر "حكماء الشرق مشاعيون" كما يذكرنا هادي العلوي في مداراته الصوفية، فيما "أكثر ساسته إقطاعيون". والحكماء يتبادلون المعرفة مع الخلق، والسياسيون يتبادلون الأخذ والعطاء مع المالكين). الإضراب الكبير في فلسطين عام 1936، والثورة الحقيقية للشعب الفلسطيني ضد الانتداب البريطاني في سنوات 1936 ـ 1939، حيث كان من أبرز قادتها عبد القادر الحسيني وأبو إبراهيم الكبير (خليل محمد عيسى عجاك).
عن تلك المرحلة ، يقول جورج حبش: "ثمة حادثة تركت أثرًا في نفسي مازلت أتذكرها جيدًا. كان يعلمني درس الحساب أستاذ اسمه وصفي الطاهر في اللد. وفي يوم من الأيام وأثناء إعطائنا درس الحساب، طلب الأستاذ وصفي من التلاميذ التوقف عن الكتابة والوقوف صامتين، ووقف هو صامتًا ينظر في الساعة وبعد نحو دقيقة من الصمت أشار إلينا بالجلوس، وقال: في هذه اللحظات قام الإنكليز بإعدام ثلاثة من الأبطال الذين ضحوا بحياتهم في سبيل الوطن (هم الشهداء محمد جمجوم وعطا الزير وفؤاد حجازي. وقد رأيت الدموع في عينيه (ص46)".
دور الاستعمار البريطاني
إن الاستعمارالاستيطاني الصهيوني في فلسطين، هو اقتطاع ظالم لأرض شعب فلسطين، حصل بقوة ودعم القوى الاستعمارية الأوروبية. فخلق "إسرائيل" إنما كان إهانة للعرب كشعب، فضلاً عن أن الدول الاستعمارية الأوروبية بررت وجودها كأداة قمع لحركة التحررالوطني العربية.
وكان حاييم وايزمان، الذي كان يقود الحركة الصهيونية العالمية آنذاك والذي سيصير أول رئيس لدولة "إسرائيل"، كتب في عام 1914 إلى موظف سامي المقام في وزارة الشؤون الخارجية: "إنني أدرك بطبيعة الحال أننا لسنا إلا ذرة، ولكن في مقدورنا القول على نحو يقبله العقل إنه إذا ما سقطت فلسطين في دائرة النفوذ البريطاني، وإذا ما شجعت بريطانيا العظمى إقامة اليهود هناك، على سبيل التبعية البريطانية، فسيكون في مستطاعنا أن يكون لنا خلال خمسة وعشرين أوثلاثين عاما مليون يهودي أوأكثر، ولسوف يطورون البلد، ويجلبون إليه الحضارة، ويؤلفون حرساً فعلياً لقناة السويس".
كسبت الحركة الصهيونية دولتها بالعنف، واستولت بالقوةعلى التراب الفلسطيني، وأسست دولة غريبة ليهود مهاجرين
قاتل الشعب الفلسطيني والأمة العربية لرفض قرارالتقسيم قبل صدوره، ومنذ صدوره حتى الآن
تداعيات هيمنة حلم الدولة على تراجع مشروع التحرير في فلسطين
الكيان السياسي الفلسطيني.. النشأة والمسار
وسطاء الخداع.. عن حقيقة الدور الأمريكي في عملية السلام