أكد سياسيون ومراقبون أنه بات من المؤكد للإدارة الأمريكية أن زعيم الانقلاب في مصر، عبدالفتاح السيسي، يسعى إلى إنجاز مشروعيه الكبيرين على قدم وساق؛ وهما التعديلات الدستورية، والانتهاء من العاصمة الإدارية الجديدة، أو "المنطقة الخضراء" كما أطلقت عليها الباحثة الأمريكية في مركز كارنيغي للسلام، ميشيل دون في مقالها الأخير تحت عنوان "السيسي يبني منطقة خضراء بمصر".
ورأت الباحثة الأمريكية أن المشروع السياسي الكبير الذي يحث السيسي الخطى لإتمامه وتنفس الصعداء، هو التعديلات الدستورية؛ لإلغاء عدد مرات المدد التي يحددها الدستور الحالي للرئاسة بمدتين فقط، ليحكم إلى الأبد من خلال المنطقة الخضراء بعد عام 2020 أو قبلها، بعيدا عن أي حشود جماهيرية غاضبة في المستقبل.
واشنطن تعلم وتراقب
وفي هذا الصدد، أكد رئيس مركز العلاقات المصرية – الأمريكية في واشنطن، صفي الدين حامد، أن دوائر صنع القرار في أمريكا تعلم بما يخطط له السيسي جيدا، قائلا: "أجهزة الاستخبارات الأمريكية موجودة في كل أنحاء مصر، والسيسي هو ورقة مكشوفه للجانبين الأمريكي والإسرائيلي".
وفي تصريحات لـ"عربي21" رهن قبول واشنطن بمخططات السيسي بعدم حدوث اضطرابات، قائلا: "مفهوم للأمريكان تماما أن السيسي كأي ديكتاتور ومستبد يريد أن يمتد حكمه إلى الأبد، ولا يهم من يحكم مصر أو كيف، مادام حكمه مستقر، ولا يزعزع مصالحهم الإستراتيجية في المنطقة، ولا تُمس مصالح إسرائيل وأمنها بسوء، والسيسي هو جزء من المنظومة الصهيونية وسيعمل جاهدا على ضمان الأمرين لضمان بقائه".
اقرأ أيضا : هل يستلهم السيسي تجربة إيران للبقاء بالسلطة.. كيف ذلك؟
وأضاف: "أعتقد أن السيسي سينجح في تحقيق أهدافه المرحلية بتعديل الدستور، خاصة مع موجود رئيس برلمان مثل علي عبدالعال. وفيما يتعلق بالعاصمة الإدارية أو المنطقة الخضراء كما وصفُتها أنا من قبل ووصفتها الكاتبة ميشيل دون في مركز كارنيغي، أيضا ليس مستحيلا على نظام السيسي استكمالها كما هو مخطط له".
وكشف حامد أنه "على علم من خلال الدوائر الهندسية والإنشائية أن مشروع العاصمة الإدارية يجري على قدم وساق بعد أن رصدت له كل الأموال اللازمة، لكن في المراحل النهائية لن يضمن السيسي الولاء والسيطرة على مصر وكل المصريين، وسوف تستمر مصر في حالة عدم استقرار، ويضعها دائما على حافة بركان".
المنطقة الخضراء
وقال الباحث والأكاديمي، محمد سليمان الزواوي، لـ"عربي21" إن "نظام السيسي هو امتداد للنظام الأمني العسكري الذي أنشأه انقلاب 1952، ومن ثم فإن ثورة يناير كانت بالأساس ضد هذا النظام، والذي خرج من تلك الثورة بدروس لعدم تكرارها، ولكنها تظل دروسا أمنية فقط بالنظر إلى تركيبة النظام ونخبته، ومن ثم فإن تأمين مقر إقامة الرئيس وعزله عن أية تظاهرات محتملة وإحاطته بنخبته وحرسه داخل مدينة مسورة لن يحقق له الأمن الذي ينشده في ظل تصاعد الانسداد السياسي في الدولة المصرية".
ورأى أن "هذا الانسداد السياسي وغلق منافذ التعبير عن الرأي ربما يفيد على المدى القصير، ولكن على المدى البعيد فإن الأمور مرشحة لانفجار قوي ومدوي، وعلى الأرجح لن تقوده نخبة سياسية سلمية، بالنظر إلى اعتقال النظام للنشطاء من مختلف الطيف السياسي المصري، فالنجاح الأمني وحده لن ينقذ الفشل السياسي والاقتصادي والاجتماعي للنظام".
اقرأ أيضا: برلمان السيسي يسعى لتعديل دستوري يتيح له الحكم لـ"الأبد"
وقلل الزواوي من قدرة العاصمة الإدارية الجديدة على حماية السيسي على رقعة صغيرة من أرض مصر، قائلا: "إن "المنطقة الخضراء" الآمنة للنظام بحسب وصف مقال ميشيل دون لن تفيده شيئًا في حال اندلاع انتفاضة على غرار انتفاضة يناير أو أشد، بالنظر كذلك إلى أن مبارك كان يستخدم مدينة شرم الشيخ للغرض ذاته باعتبارها معزولة عن قلب العاصمة، ولكنها لم تمنعه من السقوط في النهاية".
قلعة رمال السيسي
بدوره؛ قال رئيس الدائرة المصرية بمركز حريات للدراسات السياسية والاستراتيجية، إسلام الغمري، لـ"عربي21": "إن النزعة الفرعونية للجنرال السيسي والتي ظهرت في العديد من خطاباته يفسر بوضوح مساعية الحثيثة للحكم المطلق مع شريكيه عباس كامل ومحمود السيسي خاصة بعد الإطاحة برفاقه ومعاونيه من أعضاء المجلس العسكري وشركاء الانقلاب".
ورأى أن التحدي الأكبر للسيسي "هو تخطي عقبة الدستور والذي كتب على عينه عقب الانقلاب، ولكنه لم يُفصًل بشكل محكم عليه، فلم يجعل منه إله أو فرعون فرد يحكم مدى الحياة، كما جعل بعض الصلاحيات للبرلمان ومجلس الوزراء ، لذلك وصف السيسي هذا الدستور بأنه دستور النوايا الحسنة، وأن الدول لا تبني بالنوايا الحسنة ، ومن أخطر المواد التي قيل أن السيسي يسعي لوضعها هو استحداث منصب المجلس الأعلى لحماية الدستور وأن يرأسه السيسي مدى الحياة، ويجعل من منصب رئيس الجمهورية مجرد سكرتارية للسيسي".
وفيما يتعلق بالعاصمة الإدارية، أكد الغمري أن "السيسي يسعى للانتهاء من " المستعمرة الصهيونية ، العاصمة الإدارية الجديدة" أو كما يطلق عليها البعض اسم (المنطقة الخضراء)، ويقوم الجيش بحراستها، ويجعل الحكومة بمنزلة ضيوف العسكر، وتجعل من الوزاء والمسؤولين مجرد رهائن مسلوبي الاراده يتحكم فيهم السيسي وجنرالاته"، مشيرا إلى أن هذا التحول ينذر بكارثة "فبدلاً من اهتمام الجيش بحماية الحدود وتأمين البلاد يصبح همه الشاغل المرابطة على وحول أسوار عاصمة السيسي، ولكن النظام لا يرتكز على أي مقومات حقيقية للبقاء، وانما علي بنيان من رمل يوشك أن ينهار."
هكذا اعتذر وزير لبناني من مصر بعدما وصفها بـ"القذرة" (شاهد)
لماذا وافق السيسي على تعديل قانون الجمعيات الأهلية؟
السيسي: جيش مصر سيتحرك إذا تعرض أمن الخليج للخطر