نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للمعلق إيشان ثارور، يتساءل فيه عن سبب عدم اهتمام إسرائيل بقتل الفلسطينيين، مشيرا إلى مقتل 15 فلسطينيا، وإصابة المئات نهاية الأسبوع الماضي.
ويتحدث ثارور في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، عن مسيرات العودة، التي شارك فيها 30 ألف فلسطيني على الجدار العازل بين غزة وإسرائيل؛ للاحتجاج على الحصار الخانق المفروض عليهم منذ سنوات، وتشريد دولة إسرائيل لآبائهم وأجدادهم.
ويؤكد الكاتب أن "التظاهرة كانت سلمية، كما في التظاهرات التي تجري في الضفة الغربية وقطاع غزة كلها، حيث جلست العائلات تتنزه في ظل الجدار ورفعت العلم الفلسطيني، إلا أن هذه التظاهرة على خلاف تظاهرات سابقة انتهت بالدموع".
وتنقل الصحيفة عن فائق الصباغ، قوله: "أخذت أحفادي وذهبنا في تظاهرة سلمية.. وذهبنا للتأكيد أن هذه هي أرضنا، وما وجدناه كان مختلفا".
ويورد ثارور نقلا عن السلطات الإسرائيلية، قولها إنها فتحت النار لأن بعض المتظاهرين اقتربوا من السياج، حيث حرقوا عجلات السيارات ورموا الحجارة وقنابل المولوتوف، مؤكدا أن "الصور التي التقطت والفيديوهات تظهر أن الجنود الإسرائيليين استهدفوا المتظاهرين العزل، بل أيضا الذين هربوا وأداروا ظهورهم للجنود الذين قتلوا على يد قناصة الجيش الإسرائيلي عن بعد، وكان من بينهم بدر الصباغ (20 عاما)، وهو ابن فائق، الذي قتل بعد دقائق من وصوله إلى التظاهرة لمراقبة ما يجري".
ويقول شقيقه للصحيفة: "طلب سيجارة، أعطيته واحدة وأخذ منها نفسين ليصاب برصاصة في رأسه".
ويعلق الكاتب قائلا إن "هذا القتل يعد أسوأ الأحداث التي شهدتها غزة منذ عام 2014، التي قالت الأمم المتحدة إن 1462 شخصا قتل فيها".
ويجد ثارور أن "التظاهرات الأخيرة كشفت عن عبثية ويأس المقاومة الفلسطينية، وحصانة الجيش الإسرائيلي النسبية عندما يأخذ أرواح الفلسطينيين، فلم يعبر رئيس الوزراء اليميني بنيامين نتنياهو عن تعاطف أو ندم على ما جرى يوم الجمعة، حيث قال إن إسرائيل تتصرف بحزم وبتصميم لحماية سيادتها ومواطنيها".
ويشير الكاتب إلى أن "وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان تجاهل المطالب الدولية بالتحقيق فيما جرى، وأكد أنه لن يكون هناك أي تحقيق بأي حال من الأحوال، قائلا إن الجنود الإسرائيليين الذين يشرفون على السياج يستحقون الشكر، بل إن الجيش الإسرائيلي فاخر يوم السبت بأن قواته سيطرت على الوضع، وحتى عدد القنابل التي أطلقها الجنود".
ويستدرك ثارور بأن الجيش الإسرائيلي محا تغريدته بعدما ظهرت صور ولقطات عن جنود يطلقون النار على الفلسطينيين الفزعين الفارين والمبتعدين عن السياج.
وتنقل الصحيفة عن متحدث باسم منظمة حقوق الإنسان "بيتسيلم" أميت غيلوتز، قوله: "هذه نتائج متوقعة من قيادة غير شرعية: جنود إسرائيليون يطلقون النار على متظاهرين عزل"، وأضاف: "ما هو واضح أن لا أحد من القناصة على الأرض إلى المسؤولين الكبار، الذين حولوا غزة إلى سجن ضخم، سيحاسبون يوما ما".
ويعلق الكاتب قائلا إن "إسرائيل لا تخشى شيئا من موقفها المتحدي؛ لأن معظم النقد جاء من تركيا وإيران، اللتين تعطي كل واحدة منهما الفرح لنتنياهو لا الضيق، فيما وقفت إدارة دونالد ترامب في مجلس الأمن أمام بيان دعا (لتحقيق مستقل وشفاف)، وأكد حق الفلسطينيين في الاحتجاجات السلمية".
ويلفت ثارور إلى أنه عندما عبرت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية هيذر نوريت عن "حزنها العميق"، تدخل مبعوث ترامب للشرق الأوسط جيسون غرينبلات ووقف إلى جانب إسرائيل، وحمّل حركة حماس مسؤولية "المسيرة المعادية".
ويؤكد الكاتب أن "ترامب ساعد على مفاقمة الغضب بين الفلسطينيين، حيث دعا الفلسطينيون في غزة والضفة الغربية إلى التظاهر حتى 15 أيار/ مايو، وهو يوم ذكرى النكبة الفلسطينية، واليوم الذي ستنقل فيه واشنطن سفارتها للقدس، في اعتراف علني وصريح بسيادة إسرائيل على القدس، وحرمان للفلسطينيين من أي حق فيها".
ويقول ثارور إن "اختيار البيت الأبيض ذلك اليوم لافتتاح السفارة عزز موقف الفلسطيينيين بأن أمريكا لم تعد شريكا يوثق به في العملية السلمية".
وتورد الصحيفة نقلا عن السيناتور الأمريكي المستقل عن ولاية فيرمونت، بيرني ساندرز، قوله في تغريدة يوم 31 آذار/ مارس: "إن قتل المتظاهرين الفلسطينيين على يد القوات الإسرائيلية في غزة مأساوي، ومن حق الشعوب كلها التظاهر من أجل مستقبل أفضل دون رد عنيف"، وأضاف: "في الوقت ذاته يظل الوضع في غزة كارثة إنسانية، وعلى الولايات المتحدة أداء دور إيجابي لوقف الحصار على غزة، ومساعدة الفلسطينيين والإسرائيليين على بناء مستقبل يخدمهما".
ويرى الكاتب أنه بالنسبة للموقف العربي فإنه أيضا لا رجاء منه، وكما ناقشنا من قبل فإن قوى رئيسة في المنطقة، مثل مصر والسعودية، تحركت قريبا من إسرائيل في السنوات الأخيرة الماضية، فمن الواضح أن الفلسطينيين المحرومين من دولتهم يحصلون على دعم الشعوب العربية، أما الأنظمة فتعدهم مجرد إزعاج يعرقلون جهودها لمحاربة الأحزاب الإسلامية في بلدانها ومواجهة إيران".
ويختم ثارور مقاله بالقول إن "أحداث الجمعة يجب النظر إليها على أنها جزء من الصراع بين حركتي فتح وحماس، حيث فشلت محاولات المصالحة بين الطرفين، ويعاني كل منهما من حالة ضعف، فقد خسر محمود عباس العملية السلمية وأي تقدم على هذا المسار، فيما تعاني حركة حماس في غزة من حصار وتناقص في مواردها، وأصبحت الحياة صعبة في غزة، وقال شاب عمره 21 عاما: (أريد الموت.. لم أعد أريد هذه الحياة)".
ديلي بيست: كيف حقق الاحتلال مع عهد التميمي؟
أوبزيرفر: كيف يمكن لاشتباكات غزة إشعال المنطقة برمتها؟
"لاستامبا" الإيطالية: كيف وضعت حماس إسرائيل في مأزق؟