نشر موقع "ديلي بيست" تقريرا لمراسله جيسي روزنفيلد، يقول فيه إنه حصل على فيديو التحقيق مع الناشطة الفلسطينية عهد التميمي (17 عاما)، بعد صفعها جنديا إسرائيليا أطلق النار على ابن عمها.
ويقول روزنفيلد في تقريره من سجن عوفر في الضفة الغربية، إنه "عندما افتتح القاضي العسكري المحكمة في سجن عوفر، وسمح للإعلام بالاستماع لموافقة عهد التميمي على الصفقة، بعد قضائها أشهرا في السجن؛ نتيجة لصفعها جنديا إسرائيليا، كانت رسالتها واضحة للعالم، فقالت الفتاة البالغة من العمر 17 عاما والمقيدة: (لا عدالة في ظل الاحتلال)، وواصلت الحديث باللغة العربية: (نحن في محكمة غير قانونية)، وكانت تتحدث بطريقة هادئة حتى أوقفتها الحارسات عن الكلام".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى الصفقة القضائية التي تقضي بموجبها عهد ثمانية أشهر، تشمل الشهرين قبل المحاكمة، ودفع غرامة مالية بقيمة ثلاثة آلاف شيكل (1500 دولار أمريكي).
ويذكر الموقع أن محاكمة عهد ظلت مغلقة أمام الرأي العام، وسط شجب للمنظمات الحقوقية الدولية والمحلية، فالصفقة التي حكمت بموجبها جاءت بعد سلسلة من الاعتقالات المتعددة لعائلتها، وتحقيقات مستمرة سببت لها العذاب، دون حضور محاميها أو والديها، مشيرا إلى أن عدسات التلفزة الإسرائيلية رافقت الجيش عندما داهم بيتها واعتقلها؛ في محاولة لتخفيف غضب اليمين المتطرف.
وبحسب شريط التحقيق، الذي أطلع عليه روزنفيلد، فإنه يكشف عن المعاناة النفسية التي عانت منها عهد، لافتا إلى تحقيق استمر ساعتين عقد في 26 كانون الأول/ ديسمبر 2017، حيث راقبت عهد المقيدة، التي جلست على مقعد في مركز شرطة، الجلسة التي تطورت من عرض مسرحي أدى فيه المحققان دور الشرطي الشرير والجيد، ومحاولات اللين معها والشدة، والتهديدات المخيفة بما سيحل بعائلتها.
ويكشف التقرير عن أن عهد ظلت متمسكة خلال هذا العذاب كله بحقها بألا تجيب على الأسئلة، وهي نقطة استخدمها المدعي عليها لاستمرار التحقيق معها.
ويقول الموقع إنه "بعيدا عن الصورة البطولية والشيطنة التي تعرضت لها عهد التميمي، فإن التحقيق تراوح بين التحدي والخوف، الذي ينقل بعدا عن الاحتلال، ونرى من كاميرا مركبة على جهاز حاسوب في مركز شرطة كيف اقتيدت عهد إلى غرفة تحقيق في مركز شرطة، وأجلست على كرسي، وعرض عليها الماء والشطائر ورفضهتا".
ويصف الكاتب عهد فيقول إنها كانت "تبدو رابطة الجأش وغير مكترثة عندما وجهت لها أسئلة روتينية، حتى عندما طلب منها تأكيد اسمها وهويتها فإنها تمسكت في حقها بالصمت، ومع بداية التحقيق حاول محقق يهودي إسرائيلي بملامح شرق أوسطية، في العشرينيات أو بداية الثلاثينيات من عمره، ويرتدي قميصا رمادي اللون وجينز، وعلى وسطه مسدس دفع عهد للحديث، إلا أنها ظلت صامتة محافظة على وجه خال من التعبير".
ويلفت التقرير إلى أن "المحقق كان يتحدث مع عهد بلغة عربية بلهجة عبرية، ويحاول التودد إليها، وإن كان بطريقة استفزازية، حيث قال لها: (لديك عينان تجعلانك تبدين كالملاك)، إلا أنها تحتفظ بنظرتها الباردة والصمت، ويتحول للحديث عن أخته، حيث يقول لها إنها مثل أخته التي تنفق راتبه كله على الملابس، دون أن تبدي عهد اهتماما، وتحافظ على نظرتها الباردة".
ويفيد الموقع بأنه عندما يفشل المحقق في بناء نوع من العلاقة المشتركة مع السجينة، فإن المحقق الثاني يتحول للتهديد والاستفزاز، ويقول بطريقة سلطوية: "أنا محقق من إسرائيل.. نسير بحسب القانون في مجالات القانون الإسرائيلي كلها، القانون العسكري، ويجب أن تلتزمي بالقانون أنت وعائلتك".
ويبين روزنفيلد أن المحقق يتحول بعد ذلك مرة أخرى إلى التودد والحديث عن أخته، وعندها يدخل محقق ثان يرتدي قميصا مزخرفا ولا يظهر وجهه، ويجلس خلف المكتب، ويشجع المحقق الأول على التوقف، ويرمي المحقق الأول دفتر ملاحظاته وينزع مسدسه، قائلا إنه ليس تحقيقا، ويطالب عهد بالكلام وترفض.
وينوه التقرير إلى أنه "بعد ذلك يبدأ المحقق بعرض فيديو عن صفعها للجندي الإسرائيلي، حيث تتغير تعابير وجهها، ويقول لها: (هذا صوت أمك، وصوت من هذا؟)، وتبدو عهد متعبة، لكنها تحافظ على صمتها، وطوال التحقيق تحافظ عهد على وجه خال من التعبير، وأحيانا متعب ويعبر عن الملل، وعندما يبدأ المحقق بالتهديد وبأنه سيقوم باعتقال عائلتها وأصدقائها يظهر الخوف على وجهها والحزن".
وبحسب الموقع، فإن "عهد لم تضرب من لحظة اعتقالها حتى وصولها لمركز التحقيق، ولم تعذب مع أنها تعرف عن قصص التعذيب التي تعرض لها الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية، ففي عام 1993، قام الجنود الإسرائيليون بهز بسام التميمي بطريقة عنيفة، لدرجة أنه فقد الوعي، بحسب ما وثقت منظمة (هيومان رايتس ووتش)، وعندما كان في السجن استيقظ ليجد أن شقيقته قتلت، بعدما دفعها مترجم إسرائيلي من على درج محكمة عسكرية، حيث اتهمت بالمشاركة في قتل مستوطن إسرائيلي، وبسبب ما تعرض له فإنه أدخل عملية جراحية خرج منها بـ63 قطبة، ولم توجه له اتهامات، وأفرج عنه في يوم جنازة أخته".
ويجد روزنفيلد أنه "ليس غريبا شعور عهد عندما هدد المحقق باعتقال أقاربها، وتحدث إليها باللغة الإنجليزية قائلا: (لا أريد إحضار الأطفال هنا.. أرجو أن تختاري الطريق الأسهل)، ويعود للقول: (فكري، حسنا.. لا أريد منك الحديث وسيعانون من هذا المكان)، وتنتهي جلسة التحقيق، حيث تقاد عهد من غرفة التحقيق، وتقوم في الطريق بأخذ الشطيرة التي رفضتها في بداية التحقيق، دون النظر للخلف".
ويوضح التقرير أن الجيش الإسرائيلي قام بعد ذلك باعتقال أفراد عائلتها وأصدقائها كلهم، الذين هدد المحقق باعتقالهم أثناء التحقيق من بلدة النبي صالح، لافتا إلى أن منظمة "بيتسيلم" تقول إن هناك 5980 فلسطينيا، منهم 356 طفلا تحت سنة الثامنة عشرة، يقبعون حاليا في السجون الإسرائيلية.
ويختم "ديلي بيست" تقريره بالقول إن فيديو عهد يسلط الضوء على تجربة لا تزال تخيف السياسة والمجتمع الفلسطيني.
أوبزيرفر: كيف يمكن لاشتباكات غزة إشعال المنطقة برمتها؟
"لاستامبا" الإيطالية: كيف وضعت حماس إسرائيل في مأزق؟
التايمز: هل تجاوز عدد الفلسطينيين عدد اليهود؟