صحافة دولية

فورين أفيرز: هل دفع انقلاب السيسي الإخوان إلى تبني العنف؟

فورين أفيرز: هناك مخزون كبير من الإسلاميين الغاضبين القابلين للتجنيد في مصر- الأناضول
فورين أفيرز: هناك مخزون كبير من الإسلاميين الغاضبين القابلين للتجنيد في مصر- الأناضول
نشرت مجلة "فورين أفيرز" تقريرا للكاتب مختار عوض، حول اتجاه بعض الشباب الإسلامي في مصر نحو العنف، ويسوق قصة شابين هاجما  فندق "بيلا فيستا" في الغردقة، وكان أحدهما يحمل سكينا، بينما كان الآخر يحمل علم تنظيم الدولة، ويدعي أنه يلبس حزاما ناسفا، فقامت الشرطة بإطلاق النار على ركبتيه، وتبين أن حزامه عبارة عن علب مزيل عرق تم لصقها بشريط لاصق.

ويقول الكاتب إن "الشابين علي ومحمد، اللذين قاما بالهجوم في العشرينيات من عمرهما، وأصبحا صديقين من خلال الألتراس الذي أدى دورا في ثورة 2011، ثم كشف المقاتل مع تنظيم الدولة أبو دجانة المهاجر على الإنترنت كيف اتصل به الشابان، ونشر قصتهما مع صورة لهما أمام علم لتنظيم الدولة، كما أن الشابين اختارا لأنفسهما أسماء حركية؛ ةهما أبو مصعب وأبو ياسين، كجزء من تحولهما إلى (جنود تابعين للخلافة). وذلك بعد أن فشلا في الانضمام إلى تنظيم الدولة في سوريا، حيث منعا من السفر إلى تركيا، فقررا أن يقوما بعمليتهما الخاصة، التي لم يعلن التنظيم مسؤوليته عنها رسميا، بل على العكس من ذلك، فإن التنظيم يحاول النأي بنفسه عن العملية الفاشلة، حتى أن أبا دجانة قام بحذف ما نشره حول الشابين على الإنترنت دون أي توضيحات".

ويضيف عوض أن "الهجوم، وإن كان عشوائيا وسخيفا، إلا أنه يعطي مؤشرا على عمق الغضب والإحباط، اللذين يشترك فيهما آلاف الشباب الإسلامي في طول البلاد وعرضها، ولكن التمرد الإسلامي المتزايد في مصر أكثر تعقيدا ومتعدد الأوجه أكثر مما يعكس هجوم الغردقة؛ فالأمر الأول هو أنه مع أن السلفية الجهادية هي من أنتجت تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة، إلا أن تلك ليست الطريق الوحيد للعنف الإسلامي في مصر اليوم. فبعض الشباب، الذين انضموا إلى مجموعات عنيفة، أو قاموا بتشكيل مجموعات خاصة بهم، لا ينتمون للتيار السلفي الجهادي، بل هم مرتبطون بفصائل داخل الإخوان المسلمين، أو مع إسلاميين آخرين يناضلون من أجل الإطاحة بالسيسي".

ويستدرك التقرير  بأنه "رغم أن هذا النوع  من العنف الإسلامي أقل فتكا من الجهاد السلفي، إلا أنه يشكل عدة تحديات خطيرة للأمن الوطني المصري، وله آثار سلبية على المجموعات الإسلامية في الشرق الأوسط وخارجه".

وتشير المجلة إلى أن السلفية الجهادية كانت الفصيل الإسلامي الوحيد الذي شرعن الاستخدام العام للعنف، كونه طريقة للتغيير لإقامة الدولة الإسلامية ثم الحكم بالشريعة الإسلامية. وكان الإخوان المسلمون أكبر المجموعات الإسلامية المنظمة على مستوى العالم، ولدى الإخوان عدة فروع دولية، ولكن الإخوان في مصر يشكلون الأساس، ولهم نفوذ على بقية الفروع، وبالرغم من بعض حوادث العنف في الماضي البعيد، التي تخلى بعدها الإخوان عن استخدام العنف ولعقود، فإنهم تحولوا إلى السياسة كونها وسيلة للتغيير، ولكن هذا بدأ بالتحول، فظهر تيار في إخوان مصر فيه بعض الأشخاص العنيفين.

ويلفت عوض إلى أن "هذا الجناح خرج من رماد مذبحتي ميداني رابعة العدوية والنهضة في آب/ أغسطس 2013، حيث تم قتل حوالي ألف إسلامي ومؤيد لهم بعد الانقلاب العسكري على الرئيس محمد مرسي، فبدأ بعض الشباب الإسلامي، الذين أرادوا الانتقام، بعمليات تخريب، كإلقاء قنابل حارقة على سيارت الشرطة وإشعال حرائق، ولكنهم تدرجوا إلى اغتيال ضباط أمن، وبعد أن قام السيسي بإغلاق وسائل الإعلام الإسلامية، توجه الإخوان إلى تركيا، وفتحوا عدة قنوات فضائية استخدم بعضها، مثل مصر اليوم، لبث رسائل عنيفة، والمفارقة أن تلك القنوات  أنشئت على يد بعض الحرس القديم في الإخوان، الذين يرفضون هذا التحول نحو العنف".  

ويبين التفرير، الذي ترجمته "عربي21"، أن هذا المسار أقلق الحرس القديم في الإخوان، الذين يعرفون أن الجماعة غير قادرة على الحياة إن هي انتهجت تمردا مسلحا ضد الدولة، ولذلك قام بشجب الدعوات المتزايدة للعنف، وقام الحرس القديم، ممثلين بالقائم بأعمال المرشد العام للإخوان المسلمين محمود عزت، ونائب المرشد العام إبراهيم منير، والسكرتير العام محمود حسين، بالضغط لاستعادة السيطرة على الجماعة، بعد التغاضي عن مستويات أقل من العنف، فقام الحرس القديم بإصدار عدد من البيانات تنصل فيها من العنف المسلح، وعزل محمد منتصر المتحدث ذا التصريحات النارية والمنحاز للتيار الثوري. وفي المقابل قام التيار الثوري بتحدي سلطة القادة الكبار، ولامهم على قلة الفعالية، ونمط القيادة المتصلب الذي يصر على التظاهر السلمي.  

وتذكر المجلة أن الحرس القديم قام بضبط التمويل الدولي للإخوان، الذي أصبح أكثر أهمية بعد قيام السيسي بضرب تمويل الجماعة في مصر، وقلت الموارد لتمويل عمليات العنف التي تراجعت في خريف عام 2015، وبدأت في العودة للتزايد الآن.

ويستدرك الكاتب بأنه "مع ذلك، فإن بذرة الإخوان المتطرفين، أوالإخوان الجهاديين قد غرست، فخلال ذروة نفوذ الجناح الثوري في أوائل عام 2015، يعتقد أن بعض القيادات طلبوا من عدد من العلماء المسلمين كتابة دليل شرعي حول مسألة العنف، وجاءت النتيجة عبارة عن كتاب مؤلف من 93 صفحة بعنوان (فقه المقاومة الشعبية للانقلاب). ولم يحكم العلماء على السيسي أو حكومته بالكفر، بل قالوا بأنهم أهل بغي وقفوا ضد حاكم شرعي (محمد مرسي)، ولأن السيسي وحكومته استخدموا العنف ضد المؤمنين يمكن اعتبارهم مقاتلين أعداء يجب قتلهم، بحسب الشرع".

ويجد عوض أن "هذا الرقص النظري حول قضية التكفير هو محاولة من مؤلفي الكتاب التوفيق بين تعاليم الإخوان المسلمين والعنف، دون جذب المقارنات المشوهة للصورة مع السلفية الجهادية. فالمصريون ومعظم الإسلاميين ينظرون بسلبية إلى المجموعات التكفيرية، كما أن مؤلفي الكتاب تجنبوا ذكر سيد قطب في الكتاب نهائيا، وبدلا من ذلك يرجعون لمؤسس جماعة الإخوان الملسلمين الإمام حسن البنا، واستخدامه للسيفين في شعار الحركة، وحديثه عن القوة، كونها أدلة على توجهاتهم".  

وينوه التقرير إلى أن الكتاب يضع حدودا للمدى الذي يمكن الذهاب إليه في هذه المقاومة، فمثلا يحذر من الاختطاف أو الاعتداء الجنسي على نساء أو أطفال أو رجال الأمن، ولكنه يقول بأنه لا مانع من التهديد بالقيام بمثل هذه الأفعال لتخويفهم، ويوضح أنه لا يجوز قتل الشرطي إلا بعد التأكد من أنه قتل أو اغتصب، ولا مانع من مهاجمة مركز الشرطة الذي يعمل فيه هذا الشرطي.

وتفيد المجلة بأن هناك أدلة على أن هذا الكتاب تستخدمه مجموعات عنف على الأرض، مشيرة إلى ان إحدى تلك المجموعات هي "حرس الثورة" المتمركزة في المنوفية، حيث كتبت في ميثاقها أن السيسي ومن يرتبط به هم من أهل البغي، بالإضافة إلى مجموعة أخرى هي "العقاب الثوري"، التي قامت بحوالي 15 هجوما، وأعلنت مسؤوليتها قريبا عن تفجير في شقة اصبحت مصنع متفجرات، وقتل فيه 9 رحال شرطة، كما أن خلية محلية تابعة لتنظيم الدولة أعلنت مسؤوليتها عنه، وقد يكون هناك تداخل في العمليات. وقد أعلنت حركة "العقاب الثوري" عن أن العملية كانت عملية انتحارية، واعتذرت عن أنه كان هناك قتلى مدنيون، وقالت إنها ستدفع ديتهم.

ويرى الكاتب أن "هذه المحاولة لإعادة التنظير حول الجهاد لا تزال جديدة، وليس واضحا في أي اتجاه ستسير. وفي الواقع فإن الظاهرة الإسلامية المصرية تمر في مرحلة تحول لا تقل أهمية عن ذلك التحول الذي ولد أول خلايا جهادية، التي شكلت تنظيم القاعدة في النهاية، وبعض المصريين قد لا يكونون راضين عن محاولة الإخوان للتدرج في الجهاد، ما يدفعهم للانضمام إلى جماعات أكثر جدية والتزاما. أما الشيء الأكيد فهو أن هناك مخزونا كبيرا من الإسلاميين الغاضبين القابلين للتجنيد، وسيفاقم هذا استمرار الجناح العنيف في الإخوان في إقناع آلاف شباب الإخوان بفكرهم الجديد، واستمرار الحكومة بقمع الإسلاميين".  

وتختم "فورين أفيرز" تقريرها بالقول: "لا يزال تنظيم الدولة ضعيفا في مصر، ولكن إن قوي فسيجد جيشا كبيرا من الشباب  الإسلامي المتطرف الجاهز للتحول من الإخوان إلى تنظيم الدولة".
التعليقات (1)
مجاهد
الأحد، 07-02-2016 06:54 ص
تحاول مجلة فورين أفيرز تزوير الحقائق وتخفي السبب الحقيقي للإرهاب والذي يسببه النظام الدولي العالمي المجرم والذي يساعد الدكتاتوريات بالتسلط على الشعوب ويوظف مجرمين من بني جلدتنا يوافق على الخيانة والإجرام ويمسك بزمام الحكم بالحديد والنار لأنهم لا يريدون للعالم الثالث والإسلامي بشكل خاص العيش بحرية وأمان واستقرار ثم تراهم يزرفون دموع التماسيح على الاوضاع المأسوية للشعوب المضطهدة وينسبون جريمتهم لغيرهم