تقارير

عبد الله أبو راشد.. أيقونة فلسطينية بالفن التشكيلي ونقده

كان الراحل عبد الله أبوراشد أيقونة فنية تشكيلية فلسطينية وناقداً يحتذى به
كان الراحل عبد الله أبوراشد أيقونة فنية تشكيلية فلسطينية وناقداً يحتذى به
شكلت نكبة فلسطين عام 1948 منطلقاً لبروز أسماء كثيرة في مجال الفن التشكيلي، وانصب جلّ اهتمامهم على تاريخ فلسطين ونتاجات الشعب الفلسطيني الذي شكل هويته الوطنية المتجذرة  بنتاجات مختلفة في مجالات الحياة من صناعة وبناء وزي شعبي خاص وعادات وتقاليد انتقلت عبر الأجيال بالتواتر، لتكون هي الحاضر الأكبر في رسومات الفن التشكيلي الفلسطيني كظاهرة جمعية للفنانين التشكيلين الفلسطينيين وتالياً التأسيس لجبهة مقاومة حقيقية لمواجهة الزيف الصهيوني الذي حاولت من خلاله دولة الاحتلال تغييب الهوية الوطنية الفلسطينية وطمسها لكن دون جدوى، وكان من رواد هذه الجبهة الراحل الفنان التشكيلي والناقد عبد الله أبو راشد.

مسيرته مع الفن

كان الراحل عبد الله أبوراشد مفعماً بحب وطنه فلسطين وقريته طيرة حيفاً، تلمست ذلك دائما من خلال أحاديثه في لقاءاتنا المتكررة في حنايا مخيمنا ووطننا الثاني مخيم اليرموك على مشارف العاصمة السورية دمشق. ولد الناقد والفنان التشكيلي الفلسطيني عبد الله أبوراشد في سوريا عام 1951، وينحدر من قرية الطيرة في قضاء مدينة حيفا عروس الساحل الفلسطيني. ترعرع في مخيم اليرموك الذي كان يعشقه.. يعتبر عبد الله أبو راشد من القامات الفلسطينية المهمة في مجال الفن التشكيلي والنقد الفني.

شارك الناقد والفنان عبد الله أبوراشد بعشرات المعارض الفنية وقدم مئات الرسومات تحمل في طياتها عبق رائحة ورود وطنه فلسطين والأمل بالنصر. ودرسّ مادة الرسم في عدة ثانويات وخاصة ثانوية اليرموك للبنين في جنوب المخيم.

وحول رؤيته للفن التشكيلي الفلسطيني كناقد، أشار عبد الله أبو راشد في مقابلاته الصحفية العديدة بأن الفن التشكيلي الفلسطيني بصورة عامة يمتلك مقومات وحدته البصرية وجمالياته، وخصوصية التعبير الفني، الذي يحتوي خصائص في رموزه وعناصره وشخوصه وطبيعته الفلسطينية الجميلة وعاداته وتراثه ومقاومة الشعب الفلسطيني  وكفاحه.

وفي سياق متابعتي  لمقابلات أبوراشد الناقد الفني الثاقب في أكثر من مناسبة ودورية وصحيفة، أشار بأنه لا فرق ما بين مُنتجات الفنانين التشكيليين الفلسطينيين في الداخل المحتل عام 1948 والضفة الغربية وقطاع غزة وفي المهاجر القسرية، ولكافة النتاجات الفنية قاسم مشترك ومجال حيوي للتعبير عن تاريخ فلسطين وهويتها الحقيقية في حلتها التاريخية وأوابدها وملامحها الحضارية المفتوحة على وحدة الأديان والتسامح، والتراث والمقاومة ومواكبة مواطن الألم والأمل، وتسجيل يوميات الأحزان والأفراح الفلسطينية في تقنيات ومدارس فنية تعبيرية مناسبة.

حول رؤيته للفن التشكيلي الفلسطيني كناقد، أشار عبد الله أبو راشد في مقابلاته الصحفية العديدة بأن الفن التشكيلي الفلسطيني بصورة عامة يمتلك مقومات وحدته البصرية وجمالياته، وخصوصية التعبير الفني، الذي يحتوي خصائص في رموزه وعناصره وشخوصه وطبيعته الفلسطينية الجميلة وعاداته وتراثه ومقاومة الشعب الفلسطيني وكفاحه.
مواضيع مشفوعة بخصوصية وثقافة المبتكرين الشخصية، ومتصلة بقدراتهم الفنية الأكاديمية والمهنية وطريقتهم في التعبير، وقد تجد تقاطعات كثيرة في الأفكار والمواضيع والألوان والتقنيات ما بين فنانات وفنانين تشكيليين فلسطينيين في داخل الوطن الفلسطيني المحتل مع نظرائهم في المهاجر، وكأنهم ينهلون من معين ابتكار فن تشكيلي من عمق الوطن الفلسطيني وتاريخه المتأصل وهويته المتجذرة عبر تاريخ طويل ونشاط دؤوب للشعب الفلسطيني في كافة مسارات الحياة. ليؤكد بأن الشعب الفلسطيني في الداخل وفي المهاجرالقسرية القريبة والبعيدة هوية وطنية جامعة لشعب صاحب قضية عادلة.

نتاجاته

استحضر عبد الله أبو راشد  لوحات غسان كنفاني الفنان في أكثر من مقالة ومقابلة صحفية مؤكداً أن "لوحات الشهيد غسان كنفاني لا تفارق مساحة تفكيره وكتاباته، مندمجة في جميع معابره الإبداعية، ولا تقل أهمية عن نصوصه المسرودة والمكتوبة في جميع ميادين الأدب والسياسة والنقد، ولكن قصور كافة المؤسسات الفلسطينية لهذا الجانب الإبداعي، عرَّضها للإهمال وعدم التوثيق. وكثيرة هي لوحاته ورسومه التي ما زالت مجهولة حتى على رفاق دربه وجمهوره وأهله ومحبيه، وتحتاج إلى دعوة مُتجددة لجمعها وإحياء آثاره الفنية التشكيلية".

توفي عبد الله ابوراشد (أبوقتيبة) بعد صراع طويل مع المرض في ألمانيا في نيسان / أبريل من عام 2019 تاركا كنزاً فنياً يضاف إلى الهوية الوطنية الفلسطينية، ومن أهم نتاجاته إصدار مجموعة من الكتب والمؤلّفات النقدية، وكذلك العديد من الأوراق البحثية في عددٍ من المؤتمرات والندوات المتعلّقة بالفن التشكيلي الفلسطينيّ. من بين هذه الكتب "الوجيز في تاريخ الخطّ العربيّ"، وقد قدّمه بوصفه مدخلًا مفتاحًا لثقافة عربية وحضارة إسلامية غنية ألبست المعمورة بثوبها الأنيق الحلة الجمالية والمسكونة في الأفئدة والقلوب والأماكن وزخم التاريخ. بالإضافة إلى كتاب آخر حمل عنوان "فنّ التصوير الفلسطينيّ: حواريات الأرض، التراث، القدس، المقاومة، الانتفاضة" وصدر عن دار مؤسّسة فلسطين للثقافةعام  2007.

باختصار لقد كان الراحل عبد الله أبوراشد أيقونة فنية تشكيلية فلسطينية وناقداً يحتذى به من قبل الأجيال الفلسطينية الصاعدة في مجال الفن التشكيلي ونقده.

*كاتب فلسطيني مقيم في هولندا
التعليقات (0)
الأكثر قراءة اليوم