أفكَار

وزير مغربي سابق: "الإسلاموية" مصطلح سياسي لا سند له واقعيا

بنسالم حميش: ماذا في استطاعة أخلاق الحوار التسامحي فعله حيال تصاعد الحروب والنزاعات؟
بنسالم حميش: ماذا في استطاعة أخلاق الحوار التسامحي فعله حيال تصاعد الحروب والنزاعات؟

﴿واللهُ يدعو إلى دارِ السَّلام ويهدي من يشاءُ إلى صراطٍ مستقيم﴾ (يونس/25).

"أثنى عليَّ بما علمتِ فإنني     سمحٌ مخالقتي إذا لم أظلمِ"..  (عنترة بن شداد العبسي)

علينا بتعلم العيش معا كإخوة وأخوات، وإلا سنموت جميعا كأغبياء.. (مارتن لوثر كينگ)

مدخل ـ مفهوم الحوار التسامحي قيد المساءلة 


إن كل من يجهلون في لغة الحوار والتسامح عطاءات كبار المفكرين والفقهاء أو يقصِّرون في استحضارها، يخطئون المنهج والمرمى، مثلهم كحاطبي ليل، فلا يُجيدون ولا يفيدون. وعليه، فإن تلك العطاءات لا يجوز تحييدها والقفز عليها، وذلك لكونها منشئة ومضيئة. وهكذا فإن المقاربة الفلسفية لمجمل الألفاظ لمن شأنها أن تحوّلها إلى مفاهيم من خلال ربطها عضويا بالمكون الذي يؤسسها وينعشها، ألا وهو التواصل أو ما يسميه الفيلسوف الألماني يورﭼـن هابرمس "الفعل التواصلي"، الذي به تقوم وتتحقق شروط الندية والإستعراف فإمكانية انجاز الحوار والتسامح؛ وفي غيابه تؤول تلكم الألفاظ إلى مجرد شعارات استهلاكية، وبالتالي إلى الضمور المضموني والتلاشي الدلالي، فنكون بمحضر لغة مهزوزة، غير سالكة ولا منتجة، وهذا بيانه:

إن لفظة دايلوگ اليونانية مركبة من dia أي عبر وخلال، وlogos أي اللغة والعقل). وقد جعل أفلاطون من الحوار قطب الرحى في أعماله الفلسفية في ضوء ما ذهب إليه معلمه سقراط من تسخير منهجي له في مواجهاته مع أخصامه السفسطائيين، وكذلك لتوليد الأفكار (maieutica) والاحتكاك الجدلي بين الأوعاء القادر على تفجير منابع النور. ولهذا المفهوم ومرادفاته حضور معتبر، كما نعلم، في تاريخ الثقافة العربية الإسلامية من خلال تقاليد المجادلة والمناظرة والمطارحة أو ما يسميه أبو حيان التوحيدي، والمصطلح له، "المثاقفة". 

وفي كل اللغات نعلم فضائل هذا المفهوم التنويرية والتوفيقية المهدئة ولازمته التسامح، خصوصا في أقسى اللحظات والتوترات الإجتماعية والدولية؛ كما نعلم أن نمو الثقافات الإنسانية، عبر لحظاته المزدهرة الدافعة، مدين للحوار التسامحي كعربون انفتاح وإرادة التواصل، وكدينامية منتجة لشروط التعايش البناء والسلام العادلِ الدائم. والآية التي لا تُعدلها بهذا الصدد أيُّ قولة في التوراة ولا في الإنجيل هي: ﴿ولا تستوي الحسنةُ ولا السيئة. ادفعْ بالتي هي أحسن. فإذا الذي بينك وبينه عداوةٌ كأنّهُ وليٌّ حميم﴾ (فصلت/34). وأيضا هذه الآية العظيمة ﴿ادعُ إلى سبيلِ ربِّكَ بالحكمةِ والموعظةِ الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن﴾ (النحل/125). 

لكن ماذا في استطاعة أخلاق الحوار التسامحي فعله حيال تصاعد الحروب والنزاعات التي لم تفتأ بؤرها ومناطقها تتعدد وتتناسل منذ الحرب العالمية الأولى (التي ترجَّى الناس أن تكون الأخيرةَ الآخرة (la der des der)؟ 

 

إن الإرهاب اللاتسامحي، من حيث التعريف الذي يجب البناء عليه، هو عمل من لا دين ولا قانون لهم (no faith no law) حتى ولو ادعوا عكس ذلك؛ إلا أن مع الإعلاميين عموما في تغطياتهم الميدانية للحرب على الإرهاب أو عبر الإعلام المكتوب والسمعي ـ البصري، ينطبع الخطاب لديهم بتسمية تلك الجماعات أساسا بالإسلامية (أو الإسلاموية لا فرق).

 



بالنظر إلى الهوة التي تنحفر بين المثقفين والمجتمع المدني من جهة، والسياسيين والفاعلين الاقتصاديين من جهة ثانية وبالنظر أيضا إلى غلبة الصدامات ومنطق الأقوى وقانونه، فإنه يُحكم على أخلاق الحوار التسامحي بالركون إلى مجموعة من الأدعية والتمنيات الصالحة أو على الأكثر إلى خطابات طيبة في محاسن المفهومين لفائدة الثقافات والحضارات (وهذا ما يسمىœcumenism )؛ خطابات يقدر كل طرف أن يغذيها بحججه واستشهاداته المستمدة من تراثه الروحي، ويستعرضَ بالتالي أدلة شتى في خدمة القضية النبيلة، إذ أنه لا بديل عن التشبث بحوار وتسامحِ الشجعان والسعي الدؤوب إلى إنهاء مهلكة النزاعات والحروب بالتي هي أحسن وأعدل. غير أن ثقافة السلام هاته تجد مقوضها في كتلة المعوقات المعقدة المجانسة للهيمنية (الهيجمونيا) بشقيها الظاهر المباشر والماكر المتخفى.

حاضرا، أمام واقع الأحوال، المفتقر للأمن وأسباب الاستبشار، لا يمكن لأوساط ثقافة الحوار التسامحي إلا أن تصمد في مقاومتها للأزمات والانحرافات المتعددة الأصناف والأشكال، ذلك لأن ممثليها هم من حيث تكوينهم أشخاص معادون لعقلية التيئيس والاستسلام.

بالطبع، إذا كان ذلك الحوار بين الثقافات والحضارات من أجل مشروع سلام عادلٍ ودائم يظل، رغم العراقيل والصعوبات، بمثابة الأمر الحيوي والمعبر الضروري، فمن المفيد جدا لنا أن نكيفه لروح العصر وللغة المعقلنة، وأن نؤسس لشروط الإنجاز التي يلزم أن ينصهر فيها أكثر فأكثر. ولنا أن نعرض هنا لبعضها أو قل لأولاها في تقديرنا بالصدارة والأسبقية.

1 ـ شرط عقلنة لغة الحوار التسامحي

إذا كان هذا الحوار بين الأديان والثقافات مطلوبا ومرتجى، فإن لغته في تبادل الكلام والأفكار يلزم أن تكون لها دلالات اتفاقية دقيقة، وبالتالي مخلصة من وباء التعتيم والتلبيس، التي هي مصدر كثير من الأحكام المسبقة وسوء الفهم والسلوك، وإننا هنا نقتصر على عينة من المفاهيم والألفاظ التي يمحو تداولُها الغالب المركوز مقصدها الحقيقي، ويخلخل صحة أساسها المعرفي.

ولنا على ذلك مثال مفهوم "الإسلاموية"islamism :

في كل الديانات والمذاهب والنظريات لا وظيفة للاحقة ism إلا إعلان هويتها ومرجعها الفكري (أو الإيديولوجي). وهكذا فالمسيحية (christianism) لا تعني شيئا آخر غير ديانة عيسى ابن مريم وآباء الكنيسة القائم على الإيمان التوحيدي وعقيدة التثليث والصليب، وهي الديانة المتفرعة إلى مذاهب كبرى ثلاثة: الكاثوليكية والبروتستانية والأورثدوكسية؛ ففي هذه المذاهب كما في الديانة ـ الأم وفي اليهودية والبوذية إلخ، ليس لتلك اللاحقة أي تضمين دلالي خصوصي كالذي لها في islamism؛ وعلاوة على ذلك، لا أحد يذهب إلى وضع فوارق من أي صنف ودرجة بين الإرهاب (terror) والإرهابية (terrorism) طالما تقوم هاته على نمط فكر وعمل يسن أتباعه ممارسة العنف الفعلي في علاقاتهم الصراعية بخصومهم ومناوئيهم. 

أما مفهوم islamism الملغوم الوضعِ والتصريف، الخاضع لمعالجة لغوية خصوصية بالغة الاستثنائية، فإن مستعمليه يظنون أو يزعمون أنه شيء ومفهوم الإسلام شيء آخر، وذلك من حيث إن هذا ينطبق على الديانة التوحيدية الثالثة وعلى ثقافتها وحضارتها، وذاك يعني الأصولية أو التطرفية الإسلامية.

وهذا الاختلاف الفارق الذي يذهب البعض، حتى بين النخب العربية والمسلمة، إلى صقله وتلميعه كاختلاف في الدرجة والطبيعة، إن هو إلا بدعة حديثة الولادة (معاصرة للصعود القوي للإسلام السياسي انطلاقا من سنوات سبعينيات القرن الماضي، أي غداة نكبة يونيو 1967 وبعدها الثورة الإيرانية في 1979. وبعيد هذه الفترة انتعشت الالتباسات المصطلحية وعلت سهومها في بورصة الخلط والتزوير، تغذيها أيادي التعتيم والترهيب والخوض في المياه العكرة، فانطلت تسمية "اسلاميزم" و"إسلاميست" على نظم وأحزاب وهيئات وجماعات وأفراد في العالم الإسلامي؛ وفي السلة نفسها ـ وهنا يكمن الخلل الفادح والوباء الأفدح ـ يُلقى بمختطفي الرهائن والمتشددين العنيفين من شتى الأصناف (أكمي، أنصار الدين، موجاوو، بوكو حرام، القاعدة، داعش، وغيرهم) وأيضا بالإرهابيين والجانحين من واضعي العبوات الناسفة ومفجري السيارات المفخخة وتجار المخدرات وهلم جرا.

إن الإرهاب اللاتسامحي، من حيث التعريف الذي يجب البناء عليه، هو عمل من لا دين ولا قانون لهم (no faith no law) حتى ولو ادعوا عكس ذلك؛ إلا أن مع الإعلاميين عموما في تغطياتهم الميدانية للحرب على الإرهاب أو عبر الإعلام المكتوب والسمعي ـ البصري، ينطبع الخطاب لديهم بتسمية تلك الجماعات أساسا بالإسلامية (أو الإسلاموية لا فرق). وعندما يبلغ عندهم هذا التوجه الطاغي حد التخمة والإتخام، تراهم ينوعون ـ والمعنى واحد ـ باستعمال كلمات: الراديكاليون تارة والجهاديون والسلفيون تارة. وهكذا نراهم مستميتين في تمريغ اسم الإسلام في أوحال العنف والإرهاب، كما لو أنهما من صلبه وإنتاجه. 

ونعلم ما لمطارق الإعلام بكل ضروبه من دور مؤثر خطير في قولبة الرأي العام وشحذه وتجييشه، يعضده في هذا ويقويه اليمين المتطرف وبعض وجوه اليمين التقليدي في أوروبا الغربية، بحيث يعتبرون الاسلام في حد ذاته هو والإرهاب سيان، أو كوجهين لعملة واحدة، فيلزم تحجيمه ومحاربته. ومن ثم ظهر مدٌّ إسلاموفوبي سافر، وأخذ في الترعرع والإنتشار. ففي استفتاء للرأي في فرنسا لوكالة إبسوس ويومية لومند يظهر أن 74% من المستجوبين يعتبرون الإسلام (كذا!) ديانة لامتسامحة (بلوگ لومند 24-01-2017). 

أضف إلى ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، تصريحات ومواقف أحزاب وجماعات يمينية متطرفة في أوروبا، من أبرزها فرقة PEGIDA الألمانية التي تتظاهر ضد الإسلام نفسه جهرا وصراحة؛ هذا فضلا عما تقوم به في أوساط ثقافية أسماء متصهينة متنفذة من أدوار متقاطعة متكاملة، كأدلير وديل فال مثلا وهنري ـ ليفي وهولبيك وفنكنكروت، وغيرهم؛ فهذا الأخير الذي يعتبر القرآن "كتاب حرب"، يغذي بفكره وأحكامه المتشددة جماعات في العالم الإسلامي، ويسهم بنحو ما في نشوء تطرفها وعدائها للغرب وحضارته، هذه الجماعات التي خصها المستشرق الأمريكي المتصهين برنار لويس بكتاب سماه صراحة عودة الإسلام (بلا ism) The return of islam؛ 

هذا إضافة إلى عرب الإسم والخدمة المجنسين أوروبيا والمدجنين الجدد، كالمؤدب صاحب كتاب مرض الإسلام (من دون isme) وصفاوي (المتعامل مع المخابرات الفرنسية)، الذي زايد على الجميع بابتداع نعت narcoislamistes (إسلاميي تجارة المخدرات)، وغير ذلك كثير! وكل هؤلاء في المحصلة إنما يؤججون نيران اللاتسامح والجهالات والتشنجات الصدامية العنيفة، والتي تتصف بها الجماعات المغالية من الطرفين وتقوى.

 

خبراء "الاسلاميزم" مثلا، مع أنهم ينكبون على موضوعهم معظمَ وقتهم، فلكأنما تربطهم به علاقة الانجذاب والنفور. منجذبين، تراهم يهتمون أيما اهتمام باتجاهاته الصلبة فيبرزونها على حساب ما عداها؛ نافرين منه، تراهم يؤلفون كتبا في فشل الإسلام السياسي وأفول "الاسلاميزم" (أوليڤيي رووا، جيل كيبل...).

 



وبالتالي، إذا كان المطلوب هو توخي الوضوح والدقة أي العقلنة في كل حوار تسامحي بين الأديان والثقافات، فإنه يتوجب الذهاب في معاكسة تيار المكرورات الاصطلاحية (التي لها ثقالة العادة) ثم تسمية الأشياء قريبا ما أمكن من طبيعتها ووظيفتها، أي في حالتنا حصريا: التشدد والغلو اللذان نهى عنهما الإسلام السمح، ومتبنوه: المتشددون والغلاة الذين سموا منذ فجر الإسلام بالخوارج، هذا سيما أن لا أحد يسمي مثلا متطرفي الديانتين الأخريين باسم judaists من إرهابيي إرغون وهاغانا أو إيـﮕـل أمير قاتل إسحاق رابين، في حين أن إسلامبولي قاتل أنور السادات نُعت على الفور بالإسلامي(!)؛ وكذلك الشأن في المسيحية، إذ لا تطلق تسمية christianists على إرهابييها في الماضي القريب ولا في الحاضر، وما أكثرهم!... 

ويحسن بهذا الصدد أن نؤيد ما ورد بقلم رئيس سنة الأمم المتحدة (2003) حول الحوار بين الحضارات، السيد جييادومينكو بيكو G. Picco، إذ قال: "ليس التاريخ هو الذي يقتل، وليست الديانة هي التي تغتصب النساء، وليست طهارة الدم هي التي تهدم البنايات... وحدهم الأفراد يقومون بمثل تلك الأفعال". إن الإبقاء على الخلط السيمنتيكي (وهو عبارة عن مؤامرة متعمدة) بين الإسلام والإيديولوجيات الراديكالية التي تدعي الإنتماء إليه ليدفع إلى اختزال بُعدهما الاختلافي الشاسعِ العميق في مجرد خيط رهيف، لا تتأخر الأحزاب والمجموعات الغربية اليمينية المتطرفة، فضلا عن شرائح الرأي العام، عن قطعه قصديا ومن دون احتياط يذكر، وخصوصا في فترات الأزمات والتوترات. 

2 ـ التسامح وشرط الاستعراف (recognition)

إن الاستعراف (المبني على الاعتراف بالآخر وإرادة معرفته وترسيخ روابط التسامح معه) لهو الترياق الأنجع ضد تصاعد الجهالات والكراهيات بين الأمم والجماعات، أي ضد كثرة المحن والصراعات الإقليمية أو العالمية، والتعليم هو أحد أكبر الأوراش الذي يتسنى فيه مأسسة معرفة الآخر هويةً وحضارة. 

وفي هذا الشأن لقد كان للإستشراق تاريخ طويلٌ غني، رغم ما اعتوره أحيانا من نقائص ومطبات. فمنذ الحملة النابوليونية على مصر (1798) يجوز القول بأنه عرف مرحلتين هامتين، أولاهما تمثلت في "جناح فكري لتجارة المجالات أو للتوسع السياسي" (حسب تعبير بليغ لجاك بيرك)، أي في عهد الغليان الاستعماري وإرادة القوة الأوروبية المدمرة لقيمة التسامح؛ وثانيهما برز حين تجدد في فترة ما بعد الاستعمار، أي إبان الاستقلالات السياسية المكتسبة؛ إلا أن هذا الاستشراق بشقيه يبدو اليوم وكأنه حقق آخر تظاهراته في أعمال مميزة ـ ولو أنها متفاوتة الجودة ـ لهملتون جيب ومونغومري واط وفون غرانباوم وجاك بيرك وماكسيم رودنسون وسنوك هورخرونيه وأندري ميكل وآخرين. 

ذلك أن الجيل الجديد من الأخصائيين في العالم العربي والإسلامي (مع استثناء بضعة أسماء) يظهر قليل الاهتمام بأخذ الاستشراق التقليدي أو المجدد على العاتق وإمداده بالمزيد من التطور والتعمق. ومن ثمة نرى ممثليه متوجهين في معظمهم إلى الدراسات الأنثروبولوجية والسياسة والمونوغرافيات القطاعية، وكثيرا ما يتحولون إلى خبراء في العصائبيات (segmentarism) والذهب الأسود والجيوستراتيجية والحركات المسماة "إسلاموية". فهل نستبشر خيرا بهذا التحول أو نتذمر منه؟ 

إنه لربما من السابق لأوانه إعطاء إجابة محددة، ولو أن بعض مؤشراته تفتقر إلى ضمانات الكفاءة والعمق، لا سيما وأن معرفة فاعليه بالحضارة الإسلامية باتت موسومة بالإختزالية والتهافت. 

وهكذا فخبراء "الاسلاميزم" مثلا، مع أنهم ينكبون على موضوعهم معظمَ وقتهم، فلكأنما تربطهم به علاقة الانجذاب والنفور. منجذبين، تراهم يهتمون أيما اهتمام باتجاهاته الصلبة فيبرزونها على حساب ما عداها؛ نافرين منه، تراهم يؤلفون كتبا في فشل الإسلام السياسي وأفول "الاسلاميزم" (أوليڤيي رووا، جيل كيبل...). 

وفي الحالتين معا فإن خبراءنا هؤلاء الذين لا عيون لهم إلا لموضوع أعمالهم وأيامهم، ينتهون إلى تحييد النخب الديمقراطية والحداثية ووضعهم بين أقواس، كما لو أنهم ليسوا ممثلين أو دالين، هذا علاوة على أن قطاعات كاملة من ثقافة الإسلام "الدنيوية" ومن التاريخ المحسوس للمجتمعات المدروسة لا تشكل عندهم (وأكثر منه لدى الرأي العام الغربي) إلا ثقبا أسود، متعدد الأشكال والأبعاد، مولِّدا في مجمل الأحوال لمواقف الطمس واللامبالاة ولسلوكيات اللاتسامح السافرة.


التعليقات (0)
الأكثر قراءة اليوم