حسم الرئيس وليس لجنة الدستور حذف المادة الأولى التي تنص على أن تونس دولة إسلامية، مستبدلا بها "التونسيون أمة دينها الإسلام"، وهو هنا لم يضف شيئا ولم يقدم معنى جديدا؛ فدين التونسيين الإسلام هو أمر بديهي، ولا قيمة لوجوده في الدستور
واستكمالا لما سبق عن موضوع الرئاسة، لم تكشف بعد لنا المعلومات المتوفرة عن مدة رئاسة الرئيس، والمرات التي يحق له فيها الترشح. وأظن أن المنقلب سيضع لنفسه نظاما في الدستور يضمن له البقاء في منصبه ردحا من الزمن، وهذا ما ستكشفه الأيام القليلة القادمة.
لم أسمع من قبل أن الدستور يمكن أن يتطرق إلى أسس النهوض الاقتصادي، ولا أظنه إلا نوعا من العبث الكلامي، فالاقتصاد مرتهن بالواقع وتغيراته، ويخضع لخطط زمنية، بناء على الأحوال القائمة، اللهم إلا إذا كان ينص على الضرائب ورفع الدعم ومكاسب الخزينة من المواطنين، وهي التي ستنكل بالفقراء، وربما تدفع المستثمرين إلى الهروب.
ويستهدف الدستور الجديد بالدرجة الأولى البرلمان والقضاء، فلا ندري بعد -على وجه الدقة- كيف سيكون البرلمان، أما القضاء؛ فقد فهمنا تماما أنه قضاء مسير لا مخير، وأن القاضي عبارة عن موظف دولة، بلا أدنى استقلالية، حيث يمكن نقله وإقصاؤه ومحاكمته وسجنه ببساطة، إلا أن يخضع للداخلية وأحكامها الجاهزة كما يحدث في مصر.
والمضحك أن رئيس لجنة الدستور الصادق بلعيد يصرح بأن الدستور يؤكد على أنه لا عودة لحكم الفرد. والحقيقة أن هذا التصريح أثار فضولي كثيرا وبت أنتظر بفارغ الصبر نشر الدستور لأرى كيف يكون الحكم غير فردي. ربما يقصد كما أشرت أعلاه إلى الحكم من خلال المؤسسات التابعة للداخلية والمحكومة بالطاعة والولاء لسيد البلاط المريض بشهوة الحكم والتسلط، فمن المستحيل ألا يحيط نفسه بمواد تحصنه وتجعله حاكما بأمره.
في ظل هذه الأجواء، يصر قيس سعيد منذ الانقلاب حتى اليوم على الترقيع الذي لن يصمد طويلا، فقد توقف مؤخرا عن ضخ السلع الضرورية للمزودين كما وعد، وهو ما سينذر بأزمة اجتماعية بدأت ولن تنتهي ما دام المنقلب لا يمتلك رؤية مستقبلية وحلولا عاجلة
وفي الأثناء يواصل الدينار التونسي هبوطه إلى أدنى المستويات، إضافة إلى ارتفاع نسبة التضخم بين شهر وآخر، في ظل تآكل احتياطات العملات الأجنبية، وهذا ما سيفاقم خدمة الدين، ويجعلها أكثر كلفة، وسيؤدي إلى تراجع القوة الشرائية، ويزيد من عجز الميزانية. وفي ظل هذه الأجواء، يصر قيس سعيد منذ الانقلاب حتى اليوم على الترقيع الذي لن يصمد طويلا، فقد توقف مؤخرا عن ضخ السلع الضرورية للمزودين كما وعد، وهو ما سينذر بأزمة اجتماعية بدأت ولن تنتهي ما دام المنقلب لا يمتلك رؤية مستقبلية وحلولا عاجلة، وهو لا شك عاجز عن الرؤية والرؤيا في آن معا، فهل سيكون دستور المنقلب قادرا على تجاوز هذه الأزمات من خلال "أسس النهوض الاقتصادي" التي يشتمل عليها الدستور؟
لا يراودني أدنى شك في أن المستفتين على الدستور لن يزيدوا كثيرا عمن شاركوا في المشورة الإلكترونية، اللهم إلا إذا تم تزوير النتائج، وهو ما لا أستبعده، فما كانت بدايته تزويرا وكذبا واحتيالا، فلن يكون آخره صدقا وانضباطا؛ وذلك ما سيجعل الموقف من ألاعيبه يزداد سخونة، وربما يؤدي إلى ثورة شعبية، خصوصا إذا تحول آخرون عن تأييدهم له جراء عملية التزوير التي ستكون مكشوفة، فيما لو فعلها.
كان بإمكان المنقلب أن يستثمر حججه ومبرراته للانقلاب استثمارا أكثر حصافة، إلا أنه بات مكشوفا، وبات واضحا أنه لا يسعى لشيء أكثر من تحصين نفسه والاستمرار في رئاسة البلاد، لكن المؤشرات كلها تشير إلى أنه لن يفلح في مساعيه، وأن المسألة مسألة وقت ليس إلا.. وإن غدا لناظره قريب..
بواسطة: الورفلي
الجمعة، 24 يونيو 2022 04:08 مقيس سعيد ذئب متعطش للسلطة مسكون بعقد الظهور فهو صغير يكبر على حساب آلام شعبه و مآسيه..الثورة قادمة لا محالة و ستجرفه سيول الغضب
لا يوجد المزيد من البيانات.