تصريحاته أمس كانت نوعا من التبرير الرخيص لتسويق مسلسل الاختيار، فكأنه يريد أن يثبت في أذهان المصريين الخوف والقلق من الإرهابيين الإسلاميين، وربما بعد أن لامه بعض حكام الخليج لترحّمه على مرسي، وعدم وصف الإخوان بالإرهابيين وأهل الشر، فضرب عصفورين بحجر واحد..!!
وأيا كانت نواياه تجاه ترحمه على مرسي؛ فإن الأدلة على تعمد قتله كثيرة، فقد كان محمد مرسي أكثر شخص قادر على محو السيسي ووضعه في مزبلة التاريخ، لو أتيح له الحديث في المحكمة التي أحكمت عليه الخناق بقفص زجاجي يمنع وصول صوته لمن في القاعة إلا من خلال ميكروفون يتم التحكم به، بحيث لو بدأ بالحديث عن فضائح السيسي وخيانته يقوم الفني مباشرة بفصل الصوت. ولقد كان مرسي رحمه الله يعرف أنهم يقتلونه ببطء، ويعرف أنه ميت قريبا، وقد قال ذلك للقضاة القتلة الذين لم يحركوا ساكنا، ولم تجد شكواه تفاعلا أو اهتماما، فهم شركاء في الجريمة.
لقد ظل مرسي رحمه الله في الحبس الانفرادي نحو ست سنوات، لم يحظَ فيها سوى بثلاث زيارات. وكان يعاني من مرض السكر، هذا المرض الفتاك الذي لا يمكن أن يُترك بدون علاج، وإلا كان مصير صاحبه الموت المحقق. لكن ستكشف لنا الأيام أن الرئيس محمد مرسي قتل بطريقة دراماتيكية مع سابق الإصرار والترصد في اليوم الذي اختاره الجناة، وعلى رأسهم السفاح عبد الفتاح السيسي. لقد تم قتله بعد سبع سنوات بالتمام والكمال من جولة الإعادة التي فاز فيها بانتخابات الرئاسة، وهذا ما يؤشر بقوة على قصدية قتله في هذا اليوم؛ فالأمر ليس صدفة، وفي قانون الاحتمالات فالحسبة كبيرة: (1/2555). وفي مصر ثمة من يهتم بالتواريخ، ويعرف كيف يتعامل معها، والشواهد على ذلك كثيرة.
لقد أرادوا لمرسي أن يتعذب في مرضه ويعاني أشد المعاناة، ثم ليجهزوا عليه في الوقت المعلوم والمحدد، ربما من خلال حقنة أو من خلال دس سم دوائي في طعامه، ليرتفع السكر ارتفاعا عاليا يؤدي إلى الموت..
السيسي يعلم بأن الأزمة القادمة ستكون طاحنة، وقد تؤدي إلى ثورة كرامة وثورة جياع؛ فقد ارتأى في مخيلته الضيقة وفي لحظة غير معد لها مسبقا أن يترحم على مرسي، وأن يتوقف عن وصف الإخوان بالإرهابيين، حتى طريقته في الحديث عن خيرت الشاطر لم تكن هجومية، بقدر ما كانت تبريرا دفاعيا باردا
مصر تمر اليوم بأزمة اقتصادية خانقة ستؤثر على وضع البلاد وتقضي على ما تبقى من أمل للشعب بالحياة، وليس برفاهها غير المطروح أصلا، فقد بات همّ المصريين يتمثل في توفير الغذاء لأبنائهم بعد الارتفاعات المميتة لكل المواد التموينية والمحروقات والكهرباء والماء والدواء والمواصلات بأنواعها، ورفع الدعم عن السلع الأساسية وارتفاع نسب الضرائب وتعدد مجالاتها، ولأن السيسي يعلم بأن الأزمة القادمة ستكون طاحنة، وقد تؤدي إلى ثورة كرامة وثورة جياع؛ فقد ارتأى في مخيلته الضيقة وفي لحظة غير معد لها مسبقا أن يترحم على مرسي، وأن يتوقف عن وصف الإخوان بالإرهابيين، حتى طريقته في الحديث عن خيرت الشاطر لم تكن هجومية، بقدر ما كانت تبريرا دفاعيا باردا. حتى إن المستمع لكلمته ليحس بأنه يدافع عن نفسه، ويدعم بنوع من الاستجداء ما جاء في مسلسل الاختيار.
أتصور أن الإخوان المسلمين سيرتكبون أكبر خطأ تاريخي لو أنهم وافقوا على مصالحة من أي نوع مع السيسي، ذلك أنه لولا ضعف موقفه لما ألمح إلى مصالحة وطنية، وإن لم يذكر الإخوان بالاسم، إلا أنه -كما يبدو لي- يعنيهم بدلالة الترحم على مرسي والامتناع عن وصفهم بالإرهاب. فلو دخل الإخوان في مشروع المصالحة؛ فهم يمنحون السيسي الكثير من القوة، وسوف يحيّدون قطاعا عريضا من الشعب عن المعارضة والمقاومة والمشاركة في أي ثورة قادمة، وسيضعف موقفهم كثيرا أمام غالبية أعضاء الحركة من الشباب خاصة، ناهيك عن أنصار الجماعة والمتعاطفين معها والذين يعدون بالملايين، وبإمكانهم وحدهم أن يحدثوا أكبر تغيير في المشهد القائم حين تتاح لهم الفرصة.
لم يغير السيسي مواقفه ولن يغيرها تجاه أكبر قوة شعبية في مصر، وما تصريحاته إلا نوع من التذاكي المكشوف، فهو في حالة ضعف وترقب مرعب لما ستؤول له الأوضاع، وقد تكالبت عليه هواجس الإفلاس والمعارضة الداخلية والتغيرات العالمية التي تسببت فيها الحرب الأوكرانية الروسية في آن معا، فهو في وضع صعب في ظل أكثر من 100 مليون من الشعب الذي لم يعد قادرا على شراء الخبز، ناهيك عن الخضار وكل أنواع اللحوم التي نسي شكلها، وخصوصا بعد انهيار الطبقة الوسطى وزيادة الأعباء على الغالبية العظمى من الشعب.
يغير السيسي مواقفه ولن يغيرها تجاه أكبر قوة شعبية في مصر، وما تصريحاته إلا نوع من التذاكي المكشوف، فهو في حالة ضعف وترقب مرعب لما ستؤول له الأوضاع، وقد تكالبت عليه هواجس الإفلاس والمعارضة الداخلية والتغيرات العالمية التي تسببت فيها الحرب الأوكرانية الروسية في آن معا
ينتظر السيسي أياما سوداء، ستقضي على أحلامه في جمهورية جديدة وعاصمة جديدة، وحقبة وردية جديدة لطالما وعد المصريين بها، تلك الوعود التي تشبه وعود المساطيل الذين لا يملكون ما يفون به بوعودهم، فلطالما وعد المنقلب المصريين بالرفاه، وطالبهم بالصبر لبعض الوقت، وكان يردد: "حتشوفوا مصر حتبقى فين، بس اصبروا عليّ شوية"، وها نحن نرى مصر أين صارت وإلى أين ستصير..!!
مصر في طريقها إلى الإفلاس، وفي طريقها إلى انعدام الوزن، وتخليها عن مواطنيها الذين سيحرقون الأخضر واليابس، وهو ما يعرفه السيسي جيدا، لذلك يجب ألا يعطيه خصومه الفرصة للعب بهم واستخدامهم ورقةً رابحة تطيل عمر بقائه في السلطة، في الوقت الذي يجب عليهم استثمار الفرصة لقلب الطاولة على رأسه والعودة بمصر إلى الشرعية الدستورية، وإعادة الأمور إلى نصابها من خلال دولة مدنية جديدة. وعلى الإخوان أن يتعلموا من دروس السياسة ماضيها وحاضرها، ويكفيهم ما جرى لهم في أكثر من بلد؛ ليعرفوا كيف يحمون ظهورهم، وكيف يقفون على أرض صلبة.
أما الشهيد محمد مرسي الذي تم اغتياله بنذالة لا يمكن وصفها، فسيظل رحمه الله يظهر للمنقلب في أحلامه، وسيظل يطارده ما بقي حيا، ولن يستطيع أن يثق بنفسه أو يحس بالطمأنينة ما دام شموخ مرسي ماثلا له ولغيره من عصابته المجرمة. وأخاله سيشرب من ذات الكأس التي أسقاها مرسي، بل ستكون كأسه أكثر مرارة وحرقا لكبده.
بواسطة: بنت الثورة
الثلاثاء، 03 مايو 2022 11:57 صلقد كان مرسي بطلا قوميا بامتياز و سيظل تاريخه المشرق شاهدا عليه ..أما الشعب المصري فلا أظنه إلا ثائرا كعادته على الظلم و الإستبداد قريبا إن شاء الله
بواسطة: من متابع
الثلاثاء، 03 مايو 2022 02:46 مرحم الله محمد مرسي وانتقم من الجلادين الجلاوزة الذين لا تعرف قلوبهم الرحمة.... سيظل محمد مرسي أيقونة لا يمكن تجاوزها أو نسيانها وسينصف مرتين إن شاء الله، مرة بالانتقام من قتلته ومرة عند ربه الرحمن الرحيم. أما مصر فقط آن تخرج عن صمتها.
بواسطة: نورالدين
الثلاثاء، 03 مايو 2022 03:36 مأحسنت في هذا المقال المعبر عن وعينا جميعا بارك الله فيك والأيام القادمة سترينا ما خفي عنا.
بواسطة: مغربي
الثلاثاء، 03 مايو 2022 09:58 متحياتي للكاتب الحصيف والشاعر القدير محمود النجار تحليل متقن كالعادة
بواسطة: نور دالي
الأربعاء، 04 مايو 2022 05:18 صتحليل معقول جدا والأحداث تسير في هذا الاتجاه مصالحة شاملة ولكن هل تقبل الجماعة بها ... أظن لا ...لأن الظروف المحيطة تسير في اتجاه إسقاط الإنقلاب في مصر والسيسي يعلم أن ميزان القوى سيتغير ... مقال محمود النجار ممتاز
لا يوجد المزيد من البيانات.