ملفات وتقارير

ماذا وراء دعوة السيسي لرئيس وزراء الاحتلال بزيارة مصر؟

محللون: السيسي يتعلق بالملف الفلسطيني في محاولة لإثبات الوجود- جيتي
محللون: السيسي يتعلق بالملف الفلسطيني في محاولة لإثبات الوجود- جيتي

كثفت مصر وسلطات الاحتلال الإسرائيلي من لقاءات مسؤوليها على كافة المستويات، سواء السياسية والأمنية والاقتصادية، خلال الشهور الماضية، انتهت بتوجيه أول دعوة من رئيس سلطة الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، إلى رئيس وزراء الاحتلال نفتالي بينت.

وقالت المخابرات المصرية، في بيان مقتضب، إنه بناء على تكليف من السيسي، قام رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء عباس كامل بزيارة لرام الله وتل أبيب، وذلك في إطار دفع الجهود المصرية لعملية السلام التي يرعاها السيسي.

من جهته، أفاد مكتب بينت بأنه التقى لأول مرة بوزير المخابرات المصرية، وتحدث معه عن العلاقات المشتركة، وبحثا ملف الوساطة بشأن الأوضاع مع غزة، لافتا إلى أن "الوزير المصري وجه دعوة لرئيس الوزراء بينت باسم السيسي للقيام بزيارة رسمية إلى مصر خلال الأسابيع المقبلة".

الزيارة، بحسب الإعلام الإسرائيلي، تركزت على "التطورات في غزة"، حيث تقوم مصر بجهود وساطة بين الاحتلال الإسرائيلي والفلسطينيين، لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة، مشيرة إلى أنه لم يتم الإعلان عن هذه الزيارة مسبقا.

وكان اللقاء المعلن الوحيد بين السيسي ورئيس وزراء الاحتلال السابق بنيامين نتنياهو في نيويورك عام 2017، إبان فترة حكم الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، خلال مشاركتهما في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث زار نتنياهو السيسي في مقر إقامته.

تأتي زيارة مدير المخابرات المصرية بعد أيام من زيارة مستشار الأمن القومي الإسرائيلي الجديد إيال حولتا، والمستشار المنتهية ولايته مئير بن شبات، العاصمة المصرية القاهرة في 8 آب/ أغسطس الجاري، والتقيا اللواء عباس كامل.

وقالت مصادر أمنية إسرائيلية لموقع (والا) الإخباري الإسرائيلي إن الهدف من الزيارة، غير المعلن عنها حينها، هو مناقشة الوضع في قطاع غزة، وتثبيت وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس).

"الغرف المغلقة"

يقول رئيس المكتب السياسي بالمجلس الثوري المصري، عمرو عادل، إن "التعاون المصري الأمني والاستخباري والسياسي لم يتوقف منذ انقلاب 2013، وربما التوصيف الأفضل لما يحدث بين النظام المصري الانقلابي والصهاينة مع بعض دول الخليج هو التحالف الاستراتيجي ضد الشعوب، لذلك لا يوجد جديد في دعوة رئيس الوزراء الصهيوني لمصر.. فقط ما كان يدور في الغرف المغلقة يحتاجون ليكون أكثر وضوحا".

وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "أن القضية ربما أوسع من تطوير العلاقات مع إدارة بايدن، وهي إدارة أعتقد أن لديها من المشكلات المعقدة والخطيرة التي لا تسمح لها بالاهتمام ولو مرحليا بما يحدث في المنطقة... ويبدو أن الصهاينة هم من يشعرون بالخطر، سواء الصهاينة المعلنون أو التابعون، فحجم التحديات، خاصة بعد انتصار نموذج المقاومة الأفغانية، يحتاج لتنسيق أكبر من النظام الانقلابي المصري مع مركز العداء للشعوب، وهم الصهاينة بمعاونة صهاينة العرب".

وأعرب عادل عن اعتقاده "بأن التطورات التي حدثت العام الماضي من المقاومة في فلسطين، والفشل الكبير الذي تعاني منه كافة الأنظمة العربية على كل الأصعدة، وخطورة ذلك على الصهاينة، يحفز من ضرورة التوحد والاندماج أكثر مع المشروع الصهيوني من النظام الانقلابي المصري".

وساطة وتقارب مصري

وساهمت الوساطة المصرية في وقف إطلاق النار بين قوات الاحتلال وفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة في 21 أيار/ مايو الماضي، استخدمت فيها الأخيرة صواريخ بعيدة المدى وغير مسبوقة في تاريخ المقاومة، فاجأت ليس سلطات الاحتلال فحسب، بل العالم بأسره.

وكانت الوساطة سببا في إجراء أول اتصال بين الرئيس الأمريكي جو بايدن والسيسي بعد شهور من تجاهل الأخير، لتكثف السلطات المصرية من اتصالاتها بالمسؤولين في قطاع غزة، وتعلن مشاركتها بقوة في عملية إعادة الإعمار، وتفتح معبر رفح أمام جسر من المساعدات الإنسانية، وبث برامج تلفزيونية من قلب غزة.

من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي المعني بقضايا الشرق الأوسط، عزت النمر، إن "مصر في عهد السيسي تعاني غياب الرؤية وضعف الدور والتقزم تحت إدارته، لذلك تعلق بالملف الفلسطيني في محاولة لإثبات الوجود، ويسعى إلى أن يكون جزءا من عملية سياسية يرتبط بها اسمه، وترفع من حظوظه، ويستفيد منها لنفسه ولنظامه، ولكنه يصب في صالح دولة الاحتلال وليس فصائل المقاومة، وتفريغ انتصارها من أي مضمون أو استحقاق".

ورأى في حديثه لـ"عربي21" أن "السيسي يقدم ما بين يدي زيارته إلى واشنطن من خلال دعوته لرئيس وزراء إسرائيلي لزيارة مصر، وهو يجعل من هذه الدعوة وسيلة لتقديم نفسه في الزيارة، والحصول على استقبال وحضور لدى بايدن وإدارته، وطبيعي أنه يعتمد على إسرائيل في هذا الصدد، وعليه يمكن اعتبار أن السيسي يعتمد على إسرائيل كمدخل لكسب نقاط وتطوير العلاقة مع واشنطن، لكن أعتقد أنه يعتبر تدفئة العلاقة مع إسرائيل وحميمية العلاقة معها هدفا في ذاته".

وختم حديثه بالقول: "انخراط السيسي في القضية الفلسطينية مؤخرا يكشف بوضوح أنها ليست حاضرة إلا للمتاجرة، بل تجاوز المتاجرة، وتم اختزالها في معالجة ما لواقع غزة، بما يحقق مصالح إسرائيل من جانب، ويقدم السيسي بها نفسه كلاعب أساسي وصاحب دور، وأن المصالح الإسرائيلية ترتبط بوجوده".

 

التعليقات (0)