اعتبر رئيس الحكومة التونسي الأسبق القيادي بحركة النهضة علي العريض أن لائحة مطالبة فرنسا بالاعتذار عن الجرائم الاستعمارية "جاءت في غير وقتها ودون توفر شروطها ولا الظروف المناسبة لها ولا تشرك مؤسسات الدولة ولاسيما رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ووزارة الخارجية"، مؤكدا على أنها "مضرة بالمصالح العليا لبلادنا في تونس وفِي فرنسا على الأقل".
وقال العريض في تديونة نشرها اليوم الثلاثاء على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "أرجو من رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ووزارة الخارجية القيام بما يتعين في الغرض كما آمل أن ينتبه أعضاء مجلس النواب الموقر والحكماء من أعضائه فضلا عن رئاسته إلى مختلف جوانب هذا الموضوع لإعفاء تونس مما هي في غنى عنه".
وأضاف: "بعض الدول طالبت باعتذار رسمي من الدولة التي احتلتها وحصلت عليه، وبعضها طالب ولم يحصل بعد، وبعضها لم يطالب بعد. وهذه الدعوة ـ طلب الاعتذارـ لم تكن ولا يجب أن تكون داخلة في التجاذب السياسي أو المزايدة الحزبية لأنها مسألة كبيرة وتتعلق بالمصالح العليا للوطن وعلاقاته الخارجية وأمنه القومي، وتتعلق بالماضي والحاضر والمستقبل وبالتالي فإن طرحه يجب أن يكون في وقته المناسب وليس قبل أن تتهيأ له الظروف والمستلزمات القانونية والسياسية".
وأكد العريض "أن صدق النوايا والمقاصد إذا توفرت لا يكفي وحده في مثل هذه القضايا الكبرى في السياسة الخارجية لأنه لا يعصم من خطأ التقدير السياسي ومن الزج بقضية جدية من هذا الحجم في أتون الصراعات الحزبية من ناحية ومزيد إشغال البلاد عن أولوياتها الاقتصادية والاجتماعية وإضعاف وحدتها الوطنية التي تتعرض لامتحانات كبيرة وتحويل بوصلتها إلى ما يضر ولا ينفع".
وأضاف: "إن طرح هذه المسألة اليوم وفي هذه المناخات والأوضاع الوطنية التونسية والفرنسية ودون أي تنسيق واتفاق بين أهم مؤسسات الدولة وحتى المجتمع المدني ودون إعداد قانوني وتقدير سياسي سليم لا أتوقع أن ينتج عنه غير الإضرار بمصالح تونس والتونسيين وعلاقاتنا مع الدولة والمجتمع الفرنسي والزج بهذه
العلاقات المتعددة الأوجه في أتون المزايدات والتشويش، علما أن فرنسا هي أول حليف لتونس وأول مزوّد لتونس وأكبر مستثمر في تونس ويقيم فيها قرابة المليون تونسي وتونسية"، وفق تعبيره.
وعقد البرلمان التونسي اليوم جلسة عامة لمناقشة لائحة تطالب فرنسا بتقديم اعتذار عن جرائمها خلال فترة الاستعمار وما بعدها في تونس، يعتقد أنها لن تنال الثقة.
وتقدم حزب "ائتلاف الكرامة" المحافظ الذي عرف بمواقفه المناهضة لفرنسا وتاريخها الاستعماري في تونس، باللائحة لدعوة باريس إلى تقديم اعتذار رسمي.
كما طالب الحزب بفرض تأشيرة الدخول إلى تونس على السياح الفرنسيين تطبيقا لمبدأ المعاملة بالمثل.
وتأتي هذه الخطوة في أعقاب الجدل الذي رافق مناقشة لائحة سابقة في البرلمان تعترض على التدخل الأجنبي في الجارة ليبيا كان تقدم بها الحزب الدستوري الحر المعارض، وقد سقطت اللائحة أثناء التصويت.
وللإشارة فإن لائحة ائتلاف الكرامة، لا تكتفي فقط بمدة الاحتلال الفرنسي البالغة 75 عاما بداية من 12 أيار (مايو) 1881، ونالت استقلالها في 20 آذار (مارس) 1956، وإنما تمتد أيضا لما بعد ذلك وإسناد فرنسا للديكتاتورية في تونس.