هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أقر رئيس سلطة الانقلاب في مصر، عبد الفتاح السيسي، للمرة الأولى، بفشل المفاوضات مع إثيوبيا حول ملف سد النهضة، محذرا من خطورة الانعكاسات السلبية على الاستقرار والتنمية في مصر والمنطقة.
وقال السيسي، خلال كلمته باجتماع الدورة 74 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، اليوم الثلاثاء، وتابعتها "عربي21"، إن المفاوضات لم تفض إلى نتائجها المرجوة.
وأشار إلى أن مصر سعت على مدار عقود لتعزيز أواصر التعاون مع أشقائها بحوض النيل، وأعربت عن تفهمها لشروع إثيوبيا فى بناء "سد النهضة"، رغم عدم إجرائها لدراسات وافية حول آثار هذا المشروع الضخم بما يراعى عدم الإضرار بالمصالح المائية لدول المصب، ومنها مصر.
وأوضح، أن "مصر بادرت بطرح إبرام "اتفاق إعلان المبادئ حول سد النهضة"، الموقع بالخرطوم، فى 23 آذار/مارس 2015، والذي أطلق مفاوضات امتدت لأربع سنوات، من أجل التوصل لاتفاق يحكم عمليتي ملء وتشغيل السد، إلا أنه - ومع الأسف - لم تفض هذه المفاوضات إلى نتائجها المرجوة".
وتابع: "وعلى الرغم من ذلك، فإن مصر مازالت تأمل فى التوصل لاتفاق يحقق المصالح المشتركة، لشعوب نهر النيل الأزرق فى إثيوبيا والسودان ومصر"، مؤكدا أن "استمرار التعثر فى المفاوضات حول سد النهضة، سيكون له انعكاساته السلبية على الاستقرار، وكذا على التنمية فى المنطقة عامة.. وفى مصر خاصة".
وناشد السيسي الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالوقوف عند مسؤوليته والقيام بدور بناء في حث جميع الأطراف على التحلى بالمرونة، سعيا للتوصل لاتفاق مرض للجميع.
وعلق الباحث المختص في الشؤون الإفريقية، المحبوب أبو علي، على كلمة السيسي بالأمم المتحدة بشأن "سد النهضة" قائلا إن السيسي اعترف للمرة الأولى بتعثر مفاوضات سد النهضة خلال السنوات الأربع الماضية.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ"عربي21": "السيسي يقوم بتدويل المفاوضات، ونقل القضية للمرة الأولى للأمم المتحدة. لكن المجتمع الدولي لن يفعل شيئا، لأن الحل في التحكيم وهو ما ترفضه أثيوبيا، كما أن الخيار العسكري غير وارد".
وأكد أبو علي أن أوراق مصر، وأهمها إريتريا، وجبهة تحرير الأورومو، سقطت من يده بعد نجاح رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، في تحييد إريتريا بالمصالحة معها، ونفس الأمر مع جبهة الأورومو ورفعها من قوائم الإرهاب".
واعتبر أستاذ البحوث الزراعية، عبد التواب بركات، أن اعتراف السيسي بموافقته إثيوبيا على الاستمرار في بناء سد النهضة( كما ذكر) بمثابة اعتراف رسمي بارتكاب جريمة التفريط في حصة مصر من مياه النيل وهي جريمة ترقى إلى مستوى الخيانة العظمى.
وقال بركات، خلال حديثه مع "عربي21"، إن استحضار السيسي لكارثة سد النهضة من جديد قد يستهدف شغل انتباه الشعب المصري عن الفضائح التي أثارها في حقه المقاول والفنان المصري محمد علي.
وأضاف: "السيسي أدان نفسه، مرة أخرى، عندما أعلن أن مصر بادرت بطرح إبرام اتفاق إعلان المبادئ حول سد النهضة"، مؤكدا أنها "جريمة أخرى، لأن السيسي وقع هذا الاتفاق مقابل عودة مصر إلى عضويتها في الاتحاد الإفريقي التي فقدتها بسبب الانقلاب الذي قاده الجنرال، وبالتالي فإن السيسي غير أمين على مصلحة الأمة وحقها في مياه النيل".
اقرأ أيضا: القاهرة تعلن عن تعثر جديد في مفاوضات سد النهضة
والأسبوع الماضي، أقرت وزارة الري المصرية "بتعثر" مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، عقب انتهاء الاجتماع الثلاثي بين وزراء ري دول مصر والسودان وإثيوبيا، مساء الإثنين، والذي استمر ليومين، بالقاهرة؛ من أجل الاتفاق على قواعد ملء السد.
وأشارت الوزارة في بيان وصل "عربي21" نسخة منه، إلى أنه تقرر عقد اجتماع عاجل في الخرطوم نهاية أيلول/ سبتمبر الجاري؛ لبحث مقترحات تمس قواعد ملء وتشغيل السد.
وقالت وزارة الري: "لم يتطرق الاجتماع إلى الجوانب الفنية، واقتصر على مناقشة الجوانب الإجرائية والتداول حول جدول أعمال الاجتماع، دون مناقشة المسائل الموضوعية"، مرجعة ذلك إلى "تمسك إثيوبيا برفض مناقشة الطرح الذي سبق أن قدمته مصر للبلدين"، بشأن قواعد ملء وتشغيل السد.
وتتخوف القاهرة من تأثير سلبي محتمل للسد الإثيوبي على تدفق حصتها السنوية من مياه النيل (55 مليار متر مكعب). بينما تقول إثيوبيا إن السد سيمثل نفعًا لها، خاصة في مجال توليد الطاقة، ولن يُضر بدولتي مصب النيل، السودان ومصر.
اقرأ أيضا: هل استخدم السيسي سد النهضة للتشويش على فيديوهات "محمد علي"
وقال خبير السدود والمياه، محمد حافظ، إن إثيوبيا فرضت واقعا على أرض سد النهضة لا يمكن لأي مفاوضات أن تغير منه شيئا.
وأوضح في تصريحات سابقة لـ"عربي21" أن "إثيوبيا لديها أجندة وطنية غير قابلة للمساومة، وهي تشغيل سد النهضة في النصف الأول من عام 2020 لإسعاد المواطن الإثيوبي".
وأضاف: "مناسيب فتحات التوربينات هي التي تحدد كيف يجب أن يكون التخزين؛ حيث يجبر الحكومة الإثيوبية على ملء بحيرة السد لمنسوب أعلى من منسوب 590 فوق سطح البحر بقرابة 20 مترا على الأقل، لضمان تشغيل التوربينات الموجودة في المنسوب المنخفض وتمكينها من توليد الطاقة".
وحمّل عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشعب السابق، أسامة سليمان، قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي فشل المفاوضات، قائلا: "السيسي إما خائن بتوقيعه على اتفاقية مبادئ سد النهضة قبل أربع سنوات، وفرط في مياه نهر النيل من أجل بقائه في السلطه، وإما ساذج، غرر بالمصريين بوعوده الزائفة، فلا يستحق البقاء في السلطة".
وأضاف في تصريحات سابقة لـ"عربي21" أن "الاجتماعات المتكررة بين الأطراف الثلاثة تكشف أن إثيوبيا استأسدت، وباتت في موقف أقوى حصلت عليه من خنوع السيسي نفسه، ومنحها الوقت الكافي لاستكمال بناء السد، وأن تلعب دورا سياسيا مؤثرا في إفريقيا سمح لها بإقامة علاقات دولية قوية".
اقرأ أيضا: هذه علاقة إسرائيل بتصعيد مصر الأخير ضد إثيوبيا وسد النهضة
وكشف أن "مصر لم تعد قادرة على اتخاذ أي فعل أو حتى رد فعل على ما تقوم به إثيوبيا من تسويف ومماطلة ومراوغة، بحسب وصف السلطات المصرية نفسها، وأنه لم يعد أماها سوى إصدار بيانات الإدانة والشجب".
وبشأن خيارات السلطات المصرية تجاه فشل المفاوضات الثلاثية، توقع أن "تستمر مصر في ما سماه المسار التفاوضي حتى انتهاء بناء السد، ومن يتحمل المسؤولية هو السيسي ونظامه؛ وبالتالي لا يوجد مخرج من تلك الأزمة سوى بخلع السيسي".
وأكد سليمان أن "بدائل السيسي لمواجهة الأزمة غير موجودة؛ لأنه هو من كان يقف وراء حدوثها، وهو بالفعل قدم البدائل بأن حمل المصريين أزمة بناء السد بسبب قيامهم بثورة 25 يناير 2011"، محذرا من أن "النتائج كارثية في ظل غياب أي حل عملي تتمثل في بوار الأراضي الزاعية وعطش المصريين".