هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال الرئيس السابق لحزب البناء والتنمية المصري، طارق الزمر، إن "الجماعة الإسلامية لم يعد لها الآن وجود ينصب عليه التجريم القانوني، لأنها قننت أوضاعها بعد ثورة يناير في جمعية أهلية تقوم بالعمل الطوعي وحزب سياسي لازال يمارس دوره وفق القانون والدستور".
وأدرجت السلطات المصرية، الأحد، الجماعة الإسلامية، وعدد من قادتها على قائمة الكيانات الإرهابية لمدة 5 سنوات، حسب ما نشرت الجريدة الرسمية.
وأشار الزمر – في الحلقة الأولى من مقابلته مع "عربي21"- إلى أنهم يرفضون قرار سلطة الانقلاب بوصم الجماعة الإسلامية بالإرهاب، مؤكدا أنهم سيطعنون في القضاء على هذا القرار.
ورأى الزمر - الذي يشغل حاليا منصب رئيس مركز حريات للدراسات السياسية والاستراتيجية - أنه "أصبح من الضروري أن يستقيل أعضاء حزب البناء والتنمية الذين وردت أسماؤهم في قائمة الإرهاب الجديدة أو يتم تجميد عضويتهم لحين التصدي القانوني لهذا الاتهام الجائر".
وفي الوقت الذي قال فيه الزمر إن "هناك جهات عاقلة داخل النظام لاتزال ترى أن الحفاظ على تجربة الجماعة الإسلامية في نبذ العنف ضرورة"، رأى أن "هناك جهات أخرى ترى غير هذا، وقد أصبحت لها الكلمة العليا، وفي ظل ذلك أصبح غالب المعارضة السياسية موصوما بالإرهاب".
وفيما يلي نص الحلقة الأولى من المقابلة:
كيف ترى خطوة إدراج الجماعة الاسلامية على قائمة الكيانات الإرهابية؟
الحقيقة أن اعتبار الجماعة الإسلامية اليوم جماعة إرهابية يجافي تماما كل قواعد العقل والمنطق والحكمة بل والسياسة أيضا؛ فالجماعة أطلقت منذ أكثر من عشرين سنة مراجعات لنبذ العنف هي الأولى في تاريخ العالم العربي والتزمت بها بشكل صارم طوال الوقت.
ولما أتيح أمامها فرصة للعمل القانوني والدستوري بعد ثورة 25 يناير بادرت من تلقاء نفسها إلى تقنين كل أوضاعها في شكل جمعية أهلية اختصت بالعمل الخيري وحزب سياسي كان ولازال يعمل وفق القانون والدستور، ومن ثم فإن الجماعة التي أعلنوا أمس أنها صارت إرهابية لم يعد لها الآن وجود ينصب عليه التجريم القانوني بمصر.
كيف تنظر للاتهامات التي تم توجيهها للجماعة الإسلامية والتي على أساسها تم تصنيفها على قوائم الإرهاب؟
جميعها اتهامات واهية لا أساس لها من الصحة مطلقا؛ فالاتهام بالتحريض ضد الدولة هو اتهام غير صحيح وليس عليه دليل، بل من يراجع توصيات آخر مؤتمر عام لحزب البناء والتنمية في أيار/ مايو 2017 يجده قد نص على الحفاظ على مؤسسات الدولة، بل والدفاع عنها، لكن للأسف هناك من يعتبر المعارضة السياسية للنظام تحريضا على الدولة.
أما عن الاتهام بتأسيس ميلشيات عسكرية في عام 2012 تحت مسمى "اللجان الشعبية"، لمواجهة مؤسسات الدولة فهو غير صحيح أيضا إلا إذا اعتبرنا مجرد تقديم مقترح لمجلس الشورى المصري آنذاك بإصدار تشريع بإنشاء لجان شعبية لحماية أمن المواطنين يعني ذلك رغم أن التشريع لم يصدر.
ومزاعم ارتباط الجماعة الإسلامية بتنظيم القاعدة فهي كذلك غير صحيحة، لأن الجماعة ليس لها أي نشاط تنظيمي خارج مصر، كما أن قادتها استنكروا منذ ظهور تنظيم القاعدة كثيرا من ممارساته، ولهم مؤلفات منشورة في ذلك تنتقد فكره واستراتيجيته.
لماذا يصر نظام السيسي على وصم الجماعة الإسلامية بالإرهاب؟ وما خطورة ذلك على المجتمع؟
وصم الجماعة الإسلامية بالإرهاب لا يخرج عن سياق شيطنة كل الرموز والكيانات المعارضة واعتبارها تنظيمات ارهابية ابتداءً من الإسلاميين ومرورا ببعض القوى اليسارية والليبرالية، بل والتجمعات الرياضية (الألتراس).
وعزاؤنا أننا نتعامل مع سلطة حازت على أقل درجات المصداقية والأمانة التي حازت عليها سلطة أخرى في تاريخ مصر الحديث، وأنها لم يعد يصدقها أحد، فهل صدق أحد اتهامها بالإرهاب للعلامة الشيخ يوسف القرضاوي أو للرياضي الخلوق الذي جابت سمعته الآفاق محمد أبو تريكة أو السياسي النزيه عبد المنعم أبو الفتوح أو مهندس الدبلوماسية أبو العلا ماضي، فضلا عن السياسي النبيل هيثم محمدين ورموز مصر من أمثال السفير معصوم مرزوق ود. يحيى القزاز وغيرهم الكثير. ولن اتحدث عن اتهامه لجماعة الإخوان المسلمين بذات الاتهام لأنه في الحقيقة يعد من أكبر نكات القرن الجديد.
هل يعني هذا أن الجماعة الإسلامية يمكن أن تغير موقفها من نبذ العنف؟
موقف كل القيادات وآراؤهم المعلنة وغير المعلنة تؤكد رفضهم للعنف وسيلة للتعامل السياسي، وأكدوا مرارا أن ذلك ليس مجرد رأي وقتي، بل هو استراتيجية معلنة ولها أسس شرعية وأخلاقية وسياسية، وهو مبدأ والتزام تجاه المجتمع وكل قواه الحية ولا يمكن الرجوع عنه بأي حال من الأحوال.
بل إن قادة حزب البناء والتنمية يقومون بدور هام في التصدي الفكري والسياسي لظاهرة العنف ولهم في ذلك كتب ومحاضرات مسجلة ومرئية، وقد قدم د. أسامة رشدي (قيادي بالحزب) ورقة هامة منذ أيام في أهم مؤتمر يُعقد في العالم العربي عن التحولات من العنف إلى السياسة عن تجربة الجماعة الإسلامية وانتقالها للسياسة عبر تأسيسها لحزب البناء والتنمية وممارساتها السياسية منذ ثورة يناير وحتى اليوم.
وهل هذه الخطوة قد تكون مقدمة لحل حزب البناء والتنمية؟
هذا هو بيت القصيد، فالحزب فعلا معروض حله على المحكمة الإدارية العليا ويجري حشد الأدلة لهذا الحل، وليس أسهل في مصر الآن من تهمة الإرهاب لتحييد أي فصيل سياسي وإخراجه من زمرة المعارضة التي لم يبق منها أحد.
نظام مبارك لم يصنف الجماعة الإسلامية تنظيما إرهابيا بل كان يحتفي بمبادرتها الخاصة بنبذ العنف بينما نظام السيسي يشيطن ويعتقل وينكل بقياداتها ويصمها بالإرهاب.. كيف ترى هذه المفارقة؟
ذلك يرجع للمزايا النسبية التي يتحصل عليها كل نظام من اُسلوب التعامل؛ فنظام مبارك رأى أن دوره الإقليمي مرتبط بالقدرة على معالجة ظاهرة العنف والتطرف، بينما نظام السيسي الأمني يرى أن دوره ونفوذه مرتبط بالحرب على كل الحركات الإسلامية متطرفة كانت أم معتدلة، ولهذا فقد يدخل في استراتيجيته استفزاز واستنفار كل طاقات العنف والتطرّف داخل المجتمع.
هل الجماعة الإسلامية قد تتخذ إجراءات قانونية بعينها ضد تصنيفها على قوائم الإرهاب؟
من الطبيعي أن نرفض هذا الاتهام وليس أمامنا سوى الطعن القانوني. كما أصبح من الضروري أن يستقيل أعضاء حزب البناء والتنمية الذين وردت أسماؤهم في قائمة الإرهاب الجديدة أو يتم تجميد عضويتهم لحين التصدي القانوني لهذا الاتهام الجائر.
والحفاظ على الحزب مصلحة أساسية حتى يتبين زيف الاتهامات ويتم نقضها والطعن فيها؛ فلا ينبغي لحركة الحزب أن تتوقف عند اتهام من هنا أو هناك؛ فمصالح البلاد العليا وأمنه القومي هي الأولى بالنظر وتعلو فوق أي اعتبار آخر.
من وجهة نظرك: هل هناك جهات بعينها تقف وراء مثل هذه القرارات؟
بالتأكيد هناك جهات عاقلة داخل النظام لاتزال ترى أن الحفاظ على تجربة الجماعة الإسلامية في نبذ العنف ضرورة، بل أنها مكسب للنظام السياسي المصري، لأنها تجربة فريدة تسعى كثيرا من النظم الرشيدة ومراكز الأبحاث النشطة للاستفادة منها، لكن يبدو أن هناك جهات أخرى ترى غير ذلك، وقد أصبحت لها الكلمة العليا، وفي ظل ذلك أصبح غالب المعارضة السياسية موصوما بالإرهاب.
كيف فكرتم في المراجعات التي قامت بها الجماعة الإسلامية في التسعينيات؟ وما هي أهم كواليسها؟
الحقيقة إننا لم نستسلم لقيد السجن، بل إننا استفدنا منه استفادات كبرى، وكان أهم هذه الاستفادات هي القراءات الواسعة وتقييم تجربتنا تقويما شاملا لهذا فرؤيتنا للمراجعات لم تبدأ في التسعينات، بل بدأت قبل ذلك بكثير وكانت هناك تجربة في عام 1988 وكان الوسيط فيها فضيلة الشيخ الراحل محمد متولي الشعراوي غير أن البعض أفشلها ورفض أن نلتقي به بعد أن سعى الرجل فعلا لزيارتنا في سجن طرة.