هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار قرار الحكومة المصرية بمراجعة أوضاع الجزر النيلية على طول المجرى المائي الرئيسي من أسوان وحتى الأسكندرية، وتنفيذ برنامج زمني لإزالة التعديات عليها، مخاوف من تكرار أزمة "جزيرة الوراق" بالعاصمة القاهرة قبل نحو عام.
وأكد وزير الري، محمد عبدالعاطي، في تصريحات صحفية، الأربعاء، أنه بناء على توجيهات رئيس سلطة الانقلاب عبدالفتاح السيسي، تقرر قيام قطاع حماية وتطوير النيل بمراجعة كافة الجزر النيلية من قبل الإدارات العامة بالمحافظات النيلية الـ16، وتقديم الموقف النهائي لها (غدا) السبت.
وأشار إلى "وضع برنامج زمني لإزالة التعديات على أن يتم البدء فورا بإزالة التعديات على الجزر بمحافظة بني سويف" (جنوب القاهرة)، بدعوى "ضرورة الحفاظ على مياه النيل وإزالة أيه تعديات تشوه المجرى حتى يعود نظيفا كسابق عهده ومتنفسا للمواطنين"، على حد قوله.
أحداث جزيرة "الوراق"
وفي آيار/ مايو أصدر السيسي قرارا باسترداد الأراضي المملوكة للدولة من واضعي اليد عليها، وتكليف القوات المسلحة ووزارة الداخلية بالمهمة، وحدد نهاية الشهر ذاته موعدا نهائيا لاستعادة كافة الأراضي، وهو ما لم يحدث حتى الآن.
يأتي القرار الأخير، بالتزامن مع مرور نحو عام على اشتباك قوات الأمن المصرية مع سكان جزرة الوراق التي تتوسط محافظتي القاهرة والجيزة، وتقع وسط النيل على مساحة 1400 فدان، ومقتل أحد سكانها، والقبض على العشرات وإحالة عدد منهم للمحاكمة.
وكانت شركة إماراتية سنغافورية نشرت مخططات لتطوير جزيرة الوراق، قالت إنها لصالح رجل أعمال لم تسمه، قبل أن تزيل الصور من على موقعها الإلكتروني في وقت لاحق.
بيعها للإمارات
وقال الخبير الاقتصادي واستشاري التدريب ودراسات الجدوى، أحمد ذكر الله، لـ"عربي21": "إن هذه القرارات تأتي في إطار خطة شاملة تهدف إلى إخلاء جزر النيل، وبعض الأماكن الهامة في القاهرة والجيزة وبيعها إلى الإمارات".
أضاف أن "الهدف الآخر هو تفريغ قلب القاهرة من سكان الطبقتين المتوسطة والفقيرة؛ لكي يضمن انقطاع وقود الثورة عن قلب القاهرة"، لافتا إلى أن "السيسي نجح بالفعل في التخلص من سكان مثلث ماسبيرو، وحان الدور على أحد أكثر الأماكن أهمية استثمارية، وهي جزيرة الوراق، والتي يمتلك سكانها عقودا موثقة من الدولة".
وانتقد نهج السلطات المصرية في التعامل مع سكان تلك الجزر قائلا: "وبدلا من الدخول في مفاوضات جادة مع الأهالي لتعويضهم، يستخدم النظام الحصار، والقوة الغاشمة، وقد فشل حتى الآن نتيجة تمسك الأهالي بأراضيهم".
عقلية رجل الأعمال
وفند أستاذ الاقتصاد، مصطفى شاهين، طريقة تعامل الدولة مع المواطنين عند الحديث عن إخلاء بعض المناطق بدعوى إزالة التعديات، وصرح لـ"عربي21" أن "هناك إذلالا متعمدا للمواطنين، ولا تقوم الحكومة بدورها بتوفير بديل مناسب لهم".
وضرب بذلك مثلا "ما حدث في منطقة بولاق (بجوار النيل) خلف مبنى ماسبيرو (الإذاعة والتلفزيون) التي تم إزالة جزء كبير منها"، لافتا إلى أن "هناك حديثا عن عزم الحكومة التمدد إلى شوارع وسط البلد كشارع 26 يوليو".
وأضاف: "السؤال الآن، هل هذا مجرى تدخل الدولة؟ بالطبع هذا تدخل معيب؛ لأن الأصل فيه هو تعويض السكان، وتوفير أماكن سكن مناسبة لهم، وأماكن عمل إلى جوار سكنهم".
واستدرك بالقول: "المشكلة أن الحكومة تفكر بعقلية رجل الأعمال وليس رجل الدولة المنوط بها حماية الفقراء؛ فالأصل أن الدولة تحمي الطبقات الفقيرة، وتوفر لهم الحد الأدنى، لكن ما يحدث أنها فقدت البوصلة على الاقتصاد، ولم يعد لها دور كبير في زيادة الإنتاج".