وصلت الردة عن الحد الأدنى من الانتماء للجنس البشري إلى نقاش حول ما إذا كنا نحتاج إلى قضاء أم لا؛ لأن القبول بحق الشرطة في تقرير من يقع حبسه من عدمه دون تدخل القاضي، هو في النهاية تعبير عن عقلية "شنوة نعملو بيه القاضي".
هذه الفلسفة التي تحابي فئة اجتماعية على فئات اجتماعية أخرى تشكل الأغلبية، لا تعكس أيضا محاباة لطبقة رجال الأعمال عموما بل تمثل محاباة للوبيات كانت ولاتزال متنفذة.
قام أخيرا الرئيس السبسي بإعلان مشروع قانون ما يسميه "المصالحة الوطنية"، وعرضه على مجلس الوزراء هذا الأسبوع. قدم ذلك على أنه شرط ضروري لمحاربة الإرهاب. بيد أن الفساد في تونس بما في ذلك الرشوة المعروفة باصطلاح "افرح بية" هي مدخل للإرهاب وتطبيعها ترسيخ له، وليس العكس.
كان بلاغ الخارجية البريطانية -بالأمس- القاضي بمنع السفر الكامل وإجلاء رعاياها ووضع تونس في مستوى خطر مثل الدول المنكوبة من نوع أفغانستان والصومال، كان قاصما. ورغم أنه يبدو مبالغا فيه، إلا أنه يعكس أساسا، ومثلما كان واضحا من البلاغ عدم ثقة في إجراءات الحكومة التونسية.
بقدر ما كانت العملية الإرهابية في سوسة غير مسبوقة من حيث عدد الضحايا بقدر ما هي مكررة من حيث طبيعة المجرم. كان متوقعا من رئيس الحكومة أن تتم عملية إرهابية في شهر "رمضان".
حملة أسطول الحرية الثالثة لكسر الحصار رمزيا وسلميا عن مليوني فلسطيني تحت الحصار المشدد، ومنذ سنتين خاصة بدعم إقليمي مصري، هي مجرد موجة أخرى لتعاطف عربي ودولي تعكس تعمق اهتراء صورة الإسرائيلي في الرأي العام الدولي.
في يوم واحد عمليتان إرهابيتان بين محافظتي سيدي بوزيد وجندوبة، أدتا إلى استشهاد أربعة أمنيين، وفي الأثناء حادثة قطار مفجعة أدت إلى حوالي عشرين قتيلا. في اليوم ذاته عيد ميلاد حزب "نداء تونس" صاحب الأغلبية في البرلمان، وأكبر مكونات التحالف الحاكم، ويشغل مؤسسه موقع رئيس الجمهورية.
الوضع الاقتصادي والاجتماعي صعب في تونس، لكن أسوء ما يمكن أن يحصل هو التوزيع غير العادل للتضحية، طلب التضحية من الأقل دخلا ومضاعفة الامتيازات للأكثر دخلا.
أهم حدث في تونس الأسبوع الماضي صنعه الإعلام البديل، وفرضه على الإعلام السائد: حملة افتراضية بوسم #وينو_البترول (أين النفط؟) يعكس أسئلة الرأي العام حول الغموض الذي يلف حسابات الدولة، فيما يخص قطاع الطاقة، أي المصدر الأساسي للعجز في الميزانية في الوقت الراهن، والتذمر من المواضيع الجانبية، خاصة تلك الم
كل ما نتمنى ان نأخذ هدنة من خيبات حكومة السبسي وننساها ونكتب مثلا عن الشأن العربي او حتى عن شأن المريخ إلا وتجرنا جرا اليها. ما يثير الانتباه سرعة الانحدار بشكل لم يسمح لمن هم في المعارضة لأخذ نفس والمراجعة وترتيب البيت الداخلي.
بلغت حكومة السبسي في تونس يومها المئة لكن عوض ان تعرض "انجازاتها"كما وعدت في ندوة صحفية قررت ان تحارب طواحين الهواء وتفتعل المؤامرات لمواجهة حالة احباط من الاداء الكاريكاتوري للرئيس والحكومة.
من بين الأمور التي أثارت بعض الجدل مؤخرا في مصر وتونس رفع الدكتور محمد المنصف المرزوقي في آخر شهر ابريل شارة "رابعة" خلال خطاب المؤتمر التحضيري لـ"حراك شعب المواطنين"، الإطار المتعدد الأبعاد الذي بادر بالدعوة إليه كصيغة للمساهمة في إحداث توازن في إطار التركز الراهن للطبقة السياسية أساسا في مجال السلطة وضعف المعارضة.
بعد حملة هستيرية شتموا فيها كل من انبثق عن انتخابات 23 أكتوبر 2011، وصل أخيرا السبسي وأهم أعوانه للسلطة. صحيح أنهم اعتمدوا توجها للتخفي وراء ائتلاف رباعي شكلي، الوزراء الذي يمثلونه يسبح كل منهم في عالم أحادي، بعيدا عن رئيس حكومة يبدو خارج الصورة تماما.
أعلن ممثلو الحكومة التونسية في اجتماعات جرت في واشنطن الأسبوع الماضي خبرا مرا للأسف على الهامش. أعلنوا، بابتهاج كما علي أن أضيف، أن تونس تلقت وعدا من البنك الدولي للحصول على قرض بـ"أربع مليار دولار" على أربع سنوات.