يوما بعد يوم، تتصاعد
الانتقادات الموجهة لقائد الانقلاب العسكري عبدالفتاح
السيسي، في وسائل الإعلام
المصرية، التي يدين معظمها بالولاء له، ليس فقط من قبل كتاب محايدين، أو معروفين بمعارضته، بل من أشد أنصاره، وداعمي انقلابه، ممن يُعدون "أذرعا إعلامية" له، كثيرا ما اعتمد عليها طيلة الفترة الماضية في تسويق انقلابه، وتزيين سياساته بين الشعب.
في الأسبوع الأخير، ارتفعت أصوات هؤلاء الكتاب بالنقد الضاري لعدد من تصرفات السيسي، وفي مقدمتها استقباله للإثيوبيين المحررين من يد تنظيم الدولة، وفق رواية الإعلام المصري، حتى وصفها أحدهم بأنها ضربة معلم "فشنك"، ردا على صحف اعتبرتها "ضربة معلم".
من جهته، انتقد كاتب ثان "المليشيات" التي لجأ نظام السيسي إلى تشكيلها في سيناء، بدعوى مشاركة القبائل في محاربة الإرهاب.
ودعا كاتب ثالث إلى نزع القداسة الكهنوتية عن منصبه، وتفكيك جبال الأساطير التى يرتفع فوقها، على حد تعبيره.
وزمجر رابع: "كل الأمور زادت عن حدها، وأصبحنا جميعا في خطر، لأن دولاب حكمك مخترق".
وخاطبه خامس بالقول: "إنت عامل زي الست اللي عمالة تنظف، وتلم ورا عيالها، وهم يعبثون في أي شيء، وكل شيء، مع أنها لو بذلت ربع المجهود في تعليم أولادها الصح والخطأ لتوقفوا عن العبث، وأخذوا الحياة بجدية، وارتاحوا وأراحوها".
وأعلن سادس رفضه إصدار قانون الموازنة للعام القادم دون أن تسبقه أي مناقشات.. وهلم جرا. وهذا كله خلال الأسبوع المنصرم فقط.
ضربة معلم "فشنك"
البداية من مقال "انتبهوا.. ضربة معلم فشنك"، الذي كتبه مدير تحرير جريدة الشروق، محمد سعد عبدالحفيظ، الأحد 10 أيار/ مايو 2015، وانتقد فيه وصف الصحف المصرية لاستقبال السيسي لعدد من الإثيوبيين "العائدين" من ليبيا، الأحد 7 أيار/ مايو، بمطار القاهرة الدولي، بـ"ضربة المعلم"، مؤكدة تنفيذ الأجهزة المصرية مهمة نوعية لتخليص هؤلاء الرهائن.
وشرح الكاتب ملابسات ما حدث مع هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين، وخلص إلى القول: "إذن، لم تكن "ضربة معلم"، ولم تكن عملية تحرير، كانت عملية إجلاء ونقل لأشقاء على خطوط طيران مصرية، ربما ساعدت القاهرة، أو تدخلت من خلال روافدها الدبلوماسية، لكنها لم تقم بعملية خطيرة لتحرير مخطوفين".
وحذر عبدالحفيظ من أن "محاولات صناعة الفرعون الجديد بدأت منذ شهور، فالرئيس السيسي يخضع حاليا للظروف ذاتها التي صنعت من سابقيه فراعنة.. حملة المباخر يمجدون أفعاله مهما صغرت، ويتعامون عن أخطائه مهما عظمت، لكن عليه أن ينظر للنهايات"، وفق قوله.
سيادة الرئيس: أنت ومصر في خطر
محمود الكردوسي، أحد أشد المتطرفين في تأييد السيسي، ومدير تحرير جريدة "الوطن"، قال في مقاله بالجريدة، تحت العنوان السابق، الثلاثاء 13 أيار/ مايو 2015: "كل الأمور زادت عن حدها، وأصبحنا جميعا في خطر: الدولة والرئيس والمواطن.. لا تتوقع مني أن أسكت وأنا أرى، كل يوم وكل ساعة، أن دولاب حكمك مخترق فسادا أو إخوانا أو بيروقراطية، أو كلها معا، وغالبية وزرائك ومسؤوليك يعملون ضدك".
وخاطب الكردوسي السيسي في مقاله الذي اطلعت عليه صحيفة "عربي21"، قائلا: "ظهرك عار، وجبهتك الداخلية خربة. أنت تحارب وحدك معركة حياة أو موت، بينما جهازك الإداري يتفنن في إعاقتك، وتحويل حلمك إلى كوابيس مفزعة. كوادر جهازك هذا -وعلى رأسهم وزراء المهندس إبراهيم محلب- يرتكبون الحماقة تلو الأخرى، ويبدعون في إهانة المواطن، وإذلاله: إن لم يكن بتقصيرهم.. فبخطابهم السوقي، المتغطرس، غير المسؤول".
وأضاف: "القضاء توحش يا سيادة الرئيس. تغول. تجاوز كل حدود اللياقة والأدب والتواضع. أصبح دولة فوق الدولة. ليس كل القضاء بالطبع.. لكن قاضيا واحدا فاسدا.. يكفي لإشعال ثورة في الاتجاه الخطأ. القضاء تورط في عفن السياسة، وأصبح جزءا من هذا المشهد العبثي المرتبك. وفي حين أن كل المؤسسات حتى تلك السيادية لم تنج من النقد.. فإن ذريعة الحصانة كانت تمنعنا طول الوقت من نقد القضاء".
وتساءل الكردوسي: من الذي أطفأ ماسبيرو؟ من الذي يشرع لاقتصادك ليدمره؟ من الذي يدير إعلامك؟ من الذي يعطل انتخاباتك، ويضعها في مواجهة موتها قبل أن تبدأ؟ من الذي وضع دستورك؟ من.. ومن.. ومن؟! ظهرك يتعرى يوما بعد يوم، فافعل شيئا. تغدى بهم قبل أن يتعشوا بك.. وبنا. واحذر، لقد بدأ خصومك يتحدثون عن "ثورة ثالثة".
في "مصرنا" مليشيات
وتحت هذا العنوان كتب محمود خليل، في جريدة الوطن، الخميس، 14 أيار/ مايو 2015، قائلا: "قرار لافت توصل إليه مؤتمر القبائل السيناوية الذي عُقد يوم الأحد الماضي، يتمثل في تشكيل مجموعتين من شباب البدو لمحاربة الإرهاب في سيناء، والمعنى في هذا القرار واضح، فقد انتوت السلطة السماح لمدنيين من سيناء بحمل السلاح ضد الإرهاب".
وأضاف خليل أن هذا القرار يؤشر إلى أمرين، أولهما أن الأمن لم يعد بمقدوره خوض المعركة ضد الإرهاب في سيناء بمفرده، وأصبح بحاجة إلى مشاركة الأهالي، ليس المشاركة على مستوى المعلومات فقط، بل على مستوى حمل السلاح أيضا. ..وليس معنى ذلك بالطبع أن السلطة تخلت عن دورها أداة للتأديب، لكنه يدلل على أنها سلّمت -بعد سنتين من المواجهة المعقدة- أنه ليس في الإمكان أبدع مما كان، وأنه آن الأوان لتوظيف مدنيين مسلحين في مواجهة مدنيين إرهابيين. وذلك هو الأمر الثاني الذى يؤشّر إليه هذا القرار".
ورافضا ذلك، اختتم بالقول: "لو كان لدى السلطة وعي بطبيعة وتركيبة هذا الشعب لفهمت أنها تطلب مستحيلا. المصريون ليسوا قبليين، ولا غارقين في المذهبيات الدينية أو السياسية، المصريون لا يعرفون من أنواع الخصومات سوى الخصومة الثأرية، وليت الواقفين على حافة المواجهة يفهمون أن حكاية الثأر تلك تعد محركا أساسيا من محركات تواصل فكرة حمل السلاح"!
ديمقراطية المنصب الرئاسي
أنور الهواري، أحد كتاب المؤيدين للسيسي، كتب أيضا مقالا بجريدة "المصري اليوم"، الخميس 14 أيار/ مايو 2015، تحت العنوان السابق، اطلعت عليه صحيفة "عربي21".
وفيه وجه الهواري نقدا غير مباشر إلى السيسي بالقول: "موقع الرئيس محوري في نظامنا السياسي، فهو يستطيع أن يتجاهل الدستور، ويحكم بغير مرجعية مكتوبة ومعلومة، ويستطيع أن يؤجل البرلمان عدة مرات: بعد الرئاسة مباشرة إن شاء الله، ثم قبل نهاية 2014م بإذن الله، ثم في أول 2015م بعون الله، ثم قبل المؤتمر الاقتصادي بتوفيق الله، ثم مع المؤتمر الاقتصادي بمشيئة الله، ثم قبل رمضان بإرادة الله، ثم بعد كعك العيد إذا أراد الله، وهكذا إلى ما شاء الله".
وشدد الهواري على أنه: "يلزم نزع القداسة الكهنوتية عن المنصب الرئاسي، يلزم إباحته بالمعنى الإنساني، يعني تفكيك جبال الأساطير التي يرتفع فوقها، يعني أن يكون الرئيس إنسانا طبيعيا، يبدأ مرشحا، ثم يفوز، ثم يدخل القصر ليمارس موهبة الزعامة إن كانت فيه، وليؤدي مهمات المنصب المنصوص عليها في الدستور، ثم يخرج من القصر، موفور الكرامة، دون حاجة لأن نكرر المشهد المعروف: يدخل "عزيز مصر"، ثم يخرج "مأساة مصر".
الموازنة العامة ملك الجميع
في مقاله بالعنوان السابق بجريدة "الشروق"، قال الدكتور زياد بهاء الدين، الثلاثاء 12 أيار/ مايو 2015: "تعكف الحكومة المصرية هذه الأيام على الانتهاء من إعداد مشروع الموازنة العامة للعام المالي القادم (الذي يبدأ في 1 يوليو 2015)، تمهيدا لتقديمها إلى رئيس الجمهورية لكى يصدرها -في حال موافقته عليها- بموجب صلاحية التشريع التي يمنحها الدستور له طالما لا يوجد برلمان.
وأضاف: "معنى هذا أن قانون الموازنة للعام القادم سوف يصدر دون أن تسبقه المناقشات البرلمانية المعتادة، التي ربما لم تكن في الماضي تغير كثيرا في المشروع المقدم من الحكومة، لكنها كانت على الأقل تتيح الفرصة لمناقشات وجدل برلماني وإعلامي يسهم في التعرف على خطط الحكومة وتوقعاتها.
واستطرد بهاء الدين: حتى لو لم يكن هناك برلمان، فإن الدولة يظل عليها واجب أن تعمل على إتاحة مشروع الموازنة للرأي العام، وإعطاء مهلة كافية من الوقت للخبراء والمتخصصين وللأحزاب والمنظمات الأهلية والنقابات وغيرها لإبداء الرأي، قبل إقرارها من رئيس الجمهورية، وبما يعوض -ولو جزئيا- عن النقاش البرلماني الغائب."
والله "السيسي" صعبان عليّا
وتحت هذا العنوان، كتب معتز بالله عبد الفتاح، في جريدة "الوطن"، الخميس، 14 أيار/ مايو 2015، مقالا اطلعت عليه "عربي21".
وفيه قال: "أكيد فيه يا ريس في مصر حد يعرف يكتب سكريبت كلمة لحضرتك أحسن من كده، وأكيد يا ريس فيه في مصر حد يعرف يقطع أو يمنتج الفقرات أحسن من كده، وأكيد يا ريس، فيه حد في مصر يعرف يخرج كلمة حضرتك أحسن من كده. وأكيد يا ريس في مصر حد يعرف يقعد ساعتين قبل اللقاء ما يعلن أنه سيذاع يتفرج عليه بعين ناقدة ومعه ورقة وقلم وساعة ويقول في الدقيقة كذا، فيه كذا المفروض يتصلح أو يتوضح".
واستطرد عبد الفتاح: "طيب هنقل الكلام عن برنامج الرئيس التلفزيوني إلى برنامج الرئيس العملي، أكيد فيه في مصر حد تاني أفضل من اللي موجودين في بعض مناصب الجهاز الإداري والوزاري للدولة يقدر يكون أداؤهم أحسن من كده".
وتابع مخاطبا السيسي: "أنت عامل زي الست اللي عمالة تنظف، وتلم ورا عيالها، وهم يعبثون في أي شيء، وكل شيء، مع أنها لو بذلت ربع المجهود في تعليم أولادها الصح والخطأ لتوقفوا عن العبث، وأخذوا الحياة بجدية، وارتاحوا وأراحوها.. ومع ذلك أنت شاعر بالمأزق، ولكن يبدو أنك خايف على شعبيتك لو تدخلت بنفسك".