ملفات وتقارير

هل يقبل السيسي بـ"روشتة" البرادعي وعمرو موسى لمواجهة خطط ترامب؟

يؤكد ترامب على قبول رئيس النظام عبدالفتاح السيسي على خطة التهجير وهو ما تنفيه مصر علنا - واشنطن بوست
مع استمرار ضغوط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على مصر بتهجير الفلسطينيين إلى أراضيها، وتأكيده المتواصل منذ 25 كانون الثاني/ يناير الماضي، وحتى مساء أمس الثلاثاء، على قبول حكومة رئيس النظام عبدالفتاح السيسي، بها؛ قدم سياسيون مصريون مقترحات أكدوا أنها الحل الوحيد لمواجهة خطط ترامب.

وعبر صفحته بموقع "فيسبوك" رسم السياسي المصري المقيم بالعاصمة النمساوية فيينا، ورئيس هيئة الطاقة الذرية الأسبق، الدكتور محمد البرادعي، (83 عاما) عددا من الخطوات ضد ما أسماه "المحاولة الأمريكية الإسرائيلية الشرسة وغير المسبوقة لتصفية القضية الفلسطينية أرضا وشعبا والتنمر والتهديد المستمر من جانب ترامب وإدارته".

"روشتة البرادعي"
عرض البرادعي الاثنين الماضي،  3 نقاط، على السيسي والقادة العرب اتخاذها بمواجهة ترامب، كما أشار إلى خطوات أخرى للبدء في انهاء الاحتلال الاسرائيلي بينها مسيرات شعبية بالملايين بكل الدول العربية والاسلامية.

وحول ما اعتبرها خطوات يمكن القيام بها للتصدي لهذا العدوان الوجودي، طالب بأن "تقتصر المقابلة مع ترامب على وفد يمثل كافة الدول العربية والإسلامية لا أن تكون المقابلات مع كل مسؤول على حدة".

ودعا لأن "يبلغ الوفد ترامب، قرار كل الدول العربية والإسلامية بالرفض التام شكلا ومضمونا لأي محاولة للاستيلاء على غزة بالمخالفة الصارخة لأي قانون أو منطق".

وشدد على ضرورة أن "يقدم الوفد لترامب خطة تفصيلية تقرها الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي لإعادة إعمار غزة، وتوفير حياة كريمة لأهلها بقدر المستطاع داخل القطاع أثناء فترة التعمير، وبحيث لا يضطرون إلى مغادرة أرضهم".

وأشار النائب السابق للرئيس المصري المؤقت عقب انقلاب 2013، إلى "خطوات محددة للبدء في إنهاء الاحتلال الذي دام أكثر من نصف قرن".

إذ دعا إلى تنظيم "مسيرات شعبية بالملايين في كل الدول العربية والإسلامية، تزامنا مع لقاء الوفد العربي والإسلامي مع ترامب، لإعلان 2 مليار مسلم وعربي رفضهم القاطع للمخطط الأمريكي الإسرائيلي".

ولفت إلى أن هذا "يستدعي اجتماع فوري للدول العربية، وكذلك اجتماع لمنظمة التعاون الإسلامي"، بجانب "تنحي كل الفصائل الفلسطينية خلافتها جانبا، وأن يكون هناك ممثلا واحدا للشعب الفلسطيني".

وختم بالقول: "هناك الكثير الذي يمكن أن نفعله للدفاع عن وجودنا وهويتنا، إذا وجدت الإرادة وأخذنا زمام المبادرة وأعملنا العقل وخلصت النوايا"، مؤكدا أن "قوتنا في وحدتنا".



وفي تدوينة أخرى قال البرادعي: "الادعاء أننا لا نملك كدول عربية أوراق ضغط -جيوسياسية واقتصادية وتجارية وغيرها الكثير- للدفاع عن حقوقنا وقضايانا هو  خداع وتدليس"، مضيفا: "يقيني أننا نملك ونستطيع إذا غلبنا مصالح الشعوب والأوطان وتوقفنا عن تقزيم أنفسنا وقدراتنا".

"لجنة موسى"
وإلى جانب ما عرضه البرادعي، قدم الأمين العام الأسبق للجامعة العربية عمرو موسى مجموعة من النقاط لمواجهة أزمة ملف التهجير.

وفي لقاء عبر فضائية "إم بي سي مصر" مساء الأحد الماضي، دعا موسى، إلى تشكيل لجنة ثلاثية عربية من مصر، والسعودية، والأردن، للتفاوض مع الرئيس الأمريكي بشأن القضية الفلسطينية.

وردا على الانتقادات الإسرائيلية المتتابعة حول تطور تسليح الجيش المصري ونقل معدات وسلاح وأفراد إلى سيناء، قال موسى إنه يجب أن نكون مستعدين لكل شيء.

"جحيم ترامب.. ودعوات الاصطفاف"
وتوعد ترامب غزة بفتح أبواب الجحيم إذا لم تطلق سراح جميع الرهائن دفعة واحدة ظهر السبت المقبل، وهدد بالاستيلاء على أراضي القطاع كاملة دون دفع أية ثمن، وسط تلميحات وتصريحات بقطع المعونات الأمريكية عن مصر والأردن، حال رفضهما خطته بتهجير الفلسطينيين للبلدين.

وفي الوقت الذي تتصاعد فيه نبرة الرفض المصري لخطة ترامب بتهجير الغزيين وتتواصل فيه ردود القاهرة على اتهامات تل أبيب لها في ملف غزة، تتزايد الدعوات للتوافق مع نظام السيسي، وسط مطالبته بالالتحاف بالشعب المصري، واتخاذ قرارات تدعم هذا التوجه، ومنها الإفراج عن المعتقلين المصريين.

وتنظم الحركة المدنية الديمقراطية الخميس المقبل، يوما تضامنيا مع معتقلي الرأي والمحبوسين على ذمة قضايا سياسية، وسط مطالبات للنظام المصري بإنهاء أزمة المعتقلين، لتأمين الجبهة الداخلية إزاء التهديدات الأمريكية والإسرائيلية.



وبينما تتوالى عشرات الدعوات المماثلة يواصل النظام المصري إصراره على عدم إغلاق هذا الملف في هذا التوقيت الصعب، بحسب مراقبين، وتواصل سلطاته الأمنية والقضائية ارتكاب المخالفات والجرائم الحقوقية بحق المصريين.

ومن بين تلك الملفات المثيرة للجدل إحالة 138 قضية سياسية تضم 8 آلاف متهم وسجين سياسي إلى 3 دوائر إرهاب في محكمة الجنايات فقط، وذلك خلال 4 شهور فقط، وسط انتقادات حقوقية بعدم توفير أجواء محاكمات عادلة.



مراقبون، تحدثوا إلى "عربي21"، عن قيمة وجدوى ما عرضه البرادعي، وموسى، من نقاط إزاء تعنت الرئيس الأمركي والصلف الإسرائيلي، واحتمالات قبول نظام السيسي بها.

"تناسب حجم المؤامرة"
وهنا قال الكاتب والمحلل السياسي المصري سيد أمين: "لا شك أن الدعوات التي أطلقها البرادعي، وعمرو موسى، دعوات مهمة جدا، وتتناسب مع الرد الواجب على المؤامرة التي يديرها ترامب، وإدارته المتطرفة حول غزة".

أمين، أضاف لـ"عربي21" أنها "مؤامرة لو نجحت فلن؛ تتوقف أبدا عند قطاع غزة والضفة الغربية بل ستتمدد على أجزاء واسعة من الوطن العربي، تحقيقا لخطة إسرائيل الكبرى (من النيل للفرات)، وتهيئة الأجواء لتحقيق نبوءات توراتية وإنجيلية عن الألفية السعيدة".

وأوضح أن "الخطة تصطدم بحقيقة أن الحكام العرب يخشون جماهيرهم ويرونها خطرا على عروشهم، بقدر مساوي لخطرها على الكيان الصهيوني"، مشيرا إلى أنه "حينما يتعلق الأمر بعروشهم فهم غير مستعدين أبدا للتضحية بها حتى لو كان الثمن تحرير فلسطين كاملة".

ومضى يؤكد أنهم "يجيدون صناعة حشودا مصطنعة تحت السيطرة"، مشددا على أن "هذا النوع من الحشود لا يُخيف أمريكا لأنها تعلم جيدا كيف خرجت".

ومن جانب آخر، لفت الكاتب الصحفي المصري، إلى أن "كثيرا من حكام العرب على علم بالخطة الأمريكية الخاصة بصفقة القرن، وأبدوا حماستهم لها منذ زمن بعيد، وعملوا على تهيئة الظروف لها، وكانوا يعتقدون أن المقاومة ستهزم في شهر أو شهرين من بدء الحرب التي ستشنها إسرائيل على غزة لتمرير الصفقة وفرار شعب غزة الى سيناء".

وألمح إلى أنه "كان وقتها سيصبح هناك مبرر إنساني لاستقبالهم بوصفه نزوحا مؤقتا، ثم يتحول النزوح المؤقت لنزوح دائم وبذلك تتم الصفقة بسلام".

واستدرك بقوله: "لكن ما قلب المعادلة أنهم فوجئوا بصمود المقاومة وببسالتها لنحو عام ونصف العام من العدوان الوحشي، وفوجئوا أيضا بتمسك الغزاوية بأرضهم رغم ما لحق بهم من دمار وقتل؛ وهنا كانت المشكلة".

وخلص للقول: "وبالتالي فإن ترامب وإدارته على يقين تام بموافقة الحكام العرب على الصفقة، ويسؤهم فقط سوء طريقة الإخراج".

وختم مؤكدا أنه لا يستبعد أن "يكون هؤلاء الحكام هم من أوحوا إلى ترامب، استخدام القوة بشكل أكبر لكسر المقاومة، واجبار الغزاوية على النزوح، حتى يتسنى لهم إظهار أنفسهم بمظهر من ليس بيده حيلة".

"الحل الأمثل والطبيعي"
وحول احتمالات الاستجابة لنصائح بعض السياسيين المصريين بإخلاء سبيل المعتقلين السياسيين ودعوات الالتحاف بالشعب بمواجهة خطط ترامب، قال الحقوقي المصري خلف بيومي: "لا يوجد مبرر قانوني أو سياسي أو إنساني يبرر موقف النظام المصري من ملف المعتقلين".

وفي حديثه لـ"عربي21"، أكد أنه "الملف الأكثر ضررا على النظام دوليا"، مشيرا إلى "ارتفاع نسب توصيات الاستعراض الدوري الشامل الأخير  لملف مصر الحقوقي الذي جرى الشهر الماضي برعاية الأمم المتحدة في جنيف لتصل لـ 382 توصية من أغلب دول العالم".

ولفت إلى أنه "الملف الذي تُحجب بسببه بعض المعونات القادمة من الداعم الدولي للنظام"، مبينا أن "كل ذلك يدعو النظام لوقفة جدية، والنظر للمصلحة العامة، وفتح المجال السياسي، والبدء بالإفراج عن المعتقلين، خاصة وأن الكل يعلم أنها مكايدة ليس لها علاقة بالقانون من قريب أو بعيد".

وفي نهاية حديثه، ألمح إلى أن "الأمور تتغير في المنطقة العربية بين سقوط بشار الأسد، 8 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وضغوط ترامب على مصر بتهجير الفلسطينيين، وهى أمور تستدعي أن يستوعب النظام أن الحل الأمثل والطبيعي هو إخلاء سبيل كل المعتقلين".

"لا يؤمن بقوة الجماهير"
وفي رؤيته، قال السياسي المصري إسلام لطفي: "ظني كي يستجيب شخص ما لضغوط سياسية أو يكون لديه قراءة جيدة لتغيرات إقليمية تحدث ربما تؤثر على توازنات السياسة يجب أن يكون هذا الشخص إما فاهما للسياسة أو محاطا بمستشارين سياسيين أكفاء ومخلصين".

‏وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف: "وقبل هذا أن يكون مدركا لأهمية السياسة ومقدرا لأهميتها وهو الأمر الذي نفاه السيسي عن نفسه عدة مرات، فالسيسي يحتقر السياسة والسياسيين ويؤمن بقوة السلاح لا قوة الجماهير".

‏وأوضح أنه "خلال سنين حكمه الماضية أعاد تصميم شبكة العلاقات وموازين القوة داخل مصر وفي أجهزة الدولة المصرية، وأعاد تصميم وهندسة المدن والشوارع كي يضعف من قوة الجماهير في حال إذا ما قررت التحرك ضده لأي سبب، وذلك كي تبقى قوة السلاح الذي يهيمن عليه هي الحاكمة والمسيطرة".

‏ولفت إلى أن "هناك أمر مطمئن للسيسي يدفعه للاستمرار في هذا النهج، وهو ضعف الحياة السياسية وعدم وجود تنظيمات سياسية حقيقية؛ خصوصا بعد نجاحه في القضاء على جزء كبير من قوة تنظيم الإخوان المسلمين واحتوائه للسلفيين والكنيسة، وبطشه بجزء من القوى المدنية وتدجينه لأغلبها".

"روشتة السطوحي"
وفي السياق، قدم العديد من الكتاب والسياسيين المصريين روشتة للنظام المصري لكيفية التعامل مع خطط الرئيس الأمريكي لتهجير الفلسطينيين، ورصد الإعلامي محمد السطوحي، العديد من النقاط في هذا الإطار، تحت عنوان: "كيف نتعامل مع ترامب ما بين المواجهة والانحناء لإفشال خططه في غزة؟".

وعبر صفحته بـ"فيسبوك"، أكد أنه " ليس من مصلحة البلاد العربية الدخول بمواجهة مفتوحة ومتصاعدة مع أمريكا، لكنها بنفس الوقت لا يمكنها أن تنصاع لمطالبه المستحيلة التي هي ترجمة عملية لخطط اليمين المتطرف بإسرائيل".

وأكد أن الحل، "في اتخاذ موقف جماعي لا يقبل المساومة، ليس فقط برفض خططه، بل ينتقل من الرفض السلبي بعدم المشاركة في تنفيذ مطالبه إلى العمل المنظم لإفشال خططه للتطهير العرقي بغزة".

ولفت إلى ضرورة توضيح الثمن الذى سيدفعه ترامب حال إصراره على سياساته، وإعطائه فرصة التراجع وإعلان النصر الوهمي بما يحفظ كبرياءه، والتوضيح بأن نتنياهو يتلاعب به، وأنه صار مجرد بوق لعناصر اليمين المتطرف بإسرائيل، وأن التمسك بمطالبه يجعله شريكا تابعا لهم بجرائمهم وليس زعيما قويا.

السطوحي، شدد على ضرورة استخدام مصطلح (التطهير العرقي) بشكل واسع، بكل مايحمله ذلك من توصيف سلبي للخطة باعتبارها جريمة حرب تهدد بمحاسبة المشاركين فيها بالمسئولية أمام المحكمة الجنائية الدولية.

ودعا في المقابل للإصرار على توصيل المساعدات الكافية للفلسطينيين في غزة بما يسمح لهم بالبقاء بأرضهم، إلى جانب أن يشعر ترامب بالتهديد من السعودية ودول الخليج التي يعتمد عليها لتنفيذ خطته بتمويل الريفييرا الخاصة به في غزة.

وختم مؤكدا على ضرورة "تنظيم حملات قوية شعبية ورسمية بوجه أي زعيم عربي آخر  يفكر في الاستجابة لمطالب ترامب باستقبال الفلسطينيين، وذلك بالكشف عن أي خطوات عملية للتنفيذ حتى لو تم الاتفاق بطريقة سرية".



ودعا الكاتب الصحفي مجدي شندي إلى قمة عربية عاجلة تهدد بقطع كامل للعلاقات مع واشنطن مع سحب السفراء وطرد سفرائهم، وتفكيك قواعد أمريكا بالمنطقة، ووقف فوري لتصدير النفط والغاز.


وإزاء تلك الدعوات سواء للاصطفاف أو نصائح التعامل مع ترامب، لفت الكاتب أحمد عبدالحليم، في مقال له بـ"عربي21"، إلى أن النظام لن يهتم بدعوات المعارضة.

وقال: "لقد همَّش النظام المصري وقضى على أي دور حقيقي للمعارضة طيلة عشر سنوات، والآن تحاول المعارضة الاصطفاف، من أجل نفسها، وإثبات جدوى "الصوت" كأن له أهمية حقا في تلك اللحظة الفارقة رغم أنه كان معدوم الأهمية في كل لحظة فارقة مضت".