يؤكد الإعلان الصادر في 15/1/2025، انتصار
المقاومة والشعب في الحربين العدوانيتين، اللتين شنهما الجيش الصهيوني، بقيادة
بنيامين نتنياهو وبايدن، بعد الانتصار العسكري الاستثنائي لعملية المقاومة الكبرى
"طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
هذا الانتصار العسكري والسياسي الذي لا جدال
فيه، من قِبَل المقاومة والشعب في قطاع
غزة، وكل من ناصرهم وساندهم وتعاطف معهم، من
فلسطينيين وعرب ومسلمين وشعوب العالم (التي تتسّم بالضمير الحر، وبالدفاع عن
القِيَم العليا للإنسان والإنسانية).
إن من يرفضون اعتباره انتصارا، يتوزعون على
عدة اتجاهات: البعض يسيئهم أن تنتصر المقاومة على الكيان الصهيوني. والبعض، ربما،
عن حسن نيّة، لا يستطيع أن يتصوّر إمكان الانتصار العسكري على جيش متفوّق متوحش،
مدعوم من أمريكا، دعما كاملا. والبعض يخطئ في المعيار الذي يحكم فيه على هذا
الانتصار، بسبب ما يتعرض له قطاع غزة من جرائم بشرية، وتدمير شبه كامل. فكيف يعتبر
أن ثمة انتصارا، مع ضخامة ما ارتقى من شهداء، وأصيب من جرحى ومعوّقين جسديا؟
هذه الاعتبارات كلها تتساقط، لتهافتها أمام
فشل جيش الكيان الصهيوني، وأمريكا في تحقيق أي هدف من الأهداف الرئيسة، في إعلان
تلك الحرب، وهي:
1 ـ القضاء على حماس (المقاومة في غزة من
كتائب عز الدين القسام، وسرايا القدس).
2 ـ إطلاق الأسرى بالقوّة.
3 ـ تهجير مئات الألوف إلى سيناء.
فالشيء الوحيد الذي حققه الجيش الصهيوني، هو
الإبادة الانسانية والتدمير الشامل الفظيعين والإجراميين.
بل من المعيب حتى حدود العيب القصوى، اعتبار
هذا البُعد، يشكل "انتصارا" عسكريا أو "إنجازا"، لنتنياهو.
وذلك بالرغم مما سبّبه من ضحايا وعذابات، لا مثيل لهما في العصر الحديث.
قطعا، إن ما تضمنه الاتفاق من بنود، يناقض كل ما طرحه نتنياهو من أهداف للحرب، بما في ذلك ما سبق وأُسمي باليوم التالي الذي
تشكل، على ضوء ما توقف عنده، يوم الخامس عشر من شهر كانون الثاني في 2025، وعبّر
عنه الاتفاق.
وكان هذا فشلا آخر لنتنياهو وبايدن، في ما
سعيا إليه من حرب عدوانية، دامت 467 يوما، بساعاتها، ولياليها، وأيامها، القاسية
على الاحتمال البشري، بما يفوق قسوة كل قسوة أخرى. وهو أن تطلق الكلاب الجائعة
لتنهش أجسام الشهداء والجرحى.
إن اليوم الأخير القادم، يوم الأحد في 19/1/2025، يسجل أولا، هزيمة عسكرية وسياسية، لما وضعه نتنياهو وبايدن، لحرب الإبادة في قطاع غزة، من أهداف، ويسجّل انتصارا لمقاومة تقاتل في جباليا (شمالي غزة)، كأنها ما زالت في أيامها الأولى بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، وتستقبل "اتفاقا" فرضته عسكريّا، قبل أن تفرضه سياسيّا وأخلاقيّا وإنسانيّا.
وهنا لا يجب أن يُسجّل كفشل لنتنياهو، ومن
شاركه وسانده فحسب، وإنما أيضا، كجريمة أخلاقية وإنسانية من جهة. ولكنها من جهة
أخرى، مثلت انتصارا للحق الفلسطيني المطلق في فلسطين، كما للشر الصهيوني المطلق
في الوجود على أرض فلسطين.
نعم، مرة أخرى، إنه انتصار للمقاومة والشعب
والإنسانية جمعاء، حين يذهب نتنياهو وشركاه إلى التوقيع على هذا الاتفاق، مجبرين
غير مخيّرين. وهو ما كان ليحدث، لولا خوفهم من ترامب الذي أصرّ عليه. بل أمر
نتنياهو على الرضوخ له. وهذه حقيقة أخرى، تؤكد بأن نتنياهو خرج من هذا الاتفاق
مهزوما ذليلا، بالرغم مما يحاول أن يظهر به عكس ذلك.
إن المقاومة والشعب في قطاع غزة، وعلى مستوى
شعب فلسطين والقضية الفلسطينية، لهم أن يرفعوا شارات النصر، بقوّة، أمام هزيمة
نتنياهو، وهو يوقّع على الاتفاق.
الأمر الذي يشكل لنتنياهو صفعة تاريخية،
فيما هو يُهدّد بتغيير خرائط ما يسمّونه (زورا) "الشرق الأوسط". وقد
جرّ وراءه من راحوا يبشرون بعصر أمريكي- صهيوني قادم، من خلال حملة إعلامية
ودعائية، تفتقر إلى موازين القوى التي تسمح بها (
الاحتلال العسكري في عام 1917).
ومرّة أخرى، وأخرى، إن اليوم الأخير القادم،
يوم الأحد في 19/1/2025، يسجل أولا، هزيمة عسكرية وسياسية، لما وضعه نتنياهو
وبايدن، لحرب الإبادة في قطاع غزة، من أهداف، ويسجّل انتصارا لمقاومة تقاتل في
جباليا (شمالي غزة)، كأنها ما زالت في أيامها الأولى بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، وتستقبل "اتفاقا" فرضته عسكريّا، قبل أن تفرضه سياسيّا وأخلاقيّا وإنسانيّا.