كتاب عربي 21

ضرورة عزل ترامب

كان كافياً أن يمرّ أربعون يوماً، حتى تكشفت مجموعة من المواقف الترامبية العجيبة، بمقاييس القانون الدولي، والعرف السياسي.. الأناضول
لنعترف أن ثمة مجموعة كبيرة من المثقفين الفلسطينيين والعرب والمسلمين، كما في الشرق كما في الغرب، طالما دخلوا معارك فكرية وسياسية ضارية، ضد المثقفين الذين اعتبروهم معادين لأمريكا والغرب، وضد التحالف مع أمريكا، أو تأييد سياساتها، سواء أكان في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، أم في الانحياز للغرب، حضارة وسياسة، ونظاماً اقتصادياً.

وهذا الانقسام في الموقف، طبع الصراع في بلادنا، منذ مراحل الاستقلال الأولى، في أواسط القرن العشرين الماضي، إلى اليوم، ولنقل، حتى مجيء دونالد ترامب، رئيساً للولايات المتحدة، وزعيماً للغرب، بالضرورة، ابتداءً من العام 2025.

وقد كان كافياً أن يمرّ أربعون يوماً، حتى تكشفت مجموعة من المواقف الترامبية العجيبة، بمقاييس القانون الدولي، والعرف السياسي، تؤذن بأنها الوجه الذي ستكون عليه، استراتيجيات الولايات المتحدة الأمريكية، وسياساتها، للأربع سنوات القادمة. طبعاً إن قُدّر له أن يقود العالم، خلالها.

كيف يستطيع مثقف فلسطيني أو عربي، أو مسلم أن يحترم نفسه، أو يمتلك الحدّ الأدنى، من المبادئ الأخلاقية والسياسة، أو من التمسّك بالقانون الدولي، واتفاقات جنيف الرابعة، أو بحقوق الانسان، وحريّته، ولا يرفع الصوت عالياً، ضدّ ترامب ونتنياهو؟
إن هذه الاستراتيجيات، والسياسات العجيبة الغريبة، والخارجة عن كل مألوف، توجب على تلك المجموعة من المثقفين، من مؤيّدي أمريكا، والمنحازين لها، والمدافعين عنها، أن تعلن موقفها، مما عبّر عنه ترامب، خلال الأربعين يوماً، وخصوصاً، موقفه في 10/2/2025، الذي هدّد فيه أهل غزة، بفتح أبواب الجحيم عليهم.فضلاً عما أعلنه سابقاً، إزاء كل القضايا، التي تعرّض لها، من المطالبة بضمّ كندا وغرينلاند، وصولاً إلى قراراته المختلفة الأخرى.

هنا تُواجه أولئك المثقفين، أزمة ضميرية، إزاء كل ما دعاهم، للانحياز إلى أمريكا، أو تأييدها، والدفاع عما تمثله. وذلك حين يسكتون عن سياسات ترامب، ولا يتخذون موقفاً منها. وإن ما يزيد من حرج هؤلاء، عندما تأخذ القمة العربية، مواقف ضدّ سياسات ترامب، في ما يتعلق بتهجير فلسطينيي غزة، ومن بعدهم تهجير ملايين آخرين، من الضفة الغربية وعرب الـ48.

وبعبارة أخرى، كيف يستطيع مثقف فلسطيني أو عربي، أو مسلم أن يحترم نفسه، أو يمتلك الحدّ الأدنى، من المبادئ الأخلاقية والسياسة، أو من التمسّك بالقانون الدولي، واتفاقات جنيف الرابعة، أو بحقوق الانسان، وحريّته، ولا يرفع الصوت عالياً، ضدّ ترامب ونتنياهو؟

إن الدافع الخلقي، وراء هذا الضغط، على مثقفين، تورّطوا كثيراً في الوقوف إلى جانب أمريكا، يرمي إلى عزل ترامب وإفشاله، والحيلولة دون السماح له، أن يعيث فساداً، وإفساداً وتسميماً، بكل الوضع الدولي، وشعوب العالم.

وثمة نقطة أخرى، يجب أن تحث على هذا الموقف، هي النتائج على الوضع الدولي، والحياة الإنسانية، حين يكرسّ ترامب احتقاراً واستهتاراً، بالقانون الدولي والمعايير الإنسانية. مما يجعل من حق كل فرد، أن يتصرف كما يتصرف هو. وهذا يعني الفوضى العالمية، وتشكل، مثلاً، ما لا يُحصى من ذئاب منفردة، تفتك بخصومها، بسبب انتمائهم الديني، أو هويتهم.

فذلكم بعضاً مما تؤدي إليه "مدرسة" ترامب.