مقابلات

مقري لـ"عربي21": الجزائر فضحت دور مصر في حرب غزة.. وهذا موقفي من "الرئاسة"

مقري شدد على أن "الخسائر في غزة كبيرة وتاريخية وغير مسبوقة- عربي21
انتقد الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم الجزائرية والأمين العام لمنتدى كوالالمبور، عبد الرزاق مقري، الموقف العربي عموما والدول المحيطة بفلسطين، خصوصا إزاء ما يجري من عدوان إسرائيلي وحشي على غزة، مشيرا إلى أن تصريح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون حول فتح الحدود المصرية لإغاثة أهالي القطاع "فضح دور القاهرة في غلق الحدود".

وقال مقري في حديث خاص مع "عربي21"، إن "العالم الغربي أنشأ الكيان الصهيوني للمحافظة على مصالحه ولأجل إضعاف الأمة، وهو يواصل نفس الهدف ويعمل على حماية هذا الكيان من أجل مصالحه وعدم السماح للأمة بأن تتوحد".



أما العالم العربي، بحسب مقري، "فهو جزء أساسي من هذه الجريمة لأن الذي يحاصر أهلنا في غزة هم الدول العربية وخاصة دول الطوق التي تحاصر غزة وتمنع النجدة عن فلسطين".

وأكد مقري، أنه "لو لم تكن هذه الدول التي تحمي الكيان الصهيوني لكانت جحافل المسلمين انتقلت إلى فلسطين لنجدة أهلنا في غزة بالملايين"، بحسب تعبيره.

وقال إن دعوة تبون لفتح الحدود "فضح الدور المصري في غلق الحدود، وهذه تهمة واضحة من الرئيس الجزائري للنظام المصري، بأن هذا النظام يغلق الحدود الحدود حتى لو تعلق الأمر بالدعم الاجتماعي وبناء المستشفيات".

وفي 19 آب/ أغسطس الجاري، أكد الرئيس الجزائري أن بلاده مستعدة لبناء ثلاثة مستشفيات في غزة، في حال فتح الحدود البرية بين مصر والقطاع.

وقال تبون: "لو فتحوا لنا الحدود بين مصر وغزة، لكان لدينا ما نقوم به، والجيش جاهز بمجرد ما يتم فتح الحدود (معبر رفح)، سنقوم ببناء ثلاثة مستشفيات في ظرف 20 يوما".

وحول المشهد الإنساني في قطاع غزة بعد أكثر من 10 أشهر من العدوان، شدد مقري على أن "الخسائر في غزة كبيرة وتاريخية وغير مسبوقة بالنظر إلى عدد السكان الموجودين في غزة".

واستدرك: "ولكن الذي يقرأ تاريخ الثورات ضد الاحتلال سيعلم بأن هذه الضريبة هي التي يقدمها من يريدون تحرير بلدهم"، موضحا أن الاحتلال الإسرائيلي "لم يحقق أهدافه السياسية رغم كل هذا التدمير ورغم كل هذا القتل".

ولليوم الـ327 على التوالي، يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي ارتكاب المجازر المروعة، ضمن حرب الإبادة الجماعية التي يشنها على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، مستهدفا المنازل المأهولة والطواقم الطبية والصحفية ومراكز الإيواء.

وارتفعت حصيلة ضحايا العدوان الوحشي المتواصل على قطاع غزة إلى ما يزيد على الـ40 ألف شهيد، وأكثر من 93 ألف مصاب بجروح مختلفة، إضافة إلى آلاف المفقودين تحت الأنقاض، وفقا لوزارة الصحة في غزة.

وفي سياق منفصل، تطرق الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم الجزائرية خلال حديثه مع "عربي21"، إلى الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في الجزائر في أوائل شهر أيلول/ سبتمبر القادم، واعتبر أن النتيجة "محسومة" منذ الآن.

وتاليا نص الحوار كاملا:

أكثر من 10 أشهر من العدوان على غزة.. كيف يمكن أن تُجمل المشهد الحالي في الأراضي الفلسطينية المحتلة؟


بكل تأكيد على المستوى الإنساني وعلى مستوى الخسائر في أهلنا بغزة، هي خسائر كبيرة وتاريخية وغير مسبوقة بالنظر إلى عدد السكان الموجودين في غزة، فالمدينة كلها دمرت وعدد الشهداء تجاوز أربعين ألفا، والناس خسروا كل شيء في حياتهم.

ولكن الذي يقرأ يعني تاريخ ثورات ضد الاحتلال يعلم بأن هذه الضريبة التي يقدمها من يريدون تحرير بلدهم. فالأمور في الحقيقة لا تقاس بما يقدمه تقدمه الشعوب التي تكافح من أجل أرضها. ولكن الأمور تقدر بالأهداف السياسية.

اليوم الاحتلال، رغم كل هذا التدمير ورغم كل هذا القتل فهو لم يحقق أهدافه السياسية. لم يستطع أن ينهي المقاومة ولم يستطع أن يسيطر على الوضع  كما يريد. ولم يحرر الأسرى. فلذلك هو خاسر على طول الخط. والمقاومة منتصرة في الأرض من خلال الإنجاز الكبير في سبعة أكتوبر ذاته، الذي هو في الحقيقة دمر هيبة الجيش الإسرائيلي ودمر سمعته الاستخباراتية وهو كل يوم كذلك يدمر هيبته العسكرية على الأرض.

كما أن طوفان الأقصى أحيا العالم بأسره. اليوم القضية الفلسطينية قضية عالمية. رجعت القضية الفلسطينية إلى الطاولة. عند كل الأمم عند كل الشعوب. صارت هناك شرائح شعبية كثيرة جدا في الغرب ذاته تسند القضية الفلسطينية وتدافع عن الحق الفلسطيني.

المجتمع الإسرائيلي هو المرتبك.. الفلسطينيون رغم الخسائر رغم الآلام هم جبهة واحدة، هم موحدون وورائهم الأمة كلها موحدة، أما الإسرائيليون في الحقيقة فشملهم ممزق وهم يعيشون مشكلة كبيرة جدا على المستوى الاجتماعي وعلى المستوى النفسي وعلى المستوى الاقتصادي، فالمنحنى لصالح فلسطين والأمة كلها.

كيف ترى الموقف الغربي عموما والعربي بشكل خاص بعد كل هذه المجازر بحق الفلسطينيين؟


العالم الغربي أنشأ الكيان الصهيوني للمحافظة على مصالحه ولإضعاف الأمة، وهو يواصل نفس الهدف ويعمل على حماية هذا الكيان من أجل مصالحه ولعدم السماح للأمة أن تتوحد.

واصل الغرب نفس الطريق لم يغير منه شيئا. ولكن طوفان الأقصى كشفه وبيّن جرائمه، والعالم الغربي متواطئ كلية بزعامة أمريكا وبريطانيا بشكل أساسي متواطئ في الجريمة كليا على التمام والكمال، والكثير من الدول كذلك لا تقوم بواجبها تجاه القضية الفلسطينية.

هناك بعض الدول التي صارت لها مواقف واضحة على رأسها جنوب أفريقيا، وحتى في بعض الدول الأوروبية مثل بلجيكا وفي إسبانيا وبعض الدول التي صار لها مواقف إيجابية، وكذلك ما تحقق على مستوى محكمة العدل الدولية هو إنجاز إيجابي لصالح الحق الفلسطيني، ولكن  في المجمل العالم لا يفعل شيئا كبيرا ضد هذه الجرائم.

أما العالم العربي، فهو جزء أساسي من هذه الجريمة لأن الذي يحاصر أهلنا في غزة هم الدول العربية وخاصة دول الطوق هي التي تحاصر أهلنا في غزة، وهي التي تمنع كذلك أن تنجد الأمة فلسطين.

لو لم تكن هذه الدول التي تحمي الكيان الصهيوني لكان جحافل المسلمين انتقلت إلى فلسطين لنجدة أهلنا في غزة وإنقاذ المسجد الأقصى بالملايين. فلذلك دول الطرق اليوم أما أن تدخل في المعركة لمصلحتها ولمصلحة لمستقبلها والقيام بالواجب، أو تترك الأمة تدخل في المعركة مباشرة، وإلا فإن مصيرها المستقبلي سيكون قاتما لأن طوفان الأقصى انطلق ليغير هذا الوضع كله.

في هذا الإطار كان هناك تصريح للرئيس الجزائري حول فتح الحدود المصرية والعبور إلى غزة، ما رأيك به؟



تسبب هذا التصريح بضجة كبيرة جدا، وبعد ذلك أوضحت أدوات النظام السياسي أنهم لا يقصدون التدخل العسكري. ولكن يقصدون تدخل إنساني. ولكن أنا أؤكد ما كتبته في المقال الذي نشرته في الوسائط الاجتماعية، والذي لاقى تفاعلا كبيرا، وهو أن هناك كثير من الأشياء التي يمكن أن تقدمها الجزائر ولا تتطلب أن تسمح مصر بذلك.

بإمكان الجزائر أن تقدم كثير من الدعم على المستوى العسكري وعلى المستوى التقني والتكنولوجي للمقاومة، والمقاومة تعرف كيف تأخذ هذا الدعم. كذلك بإمكان الجزائر أن تقدم الدعم المالي المباشر للمقاومة تماما مثل ما كان كانت الشعوب العربية تقدم للثورة التحريرية. ما الذي تغير؟ لم يتغير شيء.

لما كانت الثورة الجزائرية التي اندلعت في أول نوفمبر عام 1954 تفاعل معها أشقاؤنا العرب وكانوا يدعمون الثورة بالسلاح وبالمال وبكل شيء، فنحن علينا أن نرد الخير وأن ندعم المقاومة وهذا الأمر لا يتطلب أن تفتح الحدود، علاوة على ما يتعلق بالدعم الخير والاجتماعي، هناك وسائل كثيرة جدا، لا شك وأن النظام الجزائري يعرفها.

لكن دعوة الرئيس الجزائري كشفت النظام المصري، وبيّن أن هذا النظام يٌغلق الحدود، وهذه تهمة واضحة من الرئيس للنظام المصري، بأن هذا النظام يغلق الحدود الحدود حتى لو تعلق الأمر بالدعم الاجتماعي وبناء المستشفيات.

لذلك، من إيجابيات هذا التصريح أنه فضح الدور المصري في غلق الحدود.

هل هناك انعكاسات فلسطينية على الانتخابات الجزائرية؟

القضية الفلسطينية في الحقيقة هي قضية إجماع بين كل الجزائريين. وهي لا تمثل موضوع تمايز بين الجزائريين سواء قبل الانتخابات أم بعدها.

الشعب الجزائري مرتبط بالقضية الفلسطينية ارتباطا وثيقا لأسباب كثيرة شرحناها في كثير من مقالاتنا وفي كتبنا، لأسباب نجتمع  بها مع كل المسلمين وهو الجانب العقائدي، ومع كل أهلنا في العالم العربي الإسلامي في الجانب الإستراتيجي.

ولكن نحن كجزائريين لنا قصة خاصة تتعلق بفلسطين وبمشاركة الجزائريين مع صلاح الدين الأيوبي في تحرير القدس ومنحه للجزائريين وقف حارة المغاربة.

وكذلك لنا قصة خاصة مع اليهود الذين كانوا في الجزائر قبل الاستعمار. جاؤوا بشكل خاص بعد الأمواج التي جاءت بعد سقوط الأندلس، وكانوا يعيشون مثلنا تماما بتقاليدنا وبكثير من المشتركات الثقافية ولكنهم حينما دخل الاستعمار انقلبوا على الجزائريين وساروا مع الاحتلال، والاحتلال كافأهم بإعطائهم الجنسية الفرنسية، وبقوا مع الفرنسيين حتى اندلعت الثورة التحريرية.

لما اندلعت ثورة التحرير المجاهدون خيروا اليهود بين الحياد أو أن يكونوا مع الثورة ويكونوا جزائريين يعني، لكنهم اختاروا الاستعمار، فلذلك حينما خسر الاستعمار خرجوا معه وأغلبهم ذهب إلى فرنسا إلى غير رجعة.

لماذا لست موجودا في سباق الانتخابات الرئاسية الجزائرية؟

هذا لأسباب سأبيّنها لاحقا إن شاء الله.

ما هي حظوظ المترشحين برأيك؟

الانتخابات محسومة كما هو حال كل الانتخابات في العالم العربي.