حقوق وحريات

نبع العوجا.. هكذا يخطط المستوطنون لسرقة المياه الفلسطينية (شاهد)

زار وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش منطقة "نبع العوجا" مؤخرا ووعد بالسيطرة على النبع ومصادرة كامل المنطقة- الأناضول
لا يدخر المستوطنون جهدا في سرقة المياه الفلسطينية بالضفة الغربية المحتلة، بالتوازي مع تصاعد مصادرة الأراضي وانتزاعها من أصحابها لصالح التوسع الاستيطاني الذي ازداد توحشا في أعقاب الحرب المستمرة على قطاع غزة.

في تجمع "نبع العوجا" قرب مدينة أريحا شرق الضفة الغربية المحتلة، تعيش نحو 120 عائلة فلسطينية قلقا متزايدا جراء تصاعد اعتداءات المستوطنين والتي تحول بينهم وبين وصولهم إلى مياه النبع لسقاية حيواناتهم.

وقبل نحو ثلاثة أشهر شيد مستوطن إسرائيلي بؤرة رعوية في "نبع العوجا" في محاولة للسيطرة على المكان.

ويقول فلسطينيو المنطقة إن مستوطنا يملك قطيعا من الأغنام يسيطر على المنطقة ويحول دون وصولهم إلى مياه الري، في خطوة لتهجيرهم بدعم إسرائيلي رسمي.

ويعد "نبع العوجا" واحدا من أهم وأشهر ينابيع المياه في "غور الأردن" شرق الضفة الغربية، كما أنه يعد موقعا سياحيا يلجأ إليه الفلسطينيون في فصل الصيف لوفرة مياهه.


بؤر استيطانية
محمد رشيد (67 عاما)، مختار تجمع سكاني لنحو 120 أسرة تعتمد كليا على الثروة الحيوانية، قال لوكالة الأناضول إن سكان المنطقة "يعيشون حالة من القلق المتزايد على مصيرهم ومصير الأرض والمياه".
وأضاف: "نسكن هنا في بيت من الصفيح والخيام منذ ما قبل احتلال الضفة الغربية عام 1967، والأراضي هنا تعد ملكا خاصا".

وأوضح رشيد أن "العائلات تسكن في هذا الموقع لتوفر المراعي والمياه، فبدونهما لا حياة لمربي المواشي".

وأشار إلى أن "العائلات عاشت أياما هادئة، عكرها وجود البؤر الاستيطانية الرعوية قبل ثلاثة أشهر، التي تهدف للتضييق على السكان ودفعهم للرحيل، والسيطرة على أكبر مساحة ممكنة من الأراضي".

وقال مختار المنطقة إن السكان يسقون الأغنام ويجلبون المياه من مجرى النبع الذي لا يبعد عن منازلهم سوى عشرات الأمتار، لكن الوضع اليوم تغير حيث "يمنع السكان من ذلك بقوة العربدة الإسرائيلية".


استفزازات متعمدة
وأوضح أن "المستوطن يترقب مواقيت ري الحيوانات ويجلس لنا على الطريق، ليمنعنا من الوصول إلى موقع النبع، ويستعرض قوته على الرعاة، ويستفزهم ويخيف القطيع"، بحماية من جيش الاحتلال.
واتهم رشيد جيش الاحتلال بالتعاون مع المستوطن قائلا: "في كثير من الأحيان نذهب لري الماشية في أوقات مبكرة قبل وجود المستوطن في المكان، لكنه سرعان ما يباغتنا، فكيف ذلك؟ الجيش يتصل به ويخبره بقدومنا".

تخريب أنابيب المياه
ويملك رشيد قطيعا من الأغنام يضم أكثر من 200 رأس، لكنه يقول إن "استمرار الحال بهذا الشكل قد يدفعنا إلى بيع قطيع المواشي، فلا يمكننا الاستمرار في تربيتها في ظل نقص المياه".

ويستعين رشيد، كما بقية العائلات في المنطقة، لجلب المياه بصهاريج، الأمر الذي يعد صعبا ومكلفا.

وقال: "الثروة الحيوانية تعوّض، لكن فقدان الأرض والمياه لا يمكن تعويضه".

ولتسهيل إيصال المياه إلى التجمع السكاني، فقد مد السكان أنابيب بلاستيكية من مجرى النبع إلى التجمع، لكنها هي الأخرى لا تسلم من تخريب المستوطنين.

إبراهيم كعبي، أحد سكان المنطقة، قال لوكالة لأناضول إن "المياه تصل عبر الأنابيب حارة للغاية؛ بفعل ارتفاع درجات الحرارة التي تقارب أو تزيد على الـ 40 درجة مئوية، ولا يمكن استخدامها".

وأوضح أن "الأنابيب تتعرض بين الحين والآخر للقطع من قبل المستوطنين، ولا يوجد من يحاسبهم".

ولدى كعبي نحو 300 رأس من الأغنام، لكن استمرار صعوبة الحصول على المياه يهدد بقاءها على قيد الحياة.

وقال: "تمر أيام دون تمكننا من جلب المياه للمنازل وللقطيع".

ووسط مساكن المنطقة المشيد أغلبها بدعم من الاتحاد الأوروبي، يلهو أطفال التجمع السكاني، ولا يجدون ما يبرد أجسادهم سوى بضع قطرات من المياه تجلب عبر صهاريج المياه.


اعتداءات ممنهجة
الحال في "نبع العوجا" هو ذاته في عدد من الينابيع بالضفة الغربية، وخاصة في منطقة الأغوار، بحسب أمير داود، مسؤول قسم التوثيق في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الإسرائيلي.

داود أوضح للأناضول أنه بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر  الماضي، تم تسجيل 63 اعتداء على الينابيع الفلسطينية من قبل مستوطنين إسرائيليين، الجزء الأكبر منها وقع في شمال الضفة، وتحديداً في مناطق الأغوار ونابلس ضمن المنطقة "ج".

وصنفت اتفاقية "أوسلو 2" لعام 1995 أراضي الضفة ثلاث مناطق: "أ" تخضع لسيطرة فلسطينية كاملة، و"ب" تخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية ومدنية وإدارية فلسطينية، و"ج" تخضع لسيطرة مدنية وإدارية وأمنية إسرائيلية، وتشكل الأخيرة نحو 61 بالمئة من مساحة الضفة الغربية.

وأضاف داود: "يقدر العدد الإجمالي للينابيع في الضفة الغربية بحوالي 530، منها أكثر من 60 ينبوعا بجوار المستوطنات، حيث أحكم المستوطنون السيطرة على معظمها".

وفي نيسان/ أبريل الماضي، زار وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، منطقة "نبع العوجا" ووعد بالسيطرة على النبع ومصادرة كامل المنطقة التي يقع فيها.