ملفات وتقارير

نشطاء ومفكرون تونسيون يتهمون الرئيس الجزائري بإسناد سعيّد

جدل في تونس بسبب زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في ظل أزمة داخلية مستعصية (فيسبوك)

انتقد نشطاء ومفكرون تونسيون الزيارة التي أداها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى تونس أول أمس الأربعاء، معتبرين ذلك تدخلا في الشأن السياسي الداخلي ودعما لنظيره التونسي الرئيس قيس سعيد، الذي يتهمونه بـ "الانقلاب على الدستور والمسار الديمقراطي".

ورأى أستاذ علم الاجتماع الدكتور أبو يعرب المرزوقي، أن إقدام الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون على زيارة تونس في الوقت الراهن، أكد له "أن قيادات الجزائر عديمة الوعي إطلاقا بما يجري في التغيرات العميقة في نظام العالم وما يترتب عليه جيواستراتيجيا في الإقليم".

وأشار المرزوقي في تدوينة له نشرها اليوم الجمعة على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إلى "أن مشكل الجزائر مع المغرب ومع الإسلام السياسي أعماها عن رؤية ما يجري فعليا وتأثيراته في الإقليم بحيث هي دون وعي تحاصر نفسها متصورة أن ذلك يساعدها في الإبقاء على سخافة الدولة الوطنية".

وأضاف: "الجزائر اليوم في حرب مع المغرب ومع الإسلام السياسي ككل الأنظمة العربية مع جيرانها من العرب، وفي ذلك تقوية للأعداء وإضعاف للذات لأنه تقزيم للجغرافيا والتاريخ المشتركين بين شعوب الإقليم: حرب على وحدة الجغرافيا فتتخلى عن شرط الثروة والقوة المادية. وحرب على الحضارة فتتخلى عن أصل التراث والقوة الروحية".

وأكد المرزوقي أن زيارة الرئيس تبون إلى نظيره التونسي هي كمن يفقأ عينه، وقال: "هبنا صدقنا أن المغرب لعبة إسرائيلية وفرنسية ضدها. فهل بلحة تونس صديق حقا يمكن الاعتماد عليه سندا للجزائر لأنه صوت مع روسيا ضد المغرب؟".

وأجاب: "هذا عين الحمق: انقلاب بلحة تونس من وراءه؟ لو سألت قيادات الجزائر هذا السؤال وبحثت عن الجواب الحقيقي لفهمت أنه في خدمة من هم أكثر عداء للجزائر من المغرب. فمن وراء بلحة مصر الذي خطط والإمارة البنغالية التي تمول الانقلاب؟".

وأضاف: "هل من تتصورهم القيادة الجزائرية أصدقاء، أي روسيا وإيران وما يسمى بصف المقاومة والممانعة أصدقاء فعلا أم هم حلفاء من وراء ظهرها مع فرنسا وإسرائيل وروسيا لمنع نوعي الشروط المحررة للإقليم: أي الحلف الذي يمكن أن يوحد الجغرافيا شرط القوة المادية ووحدة الحضارة شرط القوة الروحية؟".

وتابع: "الجزائر حتى لو صدقنا أن الأعداء يحاصرونها من الغرب (المغرب) فإن الحكمة تقتضي ألا يسارع قادتها فيحاصروا بلادهم من الشرق (تونس) ذلك أن ما كان يحميها من الشرق هو الثورة التونسية والثورة الليبية: ليبيا في حرب أهلية وهي تحت سلطان مصر وإسرائيل وروسيا بتمويل عربي عامة وإماراتي خاصة. فهل من الحكمة مساعدة من سيجعل تونس في نفس الوضعية الليبية بالحلف معه ضد ثورة الشعب التونسي؟".

وأكد المرزوقي أنه حتى "لو تم التسليم بأن ليبيا وتونس يخيفان الجزائر بثورتهما ـ وهو تسليم دليل على الحمق السياسي والغفلة عن منطلقات الحقبة التاريخية ـ فإن الخوف من مصر وإسرائيل وروسيا ينبغي أن يكون أولى بالإبعاد، لأن الجزائر تكون في كل الأحوال أقدر على الصمود أمام الأولين منها أمام الأخيرين".

وانتهى المرزوقي للقول: "إن عدم فهم هذه الحقيقة تجعلني أعتبر قيادة الجزائر الحالية ستجعل الجزائر في كماشة لا مخرج منها"، وفق تعبيره.

 


من جهته دعا أنور الغربي مستشار الرئيس التونسي الأسبق منصف المرزوقي للشؤون الدولية، "البرلمان الجزائري إلى مساءلة حكومة بلادهم هل لها علاقة بما تم الإعلان عنه من اتفاقات وتفاهمات مع تونس والتأكد من مدى جدية هذه الاتفاقات في غياب سلطة رقابية في تونس بإمكانها القيام بهذا الدور".


وقال الغربي في تدوينة نشرها اليوم على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "عدد الاتفاقيات الكبير وغياب الشفافية حول محتواها إضافة لإمضائها مع طرف معين بمراسيم غير دستورية يطرح أكثر من سؤال حول الهدف الحقيقي من الإعلان عن مشاريع يدرك الجزائريون والتونسيون استحالة تنزيلها في الظروف الراهنة".

وأكد الغربي أن "إصرار الرئيس تبون على التدخل في الصراع التونسي ودعم قيس سعيد، وهو يعرف أنه رجل ضعيف وبلا أي أفق سياسي ومحدود الإمكانيات، يطرح عديد الأسئلة حول الهدف الحقيقي من الزيارة وخلفيات تبني تبون لسعيد".

وأضاف: "أيضا القبول بالتعامل مع مديرة ديوان سعيد واستبعاد وزير الخارجية مؤشر غير إيجابي ولا يوحي باحترام لمؤسسات الدولة التونسية ويؤسس لسلوكات غير معتادة ولا ودية بين البلدين"، وفق تعبيره.

 



واتفقت تونس والجزائر، أمس الخميس، على تأسيس فضاء إقليمي جديد، لمواجهة التحديات الأمنية، والتطورات الإقليمية والدولية.

جاء ذلك وفق بيان مشترك باسم "إعلان قرطاج"، في ختام زيارة أجراها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى تونس، بحسب بيان للرئاسة التونسية.

وأفاد البيان بـ"الاتفاق على وضع أسس جديدة للشراكة، لتحقيق مزيد من التنمية والتكامل الاستراتيجي بين البلدين (..) والارتقاء بمستوى علاقات التعاون في مختلف المجالات إلى آفاق أوسع وأرحب".

والأربعاء، وصل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، إلى العاصمة تونس في زيارة رسمية استغرقت يومين، والتقى بنظيره التونسي قيس سعيد، للتباحث بشأن سبل تعزيز التعاون ومواجهة التحديات المشتركة، وتطورات القضايا الإقليمية والدولية.

 



وجاءت زيارة الرئيس عبد المجيد تبون إلى تونس في ظل أزمة سياسية خانقة لا سيما بعد أن أعلن الرئيس التونسي عن جملة من القرارات، أهمها، تنظيم انتخابات تشريعية وفق قانون انتخابي جديد يوم 17 كانون الأول/ ديسمبر 2022، وعرض مشاريع تعديلات دستورية وعرضها للاستفتاء في تموز/ يوليو المقبل، وهي قرارات رفضتها غالبية القوى السياسية ودعت إلى التظاهر رفضا لها وللانقلاب اليوم الجمعة.
 
ومنذ 25 تموز/ يوليو الماضي، تشهد تونس أزمة سياسية، إثر اتخاذ الرئيس إجراءات استثنائية منها: تجميد اختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، وتعيين حكومة أخرى.

وترفض غالبية القوى السياسية في تونس تلك الإجراءات الاستثنائية، وتعتبرها انقلابا على الدستور.

 

إقرأ أيضا: الآلاف يتظاهرون بتونس ضد "الحكم الفردي" لسعيّد (شاهد)