إكرام الميت دفنه، أمر تتفق عليه كل الشرائع والملل من أصحاب
الفطر السليمة، وهي سُنة سنها الله لعباده وعلمهم إياها عبر طائر الغراب كما ورد
في القرآن الكريم في سورة المائدة قال تعالى: "فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابا
يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا
وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ
أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ" (آية: 31).
وحَرَم الله بعض الطواغيت والجبابرة من هذا التكريم، ومن هؤلاء
فرعون كما حكى القرآن الكريم: "فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى?" (النازعات:
24)، وقال في موضع آخر: "وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا
عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ
فَاجْعَل لِّي صَرْحا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي
لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ"، (القصص: 38).
وجثة فرعون لا تزال معروضة في المتحف
المصري بالقاهرة، في
صندوق زجاجي، يأتي السياح من بقاع الأرض لرؤيتها.
فهل يظن ظانّ، عنده مسحة من عقل، أن
الإخوان يُحرضون على عدم مواراة امرأة، توفيت في ميدان الشرف والبطولة، أقل ما توصف به أنها كانت في خط
الدفاع الأول، لتقديم خدماتها للمرضى والمصابين بفيروس كورنا، وضحّت بنفسها من أجل
علاج الآخرين، ولكن قام أهل قريتها "شبرا البهو" دقهلية بالاعتراض على
دفنها، في مقابر القرية، التي كما قال عمدة القرية عبر فضائيات الانقلاب، أنها هي
التي بنت هذه المقابر؟!
ولكن على ما يبدو أن النظام، وأذرعه الإعلامية الفاشلة، ومن
ورائهم شؤون معنوية العسكر، بعد مؤتمر الإخوان المسلمين لمواجهة جائحة
كورونا، الذي
أبهر الجميع من خلال الأداء المتميز والخطوات العملية المبهرة، فقدوا صوابهم كما
فقدوا آدميتهم من قبل.
وعلى الفور زعمت داخلية الانقلاب، في بيان صدر عنها مساء
السبت، أن "جماعة الإخوان حرضت على عدم دفن الطبيبة ضحية فيروس كورونا،
وتم اعتقال 23 حرضوا على ذلك".
وبالرغم من البيان المزعوم لداخلية الانقلاب، فإن النيابة
العامة، بحسب صحيفة اليوم السابع الموالية للانقلاب قالت: إن "نيابة المنصورة
أمرت بحبس 23 متهما، بينهم أربع سيدات لمدة 15 يوما على ذمة التحقيقات في واقعة
منع دفع جثمان (الطبيبة) سونيا عارف المتوفاة بفيروس كورونا".
ووجهت النيابة العامة للمتهمين تهم "التجمهر والإرهاب
ومقاومة السلطات وتعطيل المواصلات العامة وقطع الطريق".
وهذا ليس بجديد على الشؤون المعنوية والأذرع الإعلامية للإعلام
العكاشي، التي زعمت من قبل أن الإخوان قتل بعضهم بعضا أمام الحرس الجمهوري، فضلا
عن الكرة الأرضية التي استطاع الإخوان نزعها من مدارها، ووضعها تحت منصة رابعة!!
وبالرغم من أن الذى فضح تعتيم الانقلاب على الوضع الصحي
للبلاد، وعدم الشفافية في هذه المسألة الخطيرة، صحيفة الجارديان، ومراسل صحيفة
نيويورك تايمز السابق في القاهرة "ديكلان وولش"، و"عصام حجي"
المستشار العلمي لـ "عدلي منصور" الذي نشر على حسابه في تويتر يقول: "بحث
علمي منشور اليوم يُؤكد أن عدد حالات COVID-19 في مصر أكثر من المعلن بكثير (بدون الخوض في
الأرقام). البحث منشور في أرقى المجلات العلمية، وقد انتقده سابقا 71 باحثا في مصر
لعدم استكمال شروط النشر العلمي!! الغرض هنا ليس الدفاع أو الهجوم بل حماية أرواح
الناس".
بل زعمت داخلية الانقلاب "إجهاض مخططٍ لجماعة الإخوان
لإحداث أزمة، مستغلين انتشار فيروس كورونا"، فقامت بـ"ضبط كميات كبيرة
من الكمامات والمستلزمات الطبية، حيث قامت عناصر إخوانية بمحافظة الدقهلية بتجميعها
من الأسواق بهدف إحداث أزمة".
وكانت صحيفة الشروق الانقلابية نشرت على موقعها بتاريخ 9 نيسان/
أبريل الجاري خبرا مفاده: "تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط كميات كبيرة من
الكمامات والمستلزمات الطبية قامت عناصر إخوانية بمحافظة الدقهلية بتجميعها من
الأسواق بهدف إحداث أزمة".
والسؤال للنظام الانقلابي وأذنابه من الرعاع والدهماء وفاقدي
الإنسانية: من الذي قسّم الشعب إلى شعبين؟ ومن الذي يمارس عبر آلته الإعلامية
القذرة التحريض على الكراهية والعنف والقتل؟ ومن أول من سنّ سُنة عدم دفن الموتى،
بحرمان شهداء رابعة من الدفن في قراهم، سوى هذه العصابة الإجرامية؟
ولكن للأسف، فإن حكومة الانقلاب تحاول صرف الأنظار عن فشلها في
احتواء أزمة وباء كورونا، وتغطى على حالة التعتيم وعدم الشفافية، بتعليق فشلها على
شماعة الإخوان.
وقد سبق لمخبر أمن الدولة، وزير أوقاف الانقلاب، أن اتهم جماعة
الإخوان المسلمين بنشر فيروس كورونا بين أفراد الجيش والشرطة والقضاء والإعلام
وغيرهم من أبناء المجتمع.
كما أن الشؤون المعنوية لعسكر كامب ديفيد، لفقت بيانا مدسوسا
ضد جماعة الإخوان، يزعمون فيه ترحيب الإخوان بإصابة المصريين بكورونا.
وكل هذه التهم والمكائد التى يدبرها النظام الفاشل، ظنا منه أنه
بذلك يشوه صورة جماعة الإخوان، وجموع الشعب تعرف أن نهج الجماعة منذ تأسيسها،
تقديم الخير للناس ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم. ويشهد لذلك تاريخ الجماعة بطهرها
ونقائها وأياديها البيضاء في التعامل مع وباء الكوليرا والملاريا والزلزلال والسيول،
وغيرها من الكوارث والجوائح التي اجتاحت مصر. لكن للأسف النظام الانقلابي ما زال
يعيش بعقلية الإعلام الناصري، والرقيب العسكري في الصحافة الورقية، ونسي أن العالم
يعيش مرحلة الفضاء المفتوح، فلا يمكن التعتيم والتجهيل، ولا بد من الشفافية!!