نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا حول مقابلة أجراها مراسلها الدبلوماسي في مدينة برشلونة باتريك وينتور، مع المقاول المصري محمد علي، الذي قال إنه في "حالة من الصدمة" بسبب أشرطته، ويشعر بحس من المسؤولية الشخصية للقتال من أجل الإطاحة بنظام عبد الفتاح السيسي.
وينقل التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن علي، قوله في المقابلة إن المعركة ضد السيسي ستدخل مرحلة جديدة، وزعم علي أن هناك عددا من الضباط الصغار في الجيش المصري يدعمون دعوته للتخلص من الفساد.
ويشير وينتور إلى أن محمد علي كشف في المقابلة عن أنه يعيش في حالة من الخوف من استهدافه، فيما دعا الكونغرس الأمريكي للتحقيق في طريقة إنفاق الدولة المصرية للمساعدات الأمريكية التي قدمت لمصر على مدى العقود الماضية، التي تزيد على 70 مليار دولار، وقال إن ترامب "سمح للسيسي بسرقة المال الأمريكي بالطريقة التي يريدها"، ووصف الأمر بأنه مثل "فيلم كوميدي".
وتلفت الصحيفة إلى أن أشرطة محمد علي، التي لم تكن محضرة سابقا، وتحدث فيها عن فساد السيسي وحاشيته، أثارت تظاهرات الشهر الماضي في مصر، التي فرض فيها النظام معايير تقشف تركت نسبة 32.5% من سكان مصر يعيشون تحت خط الفقر.
ويستدرك التقرير بأنه رغم حجم التظاهرات الصغير، إلا أن حملة القمع التي تبعتها أدت إلى اعتقال أكثر من 4321 شخصا، وذلك بحسب المفوضية المصرية للحقوق الشخصية، مشيرا إلى أنه عندما دعا محمد علي إلى مليونية في 27 أيلول/ سبتمبر، قامت الحكومة بتحويل القاهرة إلى ثكنة عسكرية، وأكدت أنها ستلجأ للعنف لو خرجت مظاهرات أخرى.
ويورد الكاتب نقلا عن محمد علي، قوله إنه توقف عن نشر أشرطة الفيديو على صفحته في "فيسبوك" الآن، لافتا إلى أن هذا اعتراف ضمني بأن دعوته لخروج الناس إلى الشارع قد ماتت.
وقال علي للصحيفة إنه يؤدي الآن دورا في توحيد قوى المعارضة الليبرالية والإخوان المسلمين، وتشكيل قوة قادرة على الإطاحة بنظام السيسي، الذي سيطر على السلطة في انقلاب عام 2013، وأشرف على حملة قمع واسعة وتكميم للحريات والمعارضة العامة، التي لم تشهد مثلها مصر في تاريخها الحديث.
وينقل التقرير عن علي، قوله إنه رفض دعوات المعارضة في المنفى الانضمام لها في قطر وإسطنبول، وأصر على أنه يفضل البقاء في إسبانيا، مشيرا إلى أن علي يدخن بشراهة وكان يشعر بالغضب أحيانا وهو يتجول في الغرفة التي يسجل فيها أشرطته، واعترف بأنه ثوري بالصدفة.
وينوه وينتور إلى أن علي يملك شركة إنشاءات كبيرة أدارها لمدة 15 عاما، وحصل على عقود بالملايين من الجيش، وبنى قصرا باذخا للسيسي ومقرات المخابرات العامة، بالإضافة إلى فنادق لم تفتح يملكها أفراد في النظام، مشيرا إلى أنه عمل في ظل عالم مريب تنتشر فيه الرشوة والميزانيات المفتوحة، فقال: "مع الجيش، لو كنت تريد عقدا فعليك دفع عمولة، ولو لم تدفع رشوة من تحت الطاولة فلن تحصل على أعمال"، وأضاف: "هناك ميزانيات مفتوحة، ولا يهمهم كم تنفق طالما كان العمل جيدا".
وتذكر الصحيفة أن محمد علي اشترك مع وزارة الهجرة لإنتاج فيلم كان بطله في عام 2016، حمل عنوان "البر التاني"، في محاولة لإقناع المصريين بعدم المغامرة في حياتهم وركوب البحر إلى أوروبا.
ويفيد التقرير بأن هناك خلافات حصلت بينه وبين الجيش، حيث حاول النظام منعه من الحصول على عقود جديدة، وقال إن الجيش مدين له بحوالي 200 مليون جنيه مصري، وبعدما تأكد من أن زوجته التي انفصل عنها وأولاده الخمسة أصبحوا خارج مصر قرر فضح التبذير وحيل الجيش وفساده، وبدأ نوعا من حملة انتقام على "فيسبوك"، وتمت مشاركة أشرطته على منصات التواصل بالملايين، ما دفع لخروج تظاهرات هزت كيان النظام ولو لفترة قصيرة.
ويشير الكاتب إلى أن إعلام النظام هاجمه، ووصفه بمدمن المخدرات، والخائن، وزير النساء، وعضو في جماعة الإخوان المسلمين، وكلها اتهامات يراها عارية عن الصحة، لافتا إلى أن معظم ما جاء في أشرطة محمد علي لا يمكن التحقق من صحته؛ لأنه لا يملك، كما يقول، الأوراق التي تكشف فساد الجيش، إلا أن السيسي نفسه أكدها وبطريقة غير مقصودة، ومنح معذبه مصداقية عندما أكد أنه أمر ببناء القصور، وقال إنه سيواصل بناءها.
وتقول الصحيفة إن محمد علي، الذي كان والده مشغولا برياضة كمال الأجسام، ولم يتلق تعليما في الجامعة، لا يدعي بأنه رجل سياسي مطلع، ويقول: "أنا في حالة من الصدمة، ولا أفهم أي شيء، ولم أتوقع حدوث هذا.. لم يكن لدي الكثير من المتابعين على (فيسبوك)، وظننت أن عددا قليلا سيتابع هذه الأفلام، لكنها انتشرت ووصلتني رسائل من مصر تقول: انت أملنا".
ويلفت التقرير إلى أن محمد علي اعترف قائلا: "هذا عبء علي، وهناك ناس في السجن ويعذبون، وهناك من سجنوا لأن هواتفهم تشير إلى مشاهدتهم أشرطة الفيديو التي نشرتها"، مشيرا إلى أنه بعدما فشلت دعواته في دفع الناس للتظاهر، فإنه اضطر لتغيير مساره، قائلا: "كنت أعتقد سابقا أنني أستطيع عمل هذا بنفسي، لكنني أتحدث الآن للمعارضين السياسيين ومعي عقول أخرى، ولا أحد يستطيع النجاح بنفسه".
وينقل وينتور عن محمد علي، قوله إن لديه خطة سرية "ستدهش العالم"، وقال إن المعارضة المحاصرة ضغطت عليه لتوضيح خطته للبلاد، و"قلت: أريد أن تكون مصر مثل أوروبا، لو كنت تريد الصلاة فصل، ولو كنت تريد الذهاب للنادي فاذهب إلى النادي، كن حرا، هل لديك مشكلة مع هذا؟ وقالوا لا، وأول مبدأ في الدستور هو أن يكون القرار للشعب من خلال الانتخابات".
وتذكر الصحيفة أن الرئاسة المصرية لم ترد على أسئلة من "الغارديان"، إلا أن السيسي نفى ارتكابه أخطاء، وقال إنه "صادق وأمين"، فيما قال علي إنه ليس منافقا وليس مدفوعا بالانتقام، "لو كنت أريد المال لبحثت عن طريقة لمواصلة العمل معهم، ولكنت من أهم رجال الأعمال المصريين"، مشيرا إلى أن ما دفعه هو الغضب على الوضع في مصر من حالة التقشف التي يعاني منها الناس، في الوقت الذي يعيش فيه السيسي وحاشيته ببذخ، وقال: "البلد يحترق وهم يناقشون شكل المطبخ.. لا أتخذ قرارا دون التفكير الهادئ، وخططت لخروجي منذ أعوام، وأخرجت مالي بهدوء من البلد".
ويستدرك التقرير بأن محمد علي يواجه الآن معضلة المنفي السياسي، حيث جرد من جنسيته، فقال: "لقد أخذوا جنسيتي مني، وينتهي جواز سفري بعد عام، ولو قدمت طلب لجوء سياسي فعلي البقاء هنا لمدة طويلة وألا أسافر"، وأضاف أن مؤيدي النظام وضعوا جائزة ثمنا لرأسه وهددوه.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن محمد علي زعم أن السفارة المصرية في مدريد دعته لزيارتها ودفع مستحقاته مقابل سكوته، وقال: "لا أعتقد أنهم كانوا سيقتلونني، وإلا لكانت كارثة عليهم لو قتلوني في أوروبا، لكنني خائف من شخص دفع له ليقتلني".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
ميدل إيست آي: بهذه الطريقة جرّ محمد علي السيسي إلى لعبته
إيكونوميست: هكذا حرك محمد علي مشاعر المصريين الغاضبة
WP: السيسي يواجه لحظة خطيرة يهرب منها لمقابلة ترامب