صحافة دولية

إيكونوميست: هكذا حرك محمد علي مشاعر المصريين الغاضبة

إيكونوميست: المظاهرات مهمة رغم صغرها بسبب دواعيها وكشفها عن السياسة المتداعية في مصر- يوتيوب

نشرت مجلة "إيكونوميست" تقريرا، حول التطورات الأخيرة في مصر والمظاهرات الشعبية المطالبة برحيل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قائلة إنه يبدو أن الشرطة المصرية فوجئت بالمظاهرات في 20 أيلول/ سبتمبر.

 

ويجد التقرير، الذي ترجمته "عربي21" أن ذلك أمر مفهوم، خاصة أنه لم يجرؤ أحد على التظاهر لسنوات، وكانت ليلة الجمعة وبداية موسم كرة القدم عندما كان فريقا الزمالك والأهلي يلعبان، مشيرا إلى أن السلطات المصرية لم تتوقع أن يستجيب الناس لدعوات محمد علي، رجل الأعمال المصري الغاضب والممثل السابق، الذي حث متابعيه على "يوتيوب" للنزول إلى الشوارع، فخرج في القاهرة وغيرها من المدن المئات من الأشخاص.

 

وتقول المجلة إنه "في بلد فيها 100 مليون، عدة مئات من الناس ينفسون عن غضبهم ضد نظام يقوده السيسي ويدعمه الجيش، ما كانوا ليملأوا محطة مترو، ولم يكن هذا إعادة لعام 2011 عندما خرج ملايين المصريين للإطاحة بحسني مبارك، الرجل القوي السابق في مصر، لكنه كان فعلا يائسا وبطوليا، فالسيسي لا يتسامح مع أي معارضة، ورجل وحيد في القاهرة تجرأ أن ينتقد علنا زيف الاستفتاء في آذار/ مارس تم سجنه لأشهر، فبالرغم من صغرها كانت هذه المظاهرات مهمة، بسبب دواعي تلك المظاهرات وماذا تقول عن السياسة المتداعية في مصر".

 

ويشير التقرير إلى أن "علي شغل الناس على مدى عدة أسابيع البلد بسلسلة من فيديوهاته التي نشرها على (يوتيوب)، التي يتحدث فيها بلهجة عربية محلية، ويدخن ويكيل الشتائم للسيسي، مثل (قزم) و(عار)، مدعيا أنه اكتسب مبالغ طائلة بصفته مقاولا يعمل في مشاريع يشرف عليها الجيش، وأن لديه معرفة بهذه الأمور، واتهم الرئيس بتبذير ملايين الدولارات على فندق فاخر وقصور رئاسية وغيرها من المشاريع المكلفة، وهو يعيش فيما يسميه منفى اختياريا في إسبانيا". 

 

وتبين المجلة أنه "مع أن علي لم يقدم أدلة ملموسة، إلا أن ادعاءاته لقيت لها صدى عند المصريين الذين يسخرون قائلين إن فيديوهاته أفضل من أي شيء يمكن مشاهدته على (نتفليكس)، فقد وسع الجيش من إمبراطوريته الاقتصادية منذ أن سيطر السيسي على الحكم، من خلال انقلاب عسكري عام 2013، وحاصر الجنرالات سوق الإسمنت، وفتحوا مدارس خاصة، وتقدموا لإنتاج حليب الأطفال بعد نقص على مستوى البلد، لكن في الوقت ذاته، وبالرغم من الأرقام الجيدة على مستوى الاقتصاد الكلي، إلا الناس العاديين يعانون لسد تكاليف الحياة، وارتفع معدل الفقر الرسمي خمس نقاط منذ عام 2015 إلى 33%، ولم تواكب الرواتب التضخم، وأدى برنامج إصلاح يدعمه صندوق النقد الدولي إلى ضرائب أعلى ودعم أقل، وقالت إحدى النساء ليلة الاحتجاجات في فيديو انتشر على نطاق واسع: (السيسي يعيش في القصور ونحن نأكل من القمامة)".

 

ويفيد التقرير بأن "السيسي يعترف ببناء قصور جديدة، لكنه يقول إنها ليست له -وهذا دفاع غريب من رجل يخطط للحكم حتى عام 2030 على الأقل- ويعزو الإضرابات للإخوان المسلمين، وهي حركة إسلامية محظورة يحملها النظام مسؤولية كل شيء، من نقص البطاطا إلى الاحتجاجات، وهذا لا يقنع أحدا، مع أن حتى مشجعي علي يتساءلون عن سر صعوده المفاجئ ولماذا تحول الرجل الذي عمل مع الجيش فجأة ضده، والبعض يتكهن بأنه مدعوم من فصيل مارق داخل النظام للتخلص من رئيس تزداد عدم شعبيته، وهو ما لا يبدو معقولا".

 

وتقول المجلة إن "علي دعا للمزيد من المظاهرات في 27 أيلول/ سبتمبر، والمستثمرون غير راضين، فتجار الدخل الثابت انجذبوا إلى الفوائد العالية ومظهر الاستقرار لنظام استبدادي، لكن منذ بدأت المظاهرات تراجعت أسعار السندات والعملات بشكل حاد، إلا أنه ليس من السهل القول إن كانت الاحتجاجات ستستمر، خاصة الآن بعد أن استعدت الشرطة، وقد تم اعتقال مئات الأشخاص، وتم جر محام يمثل آخرين من مبنى المحكمة، وألقي في سيارة شرطة، ولم تصادق المعارضة المصرية المسحوقة على دعوات التظاهر هذه، وذلك جزئيا لغموض علي".

 

وتختم "إيكونوميست" تقريرها بالقول إن "هناك خيبة أمل كبيرة بالسيسي، بين الشعب والنخبة، وما يبقيه في السلطة ليس فقط الوحشية، لكنه تفريغ الحياة المدنية والسياسية المصرية، وهي عملية بدأت قبل أكثر من نصف قرن، عندما بدأ الجيش والإخوان المسلمون منافسة مدمرة، والسيسي جعل الأمر أسوأ بسحق حتى أخف المنتقدين له، واستطاع ممثل في إسبانيا، بشكل غير متوقع، ولفترة قصيرة، استغلال الغضب العام، لكن ليس هناك أي شخص في مصر لتوجيهه والاستفادة منه".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)