ملفات وتقارير

لماذا توسيع صلاحيات الرقابة الإدارية بمصر وحملة تلميعها؟

نجل السيسي محور عمليات كشف الفساد هذه الأيام - أرشيفية
نجل السيسي محور عمليات كشف الفساد هذه الأيام - أرشيفية
دأبت وسائل إعلام مصرية المؤيدة للانقلاب مؤخرا، على تلميع صورة هيئة الرقابة الإدارية، التي يعمل فيها "مصطفى"، نجل قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، كما توالت الإشادات الرسمية بدور الهيئة في ملاحقة الفاسدين، تزامنا مع مهاجمة باقي المؤسسات الحكومية، واتهامها بالتقصير في هذا المجال.

وقالت صحيفة "اليوم السابع" في تقرير لها الأربعاء الماضي، إن الرقابة الإدارية هي الحامي الأول لأموال الشعب، والمؤسسة التي تنتفض ضد الفاسدين رافعة شعار الشفافية والنزاهة، مشيرة إلى أن انتفاضة الرقابة الإدارية لمحاربة الفساد؛ تأتي بتوجيهات من السيسي الذي يدعمها بقوة.

أما صحيفة "الأهرام" فقالت إن "الرقابة الإدارية تستحق التقدير بعد تطور أدائها في التصدي للفساد في الأشهر القليلة الماضية على عدة مستويات، على الرغم من ارتفاع مكانة المتهمين"، بينما قالت صحيفة "الوفد" إن الرقابة الإدارية "حققت إنجازات متتالية في ضبط الفاسدين".

وتوالت الإشادات الرسمية من أحزاب وبرلمانيين بالرقابة الإدارية، من بينها تصريحات النائب علاء عابد، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب المصريين الأحرار، الذي قال الاثنين الماضي إن "هيئة الرقابة الإدارية هي التي تواجه الفساد، بينما لم تحقق الحكومة واللجنة الوطنية لمكافحة الفساد أي نجاح يذكر في هذا المجال".

وأشاد حزب المؤتمر بما وصفها "الجهود الكبيرة التى تبذلها الهيئة في مكافحة الفساد بجميع صوره"، مطالبا في بيان له الثلاثاء، جميع أجهزة الدولة بـ"مساندة الرقابة الإدارية في القضايا التي تقوم بالكشف عنها".

عمليات متتالية

وتوسعت صلاحيات الرقابة الإدارية في الشهور الأخيرة، حيث باتت تقوم بمهام مؤسسات حكومية ورقابية وأمنية أخرى، بحسب مراقبين، وأعلنت عن كشف العديد من قضايا الفساد داخل مؤسسات الدولة.

وأعلنت الهيئة الأسبوع الماضي عن القبض على مستشار وزير المالية، بتهمة تقاضيه رشوة بمبلغ مليون جنيه، مقابل التلاعب في تقدير قيمة أرض قرية سياحية قيمتها 500 مليون جنيه، كما ضبطت موظفين بجمارك سفاجا، بتهمة التلاعب في إجراءات الإفراج الجمركي عن السيارات المستوردة.

وفي شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي، ألقت الرقابة الإدارية القبض على "أكبر" شبكة لتجارة الأعضاء البشرية تضم مصريين وأجانب.

وكانت آخر عمليات الرقابة الإدارية الحملة التي شنتها الاثنين الماضي على المخابز بجميع محافظات مصر، للتأكد من الاشتراطات الصحية ومدى مطابقتها للمواصفات المحددة، ومتابعة صرف الخبز بالبطاقات التموينية، بحسب بيان للهيئة.

ولفتت الهيئة إلى أن ضباطها استمعوا في جميع المناطق لشكاوى المواطنين، و"عملت على حلها"، وأعلنت أنها تمكنت من ضبط مئات المخالفات بالشركة العامة للمخابز والمخابز الخاصة، وأحالتها للنيابة لاتخاذ اللازم.

تجميل وجه النظام

لكن وزير العدل الأسبق، المستشار أحمد سليمان، قال إن وقائع الفساد التي يعلن عنها في الفترة الأخيرة "هدفها تجميل وجه النظام"، مؤكدا أن "انتشار الفساد بين المسؤولين الحكوميين؛ سببه انتشار المحسوبية والواسطة، وتستر النظام على الفساد".

وأضاف سليمان في تصريحات صحفية: "السيسي صرح أن الفساد في مؤسسات الدولة لا يمكن مقاومته، وهو ما بعث برسالة للفاسدين بأنهم سيفلتون من العقاب".

عنصر الثقة

من جهتها قالت أستاذة العلوم السياسية، أمل حماد، إن الخلاف الذي حدث بين عبدالفتاح السيسي وبين رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات المستشار هشام جنينة، الذي أدى إلى الإطاحة بالأخير من منصبه "أثّر بشكل كبير على العاملين في الجهاز، الذي أصبح يتخوف من الكشف عن العديد من القضايا".

وأضافت لـ"عربي21" أن "الفراغ الذي حدث بسبب تعثر جهاز المحاسبات، جعل الرقابة الإدارية تكثف عملها أكثر في مكافحة الفساد"، مستبعدة أن "يكون وجود نجل السيسي في الهيئة له علاقة بالتركيز على نشاط الرقابة الإدارية في الفترة الأخيرة".

وأشارت حماد إلى أن "عنصر الثقة أحد العوامل المهمة التي تزيد من الاعتماد على الرقابة الإدارية؛ لأن معظم العاملين في الهيئة هم ضباط جيش في الأساس"، مؤكدة أن "هذا هو ما يقوي من الثقة بينهم وبين السيسي، باعتباره كان ضابطا في الجيش قبل توليه السلطة" على حد قولها.

توجيهات من السيسي

من جانبه رأى أستاذ القانون الدكتور عبدالعزيز نجم، أن هيئة الرقابة الإدارية "تقوم بدورها الطبيعي المنوط بها وفقا للقانون منذ إنشائها عام 1964"، موضحا أن "دورها الرئيسي يتضمن أمرين أساسيين؛ هما الكشف عن حالات الكسب غير المشروع بالتنسيق مع إدارة الكسب غير المشروع في وزارة العدل، والتحري عن عمليات الفساد وغسيل الأموال، وعلى أساسها تتم مراقبة الفاسدين والمرتشين في الجهات الحكومية".

وقال لـ"عربي21" إن "دور الرقابة الإدارية برز بشدة في الفترة الأخيرة بسبب اهتمام النظام بمكافحة الفساد، وتوجه وسائل الإعلام لإبراز أي دور للرقابة الإدارية في هذا المجال حتى لو كان ضئيلا، في استجابة لمطالبة السيسي بذلك".

ولفت نجم إلى أن "عمل نجل السيسي في الرقابة الإدارية يمنح العاملين في الهيئة دفعة أقوى للعمل والنشاط"، مستبعدا أن يكون هناك تلميع له "لأن القضايا الكثيرة التي كشفتها الرقابة الإدارية؛ لم يكن نجل السيسي طرفا فيها".

تلميع

وفي المقابل، قال الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية، عمرو ربيع، إن هيئة الرقابة الإدارية أصبحت في صدارة المشهد عند الإعلان عن أي قضية فساد، على الرغم من أن طبيعة عملها تحتم عليها التعاون مع مؤسسات الدولة الأخرى، مثل جهاز الكسب غير مشروع أو مباحث الأموال العامة أو الجهاز المركزي للمحاسبات، لكن اسم الرقابة الإدارية أصبح يذكر وحده وكأنها المسؤولة الوحيدة عن مكافحة الفساد في البلاد، وهذا لم نكن نراه في الماضي في أي عهد سابق". 
 
وأضاف ربيع لـ"عربي21" أن السبب الأبرز وراء هذا التغير هو أن نجل السيسي يعمل ضابطا في الهيئة، "ولذلك يتم تجميل هيئة الرقابة الإدارية من قبل الإعلام وباقي أجهزة الدولة المختلفة إرضاء للسيسي، خصوصا أن اسم نجله ذكر في أكثر من قضية تم كشفها باعتباره البطل محارب الفساد"، كما قال.
التعليقات (2)
مصري
الجمعة، 27-01-2017 10:05 م
في الحقيقة هي تلميع لأبن الخسيسي تمهيدا لتبوئه المناصب العليا مع أخيه الأخر بالمخابرات العامة التي تشهد هي الأخري موجه من التصفيات لإخلاء الطريق أمام أبن الخسيسي بها وبذلك يضمن السيسي توطيد حكمه وتوريثه فيما بعد .
ابن الجبل
الجمعة، 27-01-2017 06:13 م
هيئة الرقابة الإدارية تعمل كجهاز مخابرات،وللحقيقة هي تضم موظفين أكفاء ويتوفر جميع الامكانياتولكن للأسف توجه كما تريدها الحكومة،فيمكن ان تستغلها الحكومة ضد أشخاص بعينهم،فهي لا تعمل كما يعمل جهاز المحاسبات ضمن خطة شاملة عادلة غير مسيسة.