قانونيون: السيسي ينكّل بمجلس الدولة بسبب تيران وصنافير

اتهم سياسيون وقانونيون مصريون؛ قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، بشن حملة للانتقام من مجلس الدولة، لتأييده حكما قضائيا يوقف تنفيذ اتفاقية التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية.

ويأتي ذلك بعد أيام من الوفاة الغامضة المستشار وائل شلبي، الأمين العام لمجلس الدولة السابق، داخل محبسه، بعد ساعات من التحقيق معه في قضية فساد كبرى أعلنت هيئة الرقابة الإدارية ضبطها، وقالت السلطات إن شلبي قد انتحر.

وأصدر النائب العام قرارا يوم الثلاثاء الماضي بحظر النشر في القضية، ثم أصدر يوم الخميس بيانا أعلن فيه أن الطب الشرعي أثبت انتحار المستشار شلبي، وأنه لا توجد على أي أدلة على شبهة جنائية وراء الحادث.

قنبلة دخان

وقال وزير الدولة لشؤون المجالس النيابية الأسبق، محمد محسوب، إن مجلس الدولة يتعرض للهدم من قبل النظام، وعلق، عبر فيسبوك، على قضية الفساد قائلا: "ما يحدث لمجلس الدولة إلقاء لقنبلة دخان، لإخفاء هدم واحد من أهم مؤسساتنا، لرفضه بيع الأرض، لن يشغلنا الدخان عن الخيانة"، بحسب تعبيره.

وقال المحامي الحقوقي ومرشح الرئاسة السابق، خالد علي، إن النظام ينكل بالمجلس مستغلا قضية الفساد الأخيرة، التي شهدت اتهام المستشار أحمد جمال الدين، مدير المشتريات بالمجلس، والأمين العام للمجلس وائل شلبي، بالحصول على رشوة مالية كبرى.

ونشر علي، عبر فيسبوك، نسخة من تقرير مفوضي المحكمة الإدارية العليا الذي أوصى بتأييد الحكم الصادر من مجلس الدولة ببطلان اتفاقية تيران، وصنافير، قائلا: "كل اللي بيسأل ليه بيحاولوا ينالوا من سمعة ومكانة مجلس الدولة؟ ممكن تقرأ هذا التقرير؟"، كما قال.

إحالة عشرات القضاة للتحقيق

ونقلت صحيفة "التحرير" المصرية، الموالية للانقلاب، عن مصدر قضائي قوله إنه تمت إحالة 30 قاضيا بمجلس الدولة لإدارة التفتيش القضائي للتحقيق معهم، بعد نشرهم عبر صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي؛ تعليقات وتصريحات غاضبة حول "انتحار" زميلهم وائل شلبي.

وأضاف المصدر أن المحالين للتحقيق لم يحترموا قرارات المجلس الأخيرة بعدم تناول أي أخبار بخصوص وفاة شلبي، وأبدوا غضبهم من الغموض الذي أحاط بملابسات الوفاة، مشيرا إلى أن المجلس شكل لجنة لرصد كافة ما ينشر في وسائل الإعلام حول الواقعة.

ونشرت مواقع إخبارية مصرية يوم الاثنين الماضي؛ تقارير حول وقوع مشادات داخل مجلس الدولة، بين القضاة المؤيدين والمعارضين للانقلاب، كما ذُكر أنه تم الاعتداء على الأمين العام الجديد للمجلس، المستشار فؤاد عبد الفتاح الأمين، داخل مكتبه، على يد أحد القضاة.

النظام يحترم الدستور!

من جانبه، قال أستاذ القانون الدولي بجامعة القاهرة، أحمد الرشيدي، إنه لا يعتقد أن هناك تعمدا من نظام عبد الفتاح السيسي؛ لاستهداف مجلس الدولة، ورأى أن "النظام الحالي، حتى لو اختلفنا مع طريقة إدارته للبلاد، لكنه يعي جيدا المبادئ التي أقرها الستور ولا يستطيع تجاوزها، ويعلم أن هناك فصلا تاما بين السلطات، وأن السلطة القضائية مستقلة ويتمتع أعضاؤها باستقلالية تامة عن السلطة التنفيذية المتمثّلة في الحكومة والرئيس".

وأضاف الرشيدي لـ"عربي21"؛ أن "مجلس الدولة حَكَم في قضية تيران وصنافير من منظور قانوني بحت، وليس بدوافع سياسية أو شخصية، وطبقا للأوراق القانونية والوثائق التي قدمها المحامي خالد علي ومحامي الحكومة أيضا، ورأى أن الجزيرتين تابعتان لمصر"، كما قال.

وحول قضية وفاة المستشار شلبي، اعتبر الرشيدي أن "هذه القضية جنائية، حيث قرر رجل فاسد ومتهم بالرشوة والاختلاس أن ينتحر، ولا أعتقد أن هناك معاقبة لمجلس الدولة، فالجهة الوحيدة المسؤلة عن محاسبة قضاة مجلس الدولة هي المجلس الأعلى للقضاء، ولا يستطيع السيسي نفسه أن يتدخل في ذلك"، وفق تقديره.
 
السيسي يعادي القضاة

لكن أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، حازم حسني، رأى أن "هناك أْبواقا إعلامية يستخدمها النظام في تشويه مجلس الدولة بسبب حكمه التاريخي بمصرية الجزيرتين، وهذا التشويه يمكن أن يؤثر مستقبلا على استقلالية السلطة القضائية وهذا ما نخشى حدوثه".

ووضح حسني، في حديث لـ"عربي21"، أن "مصر يحكمها نظام غير ديمقراطي أوصلنا لأعتى مراحل العبث في الجوانب السياسية والاقتصادية والاجماعية"، مضيفا: "النظام يريد بشتى الطرق تمرير اتفاقية تيران وصنافير حتى يصالح السعودية، ويقدم ما لديه من تنازلات حتى ترضى عنه، وأهم هذه التنازلات تيران وصنافير، لذلك لم أستغرب قرار الحكومة بتمرير الاتفاقية للبرلمان، ضاربة بحكم المحكمة عرض الحائط، فهذا النظام عودنا على خرق الدستور والقانون كثيرا"، على حد وصفه.

لكن أكد أنه ليس لديه "دليل واضح أن النظام يحاول تدمير مجلس الدولة أو قضاته بسبب الحكم بمصرية تيران وصنافير، لكني أعتقد أن النظام يتعامل مع القضاه بمنطق سياسي وليس قانوني، ويتعامل معهم باعتبارهم أعداء لأنهم أقروا بمصرية الجزيرتين"، مشيرا إلى أن نظام السيسي "يحاول بكافة الطرق المشروعة وغير المشروعة أن يلغي هذا الحكم".

وحول وفاة المستشار شلبي، قال حسني إن "والد المتهم ظهر في وسائل الإعلام وأكد أن ابنه قُتل، لكني أعتقد أن هذه القضية خارج تصفية الحسابات بين النظام ومجلس الدولة، وأستبعد أن يستخدمها النظام في حربه مع المجلس"، كما قال.