لم تنشأ فكرة الدفيئات الزراعية أو
البيوت البلاستيكية في المخيمات في حدائق
الضفة الغربية، كما هو معتاد، ولكن على أسطح منازل اللاجئين، بمشروع افتُتح على سطح أحد المنازل في مخيم الدهيشة جنوب مدينة بيت لحم.
وقال لؤي عبد الغفار، مدير المشاريع في مؤسسة "كرامة"، وهو صاحب بيت بلاستيكي، إن "المشروع أثار الاهتمام من الجميع، بعد إقامته على سطح منزله في المخيم، وزراعته بأنواع الخضروات والورقيات التي تعدّ العناصر الأساسية على المائدة للأسرة
الفلسطينية".
كلُ مساحة مهمة
وقال عبد الغفار لـ"عربي21" إن "البيت البلاستيكي يُبنى فوق سطح المنزل بمساحة 22 مترا مربعا، بهيكل حديدي، ومن ثم يلف بالنايلون الشفاف، وتوضع فيه أنابيب بلاستيكية ذات عرض ثمانية إنشات، بعد فتحها بشكل طولي، ومن ثم يتم مدها داخل البيت، في الجوانب والمنتصف، وبشكل يمّكن من استغلال المساحة داخل البيت، والتصميم في توزيع الأنابيب يكون حسب نوع الزراعة المستقبلية فيه، فالبيت يتسع لقرابة 75 مترا من الأنابيب".
توضع الأتربة الخاصة والأسمدة، ويتم مد نظام الري بالتنقيط، وشبكه بخزان مياه يتسع لخمسمئة لتر، كما أن نظام الري يسمح للماء الفائض عن حاجة النبتة بأن يُستخدم مرة أخرى، وبعدها تُزرع أشكال الخضروات والورقيات، كالطماطم والفاصولياء والباذنجان والفلفل بأنواعه، إضافة إلى البقدونس والنعنع، وما إلى ذلك".
ثلاثون بيتا بلاستيكيا في المخيم
وأشار عبد الغفار إلى أنه "يمكن أن تستمر مدة الزراعة بين 40-45 يوما، ويدر البيت البلاستيكي للأسرة المكونة من خمسة أفراد بعد استهلاك حاجتها ما يقارب من 150 دولارا أمريكيا شهريا، ويتم إيقاف الزراعة كل تسعة أشهر، وأخذ فترة استراحة تمتد لأربعين يوما وإعادة الزراعة مرة أخرى".
وأنهى عبد الغفار حديثه بالقول: "إن المشروع امتد اليوم، ليصل إلى 30 منزلا داخل مخيم الدهيشة في بيت لحم لوحده، و70% منها ما زال يعمل، ومنها ما تم إيقافه لظروف خاصة بالأسرة، أو أنها لا تستطيع أن تعيد الزراعة فيه؛ بسبب نقص الموارد في بعض الأحيان".
كما أنه تتم دراسة لتمويل نشر الفكرة وتطبيقها في مخيمات أخرى، مثل مخيم عايدة في بيت لحم ومخيمي الفوار والعروب في الخليل".
أهداف اقتصادية ووطنية
ورأى مدير دائرة الاقتصاد الوطني في بيت لحم، باسم عزوني، أن "الهدف الأول من هذه البيوت البلاستيكية هو تحسين الوضع الاقتصادي للأسرة الفلسطينية، التي لا تملك كثيرا من الإمكانيات، لتقوم بالإنتاج الزراعي، وتتحول من أسرة مُستهلكة إلى مُنتجة تعيل نفسها وغيرها".
وأكد عزوني لـ"عربي21" أن "الأسرة الفلسطينية، سابقا، كانت تُنتج في المنزل معظم ما تستهلكه، وهذا يجعل أسعار السوق منخفضة؛ نتيجة الطلب القليل على السلع، أما اليوم، وبسبب عدم الإنتاج الداخلي، ترتفع الأسعار لتصبح باهظة، وخاصة المواد الأساسية".
وأشار مدير الاقتصاد الوطني في بيت لحم إلى أن "الزراعة بشكل عام للأسرة الفلسطينية تحل كثيرا من المشاكل الاقتصادية وحتى مشاكل الفقر".
ولكن الأهم من هذا كله أن "هناك أهدافا أخرى فلسطينية يجب أن تتحقق، فعدم وجود مساحات في أرض المخيم وحتى المدن، والبناء على الأسطح هو تحد لواقع اللجوء"، بحسب عزوني.
وأضاف عزوني أن المشروع يؤكد على "ضرورة ربط المواطن الفلسطيني، خاصة اللاجئ، بأرضه، في ظل الحرب المستمرة على الشعب الفلسطيني، التي تضطره إلى أن يبقى مستعدا دائما للحصار والتجويع، وعدم الرضوخ لسياسات المحتل الإسرائيلي بكسر إرادته".