تسود حالة من التوتر الشديد مدينة
نابلس بالضفة الغربية المحتلة، عقب الإعلان عن مقتل المطلوب للأجهزة الأمنية
الفلسطينية، أحمد عز حلاوة، عقب اعتقاله فجر اليوم، حيث تعرض للضرب على يد عناصر الأمن في سجين "الجنيد".
وشهدت مدينة نابلس ظهر الثلاثاء؛ مسيرة غاضبة للمواطنين تنديدا بمقتل حلاوة، فيما عمدت قوات الأمن الفلسطينية إلى تفريق المظاهرة بالقوة. كما عم الإضراب العام مدينة نابلس، حيث أغلقت المحلات التجارية أبوابها.
وكان محافظ نابلس بالضفة الغربية المحتلة، اللواء أكرم الرجوب، قد أعلن صباح الثلاثاء؛ عن مقتل حلاوة، المتهم بالوقوف وراء العملية التي أدت لمقتل عنصرين من أمن
السلطة الفلسطينية مؤخرا في نابلس، وذلك بعد اعتقاله ونقله إلى سجن الجنيد.
وأوضح الرجوب في بيان اطلعت عليه "
عربي21"، أن "قوة مشتركة من الأجهزة الأمنية اعتقلت حلاوة واقتادته إلى سجن الجنيد"، لكن لدى وصول "حلاوة الرأس المدبر إلى السجن، هاجمه عدد من أفراد الأمن، وانهالوا عليه بالضرب المبرح.. وتبين فيما بعد أنه فارق الحياة".
كما أكد الناطق الرسمي باسم المؤسسة الأمنية، اللواء عدنان الضميري، "أنه تم فتح تحقيق في ظروف وفاة حلاوة"، وقرر رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله، تشكيل لجنة تحقيق في أحداث نابلس.
وشدد خلال الاجتماع الأسبوعي للحكومة الذي عقد اليوم بمدينة رام الله، على ضرورة "تحقيق العدالة وسيادة القانون، والمحاكمة العادلة للجميع"، وفق ما نقلته وكالة "وفا" الرسمية.
وقُتل عنصران من الأمن الفلسطيني في اشتباك مسلح وقع الخميس الماضي مع مسلحين بالبلدة القديمة بنابلس. والقتيلان هما شبلي الجاغوب من قرية بيتا جنوب نابلس، ومحمود الطرايرة، من بلدة بني نعيم قضاء الخليل جنوب الضفة، كما قتل فجر الجمعة الماضي اثنان من "الخارجين عن القانون"، ومن المشتبه بهم بالتسبب بقتل عنصري الأمن، وذلك وفق الناطق باسم المؤسسة الأمنية.
وحاولت "
عربي21" الحصول على تعليق من عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، جمال محيسن، وأمين سر الحركة، أمين مقبول، لكنهما رفضا التعليق على الحادثة، أو الإدلاء بأي تصريحات حول الموضوع.
وفي المقابل، أكد المحلل السياسي عبد الستار قاسم أن مقتل حلاوة بعد اعتقاله كان "خطأ"، مطالبا النائب العام الفلسطيني باعتقال رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله، ورئيس السلطة محمود عباس؛ لمسؤوليتهما عن تردي الوضع الأمني في نابلس، كما قال.
ظاهرة الزعران
وقال قاسم لـ"
عربي21": "كان من المفترض أن يحاكم حلاوة بطريقة عادلة ويدان إذا ثبت بحقه أي تجاوز غير قانوني".
وحمّل السلطة الفلسطينية مسؤولية "ظاهرة انتشار السلاح غير الوطني في مختلف مدن الضفة الغربية، بما فيها نابلس"، مؤكدا أن السلطة بعد قدومها للضفة الغربية "أوجدت ظاهرة الزعران لإحكام السيطرة على المدن الفلسطينية".
وأضاف: "عندما أتت السلطة إلى الضفة، اخترعت ظاهرة الزعران لتكون يدها الخفية غير القانونية في الضرب"، منبها إلى أن "بعض الزعران بدأ بالانقلاب على السلطة، وبالتالي انقلب السحر على الساحر"، وفق تعبير قاسم.
وبين قاسم أن "مخطط السلطة الفلسطينية كان يهدف لتخريب مدينة نابلس وحرفها عن دورها الوطني المعهود، ونجحت في ذلك"، معتبرا أن "ملاحقة السلطة لهؤلاء الزعران لا يكفي، ومن الضروري ملاحقة من يدعمهم، ومنحهم فرصة الاعتداء على الناس".
وهاجم قاسم الذي يقيم في مدينة نابلس؛ ضعف منظومة القضاء الفلسطيني، بقوله: "القضاء الفلسطيني لا يقيم عدلا ولا ينصف مظلوما"، معتبرا أن رئيس الوزراء الفلسطيني "هو أحد عناصر مشاكل مدينة نابلس، وعليه أن يقدم استقالته ويحاكم"، كما قال.
وحول المسؤولية التي تقع على السلطة الفلسطينية، طالب قاسم، في حديثه لـ"
عربي21"، النائب العام الفلسطيني بـ"إصدار أمر باعتقال الحمدلله ورئيس السلطة محمود عباس، وتقديمهما للمحاكمة لمسؤوليتهما عما يجري في مدينة نابلس"، مضيفا: "هؤلاء الذين فتحوا المجال للزعرنة في المدينة واستعمال السلاح غير الوطني لإرهاب الناس". وقال: "يجب أن يطبق عليهم القانون الثوري لمنظمة التحرير الفلسطينية".
فرق الموت
من جانبه، أكد الخبير في الأمن القومي، إبراهيم حبيب، أن "ما يجري في نابلس أمر طبيعي، وسبق وأن تكرر في قطاع غزة عندما أنشأت السلطة ما عُرف بفرق الموت، وأخرى أطلقت عليهم فرقة الجحيم في بعض الأجهزة الأمنية".
ولفت حبيب، في حديث لـ"
عربي21"، إلى أن هذه الفرق "أصبحت يدا على السلطة ذاتها، وذلك نظرا للقوة التي امتلكتها والسطوة التي باتت تحركها، والمنافع التي باتت أيضا تعود عليها لوجود السلاح والنفوذ بين يديها".
وأضاف: "ما يجري طبيعي جدا. السلطة هي من سمحت لهؤلاء الزعران، بالتالي فتصفية حلاوة داخل السجن يأتي من باب ردع بعض المخالفين من الزعران الذين حاولوا التمرد على السلطة وإعادتهم لحظيرة الطاعة"، مستبعدا أن تؤدي "تصفية" حلاوة إلى "حالة من الانفلات الأمني في مدن الضفة الغربية المحتلة".