صحافة دولية

إيكونوميست: قمع الإعلام أسهل من السيطرة على الرأي العام بمصر

إيكونوميست: مصر في ظل السيسي تعيش حالة من "العسكرة" - أرشيفية
إيكونوميست: مصر في ظل السيسي تعيش حالة من "العسكرة" - أرشيفية
قالت مجلة "إيكونوميست"في تقرير لها تحت عنوان "المراسلة الصحفية من مصر: المحرر السيسي"، إن النظام شدد من قبضته على الصحافة.

وجاء في التقرير: "غمامة تغلف شمال سيناء، حيث منع الجيش المصري الإعلام؛ لأنه يواجه الجهاديين المرتبطين بتنظيم الدولة. وعليه فإنه عندما وصل العنف ذروته في الأول من تموز/ يوليو، وقام المتشددون بشن هجمات متتابعة على نصف دزينة من المواقع العسكرية، لم يكن هناك مراسلون لإحصاء عدد القتلى". 

وتذكر المجلة أن تقارير الصحافة المحلية والأجنبية قدرت بأن عدد القتلى من الجنود هو ما بين 60 إلى 70 جنديا، حيث استندت إلى شهادات سكان محليين، مشيرة إلى أنه أعلى رقم من الخسائر التي يتكبدها الجيش المصري في يوم واحد، على الرغم من الحرب المستمرة منذ أربع سنوات، وأساليب الأرض المحروقة، التي تضم اليوم استخدام المروحيات المدفعية ومقاتلات "إف-16".

ويشير التقرير إلى أن هذه الأرقام لم تعجب الجيش، حيث أكد أن عدد القتلى هو 21 جنديا، وقد أعلن الموقع الرسمي للجيش على "فيسبوك" أن مصر تقاتل اليوم على جبهتين؛ واحدة على الأرض، وأخرى "مغرضة وشرسة يديرها الإعلام الغربي". 

وتقول المجلة إن حكومة عبد الفتاح السيسي تدفع باتجاه الحملة الثانية. ولتعزيز فرض قوانين قاسية، فقد اقترحت قانونا لمكافحة الإرهاب. ومن بين الخمسين مادة فيه، هناك واحدة تقول إن من يقوم بنشر "أخبار وأرقام" تناقض الرواية الرسمية عن قصد، فإنه سيواجه السجن لمدة عامين على الأقل.

ويفيد التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، بأن منظمات حقوق الإنسان ونقابة الصحفيين المصريين قد شجبت مسودة القانون؛ باعتباره غير دستوري، وسيؤدي إلى نتائج عكسية، مستدركا بأن القانون سيمرر، مثل القانون الذي يحرم التظاهرات السلمية، الذي أدى إلى وضع الناشطين في السجن.

وترى المجلة أن مصر في ظل السيسي، الذي كان جنرالا عسكريا ووزيرا للدفاع، أصبحت وبشكل كبير تعيش حالة من "العسكرة". فمقتل النائب العام للبلاد في حزيران/ يونيو، وهو أعلى مسؤول في حكومته يتم اغتياله في هجوم نفذه إسلاميون ناقمون، لم يترك الحكومة في مزاج للتفكير بأمور مثل حرية التعبير.

ويجد التقرير أن السيسي الذي يبرر أسلوبه الديكتاتوري بتقديم وعود بتحقيق الاستقرار، لا يواجه مشكلات مع الإعلام المصري، فالقنوات التلفزيونية المراعية لمطالب النظام تتجنب أي نقد، ويستجيب أصحاب القنوات الخاصة للضغوط التي يمارسها النظام عليهم، بما فيها أوامر صادرة عن دائرة التعبئة المعنوية القوية في الجيش، فعندما قتل المتشددون 31 جنديا في شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، تعهد محررو الصحف البارزة في مصر، بعد لقاء مع السيسي، بتقليل نقدهم للدولة.

وتلفت الصحيفة إلى أن هذه ليست هي المرة الأولى التي تصدر الصحف اليومية عناوين رئيسية متشابهة، وذلك بعد مقتل النائب العام. وعلى الرغم من الشكوك التي تساور الكثير من المصريين حول دوره (بركات) بإصدار الأحكام الجماعية بإعدام المعارضين للنظام، والتبرئة الجماعية لرجال الشرطة المتهمين بالتعذيب والانتهاكات، إلا أن الصحف دعت إلى الانثقام لدم "محامي الشعب".

ويورد التقرير أن الإعلام الأجنبي كان في وضع أكثر حرجا، فقناة "الجزيرة" القطرية اتهمت بالتعاطف مع الإخوان المسلمين، وقضى ثلاثة من صحفييها 400 يوم في السجن؛ بسبب ما يزعم أنهم أضروا بالأمن القومي. واضطر مراسل صحيفة "إلبايس" الإسبانية للهرب من مصر، بعد أن تلقى تحذيرات من دبلوماسيين إسبانيين بأنه سيتعرض للاعتقال. 

وتذكر المجلة أن وزارة الخارجية وزعت إرشادات باللغة الإنجليزية تقترح تسمية الإرهابيين بأسماء مثل المدمرين والذباحين، وتجنب أي اسم يربطهم بالإسلام.

ويبين التقرير أن الصحفيين المصريين يواجهون مخاطر كبرى، فهناك على الأقل 18 صحافيا معتقلا، معظمهم بشبهة تعاطفهم مع الإخوان المسلمين. وحتى غير الصحفيين يعانون من القمع، وقد تم إسكاتهم، مثل نجم كرة القدم الذي طرد من ناديه بسبب انتقاده السيسي "الفاشل". وقامت الشرطة باعتقال عمال في منظمات غير حكومية كانوا يقومون ببحث ميداني في الأحياء الفقيرة حول القاهرة. وقامت السلطات بترحيل طالب فرنسي كان يقوم بدراسة عن حركة شبابية، أدت دورا بارزا في ثورة 2011، وأصبحت ممنوعة اليوم.

وتختم "إيكونوميست" تقريرها بالإشارة إلى أن المتحدث باسم الجيش يقول على "فيسبوك" إن سيناء  "100% تحت السيطرة"، لكن السيطرة على الرأي العام لن تكون سهلة.
التعليقات (0)

خبر عاجل