كتب كلايتون سويشر، كبير المحققين الاستقصائيين في قناة "الجزيرة" الإنجليزية، عن البرقيات التي حصلت عليها القناة، وتكشف عن نشاط الأجهزة الأمنية الغربية، حيث تساءل عن الدور الذي أدته المخابرات
الإسرائيلية فيما يتعلق بالإطاحة بالرئيس
المصري السابق محمد
مرسي.
وجاء في مقال له تحت عنوان: "أسئلة
الموساد المثيرة للتساؤل حول مرسي"، أن الدول الغربية راقبت بقلق تطورات الربيع العربي في مصر، وحاولت التكهن بمن سيخلف الديكتاتور المصري حسني مبارك. وكانت إسرائيل من أكثر هذه الدول قلقا.
وتكشف برقية عالية السرية، حصلت عليها قناة "الجزيرة"، عن محاولات الموساد الإسرائيلي الحصول على معلومات من وكالة المخابرات الجنوب أفريقية عن أول رئيس مصري ينتخب بطريقة ديمقراطية، وهو محمد مرسي. وبقية الأعضاء الكبار في حركة الإخوان المسلمين.
ويشير الكاتب إلى أنه في 30 تموز/ يوليو 2012، أي بعد شهر من أداء مرسي القسم الرئاسي، تقدم الموساد بطلب خاص من وكالة أمن الدولة في
جنوب أفريقيا، وطلب معلومات من الجنوب أفريقيين عن الآتي:
- "خطوات متوقعة من الإخوان المسلمين لإضعاف تأثير الجيش والمحاكم والدولة العميقة في مصر".
- "بعيدا عن خطة الـ100 يوم، التي أعلن عنها مرسي، ما هي الأهداف التي وضعها الإخوان المسلمون من أجل إرضاء الرأي العام؟".
وطلب الإسرائيليون معلومات عن:
- "العلاقة بين الرئيس مرسي وقيادات الإخوان المسلمين، بينهم خيرت الشاطر ومحمد بديع (عزت)، وما هي آلية اتخاذ القرار في الرئاسة؟".
- "الدائرة المحيطة بمرسي من المستشارين وطريقة عملهم في الرئاسة، وعلاقتهم بالإخوان المسلمين، وعلاقتهم بمرسي نفسه" .
- "تفاصيل عن الخطوات التي سيتخذها الإخوان المسلمون من أجل اختراق النظام الأمني (الجيش، آليات الدفاع والشرطة)، النظام القضائي والنظام البيروقراطي المدني. بالإضافة إلى معلومات عن الأشخاص ممن يعرف عنهم أو يشتبه بعلاقتهم مع الإخوان المسلمين".
ويتساءل سويشر إن كان الطلب الذي تقدم به الموساد يحاول من خلاله الحصول على معلومات وانطباعات من أجل تقديمها إلى قادة الدولة في إسرائيل، وفيما إن تمكن المسؤولون الأمنيون في جنوب أفريقيا من توفير المعلومات المطلوبة، مشيرا إلى أنه لا توجد هناك إشارات في البرقية السرية على تلقي الموساد أجوبة، ويرجح أن تكون الوكالة الأمنية حاولت الحصول على معلومات لتقويض حكم الإخوان المسلمين وإضعاف قوتهم.
ويشير التقرير إلى أن الإطاحة بمرسي تمت في تموز/ يوليو 2013، أي بعد عام من الحكم، والملاحظ في برقية الموساد الإشارة إلى "الدولة العميقة"، وهو المصطلح الذي يستخدم لوصف البيروقراطية والجيش والنظام القضائي والنخبة المالية التي عملت معا لتقويض الحكم الديمقراطي في مصر.
ويبين الكاتب أن الرجل الذي قاد الانقلاب أصبح رئيس مصر اليوم، أي عبد الفتاح
السيسي، الذي يعبر عن الدولة العميقة، وكانت لديه علاقات حميمة ومستمرة مع إسرائيل، وللأخيرة مصلحة بنشوء نظام صديق يحكم مصر.
ويذكر التقرير أن الوكالات الأمنية لكلا البلدين تحتفظ بعلاقات متداخلة منذ توقيع مصر وإسرائيل معاهدة كامب ديفيد عام 1978، وعمل السيسي قبل توليه وزارة الدفاع مديرا للاستخبارات العسكرية. وفي كانون الثاني/ يناير تحدث المعلق الإسرائيلي المعروف إيهودا يعاري أمام جمهور في أستراليا، مثنيا على علاقة السيسي "الحميمة" مع إسرائيل.
وينقل الكاتب عن يعاري قوله: "لدينا تعاون غير مسبوق في المستوى والكثافة، ويمكنني وصفه بالحميم بين إسرائيل والجيش المصري والخدمات الأمنية". مضيفا أن العلاقات لم يشهد لها مثيل أبدا "وهي الأفضل، ولم نصل إلى مثلها لا في عهد مبارك، ولا في عهد السادات".
ويوضح سويشر أن دول الخليج، مثل السعودية والإمارات العربية، قد دعمت انقلاب السيسي، ومدت إليه الدعم المالي. وشاركت إسرائيل دول الخليج الخوف من الإخوان المسلمين. وقامت إسرائيل بحملة ضغط على إدارة الرئيس باراك أوباما لعدم فرض عقوبات على نظام السيسي لإطاحته بحكومة منتخبة.
ويجد الكاتب أنه بالرغم من ذلك، إلا أنه ليس واضحا فيما إن أدت إسرائيل دورا في الأحداث التي جلبت السيسي للسلطة أم لا.
ويفيد سويشر بأن أي وكالة أمنية مسؤولة تحاول فهم طبيعة التغيرات المفاجئة في السلطة في بلد جار وقوي، فمصر هي أكبر الدول العربية من الناحية السكانية، وأول دولة تعقد سلاما مع إسرائيل. ومن الواضح أن قادة إسرائيل يريدون معلومات مفصلة، فصناع القرار فيها يريدون التعرف على نوايا الحكومة الجديدة في مصر.
ويستدرك التقرير بأن الموساد حاول الحصول على معلومات حول عملية اتخاذ القرار داخل القيادة المصرية، ومعلومات محددة حول قضايا محلية، بل حاول الموساد الحصول على هوية أشخاص داخل المؤسسة الأمنية والقضائية والبيروقراطية ممن ينظر إليهم على أنهم موالون للإخوان المسلمين.
ويختم سويشر تقريره بالإشارة إلى أن هذه المعلومات تعطي صناع القرار الإسرائيلي صورة مفصلة عن الدينامية السياسية في القاهرة، وهي معلومات جيدة لأي طرف يقوم بتفريخ خطة للتخلص من الحكومة، وهو عمل لا يشبه ما يقوم به سارق بالبحث عن الرقم السري لدخول بيت جاره، ولكن أي عقل شكاك يمكن أن يفسر هذا الأمر بهذه الطريقة.