انتقد النائب الأمريكي الجمهوري، جو ويلسون، وبشدة موقف رئيس مجلس القضاء الأعلى
العراقي القاضي فائق زيدان على تقديمه الشكر الى الفصائل المسلحة لموافقتها على إلقاء السلاح، معتبرا تصريحات زيدان سلوكاً خارجاً عن "الصلاحيات الدستورية" الممنوحة للسلطة القضائية.
وكتب ويلسون في منشور له على منصة "إكس"، إن "رئيس مجلس القضاء الأعلى العراقي وجّه الشكر علنًا للفصائل المسلحة على نيتها المعلنة بنزع السلاح"، مردفا بالقول إن "هذا الكلام لا يعكس سلوك مؤسسة دولة، ولا حياد القضاء، بل يُظهر بوضوح وجود قناة اتصال وعلاقة مستمرة بين قيادة القضاء والفصائل المسلحة".
وأضاف ويلسون أن "القضاء المستقل لا يُقدم الشكر للجماعات المسلحة على اتباع نصائحه، ولا يُقيّم تحركاتها السياسية أو العسكرية"، لافتا الى أن "هذا السلوك خارج تمامًا عن نطاق صلاحياته الدستورية، وقال النائب الأمريكي ايضاً، إن "هذا الخطاب يؤكد أن المسألة لا تتعلق بسيادة القانون، بل بتداخل الأدوار ومحاولة توجيه رسائل سياسية تحت غطاء القضاء"، مشيرا إلى أن هذا السلوك يُعد من أخطر التهديدات التي تواجه العدالة والدولة".
اظهار أخبار متعلقة
"انتفاء الحاجة للعمل العسكري"
وفي وقت سابق، أعلن رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق، فائق زيدان، عن استجابة الفصائل المسلحة لحصر السلاح بيد الدولة، وتقدم زيدان، عبر
بيان، بـ"الشكر لقادة الفصائل على الاستجابة لنصيحته المقدمة إليهم بخصوص التعاون معاً لفرض سيادة القانون وحصر السلاح بيد الدولة"، والانتقال إلى العمل السياسي بعد انتفاء ما سماها بالحاجة للعمل العسكري.
"تحرير العراق من إيران"
وكان النائب الأمريكي الجمهوري، جو ويلسون، نوه في منشور إلى أن لقاء جمعه مع المبعوث الأمريكي الخاص إلى العراق مارك سافايا، أشار فيه إلى وجود تنسيق للعمل مع المبعوث الخاص من أجل تحقيق الازدهار للعراق وتحريره من إيران، مؤكدا أنه لا يوجد من هو أجدر من سافايا للعمل على هذه القضية لصالح الرئيس ترامب.
وحثّ المبعوث الأمريكي سافايا، بغداد على كبح جماح الجماعات المسلحة غير الحكومية، محذرًا من أن العراق سيواجه، في حال عدم القيام بذلك، خطر "التفكك والتدهور" بعد أكثر من عقدين على الغزو الذي قادته الولايات المتحدة وأطاح بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وفي منشور له، قال سافايا:" لا يمكن لأي دولة أن تنجح في ظل وجود جماعات مسلحة تنافس الدولة وتقوض سلطتها، لقد أضعف هذا الانقسام مكانة العراق الدولية، وخنق اقتصاده، وقلّل من قدرته على حماية مصالحه الوطنية".
ووفق تقرير لشبكة "
سي أن أن"، فأن سافايا على يبدو كان يشير في المقام الأول إلى
المليشيات المدعومة من إيران في العراق، رغم أنه لم يذكر إيران تحديدًا، والتي تعد جماعات شبه عسكرية قوية، ذات أغلبية شيعية، متحالفة مع نظام طهران، والتي يندمج العديد منها في جهاز الأمن العراقي الرسمي من خلال قوات "الحشد الشعبي"،كما وتلعب هذه الفصائل أدوارًا محورية في السياسة والاقتصاد والأمن العراقي، محذرًا من أن القرارات التي سيتخذها القادة العراقيون في الفترة المقبلة، قائلًا: "ستحدد ما إذا كان العراق سيتقدم نحو السيادة والقوة، أم سينزلق مجددًا إلى التشرذم والتدهور".
جهاز المخابرات ينفي.. "لا ضربة وشيكة"
ووسط تباين في المواقف، في وقت تشهد فيه بغداد حراكاً سياسياً وأمنياً واسعا، نفى جهاز المخابرات الوطني العراقي الأنباء التي ذكرت أن الحكومة العراقية تلقت رسالتي تحذير من دولة عربية وجهاز استخباري غربي حول قرب تعرض العراق لضربات عسكرية، وقال
بيان لجهاز المخابرات إن: "الحكومة العراقية لم تتلق أية رسالة من هذا النوع. داعيا وسائل الإعلام إلى توخي الدقة في التعاطي مع هكذا قضايا تمس الأمن القومي للدولة العراقية.
وأوضح البيان، أن هذا النفي جاء ردا على ما نشرته صحيفة الشرق الأوسط في تقرير ادعى أن الحكومة العراقية تلقت رسالتي تحذير من دولة عربية وجهاز استخباري غربي حول قرب تعرض العراق لضربات عسكرية.
رسائل عربية وغربية تحذر بغداد
وكانت صحيفة الـ"
الشرق الأوسط" نقلت عن مصادر مطلعة قولها أن الحكومة العراقية وجهات سياسية فاعلة تلقت خلال الأسبوعين الماضيين رسالتي تحذير من دولة عربية وجهاز استخبارات غربي تضمنتا معلومات "جدية" عن اقتراب تنفيذ ضربات عسكرية واسعة في العراق، وأكد مسؤول عراقي أن "دولة صديقة" أبلغت بغداد بمضمون "التهديد"، قبل أن تسارع فصائل شيعية إلى تقديم تنازلات.
وأشارت تلك المصادر ، إلى أن هاتين الرسائل ساهمت في تسريع صدور مواقف سياسية متلاحقة من فصائل دعت إلى "حصر السلاح بيد الدولة"، مع مطالبتها في الوقت نفسه بـ"حرية التصرف ضمن ما تسميه نطاقاً وطنياً"، لتنفيذ عمليات تفكيك مفترضة لقدراتها العسكرية، وهي وجهة نظر لا تزال محل خلاف داخل قوى الإطار التنسيقي الذي طالب الأطراف الدولية الوسيطة، تقديم ضمانات فعلية بعدم التعرض للفصائل المسلحة، خلال خطوات حلها ودمجها بالمؤسسات الأمنية.
بدوره، قال النائب السابق لمساعد وزير الدفاع الأميركي ميك ميلوري، إن واشنطن لن تقوم بعمل عسكري لنزع
سلاح الفصائل العراقية الموالية لإيران، وستكتفي بالضغط السياسي والدبلوماسي، مشددا على أن الحكومة العراقية لن تستطيع حتى نزع سلاح أضعف تلك الفصائل في حال انسحاب القوات الأميركية من العراق.
ستيفانا باغلي تحط في بغداد
اللافت في الأمر، هو تغيّر طبيعة الخطاب الصادر عن عدد من القوى السياسية التي تمتلك فصائل مسلّحة، وتحول نبرة كلامها من الدفاع عن "شرعية السلاح" والتمسك بمبدأ "محور المقاومة، إلى تبنٍّ صريح لدعوات حصره بيد الدولة، كل ذلك جرى في غضون اثنتين وسبعين ساعة فقط، بالتزامن مع وصول الكولونيل ستيفانا باغلي إلى العراق، وهي المديرة الجديدة لمكتب التعاون الأمني الأميركي، الذي سيتوقف تمويله على تنفيذ 3 شروط وردت في قانون موازنة الدفاع الأميركي.
وأقر الكونغرس الأميركي الموازنة في 11 كانون الأول/ديسمبر 2025 بقيود جديدة على تمويل التعاون الأمني مع السلطات العراقية، إلا إذا تمكنت بغداد من تقليص القدرة العملياتية للجماعات المسلحة الموالية لإيران وغير المدمجة في قوات الأمن العراقية من خلال عملية نزع سلاح وتسريح، وإعادة دمج قابلة للتحقق علناً.
واشترط القانون الأميركي أيضاً تعزيز سلطة رئيس وزراء العراق وسيطرته العملياتية كقائد أعلى للقوات المسلحة العراقية، كما يُنتظر أن يجري التحقيق مع أفراد الفصائل أو أفراد قوات الأمن العاملين خارج التسلسل القيادي الرسمي لقوات الأمن العراقية، ومحاسبتهم، في حال تورطهم في هجمات على أفراد أميركيين أو عراقيين، أو قيامهم بأي أعمال غير قانونية أو مزعزعة للاستقرار.
وكانت الكولونيل باغلي قد التقت رئيس أركان الجيش العراقي الفريق الأول الركن عبد الأمير يار الله مرتين خلال أسبوع واحد، وقال بيان عسكري عراقي حينها إن الجانبين بحثا رفع القدرات القتالية للجيش العراقي على جميع المستويات، ونفت المصادر المطلعة علمها ما إذا كانت باغلي قد نقلت تحذيرات إلى المسؤولين العراقيين بشأن مصير الفصائل المسلحة.
ومن المفارقات أن تعود باغلي إلى العراق بعد 20 عاماً، إذ كانت برتبة نقيب عندما خدمت في البلاد بين عامي 2005 و2006 ضمن الجيش الأميركي، وأسهمت في تنفيذ برامج لتطوير قدرات الشرطة العراقية، قبل أن تغادر لاحقاً في ظل تصاعد الفوضى، وما وصفته حينها بضعف "ولاء والتزام" عناصر الأمن داخل المؤسسات الرسمية.
فصائل تنزع سلاحها.. وأخرى ترفض
وفي حراك يبدوا وكأنه سباق مع الزمن، أجرى مستشار الأمن القومي، قاسم الأعرجي لقاءات مع زعماء فصائل مسلحة، أكد لهم فيها أن المرحلة تتطلب تضافر جهود القوى السياسية الفاعلة، وتغليب خطاب الوحدة الوطنية، لتقوية دعائم الدولة، وبما يحافظ على المنجزات السياسية والأمنية المتحققة.
اظهار أخبار متعلقة
واستجابت بعض تلك الفصائل للدعوى، ومنها عصائب أهل الحق، وحركة أنصار الله الأوفياء، وكتائب الإمام علي، إلا أن 3 فصائل مسلحة، تعد الأبرز في العراق، أعربت عن رفضها لدعوات نزع السلاح عن الفصائل، مشيرة إلى ضرورة إخراج القوات الأجنبية من البلاد.
وقالت كتائب حزب الله، إن التفاهم مع الحكومة حول السلاح لن يكون إلا بعد خروج القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي والقوات التركية مع الاطمئنان من ما وصفته بتهديد الرئيس السوري أحمد الشرع وقوات البيشمركة في إقليم كردستان، وهي شروط لربما تعرض العراق لضغوط اقتصادية قد تطيح بالاستقرار الحالي رغم ما يشوبه من هشاشة.