قضايا وآراء

دوامة وقرار..

محمد القيق
"ينعكس الاستنزاف المتصاعد سلبا على قوة الجيش ومصداقية القيادة السياسية"- جيتي
"ينعكس الاستنزاف المتصاعد سلبا على قوة الجيش ومصداقية القيادة السياسية"- جيتي
تصاعد الاستنزاف جغرافيا ونوعا يجعل الإسرائيلي في مربع يصعب عليه أن يبرمج الميدان بتوقيته أو بمسارات مخططه الذي أعلنه منذ بداية الحرب، بل يضيف للمشهد عنصر التخبط الذي يربك حساباته المعنوية والإعلامية ورسائله السياسية التي كان يريد إيصالها محليا ودوليا.

وبقراءة الميدان ينعكس الاستنزاف المتصاعد سلبا على قوة الجيش ومصداقية القيادة السياسية، وبالقياس بمعارك الاستنزاف التاريخية يعتبر رد الفعل الإسرائيلي الحالي للتخلص من الاستنزاف ودفع الهزيمة أحد أهم مكونات انتصار المقاومات، حيث كان يسعى المحتل لتكثيف الضغط على الحاضنة الشعبية وزيادة الترهيب دون دراسة أبعاد تلك الخطوات على صعيد بقاء فكرة الترويض أو تمرير المشهد دوليا.

ينعكس الاستنزاف المتصاعد سلبا على قوة الجيش ومصداقية القيادة السياسية، وبالقياس بمعارك الاستنزاف التاريخية يعتبر رد الفعل الإسرائيلي الحالي للتخلص من الاستنزاف ودفع الهزيمة أحد أهم مكونات انتصار المقاومات

وبذلك نستطيع القول إن إسرائيل تمر الآن بمرحلة انكسار معنوي وسياسي وأمني جراء خطيئة ارتكبتها في التعامل مع غزة والجبهات وحتى استغلال التطورات الدولية، وهذا يعتبر نجاحا متطورا لما أطلقت عليه الجبهات حرب الاستنزاف الطويلة. بالفعل زادت إسرائيل من أهدافها الاستراتيجية واعتمدت على تضخيم إمكاناتها وتعمقت في الميدان، واستخدمت كل القوة دون أن تغلق حسابا واحدا في المنظور الاستراتيجي، ما يعني أن هذا الفشل الذي لحق بها سيدفعها إلى خيارين على الأقل لتجنب البقاء في هذا المربع:

إما وقف الحرب وإعلان الهزيمة؛ وهذا له تداعيات ودفع ثمن مؤجل، وطالما فاز ترامب فإنهم جمدوا هذا الخيار لصالح الآخر، وهو التصعيد وتطبيق مخططات ظنوا أنها ستخرجهم من حالة الاستنزاف أو دفع الثمن، خاصة أن فكرة التحالف الإبراهيمي يعمل عليها نتنياهو ليل نهار، ويطور مبدأ الناتو العربي مع ترامب في إطار تقسيم أمريكي في استخدام الحلفاء، بينما الناتو الغربي ستوكل له مهمة الملف الأوكراني بمال وإمداد وجهد أوروبي، ومن جهة أخرى يطورون فكرة الناتو العربي بالسياق ذاته لإخماد بؤر المواجهة في المنطقة بحجة الحاجة إلى الهدوء والاستقرار؛ من منطلق أن مقاومات الشعوب هذه مضرة بالأنظمة واستقرارها على قاعدة "وجودها بوجود إسرائيل".

سيكون المشهد القادم تصعيديا بامتياز، وفيه هوس التطبيع السريع وتحقيق أي هدف من الأهداف العالقة

 وبالتالي، سيكون المشهد القادم تصعيديا بامتياز، وفيه هوس التطبيع السريع وتحقيق أي هدف من الأهداف العالقة.

في هذه الحالة يبدو أن المقاومة كانت تحسب حسابها، لذلك تدرجت في محطات تصعيدها وأبقت في جعبتها ما يناسب كل مرحلة، خاصة أن المشهد بات عابرا للحدود والخطوط الحمراء والسياسات التي كانت يوما محددات.

ما زالت الساعة بتوقيت المقاومة رغم الإبادة وغبار الدمار الذي يريده الإسرائيلي حاجبا لميدان الاستنزاف.
التعليقات (0)