قضايا وآراء

ديكور الهدوء.. ضغط مفتوح

محمد القيق
"حرب توسعت وطالت، وجلبت اليوم التالي لبايدن ومذكرة اعتقال لنتنياهو وغالانت"- إكس
"حرب توسعت وطالت، وجلبت اليوم التالي لبايدن ومذكرة اعتقال لنتنياهو وغالانت"- إكس
فشل الإسرائيلي في الحصول على محدداته في مقترحات هدن غزة ولبنان، وكان ينطلق من خلال ضغط عسكري مكثف متزامن مع حملات إعلامية موجهة بدقة لتدمير معنويات بيئة وحاضنة المقاومة، وكلها يقودها كتّاب ومحللون وخبراء عسكريون هم "مخابرات أنظمة"، ومترجمو إعلام عبري يسمون أنفسهم "خبراء" ويستخدمون دراسات ومصادر لضخ الرعب والإحباط في الشعوب العربية.

توجيه نفسي للناس أن حسم المعركة بكمّ المباني والضحايا الذي تخسره الأطراف لتكون إسرائيل في الذهنية الشعبية هي الأقوى، وهذه بحد ذاتها محاولة نشطة لتحقيق استراتيجيات إسرائيل التي وضعت.

اليوم قادة إسرائيل مجرمو حرب رسميا بقرار المحاكم الدولية، وميدانها العسكري خاسر، وتعيش استنزافا طويلا مرهقا، ولديها جبهة داخلية يغطي على تشتتها جسر بري عربي، وفنادق طابا والعقبة والإمارات، ودفاعات جوية عربية، وتسهيلات أمنية وسياسية لا نعرفها،
ذلك لم يُخرج إسرائيل من المأزق الذي تدخله بتسارع منذ ارتكاب حماقة الحرب على غزة، حيث الصورة المكشوفة للعالم، والمحاكم الدولية، والمقاطعة
ودعم عسكري مباشر من قواعد أمريكية في أرض العرب، وجيش إعلامي أعرابي، وخبراء أمنيون ونفسيون لتوجيه الشعوب نحو الجلوس أمام الشاشات وليس في الميادين والساحات عبر الثورات نصرة للمظلومين.

وعلى صعيد الأمريكي؛ يصر على نشر أخبار الهدن ومقترحاتها، ويبعث وفودا ويكثف جولات ليقطع الطريق على دور روسي أو صيني أو تركي، ليقول للعالم إنه المسؤول عن الشرق الأوسط. وهذا استفراد مستمر لا يحمل جدية في وقف الإبادة، بل تضليل للشعوب وإعطاء وقت إضافي للإسرائيلي لمزيد من الضغط العسكري والتدمير.

كل ذلك لم يُخرج إسرائيل من المأزق الذي تدخله بتسارع منذ ارتكاب حماقة الحرب على غزة، حيث الصورة المكشوفة للعالم، والمحاكم الدولية، والمقاطعة، والأمن الشخصي والاستراتيجي المهدد للمستوطنين أينما سافروا، والاقتصاد الموثوق التائه، وقطار التطبيع، وإبراز تطور إسرائيل وردعها وسلامها، وعلاقات توقفت وملاحقات تصاعدت وأهداف لم تتحقق.

إسرائيل عالقة بكل مكوناتها، ولا مجال أمامها إلا دفع الثمن المؤجل، وهذا يرونه هزيمة وجودية لها ما بعدها، ولذلك لا يوجد في الأفق الآن إلا التصعيد
إسرائيل عالقة بكل مكوناتها، ولا مجال أمامها إلا دفع الثمن المؤجل، وهذا يرونه هزيمة وجودية لها ما بعدها، ولذلك لا يوجد في الأفق الآن إلا التصعيد كونها ترى في ترامب مساعدا على تحقيق المعجزات، بينما الواقع الجديد بعد 7 أكتوبر هو مقبرة لتلك التوقعات، وإن ضخّم إعلام التحالف الإبراهيمي من قوة وهيبة وهمية لترامب، فبعضهم بات كالببغاء يردد أنه صاحب الصفقات دون تمحيص لهذه العبارات.

ما زالت الساعة بتوقيت المقاومة وجبهاتها، وما زال الإسرائيلي وأعوانه من التحالف الإبراهيمي وإعلامه يراهنون على اختصار الطريق بعزل ساحات وهزيمة للمقاومين وتضخيم إنجاز جيش عالق في رمال غزة وجبال الأرز، ولا ينشر الرقيب عنهم إلا ما يريد، بينما تنتظرهم قوائم ومذكرات اعتقال في محافل العالم.

كل ذلك ما كان لولا صمود الجبهات وحاضنتها، وطول أمد حرب قرر بايدن يومها أنها قصيرة وملخصها "سحق المقاومة واليوم التالي لحماس"، إلا أن الواقع يقول إنها حرب توسعت وطالت، وجلبت اليوم التالي لبايدن ومذكرة اعتقال لنتنياهو وغالانت.. وبقيت المقاومة.
التعليقات (0)