حسمت حركة
"النهضة"
التونسية موقفها نهائيا من مسألة المشاركة في
الانتخابات
الرئاسية من عدمها، بالطعن رسميا في المسار الانتخابي برمته، والإعلان عن أن
المشاركة في الانتخابات من عدمها يجب أن تكون على خلفية القناعة بمقاومة الانقلاب.
وأوضح عضو المكتب السياسي في حركة "النهضة" رياض شعيبي في حديث خاص مع
"عربي21"، أن
موقف حركة النهضة من الانتخابات الرئاسية المزمع انعقادها
يوم 6 تشرين أول/ أكتوبر الجاري يقوم أساسا على الاتجاه العام القائم على
مقاومة الانقلاب.
وقال شعيبي:
"موقف حركة النهضة ثابت لم يتغير وهو أن ما جرى يوم 25 من تموز/ يوليو عام
2021 كان انقلابا مكتمل الأركان، وأن ما جرى بعده كان تعزيزا لهذا الانقلاب. وهي
أيضا تطعن في مسار الانتخابات الحالية برمته وتراه غير شفاف وغير نزيه، حيث رافقته
انتهاكات قانونية وسياسية خطيرة".
وأشار شعيبي إلى
أن الموقف من المشاركة في الانتخابات الرئاسية يقوم على هذا الأساس، وقال:
"هناك تباين في الآراء بين فريق يرى في أن المشاركة في الانتخابات الرئاسية
يمكنها أن تخدم فكر مقاومة الانقلاب، وهناك من يرى العكس، وبالتالي قضية المشاركة
من عدمها مرتبطة بمبدأ مقاومة الانقلاب التي يقوم عليها موقف حركة النهضة برمته".
وأشار القيادي في حركة "النهضة"
إلى تحولات ثلاثة رئيسية جرت في المشهد السياسي التونسي، الأول هو ما وصفه بأنه
"انقلاب على مستوى موازين القوى على مستوى الرأي العام، حيث لم يعد بإمكان الانقلاب
الحديث باسم الشعب.. فهناك أغلبية كبيرة ضد قيس سعيد وضد سياساته، لأسباب مختلفة..
وخلفيات متعددة".
والتحول الثاني، وفق شعيبي، هو أن "الانقلاب
الذي بدأ بأحزمة سياسية، الآن أصبح معزولا، وآخر من دعمه حركة الشعب أصبحت تنتقده،
وإن كان ذلك من داخل الانقلاب".
أما التحول الثالث فهو أن قيس سعيد يدخل
الانتخابات الرئاسية المرتقبة بشرعية العام 2019، وهي شرعية لم تعد موجودة الآن،
وفق رأيه.
ةكانت حركة النهضة قد أصدرت اليوم الخميس
بيانا أوضحت فيه موقفها من الانتخابات الرئاسية تجنبت فيه الإشارة إلى المشاركة
من عدمها.
وأكدت "النهضة" أنّ "محطة
السادس من أكتوبر، وعلى خلاف المحطات السابقة، تمثل استحقاقا دستوريا كما نص عليه
دستور 2014، والذي على أساسه تولدت شرعية السلطة الحالية قبل أن تبادر بالانحراف
عنه في 25 تموز / يوليو 2021 ".
وقالت: "كان يمكن لهذا الاستحقاق
الدستوري أن يمثل فرصة للشعب التونسي ليمارس سيادته ويعبّر عن إرادته، إلّا أنّ
المؤشرات المبكرة أكّدت عدم نزاهة المسار الانتخابي وفقدانه الشفافية، حيث رافقته
انتهاكات قانونية وسياسية خطيرة توشك أن تزجّ بالبلاد في أزمة شرعية لم تشهدها منذ
ثورة الحرية والكرامة".
وأشارت إلى أنه "إزاء هذا الوضع فقد تبنت
حركة النهضة سياسة النضال من أجل توفير كل الشروط الضامنة لنجاح الاستحقاق
الانتخابي، وتمكين الشعب التونسي من التعبير عن إرادته وخياراته الحرة بكل شفافية".
وأكدت أن "مشاركة العديد من المواطنين
والشخصيات السياسية الوطنية من خلال المبادرة بتقديم ملفات ترشحهم للانتخابات
الرئاسية القادمة، كانت تعبيرا جديا عن التمسك بحقهم السياسي والطبيعي، في
المساهمة في إدارة البلاد. كما عبرت مشاركة عشرات الآلاف من التونسيين في تزكية هؤلاء المترشحين
عن رغبة جدية لدى الشعب التونسي في التغيير عبر الصندوق".
لكنها لفتت الانتباه إلى أن "الخروقات
التي اكتنفت المسار الانتخابي تؤكد أنّ السلطة عملت على إفساد العملية الانتخابية
بكاملها، في نزوع تسلطي واستبدادي مفضوح، عبر سيل من الإجراءات والمراسيم التي تم
فرضها من أجل تأبيد بقاء الرئيس المنتهية ولايته".
وانتقدت "النهضة" أداء الهيئة
العليا المستقلة للانتخابات، وقالت: "لم تقم هيئة الانتخابات المعينة بدورها
في ضمان شفافية ونزاهة المسار الانتخابي. بل انحازت بوضوح لصالح أحد المتنافسين
وعملت على إقصاء أغلب المرشحين الجدّيين وحرمانهم من حقّهم في الترشح، وضربت
بقرارات القضاء عرض الحائط في مخالفة صريحة للقانون الانتخابي. فلقد مثل تجاهل
القرارات التي اتخذتها المحكمة الإدارية انحرافا خطيرا وطعنا جوهريا في نزاهة
العملية الانتخابية، واعتداءً واضحا على دولة القانون".
وأضافت: "كما أنّ إصرار هذه الهيئة على
رفض طلب الإذعان الذي وجهته لها المحكمة الإدارية والتجاء السلطة بعد ذلك إلى مجلس
النواب لتمرير تغييرات ذات طابع سياسي في القانون الانتخابي أياما قليلة قبل يوم
الانتخابات، ينهي أهمّ ضمانات شفافية العملية الانتخابية، ويضرب مبدأ الفصل بين
السلط".
ورأت "النهضة" أن قيس سعيد سحب كل
مصداقية من المسار الانتخابي، بإصدار أحكام ضد بعض منافسيه خلال الحملة
الانتخابية، ما يؤكد غياب أي مناخ ملائم أو شروط لانتخابات ديمقراطية تعبر حقيقة
عن إرادة الشعب.
وأكدت أنّ "القمع والترهيب الذي يتعرض له
المواطنون الذين عبروا عن آرائهم وإرادتهم في التغيير، يمثّل أكبر دليل على خوف
سلطة الانقلاب من فسح المجال للشعب كي يعبر عن إرادته واختياره الحر".
وأنهت "النهضة" موقفها بالقول:
"إنّ المسار الانتخابي الذي عرف كل الخروقات وألمّت به كل الانتهاكات، قابل
لكل المطاعن، ومحفوف بكل مخاطر الخروج عن القانون وانعدام الشرعية، وهو ما يزيد في
تعقيد أوضاع بلادنا الغارقة في أزماتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية".
ووجهت النهضة التحية لصمود من أسمتهم بـ
"رموز النضال من أجل الحق الديمقراطي في سجون الظلم، ودفاعهم عن حقوق الشعب
التونسي في الحرية والكرامة"، كما أنها حيت الحراك الشعبي والديمقراطي، وثمنت
اتجاه القوى السياسية إلى مساحات الالتقاء من أجل استعادة ديمقراطيتنا المغتصبة
واسترجاع شعبنا حقّه في العيش الكريم، وحقّه في دولة تحترم مواطنيها.
واعتبر حزب آفاق تونس، أمس الأربعاء 2
أكتوبر/تشرين الأول 2024، أنّ المسار الانتخابي الرئاسي لسنة 2024 غير مطابق
للمعايير الدنيا في الحرية والنزاهة والشفافية والحياد، وفق تقديره.
وأضاف، في بيان صادر عن مجلسه الوطني، أنّ
ذلك "يمسّ من سلامة المسار الانتخابي وشرعيته القانونية ومشروعيته
الديمقراطية، وبالتالي فإنه لا يمكن أن يمثّل الإرادة الحقيقية للشعب التونسي"، وفق
تصوره.
ودعا الحزب عموم التونسيين إلى
"التعاطي مع هذا الاستحقاق وفق ما تمليه عليهم ضمائرهم ووجدانهم في التصدي
لمنظومة التسلّط والشعوبية بالوسائل المدنية والديمقراطية المناسبة ومواصلة النضال
السلمي لتأسيس دولة القانون والحرّية والرخاء".
وعبّر عن استنكاره لما يتعرض له المترشح
العياشي زمال من "تنكيل وأحكام جائرة وغير متناهية وحرمانه من أبسط حقوقه
كمترشح للانتخابات الرئاسية".
كما شجب "المضايقات التي يتعرض لها
المترشح زهير المغزاوي"، مجددًا تضامنه المبدئي مع جميع الذين تم إقصاؤهم من
السباق الانتخابي، ومع جميع سجناء الرأي والمعتقلين السياسيين، وفق ما جاء في نص
البيان.
وفي سياق متصل، ثمّن الجهود التي تبذلها
الشبكة التونسية للحقوق والحريات في الدفاع عن الحقوق والحريات وفي الذود عن
مكتسبات دولة القانون والقيم المدنية والديمقراطية ويدعو إلى المشاركة الواسعة في
التظاهرة التي تنظّمها مساء الجمعة 4 تشرين أول/ أكتوبر 2024.
وفي 2 سبتمبر الجاري، أعلنت هيئة الانتخابات
أن القائمة النهائية للمرشحين إلى الاستحقاق الرئاسي تقتصر على ثلاثة فقط (من أصل 17)
هم: الرئيس سعيد، وأمين عام حركة "عازمون" العياشي زمال (معارض)، وأمين
عام حركة "الشعب" زهير المغزاوي (مؤيد لسعيد).
بينما رفضت الهيئة قبول ثلاثة مرشحين معارضين
رغم أن المحكمة الإدارية قضت بأحقيتهم في خوض الانتخابات بدعوى "عدم إبلاغها
بالحكم خلال المهلة المحددة قانونا".
وهؤلاء الثلاثة هم: عبد اللطيف المكي أمين عام حزب العمل
والإنجاز، والمنذر الزنايدي الوزير السابق في عهد الرئيس الراحل زين
العابدين بن علي، وعماد الدايمي مدير ديوان الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي.
وتنطلق، غدا الجمعة 4 أكتوبر الجاري، عمليّة
تصويت التونسيين بالخارج للانتخابات الرئاسية، والتي تتواصل إلى غاية بعد غد الأحد
موعد إجراء الانتخابات بالداخل (6 أكتوبر 2024).
وتقدّم لهذا الاستحقاق الرئاسي ثلاثة
مترشحين كانت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، أعلنت عن قبول ملفات ترشحهم، وهم
العياشي زمال، وزهير المغزاوي، وقيس سعيد.
وتقدّر نسبة الناخبين المسجّلين بالخارج بـ
6.6 بالمائة من مجموع المسجلين، وفق معطيات نشرتها هيئة الانتخابات، أيّ 642 ألفا
و810 ناخبين من بين 9 ملايين و753 ألفا و217 ناخبا .
وسيقترع هؤلاء الناخبون، الموجودون بـ48
بلدا، في 363 مركز اقتراع تشمل 439 مكتب اقتراع.
وكانت الحملة الانتخابية لهذه الانتخابات،
قد انطلقت يوم 12 سبتمبر الجاري لتتواصل على مدى 21 يوما وانتهت أمس الأربعاء 2
أكتوبر. وتنطلق فترة الصمت الانتخابي اليوم الخميس 3 أكتوبر 2024 الذي يتواصل بدوره
إلى غاية غلق آخر مكتب اقتراع في مدينة "سان فرانسيسكو" بالولايات
المتحدة.
اقرأ أيضا: حكم صادم بالسجن ضد المرشح للرئاسة التونسية العياشي الزمال